استعراض عسكري فرنسي ضخم بنكهة "استراتيجية دفاعية أوروبية"
١٤ يوليو ٢٠١٩
تشارك المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وخمسة آخرين من الزعماء الأوروبيين في باريس كضيوف شرف، حيث يجري الاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي اليوم عبر إقامة استعراض عسكري بمشاركة إحدى عشر دولة أوروبية وضمنها فرقة عسكرية ألمانية.
إعلان
تشارك قوات من الدول العشر المشاركة في مبادرة التدخل الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، في الاستعراض التقليدي في ساحة الشانزليزيه في باريس بمناسبة العيد الوطني الفرنسي اليوم (الأحد 14 يوليو/ تموز 2019). ويشارك في العرض حوالي 500 جندي من اللواء الفرنسي الألماني المشترك، إلى جانب فرقة إسبانية عائدة من مهمة تدريب للاتحاد الأوروبي في مالي. واستهل الاستعرض بعروض لروبورتات تقوم بمهمات عسكرية، إضافة إلى الاستعراض الجوي الذي لون سماء جادة الإيليزيه بالأوان الثلاثية للعلم الفرنسي: الأزرق والأحمر والأبيض.
وتحيي فرنسا في 14 تموز/ يوليو من كل عام ذكرى الاستيلاء على سجن وقلعة الباستيل الملكية الشهيرة في باريس في ذلك اليوم من عام 1789 وهو البداية الرمزية للثورة الفرنسية. وإلى جانب الرئيس إيمانويل ماكرون، يشارك رؤساء دول وحكومات كل من بلجيكا وإستونيا وفنلندا وهولندا والبرتغال منصة العرض جنبا.
وبسبب بريكست وتراجع العلاقات عبر الأطلسي في عهد الرئيس دونالد ترامب، جعل ماكرون من أوروبا الدفاعية أحد مواضيعه المفضلة، معتبرا أنه من الأساسي للقارة العجوز زيادة استقلاليتها الاستراتيجية إلى جانب حلف شمال الأطلسي.
وقال ماكرون في الملف الصحافي المخصص للعيد الوطني "لم تكن أوروبا يوما ضرورية إلى هذه الدرجة منذ الحرب العالمية الثانية. بناء أوروبا دفاعية على صلة بحلف شمال الأطلسي الذي سنحتفل بالذكرى السبعين لتأسيسه، يشكل أولوية لفرنسا".
وبالإضافة إلى المستشارة الألمانية، تشمل لائحة المدعوين الأوروبيين الـ11 إلى الاحتفال، رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
فرقة عسكرية ألمانية فرنسية دليل على انتهاء عداء الماضي
04:23
وستتم دعوة الضيوف المشاركين في الاحتفال إلى مائدة غداء في قصر الإليزيه بعد العرض العسكري التقليدي. وتغيب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن الاحتفال على أن يمثّلها نائب رئيس الوزراء ديفيد ليدينغتون.
والدول التسع المشاركة في العرض إلى جانب فرنسا في المبادرة الأوروبية للتدخل التي أُنشئت قبل سنة بمبادرة من الرئيس ماكرون بهدف تطوير "ثقافة استراتيجية مشتركة"، هي بلجيكا وبريطانيا وألمانيا والدنمارك وهولندا واستونيا واسبانيا والبرتغال وفنلندا.
ويفتتح المشاة العرض بشاراتها وراياتها. أما العرض الجوي الذي يسبق ذلك فتشارك فيه طائرة نقل ألمانية "ايه-400 أم" وأخرى إسبانية "سي 130". ومن بين المروحيات التي ستختتم العرض، مروحيتان بريطانيتان شاينوك.
وبريطانيا التي تضع حاليا في تصرف الجيش الفرنسي ثلاثا من مروحياتها للشحن الثقيل في منطقة الساحل، مدّدت مهمّتها حتى حزيران/يونيو 2020 مما أثار ارتياحاً لدى باريس التي تفتقر لهذا النوع من الطائرات.
في المجمل، سيشارك في العرض 4300 عسكري و196 آلية و237 حصانا و69 طائرة و39 مروحية على جادة الشانزيليزيه في قلب العاصمة الفرنسية.
