استنشاق جزيئات البلاستيك يوميا - ما حجم الخطر الذي لا نراه؟
ندى فاروق
٥ أغسطس ٢٠٢٥
هل تعلم أنك تستنشق أكثر من 70 ألف جزيء بلاستيكي دقيق يوميًا داخل الأماكن المغلقة؟ بعضها صغير جدًا يصل إلى أعماق الرئتين، مما يثير مخاوف صحية متزايدة، والأرقام أكبر من المتوقع.
وجد العلماء أن كمية جزيئات البلاستيك التي نستقبلها عبر التنفس كبيرة جدًاصورة من: Cover-Images/IMAGO
إعلان
يُعد البلاستيك من أبرز المشكلات البيئية في عصرنا، فهو يسبب انسدادًا في كل شيء، من مجاري المياه إلى مجرى الدم. وتدخل جزيئاته الدقيقة أجسامنا، ليس فقط عبر الطعام والشراب، بل أيضًا من خلال الهواء الذي نتنفسه.
وفي دراسة لهم، قام علماء من جامعة تولوز في فرنسا بقياس كمية الغبار البلاستيكي التي نستطيع استنشاقها يوميًا. جمع الباحثون 16 عينة من هواء داخل الشقق والسيارات، ثم حللوها باستخدام تقنية خاصة تُسمى "مطيافية رامان" لمعرفة كمية الجسيمات البلاستيكية الصغيرة في الهواء.
صحتك بين يديك - الحقيقة المخيفة حول البلاستيك وصحتنا
26:04
This browser does not support the video element.
الدراسة تكشف أرقامًا صادمة
ووجد العلماء أن كمية جزيئات البلاستيك التي نستقبلها عبر التنفس كبيرة جدًا. ففي هواء الشقق، يوجد حوالي 528 جزيء بلاستيك لكل متر مكعب، وفي السيارات يرتفع العدد إلى 2238 جزيء. أغلب هذه الجزيئات صغيرة جدًا بحيث يمكنها الوصول إلى أعماق الرئتين.
ويقدر الباحثون أن كل شخص بالغ يستنشق نحو 71 ألف جزيء بلاستيك دقيق يوميًا في هذه الأماكن، وأكثر من 68 ألف منها صغيرة جدًا ، وفقًا لموقع Science Alerts.
ويقول الباحثون إن تركيز جزيئات البلاستيك التي وجدوها أعلى بمئة مرة مما كان يُعتقد سابقًا.
يقضي الناس حوالي 90% من وقتهم داخل أماكن مغلقة مثل المنازل وأماكن العمل والمتاجر ووسائل النقل، وخلال هذا الوقت يستنشقون جزيئات البلاستيك الدقيقة دون أن يشعروا.
حتى الآن، لا يعرف العلماء بالضبط تأثير هذه الجزيئات على أجسامنا، لكنهم يخشون أن تكون مضرة، وربما تسبب أمراضًا مثل بعض أنواع السرطان، و مشاكل في الإنجاب وغيرها.
وفقًا للدراسة التي نُشرت في مجلة PLOS ONE، يستنشق الإنسان يوميًا حوالي 68 ألف جزيء بلاستيكي صغير الحجم (1-10 ميكرومتر)، وهو رقم أعلى بمئة مرة من التقديرات السابقة، مما يشير إلى أن تأثير هذه الجزيئات على الصحة قد يكون أكبر مما كنا نعتقد.
التلوث البلاستيكي ـ خطر على الإنسان والبيئة والكائنات الحية
أطفال يلعبون على النفايات البلاستيكية، والأنهار تحمل النفايات إلى البحر، والحيوانات تبتلعها - البلاستيك في كل مكان. يتزايد الإنتاج بسرعة ومعها المخاطر التي يتعرض لها الناس والبيئة.
صورة من: Channi Anand/AP Photo/picture alliance
منظر طبيعي خلاب مليء بالقمامة
البلاستيك وهو مادة متعددة الاستخدامات بشكل مذهل، لا غنى عنه في البناء والتعبئة والتغليف. ولكنه أيضاً آفة عالمية. إذ تطفو أطنان من النفايات، بما في ذلك الزجاجات البلاستيكية والإطارات المستعملة ومختلف المواد غير العضوية، على نهر درينا وتشكل مكب نفايات عائم في فيشيغراد البوسنة والهرسك.
صورة من: Armin Durgut/AP Photo/picture alliance
هل اللعب ممنوع؟ للأسف لا
على أحد الشواطئ في الفلبين، يقفز الأطفال حفاة الأقدام فوق القمامة البلاستيكية - بقايا الأعاصير السابقة. وقد انتقلت هذه القمامة التي كانت تُرمى بلا مبالاة، عبر الأنهار قبل أن ينتهي بها المطاف في البحر، وأخيراً تغتسل على الشاطئ. ولكن ليست المياه وحدها هي التي تبتلع هذه المخلفات - فالحيوانات أيضًا.
صورة من: Aaron Favila/AP Photo/picture alliance
كيس بلاستيكي أقل
نينا غوميس تصطاد كيسًا بلاستيكيًا مهملًا من البحر بالقرب من شاطئ كوباكابانا الشهير في ريو دي جانيرو، البرازيل. وتنتج البلاد كل عام ما يقدر بنحو 11.3 مليون طن من النفايات البلاستيكية سنوياً، ولا يعاد تدوير سوى 1.2 في المائة منها. وتشكّل النفايات البلاستيكية التي ينتهي بها المطاف في المحيطات وتعرّض البيئة البحرية للخطر مشكلة كبيرة.
صورة من: Bruna Prado/AP Photo/picture alliance
حاجز زائد
في بلدة ألكسندرا في جنوب أفريقيا، تشكل شبكة حاجزًا بلاستيكيًا في نهر جوكسكي. يعمل ثلاثة متطوعين على إزالة القمامة المتراكمة بعناية من الشبكة. مثل هذه التدابير تخفف من الأعراض وليس الأسباب. لا تزال القمامة تشكل تحديًا - ليس هنا فقط، بل في إندونيسيا والهند والعالم أجمع.
صورة من: Jerome Delay/AP Photo/picture alliance
في قديم الزمان كان يوجد شاطئ رملي هنا
أشخاص يمشون بجوار النفايات البلاستيكية التي تغطي الرمال في شاطئ بادهوار بارك على ساحل بحر العرب في مومباي، الهند. تعد الهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة، واحدة من أكبر مستهلكي البلاستيك في العالم. وحسب التقديرات، تنتج البلاد حوالي 3.5 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، ولا يعاد تدوير سوى نسبة صغيرة منها.
صورة من: Rajanish Kakade/AP Photo/picture alliance
بُنيت على القمامة الأحياء الفقيرة في نيودلهي
في إحدى مدن الصفيح في العاصمة الهندية نيودلهي، حيث تتناثر النفايات البلاستيكية في كل شبر من المشهد، تنتظر أكياس القمامة أن يتم فرزها من قبل جامعي القمامة على أمل بيعها.
صورة من: Manish Swarup/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
"أوقفوا التلوث البلاستيكي!" مكتوب على ملصقات نشطاء البيئة في سيول. إنهم يحتجون على فشل المفاوضات بشأن اتفاقية عالمية للأمم المتحدة ضد النفايات البلاستيكية في كوريا الجنوبية في بداية ديسمبر. وكانت بعض الدول المنتجة للنفط قد رفضت القيود والأهداف الخاصة بزيادة إنتاج البلاستيك. ومن المقرر أن تستمر المفاوضات العام المقبل.
صورة من: Jung Yeon-je/AFP
فوضى في جاكرتا
في جاكرتا تتراكم جبال من النفايات البلاستيكية على جوانب الطرق وتعيق حركة المرور. تنتج إندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من أحد عشر مليون نسمة في عاصمتها وحدها، حوالي 6.8 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، ولا يتم التخلص من نسبة كبيرة منها بشكل صحيح. وينتهي المطاف بحوالي 620,000 طن منها في المحيطات.
صورة من: Dita Alangkara/AP Photo/picture alliance
الأمل والحاجة إلى العمل
كاهن يجلس بين القمامة التي خلفها المصلون خلال مهرجان "كوس أونسي" في معبد غوكارنيشور في كاتماندو، نيبال. هناك شيء واحد واضح: أزمة البلاستيك تتطلب قرارات سياسية جريئة وإعادة تفكير عالمية. فبدون اتخاذ إجراءات سيستمر البلاستيك في تلويث الأنهار والمحيطات وتهديد الحياة ومنع تحقيق مستقبل مستدام.
صورة من: Niranjan Shrestha/AP Photo/picture alliance