1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف أصبح الأطفال "أداة دعاية" في التصعيد بين إسرائيل وغزة؟

٢٠ مايو ٢٠٢١

آباء يحتضون أطفالهم ونساء يبكين بجوار جثث أطفال وغيرها من صور انتشرت في مواقع التواصل مع التصعيد بين إسرائيل وغزة، لكن ليس كل هذه الصورة حقيقة. فريق DW قام بالتحقيق في مصداقية بعض الصور وفيديوهات انتشرت على نطاق كبير.

طفل فلسطيني بحي الشجاعية بغزة وسط أنقاض مبان بفعل الهجمات الإسرائيلية (19/10/2014)
طفل فلسطيني في حي الشجاعية بغزة ينظر إلى السماء ذات الغيوم، بينما حوله أبنية تهدمت في هجمات إسرائيلية في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014. صورة من: Mahmud Hams/Getty Images/AFP

مع اندلاع أي هجوم كبير أو وقوع كارثة طبيعية، يهرع كثيرون إلى نشر صور ومقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والعديد منهم غالبا ما يقولون إن هذه الصور تخص أقاربهم أو أحبائهم بل ويزعمون فقدانهم أو ينعون وفاتهم عقب الكارثة.

وعلى كل حال، فإن هذا الأمر غالبا ما يُستخدم كوسيلة من قبل من يسعون إلى الانتشار وجذب الانتباه عن طريق استغلال "الوسوم" (الهاشتاغات) المتصدرة مواقع التواصل في ذاك الوقت أو من قبل أشخاص يرغبون في نشر معلومات مضللة عن حدث بعينه.

الأطفال وسيلة للابتزاز؟

وفي خضم الصراعات الحالية التي تعصف بمناطق عديدة في العالم كالحرب في سوريا أو الصراع في كشمير بين الهند وجارتها باكستان أو مؤخرا كالتصعيد الدائر بين إسرائيل وغزة، امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي في الغالب بمثل هذه المنشورات أو التغريدات، التي ثبت فيما بعد أنها مزيفة. وفي كثير من الأحيان يتم استخدام صور أطفال يُقال إنهم أُصيبوا او قُتلوا خلال هجمات كوسيلة لجذب الانتباه من قبل طرف من الأطراف المتصارعة.

وفي بعض الأحيان يتبين أن هذه الصور تعود لوقت زمني مختلف أو لمكان آخر غير الذي استخدمت في سياقه، ويرمي هذا التلاعب إلى حشد الدعم والتعاطف لقضية بعينها. وفي أمثلة أخرى، يتم استخدام الصور الحقيقة في سياق خاطئ من أجل دعم نظرية خاطئة. وهناك أمثلة جرى فيها نشر صور ومقاطع مصورة حقيقة تحت زعم أنه تم التلاعب فيها، رغم أن الأمر غير ذلك.

توقيت ومكان خطأ

تظهر هذه الصورة طفلة صغيرة تسمى "ملك" زُغم إنها قتلت في غارة إسرائيلة في قطاع غزة. وانتشرت هذه الصورة على موقع توتير في تغريدات كثيرة بلغات مختلفة. لكن في الحقيقة وبعد تتبع بسيط لمسار الصورة، تمكنت DW  من اكتشاف أن هذه الصورة لطفلة تسمى صوفيا في عامها الخامس من روسيا، بل قامت والدتها بنشر هذه الصورة على موقع انستغرام قبل عامين. وتظهر آخر المنشورات على حسابها أن الطفلة لا تزال على قيد الحياة بل وتمرح مع والدتها في حديقة حيوان موسكو.

تم الزعم أن هذه الصورة لطفلة فلسطينية اسمها ملك قتلت في غارة على غزة، بينما اكتشفت DW أنها لطفلة في روسيا اسمها صوفيا ومازالت على قيد الحياة.

صورة قديمة لدعم وضع حالي

وانتشرت في تغريدات عديدة صورة لطفلة تبكي وهي تحتضن كتبها من أجل إظهار "مقدار الألم" الذي يعيش فيه سكان قطاع غزة. ورغم ذلك، فإن مصدر الصورة ليس واضحا بشكل تام فيما زعم المصور الفلسطيني فادي عبد الله أنه التقط هذه الصور من شمال قطاع غزة عام 2014.

ومنذ ذلك الحين، اُستخدمت هذه الصورة كأحد أوجه التصعيد عندما يندلع العنف في أي وقت. وفي نفس الوقت، ظهرت وانتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي في سياق الهجمات الإرهابية التي تستهدف أطفال المدارس في العاصمة الأفغانية كابول أو في سياق المعارك في إدلب بسوريا.

وانتشرت في الأيام القليلة الماضية صورة أخرى لتسليط الضوء على الحياة الصعبة التي يعيشها الأطفال في غزة. فعلى سبيل المثال تظهر هذه الصورة طفلا وهو يقف بين الركام وانقاض المباني المدمرة. وتظهر هذه الصورة طفلا فلسطينيا ولم يتم التلاعب بها، بيد أن هذه الصورة تعود إلى التاسع عشر من أكتوبر / تشرين الأول لعام 2014، وفقا لوكالة غيتي للصور (Getty Images).

ووفقا للوكالة، فإن الصورة هي لطفل فلسطيني يسير في حي الشجاعية بمدينة غزة والذي دٌمر خلال التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس واستمر لخمسين يوما عام 2014.

ومنذ ذلك الحين، يتم استغلال هذه الصورة بطريقة خاطئة من قبل بعض وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي على أنها صورة تظهر حجم الدمار الذي تخلفه الغارات التي تقع في سوريا.

صور من صراعات أخرى

وفي خضم التصعيد الدائر بين إسرائيل وغزة، انتشرت صور لا تمت إلى هذا التصعيد بصلة. فخلال قيام DW  بالتحقيق في الصور التي انتشرت في سياق الأزمة الحالية بين غزة وإسرائيل والتي اُستغلت لتسليط الضوء على تداعيات هذا التصعيد، تبين أن بعضها التقط منذ سنوات أو تعود للمعارك في سوريا. وهذه الصور غالبا ما يتم استخدامها كصور مجمعة وبالتالي يصعب معرفة أنه تم التلاعب بها.

ومن بين هذه الصور، تلك التي تظهر صبيا وهو يحمل اخته الصغيرة التي تم انقاذها من تحت الانقاض في أعقاب غارة استهدفت حي مساكن هنانو شرقي حلب بسوريا في الرابع عشر من فبراير / شباط من عام 2014.

وتظهر صورة أخرى طفلا سوريا مصابا ينتظر إسعافه في مستشفى ميداني عقب غارة نفذتها القوات الحكومية في مدينة دوما بريف دمشق. والتقط هذه الصورة عبد دوماني - المصور السوري المستقل والحائز على جوائز في التصوير- في التاسع والعشرين من أكتوبر / تشرين الأول عام 2015.

كذلك اتضح من خلال فحص صور تم تجميعها ونشرها معا، تبين أن إحدى الصور المستخدمة تعود لأب فلسطيني يبكي بجوار جثمان طفله الذي لقي حتفه. ووفقا لوكالة غيتي للصور (Getty Images)  فإن هذه الصورة التقطها محمد عابد في مشرحة مستشفى في شمال قطاع غزة في العاشر من مايو / آيار عام 2021. وأشارت الوكالة إلى أن "تسعة أشخاص قتلوا بالتزامن من شن غارات جوية في قطاع غزة وفقا لما ذكره مسؤولون محليون، لكن لم يتضح بعد إذا كانت الغارات الإسرائيلية هي السبب في مقتلهم".

