"اعتقال الفنان أي واي واي هو جزء من حملة طويلة الأمد لإرهاب معارضي النظام الصيني": هكذا وصف نيكولا بيكلين من منظمة "هيومان رايتس ووتش" ما حدث لواحد من أشهر فناني الصين بعد اعتقاله أمس، الأحد (3/4/2011). ويعتبر بيكلين أن ما حدث يرسل إشارة واضحة كل الوضوح، وهي أن "لا أحد آمن"، وهي الإشارة نفسها التي أرسلتها الصين عند إلقاء القبض على المعارض ليو تشياوبو الحاصل على جائزة نوبل للسلام. "آنذاك كنا نعتقد أيضاً أن شهرته الدولية تحميه".

ويرى المسئول من المنظمة الحقوقية أن الحكومة الصينية تريد "عبر الضغط المتزايد الذي تمارسه على الفنان واي واي، وعبر اعتقاله، أن تُرهب المفكرين الليبراليين الأقل شهرة في الصين وأن تكمم أفواههم". وهذا ما تراه أيضاً منظمة "مراسلون بلا حدود" التي طالبت الحكومة الصينية بإطلاق سراح الفنان واي واي، كما ناشدت المجتمع الدولي انتقاد الإجراءات المشددة التي تنفذها الحكومة الصينية ضد معارضيها. وقالت المنظمة إن "الحكومة الصينية تصعّد تحرشها بالمعارضين البارزين المتبقين وتحاول إخراس جميع منتقديها".

البحث عن فضاء فني في ألمانيا

ويقول أنصار الفنان الصيني ومساعدوه إنهم لا يعرفون أي شيء عنه منذ توقيف شرطة الحدود له، ومنعه من الصعود على متن رحلة كانت متجهة إلى هونغ كونغ، كما أن هاتفه المحمول مغلق، في حين تلتزم السلطات الصينية ووسائل الإعلام الرسمية الصمت إزاء اعتقال الفنان الشهير. وتواصل الشرطة تفتيش مرسم واي واي الرئيسي، كما قطعت اتصالات الانترنت بالأتيليه الخاص بالفنان الموجود في منطقة كاوتشانغدي في بكين. وذكرت مساعدة للفنان كانت معه في "مطار العاصمة الدولي" ببكين صباح أمس، الأحد، أن الشرطة لم تخبرها عن سبب اعتقالها واي واي.

وكان الفنان الصيني البالغ من العمر 53 عاماً قد أعلن مؤخراً عن نيته شراء أتيليه جديد في برلين، وذلك هرباً من قمع السلطات الصينية له. وفي لقاء مع المحطة الأولى في التلفزيون الألماني ARD قال واي واي إنه من المستحيل تقريباً أن يواصل عمله كفنان في بكين: "أمام باب منزلي كاميرتان للمراقبة، كما أن كل تليفوناتي تحت المراقبة، وهو ما ينطبق على كل رسالة أرسلها عبرالتويتر. بريدي الإلكتروني وحسابي المصرفي وكل من يتصل بي تحت المراقبة".

وتزايد نشاط الفنان في مجال حقوق الإنسان بالصين خلال الأعوام الأخيرة. وفي أيلول / سبتمبر عام 2009 أجريت جراحة له في ميونيخ بألمانيا لعلاج نزيف بالمخ. وعزا واي واي إصابته إلى تعرضه هو ونشطاء آخرين لاعتداء في فندق وسط بكين خلال محاكمة الناشط الحقوقي تان زورين.

لقاء الفن مع الحياة

ويعتبر واي واي من أشهر الفنانين الصينيين على مستوى العالم. واكتسب الفنان شهرة عالمية بفضل مجموعة واسعة من أعماله الفنية ومعارضه وإنجازاته. وقد عمل الناشط الصيني مستشاراً فنياً لإستاد "عش الطائر" الذي احتضن الفعاليات الرئيسية في دورة الألعاب الأولمبية لعام 2008 بالعاصمة الصينية.

وشارك الفنان في عدة معارض فنية في ألمانيا، لعل أبرزها مشاركته في الدورة الثانية عشرة من معرض "دوكومنتا" في كاسل بألمانيا الذي يعتبر أهم معارض الفن الحديث في العالم. في تلك الدورة، في عام 2007، شارك أي واي واي بتجهيز أعده من أبواب ونوافذ البيوت القديمة في الصين.

كما قاد الفنان مشروعاً "فنياً" أحضر خلاله ألف صيني إلى مقر "الدوكومنتا" ليتجولوا في أنحائها كنماذج فنية وثقافية للصين. كان هدف واي واي هو التقاء الفن مع الحياة اليومية، ودراسة كيفية تغير الواقع الاجتماعي عبر احتكاك الناس مع الوافدين من الصين، على اعتبار أن "الدوكومنتا" ليس فقط مكان لعرض أفضل الأعمال الفنية في العالم، بل ساحة لتبادل الخبرات الفنية ولاختبار العلاقة التي تنشأ بين العمل الفني والجمهور، وبين الأعمال الفنية المختلفة عندما تتجاور.

(س ج / دويتشه فيله، د ب أ)

مراجعة: هبة الله إسماعيل