ارتفاع عدد القتلى في الساحل السوري وسط قلق محلي ودولي
٧ مارس ٢٠٢٥
خاضت قوات الأمن السورية معارك لليوم الثاني على التوالي اليوم الجمعة (السابع من آذار/مارس 2025) لإخماد تمرد ناشئ من مسلحين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد في غرب سوريا، ووردت أنباء عن مقتل العشرات فيما يعد أكبر تحد تواجهه الحكومة التي يقودها الإسلاميون لسلطتها حتى الآن.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات الأمن "أعدمت" الجمعة 162 مدنيا علويا في معقل هذه الطائفة المنتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد، وذلك خلال عملية تمشيط واسعة النطاق في غرب البلاد. وأشار المرصد إلى وقوع "خمس مجازر منفصلة أودت بحياة 162 مدنيا في المنطقة الساحلية السورية، الجمعة، بينهم نساء وأطفال"، وأوضح أن "الغالبية العظمى من الضحايا تم إعدامهم بإجراءات موجزة على يد عناصر تابعين لوزارتي الدفاع والداخلية". وبذلك ترتفع الحصيلة الإجمالية للقتلى منذ اندلاع أعمال العنف الخميس إلى أكثر من 250 شخصا.
وقال ناشطان من الطائفة العلوية والمرصد نقلا عن مصادر ومقطع فيديو إن مسلحين قتلوا ما لا يقل عن 24 رجلا من بلدة المختارية العلوية اليوم.
وقالت السلطات السورية إن العنف اندلع حينما شن مسلحون من فلول نظام الأسد هجوما داميا "مدروسا" على قوات الحكومة أمس الخميس.
وتؤثر أعمال العنف على جهود الرئيس السوري أحمد الشرع لترسيخ سيطرة إدارته التي تكافح لرفع العقوبات الأمريكية وتواجه تحديات أمنية أوسع نطاقا خاصة في الجنوب الغربي حيث تقول إسرائيل إنها ستمنع دمشق من نشر قوات.
وخرج السوريون إلى الشوارع للتظاهر دعما للحكومة في دمشق وغيرها من المدن الكبرى، في حين أشارت السعودية وتركيا، وهما حليفتان للحكومة، إلى دعمهما للحكومة السورية أيضا.
وقالت روسيا، التي كانت من أكبر داعمي الأسد لكنها تسعى إلى بناء علاقات مع الحكومة الجديدة، إنها تشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع الأمني ودعت جميع القادة "المحترمين" في البلاد إلى وقف إراقة الدماء.
وأظهرت صور من المختارية ما لا يقل عن 20 جثة لرجال على جانب طريق في وسط المدينة، وبعضها ملطخ بالدماء. وتمكنت رويترز من التحقق من الموقع في الفيديو، لكنها لم تتمكن من معرفة توقيت تصويره أو هوية مصوره.
وقال ناشطان علويان طلبا عدم نشر اسميهما نظرا لحساسية الأمر إن عمليات القتل حدثت اليوم واتهما مسلحين تابعين لإدارة البلاد الجديدة.
ولم يرد المتحدث باسم الحكومة ومسؤولان مرتبطان بالسلطة الحاكمة على طلبات للتعليق.
وقُتل الشيخ شعبان منصور (86 عاما)، رجل الدين العلوي البارز، اليوم وابنه في قرية سلحب في غرب سوريا. وذكر اثنان من العلويين أن السكان اتهموا مقاتلين متحالفين مع دمشق بقتله. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة هذه الاتهامات.
حظر تجول
وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) نقلا عن مصدر أمني "بعد قيام فلول النظام البائد باغتيال العديد من عناصر الشرطة والأمن توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل مما أدى لبعض الانتهاكات الفردية". وأضاف المصدر للوكالة "نعمل على إيقاف هذه التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري"، دون تقديم مزيد من تفاصيل.
وفرضت قوات وزارتي الدفاع والداخلية سيطرتها على مدينة بانياس، بعدما اضطر عناصر جيش النظام البائد للانسحاب منها. وتقوم القوات حاليا بتمشيط محيط المدينة والطريق السريع باستخدام المدفعية الثقيلة والأسلحة الرشاشة.
كما تخضع مدينة جبلة للسيطرة شبه الكاملة من قبل عناصر وزارتي الدفاع والداخلية. في غضون ذلك، لا يزال عناصر مسلحين من "جيش النظام البائد" منتشرين في عدة بلدات وقرى في جبال الساحل السوري.
وتصاعدت أعمال العنف أمس الخميس عندما قالت السلطات إن مجموعات من الفصائل المسلحة الموالية للأسد استهدفت دوريات أمنية ونقاط تفتيش في منطقة جبلة والريف المحيط بها، قبل اتساع نطاقها.
وذكرت سانا أنه تم فرض حظر التجول في مدينتي طرطوس واللاذقية الساحليتين اليوم. ونفذت قوات الأمن عمليات تمشيط في المدينتين والجبال القريبة.
ويقول نشطاء علويون إن طائفتهم تتعرض للعنف ولهجمات، ولا سيما في ريف حمص واللاذقية، منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر/كانون الأول بعد عقود من حكم عائلته القمعي وبعد حرب أهلية.
وتعهد الشرع بإدارة سوريا بنهج يحتوي الجميع، لكن لم يتم بعد الإعلان عن أي اجتماعات بينه وبين كبار الشخصيات العلوية، على النقيض من أعضاء أقليات أخرى مثل الأكراد والمسيحيين والدروز.
خطر التصعيد
جندت الحكومة في عهد الأسد أعدادا كبيرة من الطائفة العلوية في أجهزة الأمن والجهاز الإداري في الدولة.
وفي حين نجح الشرع في إخضاع معظم مناطق سوريا ذات الأغلبية السنية لسيطرة دمشق، إلا أن مناطق مهمة لا تزال خارج سيطرتها، ومنها الشمال الشرقي والشرق اللذان تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وقال جوشوا لانديس رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما "الفوضى وتزايد أعمال القتل من شأنهما أن يقوضا ثقة الدول الأجنبية والسوريين في حكومته وقدرتها على إخراج سوريا من هذه المرحلة الصعبة".
وألقى بيان صادر عن مجموعة من رجال الدين العلويين، من المجلس الإسلامي العلوي، باللوم في أعمال العنف على الحكومة، قائلا إن قوافل عسكرية أرسلت إلى الساحل بحجة مواجهة فلول النظام "لترهيب وقتل" السوريين. ودعا إلى وضع المنطقة الساحلية تحت حماية الأمم المتحدة.
وأدانت السعودية، التي عرضت الدعم الدبلوماسي لإدارة الشرع، "الجرائم التي تقوم بها مجموعات خارجة عن القانون في الجمهورية العربية السورية واستهدافها القوات الأمنية".
كما أعلنت تركيا، الحليف الوثيق للحكومة السورية الجديدة، دعمها لدمشق قائلة "إن التوتر في اللاذقية ومحيطها، فضلا عن استهداف قوات الأمن، من شأنه أن يقوض الجهود الرامية إلى قيادة سوريا إلى المستقبل في وحدة وتضامن".
قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن اليوم الجمعة إنه يشعر بالقلق من الاشتباكات العنيفة والقتل في المناطق الساحلية بين قوات الحكومة السورية والعناصر الموالية للنظام السابق "مع تقارير مقلقة للغاية عن ضحايا مدنيين".
خ.س/ي.ب (رويترز، د ب أ)