اعتداء الغردقة.. مخاوف من انتكاسة القطاع السياحي بمصر
١٦ يوليو ٢٠١٧بعد يومين من الاعتداء الإرهابي على سياح في منتجع سياحي بمدينة الغردقة، تكثف السلطات المصرية تحقيقاتها مع المتهم بمقتل سائحتين ألمانيتين طعنا بالسكين وإصابة أربع أخريات من أوروبا الشرقية. كما تشن قوات الأمن والجيش حملة واسعة في مناطق مختلفة من البلاد ضد مواقع لعناصر مشتبه في انتمائها لتنظيمات إسلامية متشددة، بدءا من الحدود الغربية مع ليبيا والسودان ووصولا إلى سيناء شمالا، بالإضافة إلى حملة السلطات في كبريات المدن المصرية.
وتسابق القاهرة الزمن من أجل إنقاذ الموسم السياحي، بعد حادث الاعتداء الإرهابي، الذي أثار صدمة وقلقا كبيرا في عواصم أوروبية وخصوصا برلين.
فقد عبر مسؤولون ألمان أمس السبت عن "غضبهم واستيائهم" بعد حادث الطعن الذي أسفر عن مقتل سائحتين ألمانيتين في مدينة الغردقة" المطلة على البحر الأحمر بمصر ووصفوه بالهجوم المتعمد على سائحين أجانب. وفور وقوع الاعتداء سارع وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل إلى إدانة الإعتداء، ونقلت وزارة الخارجية الألمانية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" السبت عن غابرييل قوله: "أنا مصدوم للغاية من هذه الجريمة الجبانة... مواساتي الحارة لأسرتي القتيلتين".
صدمة إثر هجوم الغردقة
ونفذ حادث الاعتداء رجل مسلح بسكين ضد أربعة من الضحايا على شاطئ فندق ذهبية في الغردقة ثم سبح إلى شاطئ مجاور حيث هاجم شخصين على الأقل في منتجع "صني ديز البلاسيو" قبل أن يلقي أفراد الأمن القبض عليه. وينتمي الضحايا إلى ألمانيا والتشيك وأرمينيا وربما روسيا أيضا، وهي بمجملها بلدان تشكل حجر زاوية في استراتيجية مصر لاستعادة عافية قطاعها السياحي.
وليس حادث الغردقة الأول من نوعه هذا الموسم بل سبقته إعتداءات إرهابية أخرى، منها هجوم وقع قبل ساعات فقط وأدى إلى مقتل خمسة رجال شرطة بالرصاص في محافظة الجيزة المجاورة للقاهرة، كما تعرضت مدن سياحية في صعيد مصر جنوبا ومناطق ساحلية شمال البلاد إلى هجمات من متطرفين إسلاميين، لكن الاعتداء الأخير قد يشكل ضربة موجعة للقطاع السياحي الذي تفيد مؤشرات ببداية تعافيه.
إذ كانت مصر تأمل في أن تؤدي استثمارات في تعزيز أمن المطارات وانخفاض قيمة العملة المحلية إلى جذب سائحين لزيارة شواطئها ومناطقها الأثرية لتعود السياحة لمعدلات ما قبل 2011. وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد السياح الوافدين إلى مصر زاد بنحو 49 بالمائة في مارس/آذار بالقياس إلى الشهر نفسه من العام الماضي.
وقبل ثلاثة أيام فقط من اعتداء الغردقة، قال مودي الشاعر المستثمر السياحي والوكيل المصري لشركة توماس كوك العالمية أن حركة السياحة الوافدة من الدول الأوروبية إلى مدينة الغردقة بالبحر الأحمر، تشهد زيادة بمعدل 60 في المائة خلال فترة الصيف الحالي، مقارنة بنفس الفترة من عام 2016، التي تعد أسوأ فترة مرت على السياحة المصرية.
وفي تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" المصرية توقع الشاعر أن تتمكن مصر من مضاعفة الحركة السياحية الوافدة من أوروبا وخصوصا من ألمانيا، إذا ما تم تحسين الخدمات وخصوصا بالمطارات مشيرا بالخصوص إلى مدينة الغردقة. وبحسب رابطة السياحة الألمانية فقد بلغ عدد السياح الألمان لمصر خلال الربع الأول من العام الجاري، نحو 227 ألف سائح بزيادة قدرها 35% عن نفس الفترة من العام الماضي.
مخاوف من إنتكاسة القطاع السياحي
ويخشى خبراء أن يتسبب الاعتداء البشع، الذي أدى إلى مقتل سائحتين ألمانيتين واصابة أربع أخريات، في تداعيات سلبية على القطاع السياحي ويعصف بالتوقعات المتفائلة التي سجلت في الآونة الأخيرة بموسم سياحي "واعد".
ووفقًا لعضو اتحاد الغرف السياحية، حسام الشاعر، فإن الحادث الأخير من شأنه التأثير بشكل سلبي على السياحة في مصر. الشاعر اتهم وسائل الإعلام الأجنبية بأنها "لا تعرض الحقائق كاملة وتفتح المجال لإطلاق الاتهامات والشكوك"، بحسب تصريحات لموقع"رصد". كما استغرب الشاعر مما وصفه بـ"صمت الحكومة حتى الآن"، مضيفًا أنه يجب الإعلان عن كامل ملابسات الحادث بكل صدق دون إخفاء الحقائق. وأكد، أن "التعتيم لن يساعد في المحافظة على الوضع القائم، خاصة مع انفتاح العالم وانتشار الأخبار".
وتكبدت مصر خسائر فادحة في القطاع السياحي منذ قيام ثورة يناير 2011، حيث حقق قطاع السياحة ذروة إيراداته خلال 2010 بنحو 12.5 مليار دولار، إلا أنها تراجعت خلال 2011 إلى 8.9 مليارات دولار، ثم عاودت الصعود إلى 10 مليارات دولار في 2012، قبل أن تتهاوى إلى 5.9 مليارات دولار في 2013 ونحو 7.3 مليارات في 2014 و6.1 مليارات في 2015، ونحو 3.4 مليارات دولار في 2016.
وتجاوزت خسائر القطاع خلال 6 سنوات الـ 33 مليار دولار، على اعتبار عام 2010 معيار القياس للإيرادات خلال السنوات الست الماضية. وكانت ذروة الانخفاض فى الدخل السياحي، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التي سجلت خسائر تقدر بنحو 22.6 مليار دولار بنسبة 62.4% من إجمالي خسائر السنوات الست الماضية.
م.س/ أ.ح (وكالات، DW)