اشتباكات "دينية" - قتلى بعد هدم مدرسة إسلامية في الهند
٩ فبراير ٢٠٢٤
منذ تولى مودي السلطة في الهند يتحرّك القوميون الهندوس بشكل متزايد ضد المنشآت الدينية الإسلامية. وهدمت السلطات بولاية أوتاراخند مدرسة إسلامية ومصلى بذريعة إنشائهما بدون ترخيص، فوقعت اشتباكات أدت لمقتل وجرح العشرات.
إعلان
في احتجاجات شابها العنف في مدينة هالدواني بشمال الهند في أعقاب حملة هدم للمباني أطلقتها الحكومة ضد ما تصفه بالتعديات غير القانونية، قتل خمسة أشخاص وأصيب عشرات بجروح في مواجهات اندلعت بعد هدم مدرسة إسلامية ومصلى، وفق ما أفاد مسؤولون الجمعة (9 فبراير/ شباط 2024)، في أحدث حلقة ضمن سلسلة خطوات مشابهة استهدفت منشآت إسلامية.
وتصاعدت الدعوات في الهند لترسيخ تفوّق الهندوسية في القوانين منذ تولى رئيس الوزراء ناريندرا مودي السلطة عام 2014، ما فاقم قلق الأقلية المسلمة البالغ عدد أفرادها حوالى 210 ملايين حيال مستقبلها.
السلطات تهدم المدرسة والمصلى
واندلع العنف أمس الخميس عندما تحرك مسؤولو ولاية أوتاراخند الشمالية لهدم عقار، قال مسؤول إنه ليس مسجلا كمدرسة إسلامية ولا كمسجد؛ رغم أن بعض السكان المحليين يعتبرونه مكانا للعبادة. وقامت السلطات في الولاية بهدم المبنيين الخميس بذريعة إنشائهما من دون ترخيص. وأشارت الشرطة إلى أن محتجين مسلمين ألقوا الحجارة باتجاه عناصرها، ما دفع هؤلاء إلى الرد بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
وكان براهلاد نارايان مينا وهو مسؤول كبير في الشرطة قد صرح: "أصيب أكثر من 80 شخصا بجروح نتيجة إلقاء الحجارة بينهم بعض أفراد الشرطة وصحفيون".
وقالت المسؤولة المحلية فاندانا سينغ لفرانس برس إن خمسة أشخاص قتلوا في المواجهات في مقاطعة هالدواني. وأفادت سينغ الصحافيين في وقت سابق إن العشرات غيرهم يخضعون للعلاج.
وأظهرت تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي السكان الهندوس يهتفون بشعارات مناهضة للمسلمين ويلقون الحجارة على الحشد.
كما تم نشر عناصر أمن في المنطقة قدموا من أجزاء أخرى من الولاية للسيطرة على الاضطرابات، وفق ما أفاد مسؤولون.
فيما حذر بوشكار سينغ دامي رئيس وزراء ولاية أوتاراخند من أن الحكومة ستتخذ "إجراءات صارمة ضد مثيري الشغب والأوغاد". وأضاف في بيان: "تم توجيه تعليمات واضحة للشرطة للتعامل بحزم مع العناصر المشاغبة من خلال تحديد هوية كل شخص شارك في إشعال الحرائق وقذف الحجارة... ولن يتم التهاون مع أي مجرم يتسبب في زعزعة الاستقرار والسلام".
وتم فرض حظر تجول في هالدواني لليوم الثاني.
في الهند..عبادة صديقة للبيئة
تستخدم الأزهار في الهند بصورة كبيرة في الطقوس الدينية، لكن بعد انتهاء المراسيم الدينية ترمى الأزهار في الأنهار لتصبح مضرة للبيئة. حماة البيئة وجدوا طرق جديدة لاستعمال الأزهار التالفة، القصة في هذه الجولة المصورة.
صورة من: DW
معبد بيرلا ماندير للهندوس في نيودلهي تفوح منه رائحة العطور والبخور والورود كغيره من معابد الهند، إذ تستعمل الأزهار والبخور بصورة كبيرة في الطقوس الدينية.
صورة من: picture alliance/DINODIA
يقدم عادة الزوار أزهارا قربانا في المعابد الهندوسية. تقديم الأزهار في المعابد لا يقتصر فقط على الهندوس في الهند، وإنما يقوم بذلك أيضا أتباع الأديان الأخرى في معابدهم، كالسيخ والمسلمين.
صورة من: DW/A. Ashraf
بعد انتهاء المراسم الدينية يقوم البعض بجلب الأزهار معهم وتزيين منازلهم بها، فيما ترمى البقية في مياه الأنهار مخلفة ضررا بيئيا كبيرا فيها.
صورة من: DW/A. Ashraf
في نيودلهي وحدها يوجد أكثر من 23 ألف معبد. ويباع يوميا أكثر من 20 ألف كيلو من الأزهار للطقوس الدينية، ما جعل من تجارة الأزهار في المدينة مربحة جدا.
صورة من: DW/A. Ashraf
الأنهار مقدسة حسب الديانة الهندوسية، لكنها وبسبب التلوث البيئي الكبير وبسبب الأزهار التي ترمى فيها أصبحت مركزا كبيرا للنفايات. الحكومة الهندية أنفقت أكثر من 20 مليار يورو في السنوات الخمس الماضية من اجل تنظيف مياه الأنهار في الهند.
صورة من: picture alliance / dpa
حماة البيئة أطلقوا حملة كبيرة في الهند من أجل إعادة استخدام الأزهار وجعل العبادة في البلد صديقة للبيئة.
صورة من: DW/A. Ashraf
نجح مهندسو بيئة هنود بصنع ماكينة تقوم باستخراج الدهون والعطور من الأزهار الذابلة والمستخدمة. هذه الماكينة الفريدة باهظة الثمن ويصل سعرها إلى أكثر من 10 آلاف يورو.
صورة من: DW/A. Ashraf
منظمات غير حكومية هندية مهتمة بحماية البيئة دعمت مشاريع تطوير ماكينات إعادة استعمال الأزهار وقدموا مشاريع كثيرة للتوعية البيئية في مختلف أنحاء البلد.
صورة من: DW/A. Ashraf
في بعض المعابد الهندية تقدم في أبواب المعبد مقترحات لمرتادي المعبد توضح لهم كيفية استخدام الأزهار التالفة في استخدامات لا تضر البيئة.
صورة من: DW
9 صورة1 | 9
"ليست حملة هدم جماعية"
وقال فاندانا قاضي منطقة ناينيتال حيث تقع هالدواني في مؤتمر صحفي إن حملة الهدم وما يعقبها "ليست جماعية ولا ينبغي النظر إليها على هذا النحو". وأضاف المسؤول أن الاحتجاجات لها علاقة بسعي الحكومة لهدم "عقار لم يسجل كموقع ديني ولم يتم الاعتراف به تحت أي مسمى. ويعده البعض مدرسة إسلامية".
وقال سوميت هريديش النائب عن حزب المؤتمر المعارض الذي يمثل هالدواني إن أعمال العنف كانت بسبب "الإجراءات المتسرعة" التي اتخذتها الإدارة. وأضاف أنه كان يجب استشارة السكان المحليين في المنطقة، بما في ذلك رجال الدين المسلمون، قبل بدء الحملة.
وقطعت السلطات المحلية في هالداواني خدمات الانترنت وأغلقت المدارس، فيما فرضت حظر تجول ومنعت التجمعات الكبيرة. تغيير قوانين وهدم مساجد
وتأتي أعمال العنف الخميس في فترة تعد غاية في الحساسية مع تكثيف الناشطين القوميين حملة مستمرة منذ مدة طويلة لاستبدال عدد من المساجد البارزة بمعابد هندوسية. ودشّن مودي الشهر الماضي معبدا للهندوس في إيوديا، شُيّد على موقع أقيم فيه طوال قرون مسجد هدمه متشددون هندوس.
وتأتي المواجهات الأخيرة أيضا بعدما أقر المجلس التشريعي في أوتاراخند قانونا عاما للأحوال المدنية ليحل مكان القوانين الدينية القائمة المرتبطة بالزواج والطلاق والميراث. وعارض مسلمون في أنحاء الهند القانون الجديد على اعتبار أنه ينتهك حرياتهم الدينية.
واتّهمت مجموعات حقوقية أيضا السلطات في عدة ولايات هندية يحكمها حزب مودي "بهاراتيا جاناتا" بتنفيذ أعمال هدم تستهدف منازل وأعمال تجارية وأماكن عبادة تابعة للمسلمين تحديدا.
والشهر الماضي، تم هدم مسجد شُيّد قبل قرون في العاصمة نيودلهي حيث أشارت السلطات إلى أنه بُني بشكل غير قانوني في محمية طبيعية.
وفي العاصمة التجارية بومباي، هدمت السلطات واجهات عدة متاجر تابعة لمسلمين بعد أيام على اندلاع مواجهات صغيرة على خلفية دينية عشية تدشين معبد إيوديا.