وبالنظر إلى هذه الصورة أو الصور الاخرى للصراع السوري والتي استخدمت في إطار التصعيد الأخير في غزة، فإن هذا الأمر يدل على حجم الاستغلال المضلل لصور ضحايا صراعات أخرى.

فيديوهات قديمة ومضللة خارج السياق

وقامتDW  بتحقيق وتحليل مقاطع مصورة انتشرت على نطاق كبير تزعم أن مجموعة من الفلسطينيين بينهم أطفال يستخدمون مستخضرات التجميل للإيهام بأنهم تعرضوا لإصابات وجروج جراء الغارات الإسرائيلية وذلك في سياق تقرير صحافي.

وفي هذه الحالة، فإن هذا الفيديو حقيقي لكن تم تقديمه خارج السياق من أجل تأكيد زعم خاطيء. وقد علمت DW   أن الفيديو الذي مدته دقيقتان حقيقي ويعود لعام 2017 إذ كان ضمن عمل يقوم به عدد من فناني التجميل في فلسطين في إطار مشروع لصالح منظمة "أطباء العالم" الفرنسية الخيرية.

ومنذ 2017، يتم نشر هذا الفيديو تحت مزاعم مماثلة غير حقيقة، بل أنه تم استخدامه في إطار حملات تضليل في خضم الحرب الأهلية في سوريا.

تزييف الحقائق ـ كيف يمكن التأكد من صحة الفيديوهات؟

02:19

This browser does not support the video element.

محاولات تزيف صور حقيقة

وعلى غرار هذا الفيديو الخاص بفنانين تجميل، هناك أيضا فيديوهات حقيقة أخرى لم يتم التلاعب بها لكن يتم نشرها باعتبارها ضمن ما يُطلق عليه "باليوود" أو (Pallywood) وهي الكلمة المشتقة من "فلسطين" و "هوليوود" وتعني ما يقوم به فلسطينيون من نشر لصور ومقاطع مصورة يُزعم أنها تظهر الجانب السيء لإسرائيل أو لتكون بمثابة دعاية معادية لها.

ففي هذه التغريدة، يجري الزعم بأن هذه الصورة مفبركة ومن صنع مصور. وقد زعم هذا المستخدم ومن قاموا بتعليق على التغريدة أن السرير ليس مغطى بالغبار أو تم تدميره بشكل الكافي لإثبات أنه ضمن مكونات الصورة الحقيقة. وقد تبين أن هذه الصورة التقطتها المصورة سمر أبو عوف لصالح صحيفة نيويورك تايمز في السادس عشر من مايو/آيار الجاري.

ويمكن استخدام نفس الصيغة في هذه التغريدة من أجل دعم زعم أن هذه الصورة تاتي في سياق الدعاية المعادية لإسرائيل. ويمكن تتبع مصدر الصورة ليتبين أن صحيفة نيويورك تايمز نشرتها في السادس عشر من مايو/آيار الجاري.

وبالمثل، فإن هذه التغريدة تزعم أن هذه الصور تم التلاعب بها، بل إن الأمر يجاوز هذا الحد إلى الزعم وبدون دليل على أن هناك صناعة كاملة تعمل في إطار ما يطلق عليه "باليوود" أو (Pallywood) للتلاعب بصور من أجل نشر دعاية معادية ضد إسرائيل.

مواقع التواصل "أداة دعاية"؟

 واستخدم فلسطينيون وإسرائيليون في قطاع غزة وإسرائيل صور الأطفال في إطار الحرب الدعائية بينهم في السابق، لكن مع الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي، فإن هذه الصور يتم نشرها على نطاق كبير دون التحقق من مصداقيتها ومصدرها وهل تعرضت للتلاعب أم لا. ويقود هذا الأمر إلى سيل كبير من صور تظهر الكراهية والتضليل وفي بعض الأحيان تسهم في تزكية العنف.

فريق الاستقصاء بمؤسسة دويتشه فيله / م ع

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW