1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استمرار الخلاف حول مياه النيل ودول المنبع ترفض ضغوطات مصر

٢٩ يونيو ٢٠١٠

بعد عشر سنوات من المفاوضات والمؤتمرات والاجتماعات الفنية، فشلت دول حوض النيل في التوصل إلى اتفاق فيما بينها حول تقاسم مياه النهر الذي يعتبر عصب الحياة للدول التي يمر عبرها. وأسباب الخلاف عديدة: تاريخية واقتصادية وتنموية.

نهر النيل يهب الحياة للصحراءصورة من: picture-alliance / dpa

أصرت الدول الإفريقية الخمس: إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا التي تعد دول منبع نهر النيل على موقفها وتمسكها باتفاق وقعته الشهر الماضي حول تقاسم مياه نهر النيل، وفي هذا السياق قال وزير الموارد المائية الإثيوبي أصفاو دينجامو "الاتفاق الموقع لا يمكن العودة عنه" وأضاف "لا يمكن أن ندمر ما بنيناه بعناء شديد ومشقة. لن نعود أبداً للمربع الأول في حلقة مفرغة ونرهق أنفسنا دون داع ونرهق الذين معنا ومن يدعموننا ونهدر موارد نادرة".

أما السودان ومصر اللتان تعتبران دول المصب فقد وجهتا انتقادات حادة للاتفاقية ورفضتا التوقيع عليها، في حين تحفظت بوروندي وجمهورية كونغو الديمقراطية على الاتفاقية ولم تفصحا عن موقف واضح فيما إذا كانتا ستنضمان إليها أم لا. وبهذا الخلاف انتهت اجتماعات أديس أبابا التي عقدت يومي السبت والأحد (26-27 تموز- يوليو) وشاركت فيها الدول التسع التي يمر عبرها نهر النيل.

إرث استعماري يحول دون اتفاق دول حوض النيل

مشهد من بحيرة ناصر الاصطناعية خلف السد العالي في مصرصورة من: picture-alliance/ ZB

وقد ظهر الخلاف بين الدول المشاركة في اجتماعات أديس أبابا إلى العلن في المؤتمر الصحفي الذي عقده ممثلوها حيث صرح وزير الري والموارد المائية السوداني كمال علي محمد بأن بلاده ستوقف التعاون مع دول مبادرة حوض النيل لأن الاتفاق فيما بينها يطرح مسائل قانونية، وأضاف "نحن نجمد الأنشطة المتعلقة بمبادرة حوض النيل إلى أن تجد الانعكاسات القانونية حلا".

وخلاف هذه الدول له جذور تاريخية تعود إلى الحقبة الاستعمارية والاتفاقية التي وقعت عام 1929 وتحصل مصر بموجبها على 55,5 مليار متر مكعب سنوياً من المياه، وهي أكبر حصة من المياه المتدفقة في النهر التي تبلغ 84 مليار متراً مكعباً، كما أنها تمنح مصر حق الاعتراض على إقامة سدود وغير ذلك من المشروعات المائية في دول المنبع. وهذا ما ترى فيه دول المنبع غبناً لمصالحها، بينما تقول دول المصب مصر والسودان إنها اتفاقية دولية وتترتب عليها حقوق معينة حسب ما أفاد به الخبير الاقتصادي المصري الدكتور سمير السيد المستشار في هيئة الرقابة في حوار مع دويتشه فيله والذي يضيف بأن هناك مادة في الاتفاقية تنص على أن " دول المنبع إذا أرادت إقامة مشروع ما على نهر النيل يجب أن تخبر دول المصب مسبقاً، بينما تقول تلك الدول لا، إنها ليست ملزمة بإخطار دول المصب" ومن أسباب الخلاف الأخرى حسب رأي د. سمير السيد هو أن دول المصب تعتبر حقوقها مكتسبة "وفق القانون الدولي ولا يجوز المساس بها" ولهذا ترفض دعوة دول المنبع إلى " مفاوضات جديدة حول تقسيم مياه نهر النيل بين دول المنبع ودول المصب".

النيل عصب الحياة

بحيرة فيكتوريا المصدر الرئيسي لنهر النيلصورة من: africa-photo

ونهر النيل الذي يبلغ طوله 6600 كيلومتر من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط مصدر حيوي للمياه والطاقة للدول التسع التي يتدفق فيها وخاصة مصر. وينبع نحو 85% من مياه النيل من إثيوبيا. وتعتمد مصر بالكامل تقريبا على مياه النيل وتراقب عن كثب الأنشطة المتصلة ببناء سدود في شرق أفريقيا خاصة أنها مهددة فعليا من تغير المناخ إذ يقول مراقبون أنها ستواجه أزمات مياه بحلول عام 2017.

وأكد وزير الموارد المائية والري المصري محمد نصر الدين علام تمسك بلاده بحصتها الحالية من مياه نهر النيل بقوله: "اطلب من المصريين أن يتخلوا عن حضارتهم وأن يذهبوا للعيش في الصحراء لأنك تحتاج أن تأخذ هذه المياه وتضيفها إلى دول أخرى! لا، لن يحدث هذا". والتشبث المصري باتفاقية تعود إلى الحقبة الاستعمارية يثير غضب الدول الشريكة في النيل ولاسيما دول المنبع التي تتطلع بشدة للتنمية وتأمل في قطع الصلة بالماضي. وهذا ما يهدد بتفاقم الصراع بين دول حوض النيل على الموارد المائية في هذه المنطقة الجافة.

ولكن حتى إذا وقعت دول المنبع اتفاقاً جديداً متجاهلة دول المصب وخاصة مصر، فإنها ربما لا تملك القدرة المالية الكافية على المدى القريب لبناء سدود ومشاريع أخرى يمكن أن تتيح لها الاستحواذ على المزيد من مياه النيل. ومن غير المرجح أن تقدم الجهات الدولية المانحة والبنوك التمويل اللازم لبناء مشروعات مائية في دول المنبع خشية التورط في خلافات دبلوماسية إقليمية.

لا بديل عن الحوار والاتفاق

شلالات النيل على بحيرة فيكتوريا في اوغنداصورة من: AP

وخاطبت بارباره ميلر المتخصصة البارزة في الموارد المائية في البنك الدولي دول حوض النيل داعية إياها إلى حل خلافاتها بالحوار قائلة: " كان لنا الشرف في دعم جهودكم على مدار 11 عاما ماضية، ونشجع استمرار الحوار والاتصال البناء بين كل الدول. الجميع لديهم مصلحة ومسؤولية لمواصلة التنمية في إطار تعاوني". كذلك يرى الخبير الاقتصادي المصري د. رضوان السيد في حواره مع دويتشه فيله ضرورة التفاوض وبأنه "لابد أن يحدث تقارب وتسوية عميقة، تتناول نقاط الخلاف بشكل واضح وصريح بما يلبي رغبات الجانبين (أي دول المنبع والمصب) والابتعاد عن العنف والمهاترات" وأن تصل هذه الدول إلى اتفاق على أساس "تبادل المصالح الاقتصادية بحيث تؤخذ المسألة في إطار شامل وليس في إطار الصراع بين هذه الدول" ولكن رغم أن الطريق إلى اتفاق لن تكون معبدة وستكون طويلة، فإنه يجب بذل كل الجهود وتسخير كل الطاقات لحل الخلاف سلمياً عبر الحوار لان البديل حسب رأي د. سمير السيد خطير وهناك دول تتحرك في الخفاء ومن مصلحتها ألا يتم التوصل إلى اتفاق بين دول المنبع والمصب.

وهناك محللون يرون بأنه يتعين على مصر التي تسعى لتقديم نفسها كقائد للدول العربية والأفريقية من أجل تعزيز ثقلها على الساحة الدولية، أن تحسن علاقاتها مع دول المنبع التي يمكن أن يكون لها أهمية اقتصادية وتجارية في المستقبل.

الكاتب: عارف جابو

مراجعة: حسن زنيند

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW