استمرار حملات القمع في سوريا وعزلة النظام في ازدياد
٣ مايو ٢٠١١ذكر محتجون سوريون أن الحملات الأمنية مستمرة وبشكل واسع في شتى أنحاء البلاد ما حولها إلى "معتقل كبير" حسب تعبير المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان السورية. وفي حديث لدويتشه فيله، قال الكاتب والصحافي السوري المعارض بكر صدقي إن هناك "اعتقالات في درعا وعموم المناطق السورية، إذ وصل العدد إلى ألف معتقل، بعضهم يتم إطلاق سراحه بعد أيام قليلة وعليهم آثار تعذيب شديد". كما أكد محتجون من داخل سوريا أن قوات الأمن انتشرت اليوم في مناطق بوسط مدينة بانياس الساحلية أيضا حيث تقوم بمداهمات وعمليات اعتقال.
من الإصلاح إلى المطالبة بسقوط النظام
ويبدو أن نظام الأسد مصر على اتباع سياسة العصا الغليظة بعد ستة أسابيع من اندلاع الاحتجاجات التي بدأت بالمطالبة بمزيد من الحريات والإصلاحات الديمقراطية، وتشددت الآن لتطالب بالإطاحة بالنظام. وشكل إرسال الأسد لدبابات الجيش إلى درعا معقل الاحتجاجات مؤشرا على تشدد النظام وربما نقطة اللاعودة بينه وبين المحتجين. وبهذا الصدد أوضح بكر صدقي أن "درعا محاصرة منذ أكثر من عشرة أيام بالدبابات من الفرقة الرابعة للجيش السوري وقوات المخابرات، وهذا ما أدى إلى حدوث عمليات نزوح نحو الأردن بعد إطلاق نار عشوائي على كل ما يتحرك". وأمام التعتيم والحصار المفروضين على درعا طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم السلطات السورية بسرعة رفع القيود أمام الوصول إلى ضحايا العنف في هذه المدينة من أجل تقديم المساعدة لهم.
وفي نفس السياق تظاهر نحو ثلاثة آلاف شخص اليوم في بانياس شمال غرب سوريا. وقال ناشط لوكالة الأنباء الفرنسية إن "المتظاهرين دعوا إلى رفع الحصار عن درعا وبانياس وأطلقوا شعارات تدعو إلى سقوط النظام". ويذكر أن الجيش السوري يحاصر بانياس أيضا منذ أكثر من أسبوع وأقام فيها نقاط مراقبة وفق بعض الناشطين. وتصف السلطات بانياس، التي تقطنها أغلبية من السنة، بمركز لـ "الإرهاب السلفي".
من جهتها أكدت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا في بيان لها أن السلطات السورية قامت خلال اليومين الماضيين بتصعيد وصفته بـ "الجنوني" تقوم خلاله بـ "اعتقال كل من له قدرة على الاحتجاج أو التظاهر في المدن والقرى التي تشهد اعتصامات، كما أن السلطة قد طالت باعتقالاتها التعسفية كتابا ومثقفين ونشطاء معروفين بتوجهاتهم الإصلاحية لتتجاوز قائمة المعتقلين الألف خلال اليومين الآخرين فقط". وهذا ما أكده بدوره بكر صدقي لدويتشه فيله بقوله "أجهزة الأمن السورية التي تبلغ 13 جهازا لا تترك لأي ناشط أو مثقف أن يقول كلمة ضد النظام". وأضاف أن لهذه الأجهزة سطوة شديدة على السكان وتغطي كل المناطق السورية.
تركيا تشدد لهجتها اتجاه الأسد
زادت حدة الضغوط الدولية ضد نظام الأسد، ففي تحول مثير في الموقف التركي قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب "يجب ألا تقوم سوريا بمذبحة أخرى مثل حماة". وهو ما اعتبره المراقبون تصعيدا في ضغوط أنقرة التي تنظر إليها سوريا كحليف استراتيجي في المنطقة. وبهذا الصدد أوضح بكر صدقي، وهو متخصص أيضا في الشؤون التركية، أن "تركيا بدأت تغير موقفها بشكل تدريجي من النظام السوري، ويبدو أن تركيا بدأت تفكر في سوريا ما بعد الأسد". وتجدر الإشارة إلى أن أردوغان سبق له وأن أرسل مبعوثين إلى دمشق كما أجرى مكالمات مع الأسد عدة مرات في سبيل إقناعه بضرورة الاستجابة لمطالب الإصلاح التي رفعها المحتجون.
ويتناغم الموقف التركي مع الموقف الدولي بشكل عام، إذ كان هناك أمل في البداية في أن يسعى النظام السوري إلى إصلاح نفسه من الداخل، إلا أن الأسد اختار على ما يبدو أسلوب القمع ما قد يفقده الشرعية نهائيا. وفي هذا السياق أعلنت كل من باريس وبرلين عن سعيهما لفرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي على زعماء سوريين من بينهم الرئيس السوري. وقال آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي إن فرنسا تسعى لأن يكون الأسد مستهدفا أيضا بالعقوبات. وهو مؤشر على ابتعاد باريس أكثر فأكثر عن نظام بشار الأسد، وهي التي فتحت له أبواب أوروبا وكانت من أولى العواصم الغربية التي عملت على فك العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليه.
تنديد ألماني أمريكي بسلوك النظام السوري
وفي سياق متصل أعلن نائب وزير الخارجية الألماني فيرنر هوير أن الوقت حان للتحرك في الموضوع السوري موضحا أن "التصرفات الوحشية المستمرة للحكومة السورية لا تترك للاتحاد الأوروبي خيارا سوى الضغط بقوة لتطبيق عقوبات موجهة ضد النظام". ويذكر أن الاتحاد الأوروبي وافق الأسبوع الماضي على فرض حظر على بيع السلاح لسوريا إضافة إلى دراسة إجراءات عقابية أخرى.
ومن جهتها أكدت مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في بروكسل، أن على النظام السوري أن يسيطر على أجهزته الأمنية ويعاقب المسؤولين عن أعمال العنف. وقالت إن "الوضع في سوريا يقترب من نقطة اللاعودة".كما نددت واشنطن بـ "التدابير الهمجية" في مدينة درعا. وأدان مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأميركية استخدام الدبابات والقيام "بحملة اعتقالات تعسفية واسعة بحق شبان في درعا" إضافة إلى قطع المياه والكهرباء. ووصف هذه الإجراءات بالعقاب الجماعي للمدنيين الأبرياء.
حسن زنيند
مراجعة: أحمد حسو