أعلن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أنه يعتزم الاستقالة من منصبه، بعد إدانة المرجعية الشيعية للعنف ودعوتها لتغيير القيادة. لكن ماذا بعد الاستقالة؟ وما هي تداعياتها على الاحتجاجات؟ في لقاء مع المحلل هشام الهاشمي.
إعلان
استجابة لدعوة تغيير القيادة التي أطلقها آية الله العظمي علي السيستاني، المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق، أعلن رئيس الوزراء العراقي أنه يعتزم الاستقالة من منصبه ويفسح بذلك المجال أمام البرلمان للاتفاق على شخصية أخرى لتشكيل حكومة جديدة.
وتأتي استقالة عبد المهدي في ظل تقاقم الأزمة في العراق ويوم دام في محافظة ذي قار في جنوب العراق قُتل فيه عشرات المتظاهرين وجرح أكثر من 250 منهم. ومع ازدياد زخم الاحتجاجات واتساع رقعتها، زادت حدة الضغط على الأحزاب والحكومة للتحرك والتغيير. ولتسليط الضوء على ما سيشهده العراق وتداعيات استقالة عبد المهدي، أجرينا الحوار التالي مع الباحث والكاتب السياسي العراقي هشام الهاشمي.
DW عربية: إذا قدم رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي استقالته وترك منصبه.. هل سيكون هناك فراغ دستوري في البلاد بعد رحيل عبد المهدي؟
هشام الهاشمي: لا أظن أنه سيحدث فراغ دستوري، لأن من صلاحية رئيس الجمهورية أن يقوم خلال أسبوعين باختيار من يقوم مقام السيد عادل عبدالمهدي في الحكومة الجديدة، ويبدأ مشوار التصويت على حكومة جديدة. إذا فشل البرلمان لمرتين في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة. هذه الإجراءات الدستورية واضحة في حال استقالة رئيس الحكومة أو إقالته.
هل يمكن أن تتفق الكتل البرلمانية خلال أسبوعين على شخصية تخلف عبد المهدي في رئاسة الحكومة الجديدة، أم الأرجح هو حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة؟
أظن أن من مصلحة الأحزاب السياسية المسيطرة أن تأتي بحكومة مؤقتة لمدة ستة أشهر للتهيئة لانتخابات مبكرة، وأعتقد أن هذا التفاهم جاهز وهو السيناريو الأكثر واقعية.
بمجرد انتشار خبر استقالة رئيس الحكومة هتف المحتجون في الشارع فرحا باعتبار ذلك استجابة لأحد مطالبهم. فهل يمكن للاستقالة أن تهدئ الشارع وتقف الاحتجاجات أم ستستمر حتى الاستجابة لكافة المطالب؟
أظن أن الاستقالة ستعقبها تهدئة، والاستقالة بحد ذاتها هدفها ليس التهدئة ولكن لاحتواء الاحتجاجات. وبالتالي أظن أن الاحتواء سيكون مع استقالة الحكومة والتهدئة ستأتي مع الاستجابة للمطالب الرئيسية، وهي: حكومة مؤقتة وانتخابات مبكرة بقانون انتخابات ومفوضية جديدين.
هل سيخرج تشكيل حكومة جديدة، ولو من التكنوقراط العراق، من أزمته؟
أظن أن تشكيل حكومة جديدة مؤقتة، لمدة ستة أشهر أو عام كأقصى حد تمهد لانتخابات مبكرة، وحده يمكن أن يساهم في حل أزمة العراق. لكن الأزمة لن تنتهي إلا بتحقيق مطالب الجماهير التي لا يزال الكثير منها يعتقد أن المطالب اقتصادية أكثر من كونها سياسية.
كيف تتوقع أن يكون رد فعل إيران مما يجري الآن في العراق بعد استقالة عبدالمهدي وربما إجراء انتخابات جديدة؟
إنه يوم عصيب وجمعة سوداء لكن ليست للتسوق، وإنما خسارة لإيران حينما تكون هناك استجابة من البرلمان لاستقالة عادل عبد المهدي.
وماذا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي هي أيضاً لها كلمة فيما يشهده العراق والتطورات والتغييرات القادمة؟
أظن أن الولايات المتحدة مع الوسائل الديمقراطية للتغيير، وستؤيد انتخابات جديدة. إذ سبق وأشارت واشنطن إلى هذا الموضوع في مناسبات عديدة.
أجرى الحوار عارف جابو
شهر دامٍ في العراق .. والاحتجاجات متواصلة
جاء الإعلان عن استعداد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي لتقديم استقالته، بعد شهر من الاحتجاجات المستمرة، التي تحولت من مظاهرات سلمية إلى عنيفة خلال وقت قصير. أبرز محطات الاحتجاجات وحصيلتها في صور.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
عبد المهدي في "مهب الريح"؟
دفعت المظاهرات الأخيرة في العراق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى ابداء الاستعداد للاستقالة، بعد أن حجبت قوى سياسية عراقية دعمها له. الرئيس برهم صالح أعلن أن عبد المهدي وافق على إستقالته إذا توصلت الكتل البرلمانية لبديل. فيما أكد المتظاهرون أن ذلك ليس كافيا، ورفعوا شعارات منددة برجل الدين الشيعي مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ومنافسه السياسي الشيعي الآخر هادي العامري زعيم "تحالف الفتح".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Ozbilici
"بغداد حرة حرة".. شعارات سلمية
احتجاجات العراقيين، اندلعت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، واتسمت بالسلمية في بداياتها، إذ رفع المتظاهرون شعارات تطالب باستقالة الحكومة، ووقف التدخلات الإيرانية، وتغيير النظام السياسي. وقد شملت الاحتجاجات العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، وعلى الرغم من سلميتها إلا أنها قوبلت برد أمني عنيف، إذ تم إطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع على المحتجين.
صورة من: AFP
محاسبة الفاسدين والمتورطين في القمع..
بعد ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات أوصت لجنة تحقيق في الإضطرابات التي شهدها العراق بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين. كما تعهدت الحكومة بمحاسبة المتورطين في الفساد. لكن المحتجين الذين تصدرت قضايا الفساد والقمع والبطالة شعاراتهم، واصلوا مظاهراتهم وطالبوا برحيل النظام.
صورة من: AFP
غازات مسيلة للدموع وحجب الإنترنت
قامت السلطات العراقية خلال الاحتجاجات باستخدام وسائل أمنية متعددة ضد المحتجين. إلى جانب إطلاق النار واستخدام الغاز المسيّل للدموع، قامت أجهزة الأمن بحظر مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع خدمة الإنترنت، ما عدا إقليم كردستان العراق الذي يخضع لادارة كردية ذاتية ولم تشمله الاحتجاجات الحالية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Mohammed
ثلاث محطات دموية
تركزت الاحتجاجات في ثلاث محطات دامية خلال شهر أكتوبر، إذ خلفت الموجة الأولى من العنف ما يقارب 157 قتيلًا، وفي المحطة الثانية فتحت جماعات شيعية مسلحة النار على المحتجين، وأُحرق نحو 277 مبنى حكومي في جنوب العراق، أما مدينة كربلاء فكانت ساحة المحطة الأخيرة، حيث سقط ما لا يقل عن 14 قتيلًا وأُصيب 865 آخرون، في إطلاق نار قام به مجهولون. وحسب حصيلة أولية سقط أكثر من 250 قتيل وجرح 5500 شخصًا خلال الشهر.
صورة من: picture-alliance/AA/M. Sudani
"ثورة التكتك"
كان استخدام "التكتك" كوسيلة نقل وإسعاف وتموين من أبرز مظاهر الاحتجاجات. حتى أن البعض أطلق وسم "ثورة_التكتك" على الاحتجاجات. حيث كانت هذه العربة الصغيرة أحد أهم الوسائل في نقل المصابين والجرحى من مناطق الاشتباكات الضيقة إلى المستشفيات، في ظل استهداف القناصين للمسعفين، فيما قدّم سائقوها الامدادات الصحية والمائية للمحتجين.
صورة من: Reuters/K. al-Mousily
مطالب المحتجين
طالب المتظاهرون منذ بداية الاحتجاجات في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، ونبذ الفساد، وتحسين نظام التعليم، وإصلاح واقع المؤسسات الحكومية، وركزوا في شعاراتهم على ضرورة إيجاد فرص عمل والتخلص من البطالة المتفشية بين الشباب والمقدرة نسبتها بـ 25%.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/H. Mizban
مقتدى الصدر يسحب دعمه
شهد موقف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر تغيرا ملحوظا خلال الاحتجاجات، فمن داعم لحكومة عادل عبد المهدي إلى مطالب باستقالته. الصدر حذر من أن عدم استقالة عبد المهدي قد يحوّل الوضع في العراق إلى ما يشبه سوريا واليمن.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/K. Kadim
"إيران بره بره"... والخامنئي يرد
سُلطت الأضواء خلال الاحتجاجات على دور إيران في العراق، حيث طالبها محتجون بالكف عن التدخل في الشؤون العراقية. فيما وصف المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي الاحتجاجات بـ"المؤامرة"، التي تهدف للتفريق بين العراق وإيران. وكانت وسائل إعلام إيرانية قد وجهت أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وأطراف أخرى في تأجيج الأحداث بالعراق.
صورة من: picture-alliance/abaca/Salam Pix
"شلع قلع، كلكم حرامية"
رفع المتظاهرون شعارات عديدة، من أبرزها "شلع قلع، كلكم حرامية" ويعني باللهجة العراقية: اقتلعوهم من الجذور، كلهم سارقون. ورغم هيمنة المراجع الشيعية والنخب السياسية المرتبطة بها على النظام السياسي، إلا أن المحتجين تجاوزوا النفوذ الطائفي، ولم يكترثوا لنداءات المراجع الدينية التي دعت إلى الهدوء.
إعداد: م.س