1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ارتفاع معدلات الهجرة السرية للأطفال المغاربة

دويتشه فيله / اعداد طارق أنكاي ٢٠ أبريل ٢٠٠٦

تستقبل مدينة مليلية نوعاً آخراً من المهاجرين. إنهم أفواج من الأطفال القاصرين، الذين يقطنون المناطق الشمالية في المغرب والآملين في العبور إلى أرض الأحلام. تجربة طفولة مغتصبة وأحلام ضائعة لم يبقى منها سوى مرارة تجربة قاسية

السياج الحدودي الذي يفصل مدينة مليلية عن المغربصورة من: picture-alliance/ dpa/dpaweb

تبدو أرض الوطن كالجحيم بالنسبة للكثيرين من الشباب والأطفال المغاربة. ويتفاقم هذا الشعور لدى سكان الأقاليم الشمالية المغربية المحاذية لمدينة مليلية الواقعة تحت السيطرة الأسبانية، حيث تؤدي الأوضاع الاقتصادية المزرية وتفشي الفقر والبطالة بين أبناء تلك المنطقة إلى تعزيز تلك المشاعر وتنمي رغبة في الهجرة لديهم. هذا ما جعل من مدينة مليلية الجميلة، بفعل تلك الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يقبع تحتها جيرانها، عرضة للهجرة السرية. أفواج من الشباب وحتى الأطفال المغاربة يتوافدون من المناطق المجاورة على المعبر الحدودي بني نصار آملاً في استغلال هفوة أمنية تساعدهم على التسلل إلى أرض الأحلام والرفاهية. إنها رحلة محفوفة بالمخاطر والمعاناة الإنسانية تبددت خلالها أحلام العديدين ممن كانوا يحلمون بمستقبل أفضل، وذلك في غياب سياسة تنموية شاملة في المناطق القروية الواقعة شمال المغرب تكون قادرة على إيجاد حل أنجع لتلك الظاهرة واعادة كرامة الإنسان، التي سلبها الفقر. دويتشه فيله حاولت من خلال زيارة بعض الملاجئ تسليط الضوء على مأساة تتجاهلها كل الأطراف المعنية.

مدينة مليلية، جوهرة الأبيض المتوسط

قلما تزور الشخصيات البارزة جيب مليلية، وان فعلوا فهم يحلون ضيوفا على أحد الفنادق الفخمة، وهو فندق ميليا بويرتو. هذا المبنى شهد في شهر يناير حدثاً وصفه البعض بالتاريخي. فلقد زار المدينة في تلك الفترة رئيس وزراء اسبانيا، خوسية لويس سباتير، في أول سابقة من نوعها منذ عقود. وكانت أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسباني لتلك المنطقة منذ 25 عاماً ولم تخلو من تداعيات سياسية. فقد أثارت هذه الخطوة حفيظة الجانب المغربي الذي يسعى إلى استرجاع تلك المنطقة معتبرا إياها خطوة استفزازية. زيارات وخلافات سياسية تمر بمحاذاة معاناة من يقبعون تحت وطأة الاستغلال بل وحتى الاعتداءات دون التطرق إلى حلول واقعية تعيد الكرامة والأمل للشباب والأطفال.

واقع صعب

من يعيد البسمة للطفولة الضائعة؟صورة من: dpa

والفارون من جحيم الفقر سرعان ما يتبخر حلمهم ليجدوا أنفسهم في النهاية عرضة للإهانة وسوء المعاملة والاستغلال. ويضطرون غالباً إلى ممارسة مختلف المهن الوضيعة لضمان معيشتهم بما في ذلك التسول. فأمام إحدى المباني الشاهقة في المدينة يعمل أحد الشباب المغاربة يبلغ من العمر 18 عاماً طوال اليوم إلى ساعات متأخرة من الليل في موقف للسيارات. ويزاول الشاب هذه المهنة منذ عدة أعوام بعد أن قدم إلى مليلية مثله مثل عدد كبير من أقرانه قبل عشر سنوات وهو في سن لا تتجاوز الثامنة. قاده شظف العيش والمحيط الأسري المتمزق إلى الهروب من المنزل بحثا عن فرص أفضل للعيش. وفي مقابلة مع دويتشه فيله يقول هذا الشاب:"لقد قمت فقط بإخبار أختي. لم يكن لدي الكثير ما أفقده. كنت مجبراً على العمل ولم أرى المدرسة قط." التسلل إلى مدينة مليلية كان يمثل بالنسبة لهذا لطفل آنذاك الطريق الوحيد للهروب من واقعه بحثاً عن فرص أفضل. لكن رحلة البحث عن بديل أفضل ومخرج من مستنقع الفقر سرعان ما تقذف بالشباب والأطفال في معاناة مماثلة وإن اختلفت أشكالها وتجلياتها.

الحلم ببلاد الرخاء سرعان ما يتبخر

الهجرة السرية ضياع لكرامة الإنسانصورة من: AP

يعد الحصول على أوراق الإقامة الإسبانية في مدينة مليلية أهم أهداف المهاجرين السريين الذين يأخذون على عاتقهم مجازفات تحصد من حين إلى آخر أرواح الكثير منهم. ويجد الشاب المغربي المتسلل نفسه أمام وضع صعب ومعقد. فبدون عمل يتعذر عليه تقديم طلب للحصول على ترخيص الإقامة وبدون ترخيص إقامة يتعذر الحصول على عمل. ويظل الشباب حين إذن في وضع غير قانوني يطارده الخوف من السلطات الأمنية الإسبانية التي تقوم بطرد كل شخص بالغ بدون تصريح بالإقامة في مليلية، حيث يلقى بهم في المنطقة الحدودية بينها وبين المغرب. وبخلاف ذلك فإن للتعامل مع المتسللين القاصرين إشكاليات أخرى. فالقانون الإسباني يحظر على السلطات الأمنية الإبعاد القسري للقاصرين دون التنسيق مع الجهات المغربية. وعلى ضوء الخلافات المغربية الإسبانية السياسية حول مدينتي سبتة ومليلية وقضية الهجرة السرية ينتهي المطاف بأولئك القاصرين في مراكز إيواء ترعاها بلدية مليلية. تلك المراكز مازالت تعاني بدورها من أوضاع مزرية تخفي جانبا مظلما رغم تحسنها النسبي مقارنة مع الأعوام الماضية على حد قول منظمة الإغاثة باروداين.

المأساة الإنسانية

الحلم بالرخاء يصطدم بقساوة الواقعصورة من: dpa

الملجأ الواقع على مشارف مدينة مليلية، لابوريسما، لا يبتعد كثيراً عن السياج الحدودي ويأوي قرابة 160 طفلا في أكواخ تخفي معاناة ومضايقات يتعرض لها النزلاء. وتحدث عدد من الأطفال لدويتشه فيله عن اعتداءات يتعرضون لها من قبل المشرفين بالإضافة إلى تهديدات الطرد إلى المغرب من قبل السلطات الأمنية الأسبانية. ويقول أحد الأطفال وقف مع صديق له تظهر على جسده علامات الضرب والاعتداء الجسدي: "إنهم انهالوا عليه بالضرب. لقد قلت له أن يبلغ السلطات، لكنه يخاف على نفسه". وهكذا يظل واقع هؤلاء الأطفال يعاني من تهرب الجانب الأسباني والمغربي، من إبداء روح المسؤولية وتبني برامج عملية تنموية في المناطق الشمالية الفقيرة للتصدي إلى كارثة إنسانية وأخلاقية بما في ذلك تعويضه السياسة البوليسية بالتفكير الإنساني.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW