Obama Afghanistan
٢ ديسمبر ٢٠٠٩باراك أوباما هو رجل الحلول الوسط، وهذا في الغالب شيء جيد، لكن الحل الوسط قد يكون في بعض الأحيان أسوأ البدائل مثلما هو الحال بالنسبة إلى أفغانستان. الرئيس يريد أن ينشر هناك ثلاثين ألف جندي إضافي بأقصى سرعة ممكنة، وإعادتهم إلى البلاد بعد عام فقط. و بذلك يريد أوباما تلبية قسط من رغبات كل الأطراف؛ رغبات المعارضين بشكل مطلق للحرب، والمؤيدين لها، ورغبات أولئك الذين يفضلون شن الحرب على القاعدة وطالبان من بعيد. لكنه لن يتمكن من إرضاء أحد في حال ظهور حالة من الشك.
فدعاة السلام سيجدون أن تمديد الحرب عامين على الأقل هو فترة طويلة، ونقاد تحديد مسبق للانسحاب لن يمكن تهدئتهم من خلال عدم تحديد مدى السرعة التي من المفروض أن يتم بها الانسحاب. ثم إن الجدول الزمني الضيق الذي يطالب الرئيس بنشر ثلاثين ألف جندي في إطاره سيشكل للعسكريين المرهقين منذ الآن تحدياً لوجستياً كبيراً.
السنة التي تتبقى أمام الجنود للقيام بمهمتهم هي فترة قصيرة جداً لا تكفي للقيام في نفس الوقت بضرب القاعدة، وتدريب الجيش الأفغاني، وحماية المدنيين. ومن الواضح أن الرئيس أوباما يدرك ذلك، فهو احتفظ لنفسه بمخرج صغير، إذ صرح بأن الانسحاب رهن بالظروف في عين المكان. فهل يعني هذا أن تاريخ الانسحاب لم يحدد بشكل جدي؟
علاوة على ذلك خيب أوباما الآمال في عدم وضوحه في عدة نقاط، فتكاليف مرابطة كل جندي في أفغانستان تكلف مليون دولار في السنة، لكنه لم يقل أي كلمة حول كيفية تغطية نفقات تعزيز القوات، ولا أي كلمة حول إدراج ضريبة حرب كما يطالب الكثيرون. ولم تصدر عنه أيضاً الكلمة الآمرة الضرورية إزاء الحكومة الأفغانية الفاسدة والضعيفة.
خلال الكلمة التي ألقاها باراك أوباما أمام ضباط الأكاديمية العسكرية في وست بوينت اتضح إلى أي مدى يجد حامل جائزة نوبل للسلام صعوبة في شن الحرب. صحيح كان باراك أوباما قد أعلن منذ أيام معركته الانتخابية أن الكفاح ضد القاعدة في أفغانستان أمر ضروري من أجل حماية الشعب الأمريكي، لكنه ذهب الآن إلى أبعد من ذلك وقال إن أمن العالم بأسره معرض للخطر. لكن رئيساً يدعو للحرب ويقصد جاداً ما يقول يظهر بشكل آخر ولا يتحدث بشكل مستفيض عن القيم الأمريكية للسلام والحرية، مشيراً إلى أنه لا يراد فرضها على أمم أخرى بالقوة. ضباط الكلية العسكرية استمعوا إلى المحاضرة وصفقوا تهذيباً، لكنهم لم يعطوا الانطباع بأنهم اقتنعوا بما سمعوه، لكن هناك أمراً لا جدال عليه وهو أن مخطط أوباما الزمني يعني أنه سيكون عليه أن يتحمل مسؤولية نجاح إستراتيجيته أو فشلها خلال فترة رئاسته الأولى، وفي هذا فرق حاسم مع سلفه بوش، الذي سبب المشاكل التي يحاول أوباما حلها الآن.
كريستينا بيرغمان
مراجعة: طارق أنكاي