ص.ش/ف.ي (أ ف ب، رويترز)
إرث غاندي وجناح ـ سبعة عقود من الصراع بين الهند وباكستان
في الخامس عشر من آب/ أغسطس عام 1947 انقسمت "الهند البريطانية" إلى دولتين :الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة. ويستمر العداء بين الدولتين لحد اليوم على الرغم من بعض الجهود لتحسين العلاقات الثنائية.
صورة من: AP
ولادة دولتين
في عام 1947، تم تقسيم "الهند البريطانية" إلى دولتين- الهند وباكستان. وكان مؤسس باكستان محمد علي جناح وحزب الرابطة الإسلامية في الهند قد طالبا باستقلال ذاتي للمناطق ذات الأغلبية المسلمة في الهند غير المقسمة، وفي وقت لاحق بدولة منفصلة للمسلمين. اعتقد جناح أن الهندوس والمسلمين لا يمكنهما الاستمرار في العيش معاً، لأنهما كانا يمثلان "أمتان" مختلفتان تماماً.
صورة من: picture alliance/dpa/United Archives/WHA
شلال الدم
وكان للتقسيم تبعات وخيمة، إذ بدأت عقب ولادة الهند وباكستان، أعمال شغب جماعية عنيفة في العديد من المناطق الغربية، معظمها في منطقة البنجاب، الواقعة بين الهند وباكستان. ويقول المؤرخون إن أكثر من مليون شخص لقوا حتفهم في الاشتباكات، كما هاجر الملايين من الأراضي الهندية إلى باكستان ومن الجانب الباكستاني إلى الهند.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Images
حرب 1948
وقد اشتبكت الهند وباكستان حول كشمير بعد استقلالهما. وكان زعيم هندوسي يحكم منطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، لكن جناح، مؤسس باكستان، أرادها أن تكون جزءاً من الأراضي الباكستانية. قاتلت القوات الهندية والباكستانية في كشمير في عام 1948، مع سيطرة الهند على معظم أجزاء الوادي، في حين احتلت باكستان منطقة أصغر. وتواصل الهند وباكستان الاشتباك حول كشمير.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
العلاقة بين الولايات المتحد وكندا نموجاً
ويقول بعض المؤرخين أن جناح والمهاتما غاندي أرادا إقامة علاقات ودية بين الدول المستقلة حديثاً. فعلى سبيل المثال، اعتقد جناح أن العلاقات بين الهند وباكستان يجب أن تكون مشابهة لتلك التي تربط بين الولايات المتحدة وكندا. ولكن بعد وفاته في عام 1948، تصادم خلفائه مع نيودلهي.
صورة من: AP
روايات مختلفة
إلا أن الحكومتان الهندية والباكستانية تقدمان روايات مختلفة جداً عن التقسيم. فبينما تؤكد الهند على حركة المؤتمر الوطني الهندي ضد الحكام البريطانيين - مع غاندي كمهندس رئيسي لها - تركز الكتب المدرسية الباكستانية على "صراع" ضد كل من القمع البريطاني والهندوسي. والدعاية الحكومية في كلا البلدين ترسم بعضها البعض كـ "عدو" لا يمكن الوثوق به.
صورة من: picture alliance/dpa/AP Photo/M. Desfor
توتر العلاقات
وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين الهند وباكستان متوترة طيلة العقود السبعة الماضية. وقد ساهمت قضية الارهاب الإسلاموي في توتر العلاقات بين البلدين في السنوات القليلة الماضية واتهمت نيودلهي اسلام اباد بدعم الجهاديين الاسلاميين بشن حرب في كشمير، التي تسيطر عليها الهند، كما تتهم الهند الجماعات التي تتخذ من باكستان مقراً لها بشن هجمات ارهابية على الأراضي الهندية. من جهتها تنفي اسلام اباد هذه الاتهامات.
صورة من: Picture alliance/AP Photo/D. Yasin
المضي قدماً نحو تحسين العلاقات
ويحث كثير من الشباب في كل من الهند وباكستان حكومات بلديهم على تحسين العلاقات الثنائية. ويرى المخرج الوثائقي وجاهات مالك، الذي يتخذ من إسلام آباد مقراً له، أن أفضل طريقة لتطوير العلاقات بين البلدين هي من خلال المزيد من التفاعل بين شعوبهما. وقال مالك لـDW: "التجارة والسياحة هما الطريق نحو تحسن العلاقات بالنسبة لنا. فعندما يجتمع المواطنون معا، ستحذو الدول حذوهم". الكاتب: جانينا سيمينوفا/ إيمان ملوك