اسبانيا واليمين المتطرف.. الاقتحام من بوابة الأندلس!
٥ ديسمبر ٢٠١٨
مع حزب فوكس في الأندلس يدخل منذ حكم فرانكو الدكتاتوري حزب يميني إلى برلمان محلي. وفي حديث مع DW يشرح خبير العلوم السياسية لويس مورينو فرنانديس ماذا يعني ذلك بالنسبة لاسبانيا. اليمين الشعبوي يوسع رقعة نفوذه في أوروبا.
إعلان
هل يشكل دخول الحزب اليميني المتطرف فوكس إلى البرلمان الأندلسي نقطة تحول في السياسة الاسبانية؟
لن أسمي ذلك نقطة تحول، لكنه يشكل بالتأكيد تغيرا ومفاجئة. الكثيرون اعتقدوا أن فوكس سينال واحد أو اثنين في المائة من مجموع أصوات الناخبين، لكن لا أحد كان يتوقع 11 في المائة. وهذه نسبة كبيرة في الحقيقة، فالأندلس بها نسبة سكان بقدر سويسرا برمتها لتصور هذه النتيجة بصفة ملموسة.
هل يمكن القول بأن الأحزاب اليمينية بصفة عامة في طور النهوض في اسبانيا؟
يجب علينا مراقبة ذلك، لكن لا يمكن نفي أن الأحزاب اليمينية في مواقع أخرى من البلاد تزداد قوة. ومن الوارد أن يتم انتخاب سياسيين يمينيين في انتخابات إقليمية مقبلة وفي الانتخابات الوطنية المقبلة لدخول البرلمانات، حتى ولو أن ذلك سيكون بنسبة أقل مما هو عليه في الأندلس.
في بلدان أوروبية أخرى تمكنت أحزاب يمينية مثل الجبهة الوطنية الفرنسية من توطيد مكانتها في وقت مبكر. لماذا ظل الاسبان إلى حد الآن غير قابلين للتطورات القومية والمعادية للأجانب؟
هذا له ارتباط كبير بدكتاتورية فرانكو التي استمرت 40 عاما وطبّعت الناس. وبعدها كان الناس مسرورين للسير في طريق الديمقراطية، وأرادوا تفادي أي نوع من الفاشية الجديدة والقومية. فانتخاب حزب يميني سيكون بمثابة الاعتراف بفترة فرانكو. لكن مرت 40 عاما على نهاية الدكتاتورية وهذا الربط معها يتضاءل تدريجيا. وتظهر موضوعات بشكل أقوى في الواجهة مكنت الشعبويين اليمينيين في بلدان أوروبية أخرى من البروز كالهجرة ورفض أوروبا أو النضال ضد الإجهاض.
وحقيقة أن لا تتمكن أحزاب يمينية من فرض ذاتها يعود أيضا للمحافظين الذين قلما تركوا أي مجال خال في اليمين، أليس كذلك؟
الحزب الشعبي حصل في السابق بالفعل على أصوات من طبقات اجتماعية مختلفة، وكان يغطي الوسط حتى الهامش اليميني. لكن هذا يتغير الآن، فحتى هنا يُسجل تطور على غرار ما يحصل في بلدان أوروبية أخرى أي تجزئة المشهد الحزبي. ووجب علينا الإقرار بأنه خلال الانتخابات البرلمانية في الأندلس منح الكثير من الناخبين السابقين للحزب الشعبي المحافظ أصواتهم هذه المرة لحزب فوكس.
ما هي علاقة دخول اليمينيين المتطرفين البرلمان مع خيبة الأمل من الأحزاب الشعبية الكبرى؟
هناك امتعاض كبير. فإلى جانب الهجرة والبطالة يشكل الفساد بالنسبة إلى كثير من الإسبان موضوعا كبيرا. فالحزب الشعبي وكذلك حزب العمال الاشتراكي الذي حكم إلى حد الان في الأندلس يُتهمان بالفساد. وحزب فوكس استغل ذلك في حملته الانتخابية. ثم هناك تطلعات الاستقلال لدى كتالونيا التي تسببت في ردود فعل مضادة قوية. وهنا تموقع حزب فوكس بوضوح ضد الانفصال.
