عبرت برلين عن تنديدها باستهداف سفينة حربية صينية لطائرة ألمانية بالليزر قبالة السواحل اليمنية، معرضة طاقمها للخطر. فما تفاصيل هذه الحادثة؟ وماذا حل بالطائرة؟
صورة من: Thomas Koehler/photothek/picture alliance
إعلان
في أعقاب حادثة تعرضت لها طائرة ألمانية ضمن مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية "أسبايدس" في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، قامت وزارة الخارجية الألمانية في برلين باستدعاء السفير الصيني.
وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية اليوم الثلاثاء (الثامن من يوليو/ تموز 2025) على منصة "إكس" أن الجيش الصيني وجه ليزر نحو الطائرة خلال المهمة، مضيفة أن "تعريض الطاقم الألماني للخطر وتعطيل المهمة أمر غير مقبول على الإطلاق".
وأضاف البيان أنه على هذه الخلفية تم استدعاء السفير الصيني، دينغ هونغبو. ويعتبر الاستدعاء الرسمي للسفير وسيلة دبلوماسية حادة، تعبر من خلالها حكومة الدولة المضيفة عن استيائها الواضح.
تفاصيل الحادثة
ووفقا لمعلومات من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، وقعت الحادثة مطلع يوليو/تموز الجاري، عندما كانت طائرة ألمانية تنفذ طلعة استطلاعية فوق المنطقة البحرية. وخلال ذلك تبين أن سفينة حربية صينية وجهت ليزر نحو الطائرة. ويعتبر استخدام الليزر إشارة تهديد في المجال العسكري.
معلومات إضافية نشرتها صحيفة دير شبيغل الألمانية، توضح أن الطائرة هي طائرة استطلاع ألمانية مستأجرة لهذه المهمة. يقودها طيارون مدنيون، ويمكنها حمل أربعة جنود من الجيش الألماني. ووفقا للمعلومات الحالية، فإن الطائرة متمركزة في جيبوتي.
عملية الاتحاد الأوروبي للحماية من هجمات الحوثيين
تهدف العملية العسكرية للاتحاد الأوروبي "أسبيدس"، التي تشارك فيها القوات المسلحة الألمانية، إلى حماية السفن التجارية في البحر الأحمر من ميليشيات الحوثيين التي تشن هجمات من اليمن.
وحسب تقرير صحيفة شبيغل، يشارك ما يصل إلى 700 جندي ألماني في عملية "أسبيدس" التي يقودها الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر.
وشددت الصحيفة الألمانية أن الحادث وقع أثناء اقتراب الطائرة من فرقاطة صينية. وخلافا للإجراء المعتاد، لم يُبلغ طاقم السفينة الصينية مسبقا عبر تردد نداء الطوارئ. ولا تزال الأضرار المحتملة غير واضحة حاليا، ولا يزال التحقيق جاريا. ونظرا للوضع المتأزم الحالي، فإن حركة الملاحة الجوية في المنطقة محدودة.
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.