وكانت دورة معرض لوبورجيه لصناعات الطيران لعام 2019 احتفت أساسا بتعاون أوروبي في الصناعة الدفاعية مع توقيع اتفاق-اطار بين باريس وبرلين ومدريد حول مشروع بناء طائرة قتالية جديدة.وهو برنامج في صلب طموحات ماكرون لإعطاء دفع لأوروبا الدفاعية في حين تبيع الولايات المتحدة مقاتلات أف-35 لعدة دول أوروبية.
وسيكون العيد الوطني مناسبة لطرح مواضيع أخرى عزيزة على قلب الرئيس الفرنسي مثل الابتكار في مجال الدفاع.
ففي افتتاح العرض، قدمت روبوتات وطائرات بدون طيار تستخدم من قبل الجيوش في ساحة الكونكورد، قبل أن تخلي المكان لإنجاز آخر هو منصة للطيران (فلايبورد اير) تعمل بخمسة محركات نفاثة واخترعها الفرنسي فرانكي زاباتا.
ويقوم زاباتا شخصيا بقيادة واحدة من هذه المنصات الطائرة على ارتفاع عشرات الأمتار عن سطح الأرض. وسيختتم العرض العسكري هذا العام بمرور جرحى من الجيوش الفرنسية المنتشرة في العديد من مناطق العمليات الخارجية من الشرق الأوسط حتى دول الساحل.
من جهة أخرى، تُعرض بعض المعدات الجديدة المقررة في إطار "قانون البرنامج العسكري 2019-2025" الذي ينص على زيادة ميزانيات الجيش الفرنسي. ومن هذه المعدات المدرعة "غريفون" التي تلقى سلاح البر عددا منها أو طائرة التزويد بالوقود في الجو "فينيكس" التي ستحل مكان طائرات "سي 135".
ح.ز/م.س (أ.ف.ب، د.ب.أ)
ألمانيا وفرنسا .. صداقة خاصة شهدت الكثير من المنعطفات
بعد 62 عاما على توقيع اتفاقية الإليزيه حول الصداقة الألمانية الفرنسية يراد الآن الانتقال بهذه العلاقات الثنائية إلى مستويات أعلى. لكن الأمور لم تكن دائما سهلة في العلاقة بين البلدين.
صورة من: AP
تجاوز آلام الحرب العالمية الثانية
كانت فرحة أوروبية عارمة عندما زار في 1962 الرئيس الفرنسي شارل ديغول المستشار الألماني كونراد آديناور في بون. وبعد نصف سنة من هذه الزيارة وقع الزعيمان اتفاقية الإليزيه لتعزيز الصداقة الألمانية الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
صداقة رجلين
كانت العلاقة بين المستشار الألماني هلموت شميت والرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستان مميزة في سبعينات القرن الماضي. وزار جسكار شميت في منزله في هامبورغ، واشتكى من "التدخين المتواصل" للمستشار الألماني. جسكار يتحدث بطلاقة الألمانية، وشميت الراحل كان يتأسف لكونه لا يتحدث الفرنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
توأمة المدن
يوجد حوالي 2000 توأمة بين المدن الألمانية والفرنسية، وبعضها أقدم من اتفاقية الإليزيه. وهذه التوأمة بين مدينة رونيبورغ في ولاية تورنغن شرقي ألمانيا ومدينة هوتفيل-لومني الفرنسية أصبحت ممكنة فقط بعد الوحدة الألمانية. والتوأمة بين المدن تدعم الحياة المدرسية والثقافية والمهنية بين البلدين.
صورة من: DW
مصافحة تاريخية
لحظة بهجة ألمانية فرنسية: 1984 يتصافح الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمستشار الألماني هلموت كول خلال احتفال بذكرى ضحايا الحربين العالميتين في فردان. وأصبحت هذه الصورة فيما بعد رمزا للمصالحة الألمانية الفرنسية.
صورة من: ullstein bild/Sven Simon
هيئة الشبيبة الألمانية الفرنسية
ديغول وآديناور ركزا اهتمامهما منذ البداية على الشبيبة من البلدين التي وجب عليها التعارف والتعلم من بعضها البعض. الشاب الألماني نيكولاس غوتكنيشت والفرنسي باتريك بولسفور قاما في 2016 برعاية شباب عند إحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى. ومنذ 1963 قامت هيئة الشباب بربط التواصل بين تسعة ملايين من الشباب الفرنسيين والألمان.
صورة من: DW/B. Wesel
الفرقة الألمانية – الفرنسية
الأعداء السابقون يشكلون اليوم وحدة عسكرية مشتركة. واُنشأت هذه الوحدة في 1989 وتم إدماجها في الفيلق الأوروبي في 1993. وعملياتها الرئيسية كانت في البلقان وأفغانستان ومالي.
صورة من: picture-alliance/dpa
العلاقات بين أنغيلا وفرانسوا
من الناحية السياسية لم يكونا قريبين من بعضهما البعض: المسيحية الديمقراطية أنغيلا ميركل والاشتراكي فرانسوا أولاند، خاصة خلال أزمة الديون الحكومية الأوروبية عندما كانت ميركل تضغط من أجل التقشف، فيما دعا أولاند إلى برامج إصلاح اقتصادية. وبالرغم من ذلك وجد الاثنان قاعدة مشتركة، وذلك من أجل تحمل المسؤولية السياسية تجاه أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تصادم ألماني فرنسي
لقد عانى الفرنسيون لفترة طويلة لأن ألمانيا هي الشريك الاقتصادي الأقوى. لكن في عام 2017 حدث العكس، إذ استحوذت شركة السيارات الفرنسية "بيجو القابضة" التي تضم بيجو وسيتروين على شركة صناعة السيارات أوبل الألمانية الأصل. ومنذ ذلك حين يخشى الكثير من العمال لدى أوبل في ألمانيا من فقدان وظائفهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Rumpenhorst
تقريبا متزوجين؟
في ذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مدينة كومبيين، حيث وقع وقف إطلاق النار في عام 1918. مشهد يبقى في الذاكرة: شاهدة عيان اعتقدت بأن ميركل هي زوجة ماكرون. إلا أن الصداقة الألمانية الفرنسية ليست وثيقة بعد إلى هذه الدرجة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
مبادرة فرنسية ألمانية تاريخية
وُصفت المبادرة الفرنسية الألمانية للتعافي الأوروبي في مواجهة أزمة جائحة كورونا بأنها تاريخية وغير مسبوقة، وكان قد قدمها الرئيس ماكرون والمستشارة ميركل في 18 مايو أيار2020، وقد خلقت ديناميكية جديدة على الصعيد الأوروبي. فقد تبنتها المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي وتم على أساسها اعتماد خطة إنعاش أوروبية بقيمة 750 مليار يورو، تشمل 390 مليار يورو كإعانات للدول الأعضاء والقطاعات الممولة بقرض أوروبي.
صورة من: Jean-Christophe Verhaegen/AFP/Getty Images
علاقات محورية لا تخلو من تباينات
يُنظر منذ وقت طويل إلى العلاقة بين باريس وبرلين على أنها القوة الدافعة في صناعة السياسة الأوروبية. لكن خلافات طفت على السطح منذ عام 2022، خصوصا بعد خروج المستشارة السابقة أنغيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون والمستشار أولاف شولتس بذلا مؤخراً جهوداً لتحسين التعاون بين البلدين وتبديد الخلافات خصوصا في ملفات الدفاع وحرب أوكرانيا وقضايا تجارية وصناعية.
صورة من: Thibault Camus/AFP
أول زيارة دولة منذ ربع قرن
تعتبر زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس إيمانويل ماكرون (26-28 مايو أيار 2024) إلى ألمانيا الأولى من نوعها منذ حوالي ربع قرن إذ تعود آخر زيارة دولة قام بها رئيس فرنسي إلى ألمانيا إلى عام 2000 من قبل الرئيس الأسبق جاك شيراك. تعد فترة طويلة بالنسبة لبلدين مترابطين بشكل وثيق ولهما دور محوري في الإتحاد الأوروبي. لكن رغم هذا الانقطاع الطويل تجتمع حكومتا البلدين بشكل منتظم كل بضعة أشهر.