1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استدعاء السفير السعودي من برلين - أسباب الأزمة ومساراتها

١٨ نوفمبر ٢٠١٧

بوادر أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق بين السعودية وألمانيا بعد استدعاء السفير السعودي من برلين للتشاور على خلفية تصريحات وزير الخارجية الألماني. فما خلفيات الأزمة المباشرة وغير المباشرة؟ وما هو المدى الذي يمكن أن تبلغه؟

Flaggen Saudi Arabien, Europa, Deutschland.
صورة من: picture alliance/dpa/U. Baumgarten

في أول رد فعل ألماني على قرار السعودية سحب سفيرها في برلين، الأمير خالد بن بندر بن سلطان، للتشاور، دافعت برلين عن مواقف وزير الخارجية زيغمار غابرييل. وقال متحدث باسم الوزارة اليوم السبت (18 نوفمبر/ تشرين ثاني 2017) في برلين "يساورنا قلق كبير حيال استقرار المنطقة في ضوء الأوضاع الراهنة، وندعو كافة الأطراف إلى خفض التوترات".

وفي إشارة إلى الغضب السعودي من تصريحات رئيس الدبلوماسية الألمانية تابع المتحدث باسم وزارة الخارجية قائلاً: "التحدث عن ذلك علانية أمر جائز وبديهي بين الشركاء الدوليين المرتبطين بعلاقات وثيقة. نحن نوجه رسالتنا إلى كافة الأطراف الفاعلة في المنطقة"، وذلك في إشارة إلى الدول الأخرى غير السعودية.

تصريحات وتغريدات

وجاء الاستدعاء بعد تصريحات لغابرييل أول أمس الخميس لمّح فيها إلى أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري محتجز ضد إرادته في الرياض. ووجه غابريل، على غير العادة، انتقاداً شديد اللهجة للسعودية وقال "إنه يجب أن تكون هناك إشارة مشتركة من جانب أوروبا، بأننا لم نعد مستعدين للقبول بصمت لروح المغامرة، التي تتسع هناك منذ عدة أشهر". وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اللبناني جبران باسيل في برلين أن "لبنان يواجه خطر الانزلاق مجدداً إلى مواجهات سياسية خطرة وربما عسكرية".

وبدوره كتب الحريري في تغريدة باللغة الإنكليزية على تويتر قبل إقلاع طائرته من الرياض إلى باريس "القول بأني محتجز بالسعودية وغير مسموح لي بمغادرة البلاد كذبة. أنا في طريقي إلى المطار يا سيد زيغمار غابرييل".

جاءت تصريحات وزير الخارجية الألماني شديدة اللهجة تجاه السعودية خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اللبنانيصورة من: picture-alliance/AA/C. Karadag

غابرييل هو المشكلة؟

ويرى رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السعودي، د. زهير الحارثي، أن تصريحات غابرييل "مستغربة" و"غير لائقة" و"لا تعبر" عن الخطاب الرسمي للسياسة الخارجية الألمانية. ووصف الحارثي العلاقات بين البلدين بأنها "تاريخية"، والمصالحَ بأنها "ضخمة". وأضاف الحارثي أن الوزير الألماني "غير مُلم بالتاريخ وعمق العلاقات بين البلدين والقيادتين".

ويذهب الحارثي في حديث خاص مع DW عربية إلى أن "الخلفية الإيدلوجية" للوزير ربما أثرت على "عمله السياسي". وينصح الحارثي بما يلي: "يجب على الوزير ألا يقحم قناعته الشخصية بعمله، المفروض أن يكون لصالح بلده". والجدير ذكره أن الوزير ينتمي لـ"الحزب الاشتراكي الديمقراطي".

وبحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السعودية (واس)، انتقد مصدر بوزارة الخارجية السعودية تصريحات غابرييل بشدة وقال: "إن مثل هذه التصريحات العشوائية المبنية على معلومات مغلوطة لا تدعم الاستقرار في المنطقة" مضيفا أنها "لا تمثل موقف الحكومة الألمانية الصديقة التي تعدها حكومة المملكة شريكاً موثوقاً في الحرب على الإرهاب والتطرف وفي السعي لتأمين الأمن والاستقرار في المنطقة".

كما ذكرت وزارة الخارجية السعودية أنها ستسلم سفير ألمانيا لديها "مذكرة احتجاج" على هذه التصريحات "المشينة وغير المبررة"، كما وصفتها.

تصريحات "متسقة" مع السياسة الألمانية

بدوره يرى الصحفي الألماني شتيفان بوخن، الخبير بشؤون الشرق الأوسط، أن العلاقات بين السعودية وألمانيا لم تخلُ من "توترات" في الماضي. وضرب أمثلة عدة، منها الأزمة التي نشأت بعد دعوة خطيب الجمعة قبل خمس عشر سنة في "أكاديمية الملك فهد" في مدينة بون إلى "الجهاد ضد الكفار".

ويذهب بوخن في حوار مع DW عربية إلى أن تصريحات غابرييل "ليست شاذة" أو "خارجة عن العادة"، بل "متسقة" مع السياسة الألمانية. وذكّر بالتقرير التحليلي لـ"المخابرات الخارجية الألمانية" (BND)، الصادر في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2015.

والجدير ذكره أن ذلك التقرير حذر من "الدور المزعزع للاستقرار في العالم العربي للمملكة العربية السعودية" وجاء فيه أن "سياسة الدبلوماسية الحذرة لأعضاء العائلة الحاكمة القدماء تم استبدالها بسياسة تَدَخل متسرعة واندفاعية". وأشار التقرير آنذاك -وبشكل نقدي خاص- إلى دور محمد بن سلمان، وزير الدفاع.

وفي هذا السياق قال التقرير إن تركيز سلطات السياسة الخارجية والاقتصادية بيد ولي ولي العهد (أصبح ولي العهد حالياً) "يحمل بين طياته الكثير من المخاطر، ويَكون مثيراً خصوصاً إذا حاول الأخير تثبيت أقدامه كولي للعهد في ظل ولاية والده. فبإجراءات مكلفة أو إصلاحات باهظة الثمن سيثير غضب بقية أفراد العائلة الملكية الحاكمة وفئات واسعة من الشعب".

"عقوبات اقتصادية"

ويطالب الحارثي ألمانيا بـ"الاعتذار" ويحذر من "استمرار الوزير بتصريحاته في المس من سيادة وكرامة المملكة وقيادتها". ويقول إن السعودية "ليس من طبعها التصعيد"، إلا أنه لا يستبعد أن تلجأ المملكة لكل الوسائل المشروعة لتحقيق مصالحها، ومنها "العقوبات الاقتصادية".

لكن  رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السعودي يعود ويستدرك ليقول: "من المبكر الحديث عن ذلك؛ الكرة الآن في الملعب الألماني." وأوضح الحارثي "يجب على ألمانيا أن تُدرّسَ لمسؤوليها أكثر عن العلاقات بين البلدين وأهميتها وتاريخها الطويل. كما يجب على الوزير أن يستند في تصريحاته واتهاماته على أدلة واضحة وملموسة".

وجدير بالذكر أن صحيفة "دي فيلت" الألمانية كانت قد ذكرت على موقعها الإلكتروني في الخامس من كانون الثاني/ يناير 2016 أن السعودية هي شريك أكثر أهمية من السويد وسويسرا بالنسبة لألمانيا من الناحية التجارية. وأضافت الصحيفة، التي استندت إلى تقرير لمؤسسة "Freedom House" الأميركية، أن السعودية هي ثاني أهم شريك اقتصادي لألمانيا في المنطقة، بعد الإمارات العربية المتحدة؛ فقد بلغ حجم الصادرات إليها في العام 2014 ما يقارب 8.8 مليار دولار. وتحتل السعودية المرتبة الثامنة عالمياً من حيث الأهمية التجارية بالنسبة لألمانيا.

ارتفعت صادرات ألمانيا من السلاح للسعودية بين عامي 2015 و2016 إلى نحو الضعف: من 270 مليون يورو إلى نحو 530 مليون يورو.صورة من: picture-alliance/dpa/U. Zucchi

غيمة عابرة؟

وبدوره يقول شتيفان بوخن: "من الناحية السياسية، تريد ألمانيا المحافظة على نوع من التوازن في توجيه النقد لكل من إيران والسعودية؛ فكلاهما عاملان فاعلان في الصراعات والتوترات". وأضاف "لكن برلين لا تستطيع غض الطرف عن الطبع المائل للمجازفة لولي العهد." وذكّر بوخن هنا أن ألمانيا فعلت نفس الشيء مع الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، الذي كان مجازفاً ومثيراً للجدل مثل محمد بن سلمان.

لكن الخبير الألماني بشؤون الشرق الأوسط يعود ويجزم بأن "العلاقات بين البلدين ليس لها تأثير قوي أو أهمية كبيرة على منطقة الشرق الأوسط؛ إذ أن ألمانيا ليست لاعباً سياسياً ذا ثقل كبير في المنطقة".

ويرى بوخن أن الأزمة "عابرة" وستمر، ويضيف "وحتى لو وصلت لمرحلة سحب السفيرين، فسيعودان إلى عملهما بعد أيام". ويشدد الصحفي والخبير بشؤون الشرق الأوسط على أهمية الجانب الاقتصادي في العلاقات: "ألمانيا معنية ببيع منتوجاتها الصناعية للسعودية، ومنها الأسلحة".

ويشار إلى أنه وحسب تقرير مؤسسة "Freedom House" بلغ حجم صادرات ألمانيا من الأسلحة للسعودية حوالي 209 مليون دولار في عام 2014. ولكن حسب أرقام "وزارة الاقتصاد والطاقة" الاتحادية فإن حجم المبيعات ارتفع إلى نحو الضعف بين عامي 2015 و2016 من 270 مليون يورو إلى نحو 530 مليون يورو.

خ. س

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW