اسرائيل بدون حليف في مواجهة القوة الجديدة لأعدائها!
٩ سبتمبر ٢٠١٧
الحرب الدائرة في سوريا أكسبت إيران وحزب الله قوة ونفوذا كبيرين في المنطقة، وهو ما يدفع إسرائيل إلى الرد علىه بهجمات جوية. ولكن هذا لن يوقف التغيرات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة.
إعلان
" سوريا عائدة، هذا أمر واضح". والأسد سيخرج من الحرب الدائرة منذ نحو سبع سنوات منتصرا، وهذا قد يحدث في المستقبل القريب. كل الافتراضات، التي تحدثت عن الإطاحة به وبالدولة السورية بأكملها، ثبت أنها خاطئة. ستستمر سوريا في الوجود كدولة، ولو بشكل مختلف عن الآن: "قد تتحول سوريا قريباً إلى محمية لإيران".
هذا السيناريو حول مستقبل سوريا يمثل وجهة نظر مستشار أمني إسرائيلي، رفض الكشف عن هويته لموقع "المونيتور" الأمريكي. وبهذا تكون البلاد قد تغيرت تغيراً جوهرياً في ظل الحرب الأهلية. في النهاية، سيكون هناك شيء جديد تماما، وتحديدا "سوريا مرتبطة بالعراق وايران - وكلاهما لهما علاقة مع لبنان وزعيم حزب الله حسن نصر الله". وسيكون لهذا التطور عواقب كبيرة بالنسبة لإسرائيل فـ "سوريا الجديدة ستكون أخطر بكثير من القديمة".
وظهر مدى الإسرائيلي فيما يتعلق بوضع القوى العسكرية في البلد المجاور، خلال قصف الطائرات الإسرائيلية الأخير لموقع يعتقد أنه مصنع للأسلحة الكيماوية قرب بلدة مصياف في محافظة حماة.
مؤخراً أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن ما لا يقل عن 100 هجوم في الأعوام الخمسة الماضية على معسكرات أو قوافل تنقل أسلحة، كانت موجهة إلى حزب الله الشيعي. غير أن الهجوم الأخير يختلف عن الهجمات السابقة، حسب ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد ياكوف أدميرور، الذي قال عن الهجوم الأخير "إنه مستوى آخر للهجمات". فللمرة الأولى لم تهاجم إسرائيل معسكرا فقط، وإنما هاجمت مؤسسة سورية رسمية، كانت تُستخدم لإنتاج أسلحة كيميائية وصواريخ وقذائف.
ووقع الهجوم بعد أيام من زيارة لزعيم حزب الله، حسن نصر الله، لدمشق. ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن قوات الأمن الاسرائيلية لا تستبعد أن المجمع العسكري كان سيسلم بأكمله لحزب الله. كما أوضح الهجوم الأخير مدى خطورة إمكانية تسليم المجمع العسكري لحزب الله، بالنسبة لإسرائيل. لذلك قصفت طائراتها المجمع بالرغم من وجوده بالقرب قاعدة جوية للقوات. وقد استعد الجيش نفسه لرد فعل شفهي قاس من دمشق. فبعد الهجوم حذر الجيش السوري من "الآثار الخطيرة لهذا العمل العدواني على أمن واستقرار المنطقة".
رد الفعل على معطيات دبلوماسية جديدة
إن المخاطر التي أخذتها إسرائيل في الحسبان بعد الهجوم، تشير إلى التغير الكبير في الوضع الأمني بالنسبة إليها. وذلك ليس بسبب تقدم مقاتلي حزب الله إلى هضبة الجولان، بل وفي بعض الحالات حتى إلى الأراضي الإسرائيلية، وهذا يهدد الوضع السياسي أيضا.
ووفقا لتحليل نشر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن روسيا تسعى قبل كل شيء إلى تحقيق وقف إطلاق النار وبسرعة في كل أنحاء سوريا. غير أن هذا المسعى يؤدي إلى أفعال متضاربة: فمن جهة تظهر روسيا على أنها ضد تصنيف حزب الله كـ"منظمة إرهابية" في مجلس الأمن، وفي الوقت ذاته لم تقلقها الهجمات التي شنتها إسرائيل على الميليشيات اللبنانية. وسبب ذلك هو أن روسيا تريد التركيز بشكل كامل على التزامها تجاه سوريا، ولا تريد توترا إضافيا مع إسرائيل!
وفي نفس الوقت يعتمد الروس في سوريا على إيران، التي بدونها يصعب التوصل إلى هدنة. ولهذا تحقق روسيا مطالب إيران أيضا، ولاسيما رغبتها في المحافظة على وجود دائم لها في سوريا.
كما أن سوريا تحولت إلى ساحة لإظهار روسيا رد فعلها على علاقاتها المضطربة حالياً مع الولايات المتحدة، ولتأكيد نفوذها في المنطقة، تحبط موسكو جميع مبادرات واشنطن السياسية والدبلوماسية.
إسرائيل من دون حلفائها التقليديين
ولكن هذا يعني أيضاً أن أمريكا لن تعود وسيطا لإسرائيل، حسب ما جاء في صحيفة "هآرتس"، إذ "للمرة الأولى يضع رئيس أمريكي إسرائيل في وضع يدفعها لتقسيم خططها الاستراتيجية بين قوتين متنافستين"، وفي هذه التركيبة تصبح إسرائيل لاعبا ثانويا في لعبة معقدة، "تحاول فيها روسيا تدمير صورة أمريكا، ولهذا السبب من المحتمل أن تتعامل بشكل قاس مع المصالح الاسرائيلية".
ومن هنا، فإنه ليس لدى إسرائيل في الوقت الحالي أي حليف يعتمد عليه وذي نفوذ قوي كما كانت الولايات المتحدة دائما، وعلاوة على ذلك فإنها وحيدة الآن! ومادام أحد من القوى العظمى لا يوقف إيران، فإن إسرائيل تخشى أنها لا تستطيع فعل شيء أكثر من إبطاء تطور لا يمكن إيقافه، وهو "عسكرة سوريا من قبل إيران". يبدو وكأن هذا ليس كافيا، فإن حزب الله أيضا يقف إلى جانبها.
كرستن كنيب/ إ. م
صروح أثرية في مواجهة الحروب والتشدد الديني
بعد سيطرة حركات متشددة على مدن أثرية، كما حصل في العراق وسوريا، حذرت منظمات دولية من ضياع كنوز أثرية وإسلامية، تدمرها الحروب وتعمل معاولها فيها، أفكار متشددة تعتبر أن وجود آثار حضارات مضت يشكل "تهديداً للإسلام" نفسه.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
أعلنت القوات العراقية أن تنظيم "داعش" السني المتطرف فجر منارة الحدباء التاريخية وجامع النوري الكبير الذي شُيد عام 1172 وشهد الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في المدينة القديمة بغرب الموصل. تفجير المسجد الذي يحمل قيمة رمزية كبيرة للتنظيم، اُعتبر بمثابة إقرار بـ"هزيمة" التنظيم.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Al-Rubaye
اثأر سقوط مدينة تدمر الأثرية تحت سيطرة تنظيم "داعش" مخاوف من أن تلقى مدينة التاريخ هذه مصير كثير من المواقع الأثرية في سوريا، والتي انتهت إلى التدمير والحرق والنهب خلال المعارك بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام. بعد سيطرة "داعش" قال الأزهر في بيان له أن الدفاع عن تدمر هو "معركة الإنسانية بأكملها".
صورة من: picture-alliance/CPA Media/Pictures From History/D. Henley
جراء الحرب الأهلية في سوريا دمرت مواقع أثرية يرجع تاريخ بعضها لأكثر من 5000 عام، فقد أحرقت نيران هذه الحرب سوق حلب القديم، الذي يمثل أحد أقدم الأسواق في العالم، ولم تسلم قلعة الحصن بحمص من تدمير هذه الجماعات بعد أن استخدمها تنظيم "داعش" كمخبأ للقناصة.
صورة من: Reuters
بلدة معلولة، التي تستمد شهرتها من الأديرة التاريخية، وقعت هي الأخرى ضحية حركة "النصرة" المتشددة عام 2013، ونهب مسلحو التنظيم صلبانا وأيقونات أثرية وباب دير سركيس. وخلال سيطرتهم على البلدة هرب أغلب سكانها المسيحيين.
صورة من: picture-alliance/akg-images/Hedda Eid
تتعاظم هذه المخاوف بعد أن دمر تنظيم "داعش" مدينة الحضر الأثرية في العراق بعد ان سيطر عليها، كما دمر مقاتلوه مدينة نمرود جوهرة الإمبراطورية الأشورية التي تأسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، إضافة إلى تدميرهم لكثير من الآثار التي تعود للحقبة الآشورية والمعروضة في متحف مدينة الموصل التي يحتلها التنظيم منذ عام .
صورة من: picture-alliance/dpa/Quelle: Islamischer Staat/Internet
لكن تقرير للأمم المتحدة كشف أن التنظيم لم يدمر جميع التماثيل الآشورية، التي يصفها متطرفو التنظيم بـ"الأصنام"، بل قام ببيع القطع الأثرية الأهم في السوق السوداء لدعم تمويل عملياته المسلحة في العراق وسوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Quelle: Islamischer Staat/Internet
كان تدمير مدينة الحضر في اطراف الموصل بأعمدتها الشهيرة خسارة كبيرة للتراث الإنساني. نشأت مملكة الحضر في القرن الثاني الميلادي ودامت حوالي مئة عام. واشتهرت بهندستها المعمارية وفنونها وصناعتها، وتنتشر فيها الكثير من النقوش المنحوتة والتماثيل.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Tips Images
عمليات تدمير المواقع الأثرية المدرجة على لائحة التراث الإنساني لمنظمة اليونسكو، لم تقتصر على آثار آشور، وإنما شملت أيضاً مراقد إسلامية مقدسة، كمقام النبي يونس في الموصل، الذي نسفه تنظيم "داعش" لـ"إبعاد الشرك عن الإسلام"، كما تنص رؤية التنظيم الدينية المتشددة.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA
طالما وصفت ليبيا بأنها "خزانة التاريخ" لما تحتويه من مدن أثرية لا تزال شبه كاملة من الحضارتين الإغريقية والرومانية. بعد الحرب الأهلية التي أعقبت سقوط نظام معمر القذافي، قام المتشددون بجرف عدد من الأضرحة أو نبشها في مختلف أنحاء البلاد، انطلاقا من اعتقادهم بأن وجودها "يخالف تعاليم الإسلام".
صورة من: REUTERS
وفي مكان غير بعيد عن ليبيا، وقعت أضرحة الأولياء في مالي وما تحتويه من مخطوطات أثرية هامة ضحية للرؤية الدينية الضيقة، فقد قامت جماعات متشددة على الطريقة الوهابية بتدمير هذه الأضرحة معتبرة أن تكريم الأولياء من "عبادة الأوثان".
صورة من: picture-alliance/abaca
خلال حكم الإخوان المسلمين لمصر تسربت أنباء عن تقديم بعض قيادي التنظيم مقترحاً لبيع الآثار الفرعونية، كما دعت أصوات متشددة أخرى خلال تلك الفترة أيضاً إلى هدم الأهرامات وأبو الهول ونزلة السمان على اعتبار أنها "أصنام".
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Scholz
وفي الآونة الأخيرة بدأ تنظيم "داعش" يعمل بشكل ممنهج على التنقيب عن الآثار في مصر للبحث عن مصدر جديد لتمويل عملياته، وذلك عن طريق تهريب وبيع الآثار التي يعثرون عليها .
صورة من: picture-alliance/dpa
مطلع عام 2014، لحق بمتحف الفن الإسلامي في القاهرة تدمير شامل إثر انفجار قنبلة في مبنى مديرية أمن القاهرة التي تقع أمام المتحف مباشرة. دمر التفجير كثير من الآثار المرتبطة بتاريخ الإسلام نفسه، وقالت الجهات الأمنية إن جماعة الإخوان المسلمين كانت وراء الاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa
قبل سيطرة تنظيمات متشدد أفرزتها ثورات "الربيع العربي" وقادت إلى تدمير صروح أثرية، كانت حركة طالبان الأفغانية قد سبقت كل هؤلاء مطلع 2001 بتفجيرها لتمثالي بوذا في باميان. وتوافد مئات من عناصر الحركة من ارجاء افغانستان وعملوا طيلة 25 يوما على تدمير التمثالين بالقذائف والمتفجرات، انطلاقاً من الأفكار الوهابية التي يعتنقها مقاتلو الحركة.
صورة من: Getty Images
الأفكار الوهابية قادت هي الأخرى إلى تدمير آثار إسلامية في بلد بعيد عن "الربيع العربي، فقد دقت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية ناقوس الخطر بشأن هدم المواقع الأثرية في السعودية بحجة توسيع الحرمين الشريفين. كما أكد مفتي البلاد أن ما هدم من آثار في الحرمين الشريفين "لا مانع منه، بل إنه من الضرورة"، مشيراً إلى أن توسعة الحرمين تقتضي ذلك.
صورة من: picture-alliance/dpa/Saudi Press Agency/Ho