1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استراتيجية ترامب في أفريقيا.. تهديد للأمن الداخلي للقارة؟

١٢ يونيو ٢٠٢٥

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية تعديل استراتيجيتها العسكرية في أفريقيا، داعية دولها إلى تحمل المسؤولية. ويرى خبراء أن هذا التحول قد يمنح الجماعات المتطرفة في القارة فرصة للتوسع، فهل تنجح الدول الإفريقية في تأمين نفسها؟

جنود من الولايات المتحدة والكاميرون خلال تدريبات مشتركة
مع عودة ترامب، تغيرت أولويات الولايات المتحدة في أفريقيا، حيث تطلب واشنطن من بلدان القارة تحمل مسؤولية أمنها.صورة من: Nipah Dennis/AFP/Getty Images

لاقى تصريح صدر عن قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم"، الجنرال مايكل لانغلي، مؤخرا الكثير من الاهتمام في أفريقيا. وكان مفاد التصريح أن "على أفريقيا تحمّل مسؤولية أكبر تجاه تحدياتها الأمنية".

تزامن ذلك مع قيام الولايات المتحدة بإعادة تشكيل استراتيجيتها العسكرية في أفريقيا، ما يحمل في طياته تحولا جذريا في نهج واشنطن تجاه أمن القارة الأفريقية.

ويأتي هذا التحول في إطار تغيير استراتيجي أوسع شرع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع عودته مجددا إلى البيت الأبيض. وتتمحور استراتيجية ترامب حول إيلاء الأهمية والأولوية للأمن الداخلي مع تقليل التواجد العسكري الأمريكي خارج البلاد، بما في ذلك أفريقيا.

بيد أن السؤال الملح الذي يطرح نفسه الآن يتمثل في تداعيات هذا التغير في الاستراتيجية الأمريكية على أفريقيا.

أفريقيا.. "تزخر بالشباب والموارد"

تحظى أفريقيا بأهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة نظرا لما تمتلكه من قوة بشرية هائلة وموارد طبيعية ضخمة.

يرى أديب ساني، الخبير البارز في الشأن الأفريقي، أن أفريقيا تُعد "شريكا استراتيجيا بفضل التعداد السكاني الشبابي الذي تمتلكه، والذي يُتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2045 وفقا للتوقعات الاقتصادية".

وفي مقابلة مع DW، أضاف ساني أن "أفريقيا هي قارة غنية وتزخر بموارد معدنية هائلة واحتياطيات استراتيجية مثل اليورانيوم، الذي تعتمد عليه الكثير من دول العالم من الشرق إلى الغرب".

وأشار إلى أن 11 دولة من الدول الأفريقية تُعد من أسرع 20 اقتصادا نموا في العالم عام 2024، قائلا: "تتعاون الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى مع أفريقيا ليس فقط بدافع حسن النية، ولكن لأن القارة  تزخر بموارد طبيعية هامة تُعد ركيزة حركة التصنيع في جميع أنحاء العالم". وأضاف أن "هذا يجعل العلاقات بين أفريقيا ودول العالم مربحة للجانبين".

ورغم ذلك، فقد حذر خبراء من تداعيات استراتيجية ترامب العسكرية، التي لن تُولي الكثير من الاهتمام لحماية الولايات المتحدة من التهديدات الخارجية، بما في ذلك مكافحة تنظيمات إرهابية مثل "داعش " و"القاعدة"، اللذين توسعا في القارة السمراء.

لعبت الولايات المتحدة دورا بارزا في الشق الأمني في العديد من بلدان القارة السمراء مثل الصومال.صورة من: Senior Airman Kristin Savage/Combined Joint Task Force - Horn of Africa/AP Photo/picture alliance

"تقاسم عبء" الأمن

وقبل ترامب، كانت الاستراتيجية الأمريكية بشأن أفريقيا تمزج بين الدفاع والدبلوماسية والتنمية.

وفي هذا السياق، قال ساني إن الولايات المتحدة "كانت شريكا وثيقا في مكافحة التطرف، خاصة في شرق وغرب أفريقيا. اعتمدنا بشكل كبير على ما تقدمه واشنطن في مجالات اللوجستية والتدريبات وتبادل المعلومات الاستخباراتية لمواجهة هذه التهديدات".

وأضاف أنه "فيما يتعلق بالأمن البشري، قدّمت الولايات المتحدة مساهمات عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية  وبرامج أخرى ساعدت في انتشال الكثيرين من براثن الفقر".

وقال الجنرال مايكل لانغلي إن أولويات الجيش باتت تتركز الآن على حماية الوطن، داعيًا إلى "تقاسم الأعباء" مع الحلفاء الأفارقة.

وأوضح أن الهدف هو بناء قدرات عسكرية محلية لتنفيذ عمليات تقوم بها بلدان القارة بشكل مستقل، بما يُسهم في تقليل الاعتماد على القوات الأمريكية.

وبرز هذا التحوّل في مناورات "الأسد الأفريقي"، التي تُعد أكبر تدريبات عسكرية مشتركة تُجرى سنويا في القارة، بمشاركة أكثر من 40 دولة.

ففي نسختها الخامسة والعشرين، تقلّصت المشاركة الأمريكية، على عكس المناورات السابقة، حيث جرى التركيز على التعاون والتنسيق.

كيف يحارب بوتين العالم من أفريقيا؟

13:54

This browser does not support the video element.

"ضربة قاسية لنا"

وعلى وقع ذلك، حذر أديب ساني من أن تقليص الوجود الأمريكي قد يُحدث فراغا في السلطة، مما يشجع حركات مسلحة ويقوّض جهود مكافحة الإرهاب التي امتدت لعقود. وقال "إذا سحبت الولايات المتحدة دعمها، فسيكون ذلك بمثابة ضربة قاسية لنا. قد يُشجّع ذلك التنظيمات الإرهابية على شنّ هجمات أكثر فتكا وجرأة، لأنها ستُدرك غياب دعم أكبر قوة في العالم."

وأضاف "سوف يُضعف ذلك معنويات جيوشنا وجنودنا، الذين يتعيّن عليهم مواجهة تهديدات على مدار الساعة، وسيمثل ذلك أيضا عبئا اقتصاديا اضافيا يُثقل كاهل البلدان الأفريقية التي تواجه تهديدات أمنية".

الجدير بالذكر أن قوام القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" يبلغ 6500 فرد في أنحاء القارة، مع ضخ استثمارات بمئات الملايين في شكل مساعدات أمنية.

ويقول ساني إنه مع تقليل حجم هذه القوات، فإن أفريقيا ربما "لن تتمكن من تحقيق استقلالها الأمني الكامل وسيكون الأمر صعبا من حيث الاعتبارات اللوجستية والتكنولوجية؛ إذ إننا ببساطة لم نصل بعد إلى مرحلة (الاستقلال الأمني)."

وشدد ساني على أن "الأمن هو مسؤولية مشتركة، ويصبح أقوى من خلال تعزيز التعاون بين أطراف عدة. أرى أن أفريقيا لا يمكنها القيام بذلك بمفردها".

لماذا أصبح الإرهاب يهدد مصر ودول الساحل مجددا؟

32:09

This browser does not support the video element.

الساحة مفتوحة أمام روسيا والصين

ويقول خبراء إنه في ضوء ذلك، ستضطر أفريقيا إلى البحث عن حلفاء آخرين ليسوا حديثي العهد بالقارة.

يُشار إلى أن الصين قد أطلقت برنامج تدريب عسكري مكثف في أفريقيا، في محاكاة للنموذج الأمريكي، بينما يزداد تواجد المرتزقةالروس في شمال وغرب ووسط أفريقيا، في شكل "شركاء أمنيين رئيسيين".

وقال ساني إن نهج الصين في السابق في أفريقيا كان "يعتمد على الشق الاقتصادي بشكل رئيسي"، مضيفا أن الولايات المتحدة ركّزت بشكل أساسي على الدعم العسكري، بالإضافة إلى تقديم الدعم الاقتصادي.

وأشار إلى أن "الروس يحظون بتواجد قوي من خلال الانخراط العسكري والاقتصادي. بات الأمر بمثابة حلبة تنافس. ويحمل في طياته رسالة جلية مفادها أن هناك حاجة لتنويع التحالفات. لا يمكننا الاعتماد فقط على الولايات المتحدة؛ قد نحتاج أيضا إلى تعزيز التعاون مع روسيا وغيرها".

"جرس إنذار"

يقول خبراء إن تقليص الولايات المتحدة وجودها في أفريقيا يجب أن يكون جرس إنذار لبلدان القارة، ما يجبرها على الاستفادة من قدراتها ومواردها بما يعزز من قدرتها على مواجهة التحديات بنفسها.

وقال ساني إنه يجب على الدول الأفريقية الآن "اغتنام الفرصة لمراجعة مواردها الأمنية وتعزيز التعاون بشكل كبير".

وأضاف أن "بناء صناعة دفاعية (بأيدٍ أفريقية) يُعد أمرا بالغ الأهمية. هذا يعني تطوير القدرات الصناعية وتعزيز قدرات الجيوش الأفريقية. نحن بحاجة أيضا إلى محاربة الفساد لضمان عدم إهدار الأموال لتحسين استغلالها لصالح حياة شعوب القارة".

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW