في المنطقة الكردية في شمال سوريا تنقص موارد الماء في زمن فيروس كورونا. فالتنظيمات الجهادية المقاتلة في المنطقة والتي تسيطر عليها تركيا أوقفت أهم محطة لتوريد المياه في المنطقة.
قطع المياه عن المنطقة الكردية يفاقم الأزمة الصحية ويزيد المخاوف من تفشي وباء كوروناصورة من: Imago/EST&OST
إعلان
مع بدء الإعلان عن إصابات بعدوى فيروس كورونا في سوريا، بدأ نقص الماء في المناطق التي يديرها الأكراد في شمال سوريا. والسبب هو توقف أهم محطة مياه لتزويد نحو نصف مليون نسمة.
وهذا لا يعود لأسباب فنية أكثر مما هي أسباب سياسية، لأن محطة مياه علوك في ريف الحكسة والتي تبعد نحو عشرة كيلومترات شرقي مدينة رأس العين تخضع لمراقبة تركيا والميليشيات المتحالفة معها. فهي تزود المناطق التي تقع تحت سيطرة الإدارة الكردية في شمال سوريا وتشكل شوكة في عين تركيا. ولذلك نجدها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في إطار ما سُمي "بعملية نبع السلام" قد احتلت أجزاء من المنطقة الكردية على طول الحدود التركية، الأمر الذي أدى إلى سقوط محطة مياه علوك في يد تركيا.
توقف المياه يأتي في ظرف حرج
والمؤكد هو أنه منذ يوم السبت ( 21 مارس/ آذار 2020) لم يعد الماء يأتي من علوك. وهذا ما أكدته جهات مختصة لـ DW. ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تحصل انقطاعات في المياه. وبسبب حالات كورونا الأولى في سوريا، فإن انقطاع الماء يأتي فيوقت حرج. والقلق يدور حول الناس بمخيمات اللاجئين في المنطقة الكردية. ففي مخيم الهول وحده المعني أيضا بانقطاعات الماء يعيش حاليا 67 ألف شخص في مساحة ضيقة. والظروف الصحية في هذا المخيم وغيره سيئة للغاية. وعند توقف التزود بالماء فإنه يصبح من المستحيل على الناس اتباع أبسط الإجراءات الصحية كغسل اليدين. "وإذا ما وصل كورونا إلى المخيمات، فإن المرض سينتشر هناك كالنار في الهشيم"، يحذر الخبراء.
مخيم الهول للاجئين في الحسكة يأوي 67 ألف شخص يعاني من شح المياهصورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
آخر أمل عربات الإطفاء
تحاول الإدارة الذاتية الكردية الحفاظ على تزويد الناس بالمياه باستخدام شاحنات الصهاريج، كما يتم أحيانا استخدام عربات الإطفاء، يقول الطبيب الألماني ميشائيل فيلك لـ DW، والذي يدير منذ سنوات المساعدات الطبية في مناطق الإدارة الذاتية الكردية.
وتحدث فيلك مع رئيس الهلال الأحمر الكردي، ويقول فيلك إن الأخير "منهك تماما"، ويضيف بأن الرعاية الصحية ومع تدفق الماء هي في الأصل صعبة. فالأطباء بإمكانهم فقط توفير الخدمات الصحية الأساسية للمنطقة. وبالنسبة إلى العناية المركزة تنقص الأجهزة، يقول فيلك. وحالات كورونا لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال ظهورالعوارض. ومختبرات تقييم التجارب موجودة فقط في العاصمة السورية دمشق. وهذا الوضع السيء في الوقاية من الوباء يزداد صعوبة مع قطع المياه.
التخلي عن الأكراد مجددا!
يشير الطبيب الألماني إلى أنه لم تمر إلا سنة واحدة على تمكن الوحدات الكردية من الانتصار على ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية - داعش في عقر داره الأخير باغوز، وهي معركة دفع فيها الأكراد أكثر من 11 ألف قتيل، إنها ضريبة دم عالية. وينتقد فيلك بأنه لا أحد شكرهم، وعوض ذلك "يُترك الأكراد مجددا لوحدهم". أضف إلى ذلك أن تنظيم داعش لم ينهزم نهائيا، ومن خلال دعاية التنظيم يتضح أن هناك تخطيطا لاستغلال الوباء لأغراض ذاتية.
الطبيب الألماني ميشائيل فيلك يعالج مرضى في شمال سورياصورة من: M. Wilk
"تركيا تنتهك القانون الإنساني الدولي"
في شهر مارس/ آذار الفائت حصل عصيان داخل سجن في الحسكة يضم 5 آلاف مقاتل من داعش تحت مراقبة المقاتلين الأكراد، كما يقول فليكس أنطون لـ DW، وهذا الألماني يعيش كمتطوع دولي منذ سنتين بالمنطقة الكردية في شمال سوريا.
ويذكّر أنطون بحوالي 10 آلاف من نساء داعش الأجنبياتفي مخيم الهول حيث تُسجن عائلات ألمانية أيضا من داعش. وحتى هناك مع تردي الوضع قد حصل عصيان. وحسب كمال سيدو من جمعية الشعوب المهددة قد يكون حتى مليون نسمة متأثرين بانقطاع المياء. وفي حديث مع DW يوضح سيدو بأن تركيا هي المسؤولة عن تصعيد الوضع. وتصرفها يكشف "أن كل وسيلة مشروعة بالنسبة إليها لتقوية سلطتها في شمال سوريا ومحاربة الإدارة المحلية المستقلة للسكان الذين يعيشون هناك. وبهذه السياسة تنتهك تركيا القانون الدولي الإنساني".
ماتياس فون هاين/ م.أ.م
اجتياح تركيا للشمال السوري – تنديد دولي ونزوح الآلاف وسط تزايد العنف
فيما نددت أغلب دول العالم باجتياح الجيش التركي لمناطق شمال سوريا وسط تزايد العنف ونزوح السكان، أعلن وزير الدفاع القطري تأييده للعملية، كما نقلت وكالة الأنباء التركية.
صورة من: Getty Images/AFP/B. Kilic
أدانت السعودية التدخل التركي العسكري في شمال سوريا في إطار عملية "نبع السلام" قائلة إن المملكة "تدين العدوان الذي يشنه الجيش التركي على مناطق شمال شرق سوريا في تعدٍ سافر على وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية". وجاء رد أروغان سريعاً باتهامات للسعودية بقتل المدنيين في اليمن.
أما وزارة الخارجية المصرية فشددت على أن العملية العسكرية "تمثل اعتداءً صارخاً غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة"، محذرة في بيان لها "من تبعات الخطوة التركية على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية". لكن رد أروغان كان بوصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ "القاتل".
صورة من: Getty Images/AFP/A.Altan
في هذه الأثناء أعلن برنامج الأغذية العالمي عن نزوح أكثر من 70 ألفا من سكان "رأس العين" و"تل أبيض" حتى الآن وسط تصاعد العنف في سوريا، وذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن العملية العسكرية التركية أدت إلى إغلاق بعض المستشفيات الرئيسية هناك.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP
أعلن وزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية عن دعم بلاده لعملية "نبع السلام" وفقاً لما أوردته وكالة الأناضول التي تحدثت عن اتصال هاتفي بين العطية ونظيره التركي خلوصي أكار.
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service
أما الرئيس الأمريكي ترامب المتهم بالتخلي عن حلفائه الأكراد في سوريا فقد كلف دبلوماسيّين أميركيّين التوسّط في "وقفٍ لإطلاق النّار" بين أنقرة والأكراد. كما أعلن عشرات من النواب الجمهوريين عن طرحهم قراراً لفرض عقوبات على تركيا رداً على هجومها العسكري على القوات الكردية في سوريا.
صورة من: Reuters/T. Zenkovich
نددت وزارة الخارجية الإماراتية بالهجوم التركي قائلة: "هذا العدوان يمثل تطوراً خطيراً واعتداءً صارخاً غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة بما يتنافى مع قواعد القانون الدولي ويمثل تدخلاً صارخاً في الشأن العربي".
صورة من: picture-alliance/Photoshot
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فعبَّر عن تضامنه مع الأكراد في تغريدة، وكتب: "تدين إسرائيل بشدة التوغل التركي في المناطق الكردية في سوريا وتحذر من تطهير عرقي ضد الأكراد من تركيا ووكلائها... إسرائيل مستعدة لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الكردي الشجاع".
صورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لنظيره التركي مولود تشاووش أوغلو عن تحفظ برلين تجاه العملية العسكرية التي تشنها أنقرة ضد المليشيات الكردية، وعبّر ماس عن مخاوف بلاده والاتحاد الأوروبي من "العواقب السلبية لهذا الهجوم، والتي قد تصل إلى تعاظم نفوذ تنظيم "داعش" في سوريا مرة أخرى" وذلك "رغم تفهم المصالح الأمنية التركية".
صورة من: picture-alliance/dpa/XinHua
لم يتمكن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من التوصل إلى أي خطوات بشأن العملية العسكرية في الاجتماع الذي انعقد أمس الخميس، بيدْ أن التوقعات برسم خارطة طريق دولية كانت منخفضة قبل الاجتماع نظراً لانقسام المجلس منذ عدة سنوات، لا سيما حول قضايا الشرق الأوسط.
صورة من: picture-alliance/dpa/Xinhua/L. Muzi
أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "قلقه البالغ" إزاء استمرار الهجوم التركي، مضيفاً في مؤتمر صحافي في كوبنهاغن: "في الوقت الراهن، ما علينا القيام به هو التأكد من نزع فتيل التصعيد. أي حل للنزاع يجب أن يحترم سيادة الأرض ووحدة سوريا". ج.أ