استراليا تعتزم حظر وسائل التواصل الاجتماعي على الصغار
٨ نوفمبر ٢٠٢٤
تنوي الحكومة الإسترالية رفع قانون يحظر على الأطفال دون 16 عاما استعمال مواقع التواصل الاجتماعية. طرح القانون جاء بعد التأكد من أن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تعرض محتويات غير لائقة للأطفال والمراهقين.
إعلان
قانون منع الأطفال دون سن 16 عاماً من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي سيُرفع إلى البرلمان الأسترالي في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، لحماية الأطفال من الاستغلال والتعرّض للمحتوى غير المناسب لأعمارهم، وستُعطى المنصات فترة سنة واحدة لبدء التطبيق. جاء ذلك في إعلان أنتوني ألبانيز، رئيس الوزراء الأسترالي، في خطوة جريئة منه على تضييق الخناق على شركات التكنولوجيا الكبرى التي تُتهم بعدم توفيرها حماية كافية لمستخدميها وخصوصاً الأطفال والمراهقين منهم.
وأعلن أنتوني ألبانيز سفي شهر سبتمبر/ أيلول عن نيته لهذا المشروع، ولكنه لم يحدد آنذاك الحدّ الأدنى لعمر المستخدمين، وأضاف أن القانون سيُعرض على قادة الولايات والأقاليم الأسترالية قبل رفعه إلى البرلمان. وقال ألبانيز لوكالة فرانس بريس الفرنسية: "أتوجّه في هذا الإجراء إلى الأمهات والآباء، فقررت وضع حدّ للضرر الناتج عن استخدام الأطفال لشبكات التواصل الاجتماعي".
جاء هذا القرار بعد التأكد من أن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تعرض محتويات غير لائقة للأطفال والمراهقين، ومن جانبه قال ألبانيز: "تظهر على هاتفي محتويات لا أريد مشاهدتها، لا يمكنني أن أتخيل أنها تظهر لطفل يبلغ من العمر 14 عاماً". وأضاف: "تشاهد الشابات صوراً ومحتويات لأشكال محددة من الأجسام، يعتقدن أنها الأفضل، وهو ما يؤثر عليهن بشدة".
من المسؤول عن التأكد من سن المستخدمين؟
كانت مسؤولية حماية الأطفال من خطر مواقع التواصل الاجتماعي من واجب الأهالي، ولكن تقع هذه المسؤولية اليوم على عاتق شركات التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي نفسها، فيجب عليها التأكد من أن المستخدمين في السنّ المسموح به وإلا ستُفرض عليها غرامة مالية.
هذه ليست المرة الأولى التي يُقترح فيها اعتماد حدّ أدنى للسن عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في أستراليا، فتم اقتراح مشروع مشابه من قبل، حظيَ بقبول ودعم كبير من قبل المسؤولين السياسيين في أستراليا.
إعلان
ما مدى جدوى القرار!
من جانبها، أكّدت شركة "ميتا" المالكة لمنصتي فيسبوك و انستغرام أنها ستطبق أي قيود مرتبطة بالسن ترغب الحكومة الأسترالية في فرضها، ولكن ترى المسؤولة عن الاستخدام الآمنلدى "ميتا" أنتيغون ديفيس أنه على أستراليا أن تفكّر كثيراً في كيفية تنفيذ هذا القانون.
في حين يعتقد بعض خبراء التكنولوجيا أن هذا القانون ليس مجدياً من الناحية التقنية إلى حدّ كبير، فيقول توبي موراي، باحث في جامعة ملبورن: "نعلم أن الأساليب الحالية التي تعتمدها المنصات للتحقق من العمر غير موثوقة ومن السهل التحايل عليها، كما أنها تشكّل مخاطر على خصوصية المستخدمين".
سعي أستراليا لتنظيم المحتوى على الإنترنت ليس جديداً
في ظل محاولة أستراليا حماية خصوصية مستخدميها، كانت قد أحالت حكومة كانبيرا على البرلمان الأسترالي مشروع قانون يهدف إلى مكافحة المعلومات المضللة، وتحديداً من خلال فرض غرامات مالية على شركات التكنولوجيا الكبرى تصل إلى 5 بالمئة من إيراداتها السنوية، في حال عدم التزامها في استراتيجيات مكافحة المعلومات المضللة.
مكافحة المعلومات المضللة
02:03
وبهذا الصدد تخوض منصة "إكس" تويتر سابقاً التي يملكها الملياردير إيلون ماسك، معركة قانونية مع هيئة الاتصالات والإعلام الأسترالية فيما يخص احتوائها على منشورات عنيفة. فسعي أستراليا إلى تنظيم المحتوى على منصة إكس أثار حفيظة ماسك، ووصف الحكومة الأسترالية "بالفاشية" بسبب محاولتها القضاء على الأخبار المزيفة الموجودة التي تنشرها المنصة.
دول تحذو حذو أستراليا وأخرى سبقتها
باتت مسألة حماية الأطفال والمراهقين من المحتوى المسيء على مواقع التواصل الاجتماعي مسألة ملحّة للكثير من دول العالم، ففي ولاية فلوريدا الأمريكية سيدخل قرار مماثل حيّز التنفيذ في يناير/ كانون الثاني 2025، وينص القانون على منع فتح حساب على مواقع التواصل الاجتماعي لمن تقلّ أعمارهم عن 14 عاماً. سبقتها إلى ذلك إسبانيا في تموز/ حزيران الماضي، وحدّدت سنّ 16 سنة لقيود إنشاء الحساب.
أما فرنسا فقد أقرّت قانونا في عام 2023، ولكنه لم يدخل حيّز التنفيذ بعد، ينص على عدم السماح باستخدام لمن تقلّ أعمارهم عن 15 عاماً باستخدام غالبية المنصات الرقمية.
أما الصين فكانت قيودها أكثر صرامة، فمنذ عام 2021 تطلب الصين من المستخدم عرض وثيقة رسمية خاصة به كبطاقة الهوية، بالإضافة إلى عدم السماح للأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 14 سنة بقضاء أكثر من 40 دقيقة يوميا على منصة "دويين"، النسخة الصينية من تطبيق تيك توك، كما حددت وقت اللعب عبر الإنترنت للأطفال والمراهقين.
م.ج/ ع.خ (أ.ف.ب)
فيسبوك - من أيادي الطلبة إلى أداة للأنظمة
جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/J. Arriens
البداية من هارفارد
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.
صورة من: Reuters/B. Snyder
إقبال متزايد
كان لـ"فيسبوك" قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على "فيسبوك" أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).
صورة من: Reuters/D. Ruvic
كوكب مواز
اختراق "فيسبوك" للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه "الكوكب الموازي".
صورة من: picture-alliance/dpa/J.W.Alker
"استحواذ" وشراكات
استطاع "فيسبوك" أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من "الاستحواذ" على برامج أخرى. وتعتبر شركة "مايكروسوفت" من بين الذين قدموا عرضاً لشراء "فيسبوك" عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم "فيسبوك". أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق "إنستغرام" أولها عام 2012، تلاها "واتساب" عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Becker
"نافذة للرقابة والقمع"
اعترفت بعض المحاكم بـ"فيسبوك" منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى "لم يرق" لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع "فيسبوك" "للتحريض" ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.
صورة من: picture-alliance/empics/D. Lipinski
أفيون الثورات؟
شكل "فيسبوك" مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من "فيسبوك"، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه "ثورة 2.0". لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Deghati
منصة للجيوش الإلكترونية
خلق "فيسبوك" أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، الذي ظهر إبان الثورة السورية (2011-2012) واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لنظام الأسد أو اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ"فيسبوك" بإغلاق حسابات لمعارضين.
صورة من: Vernon Manlapaz
انتقادات متكررة!
"انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز..." كلها انتقادات وجهت لـ"فيسبوك". لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: "لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق"، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/R. Khan
دعاوى قضائية متعددة
رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد "فيسبوك"، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة "كونكت يو" مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Reinhardt
"إخفاق كارثي"
مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت "فيسبوك" محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس "فيسبوك" إلى تقديم تفسير بخصوص "إخفاق شركته الكارثي" في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة. إعداد: مريم مرغيش