هل تصعد اسبانيا إذن الآن في قضايا الشعبوية اليمينية واليمين المتطرف إلى مستوى بلدان أخرى؟
كما ذكرتُ الأحزاب اليمينية في بلدان أوروبية أخرى موجودة منذ مدة طويلة وناجحة أكثر سياسيا. فلو أخذنا بالاعتبار الديمقراطيين السويديين فقد حصلوا في الانتخابات الأخيرة على 18 في المائة، وحزب البديل من أجل ألمانيا حصل في ألمانيا على نحو 13 في المائة. هذا لم يحصل بعد في اسبانيا. لكن التوجه يسير في كل مكان في نفس الاتجاه. في مايو 2019 ستكون هناك الانتخابات الأوروبية، وإذا تمكن الشعبويون اليمينيون من فرض انفسهم بشكل أقوى، فهذا قد يشكل بالفعل نقطة تحول.
أجرت المقابلة إينس آيزيله
بالصور.. حلاوة فراولة جنوب إسبانيا لا تُخفي مرارة جنيها!
هذا العام وصلت 15 ألف عاملة موسمية مغربية للعمل في جني الفراولة بإسبانيا. لكن العملية لم تمر دون ضجة، خصوصاً بعد شكاوى بعضهن من مضايقات جنسية . DW عربية زارت المنطقة والتقت بعدة عاملات حكين قصصهن عن تجربة مضنية.
صورة من: DW
ويلفا.. مملكة الفراولة في إسبانيا
يعدّ جني الفواكه الحمراء، خاصة الفراولة، أحد أكبر الأنشطة الزراعية بمنطقة الأندلس، وتحديداً في إقليم ويلفا، ما يساهم في جعل إسبانيا أحدى أكبر ثلاثة مصدرين لهذه الفاكهة عبر العالم. يحتاج كبار المنتجين في الإقليم إلى اليد العاملة الموسمية لعملية الجني، ما يدفعهم إلى الاستنجاد بالعمال المهاجرين، وبالعاملات الموسميات، خصوصاً القادمات من المغرب.
صورة من: DW
ظروف عمل صعبة بأجور زهيدة
يبدأ العمل مبكراً في الضيعات. يختلف الأجر بشكل طفيف، لكن العاملات يحصلن عموماً على 37 يورو (صافي) يوميا عن سبع ساعات ونصف، مع إمكانية تلّقي تعويضات مالية عن الساعات الإضافية. يعدّ هذا الأجر من الأضعف في إسبانيا، ولا يجذب، إلا نادراً، أبناء وبنات البلد. تبقى ظروف الجني جد صعبة، وعدة عاملات وعمال يُضطرون إلى التوقف بعد بضعة أيام.
صورة من: DW
مشاكل متعددة تُلاحق العاملات المغربيات
وصلت آلاف المغربيات على مراحل إلى الإقليم. لكن كثيرات منهن عانين مشاكل عديدة، من أبرزها أنهن لم يعملن مدة العقد الكاملة (3-4 أشهر)، ممّا أثّر على أجورهن، فضلاً عن نُدرة المترجمين وكثرة العراقيل أثناء الحصول على الأجور وأحياناً غياب المرافقة الطبية. مصادر تحدثت عن تعرّض عاملاتٍ لمضايقات جنسية، لكن هناك شبه إجماع أنها حالات معزولة.
صورة من: DW/I. Azzam
الفقر.. الدافع الأكبر للعمل الموسمي
الفقر أكبر الأسباب التي دفعت بالعاملات الموسميات إلى خوض تجربة العمل في إسبانيا. تحكي هذه السيدة أنها تعمل لأجل إعالة أبنائها، خاصة أن واحداً منهم يعاني إعاقة، مؤكدة أنها على استعداد للعودة العام المقبل ما دامت تجني هنا أكثر بكثير ممّا يمكن أن تجنيه بالمغرب. تنحدر جلّ العاملات من مناطق قروية، واختيارهن كان حكراً في الغالب على من لهن أبناء، حتى لا يبقين سراً في إسبانيا بعد نهاية العقد.
صورة من: DW/Ismail Azzam
السكن قرب الضيعات تفاديا لتكاليف أخرى
يعيش العمال والعاملات في مساكن خشبية قرب الضيعات. في كل بيت هناك 3 أو 4 غرف. بكل غرفة 3 أو 4 أشخاص، بينما توجد أحيانا غرف مخصصة للأزواج.توّفر الشركات أهم احتياجات الحياة بهذه المساكن، لكن على العمال تحمّل نفقات طعامهم، فيما يؤدي آخرون جزءاً من تكاليف السكن. توجد جنسيات متعددة في هذه المساكن، أهمها المغاربة والرومان والقادمون من إفريقيا جنوب الصحراء.
صورة من: DW/I. Azzam
"المسمن" المغربي حاضر بإسبانيا!
تحرص العاملات الموسميات على العيش وفق الطريقة المغربية. زرنا هذا المسكن في شهر رمضان حيثُ كانت سيدتان تعدّان مائدة الإفطار، وخصوصاً خبز "المسمن". بعض العاملات عبرن عن ارتياحهن للسكن بينما جرى العكس عند أخريات. تزامن موسم الجني مع شهر رمضان زاد من صعوبة العمل، خاصةً مع الحرارة المفرطة، وتأخر غروب الشمس للتاسعة والنصف أو أكثر.
صورة من: DW/I. Azzam
"الخطافة" في إسبانيا كذلك!
تحتاج العاملات إلى "الخطافة"، وهو لفظ يطلق على ممتهني النقل السري بالمغرب، لأجل بلوغ محلات التسوق. النقل الذي توّفره شركات الفراولة يخصّ فقط المسافة بين الضيعات والبيوت. تسعيرة "الخطافة" تتنوع حسب المسافة وتبدأ من يورو للعاملة الواحدة. بفضل العاملات الموسميات، حقق فرع سوق ممتاز ببلدة موغر أرقام مبيعات مرتفعة جعلته الأكثر نشاطاً بالإقليم ككل!
صورة من: DW/I. Azzam
تجارة مزدهرة.. بفضلهن!
تستغل العاملات الموسميات فرصة العمل بإسبانيا لشراء عدة سلع يأخذنها معهن إلى المغرب. تزامن موعد عودة الكثيرات منهن مع عطلة عيد الفطر، ما جعلهن يشترين هدايا لأقربائهن. وهو ما ساعد العاملات في بلدة موغر هو وجود محلات تجارية كثيرة يعمل بها مغاربة، ما سهل عليهن التواصل. بفضل هؤلاء النساء، حققت فروع تحويل المال في البلدة أرقام معاملات كبيرة، إذ يحرصن على تحويلات دورية لأسرهن بالمغرب.
صورة من: DW/I. Azzam
أكواخ البلاستيك "الصالحة" للسكن!
العمال المغاربة يستفيدون بدورهم من ضيعات الفراولة. لكن، بسبب حرص عدد منهم على توفير المال، أو معاناة آخرين في إيجاد الإيجار، أوعدم توّفرهم على وثائق الإقامة، يكون البديل في السكن هو أكواخ بلاستيكية تفتقر لشروط العيش الكريم. توجد في هذه الأكواخ بعض النساء لكن عددهن قليل. يسكن عمال آخرون في مراقد جماعية أفضل حالا بما بين 60 و100 يورو شهريا، بينما استطاع آخرون الظفر بسكن يُوّفره مُلاك المزارع.