اعتداء هاله: خلفية يمينية متطرفة وترجيح أن المنفذ ألماني
٩ أكتوبر ٢٠١٩
تتحدث السلطات الألمانية عن وجود أدلة كافية على خلفية يمينية متطرفة للهجوم الذي وقع قبالة المعبد اليهودي في هاله. وتشير الدلائل إلى أن منفذه ألماني الجنسية. وقال وزير الداخلية الألماني إن "الهجوم كان معاديا للسامية".
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Willnow
إعلان
صرح وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر مساء اليوم الأربعاء (التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2019) بأنه من المرجح أن يكون هجوم مدينة هاله ذو دوافع يمينية متطرفة. وأضاف الوزير: "وفقا لتقديرات المدعي العام، فإن هناك أدلة كافية تفيد باحتمال وجود خلفية يمينية متطرفة للهجوم". ووصف زيهوفر إطلاق النار قرب المعبد اليهودي في المدينة بأنه كان "هجوما معاديا للسامية".
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن الدلائل تشير إلى أن منفذ هجوم مدينة هاله ألماني الجنسية ويدعى "شتيفان ب." ويبلغ من العمر 27 عاما ويسكن في ولاية سكسونيا آنهالت بشرق ألمانيا. وأن السلطات الألمانية ترجح أنه ارتكب الجريمة لدوافع يمينية متطرفة.
وكانت الشرطة قد أعلنت إلغاء تحذيرها من وجود وضع خطر شديد في المدينة بعد الهجوم الذي وقع بإطلاق الرصاص قبالة معبد يهودي في المدينة في وقت سابق من اليوم. وكتبت الشرطة على تويتر:" بإمكانكم الخروج مرة أخرى إلى الشوارع، فقد تم رفع التحذير"، وقالت إنها لم تعد تصنف وضع التهديد في المدينة بأنه شديد.
وكانت سلطات مدينة هاله قد ناشدت السكان بالبقاء داخل المباني للسلامة عقب اطلاق النار أمام المعبد اليهودي بالمدينة. وأدى إطلاق النار المدينة الواقعة بولاية سكسونيا أنهالت، إلى مقتل شخصين وفقا للمعلومات المتوفرة حتى الآن. وذكرت مصادر إعلامية أن كل المعلومات المتاحة لأجهزة الأمن تشير إلى أن منفذ الهجوم هو شخص واحد فقط وأنه وضع عبوات ناسفة بدائية الصنع أمام المعبد اليهودي، وأنه حاول اقتحام المعبد، وجرى إطلاق عدة أعيرة نارية أثناء ذلك.
وكان شخصان لقيا حتفهما جراء إطلاق الرصاص، وعلمت (د.ب.أ) أن أحد الضحيتين كانت امرأة تقف قبالة المعبد، ولا يزال من غير المعلوم بعد ما إذا كانت المرأة قُتِلَت بالصدفة أم لا، أما الضحية الأخرى فكان رجلا ووجدت جثته داخل مطعم للمأكولات السريعة. وتم القبض على المشتبه به.
من جانبها، عبرت المستشارة الألمانية انغلا ميركل عن عميق حزنها بعد الهجوم على المعبد اليهودي في هاله بشرق البلاد. وعبرت عن تعازيها لذوي الضحايا الذين سقطوا في الاعتداء. وكانت ميركل قد حصلت على معلومات وافية وشروح مستفيضة من وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر ومن رئيس وزراء ولاية سكسونيا ـ أنهالت التي تقع فيها مدينة هاله، راينر هازيلوف، حسب ما غرد المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت.
في غضون ذلك وصفت السفارة الإسرائيلية في برلين الهجوم، الذي وقع في مدينة هاله قبالة المعبد اليهودي بأنه هجوم "إرهابي وحشي". وقالت السفارة في بيان نُشِر على موقع فيسبوك:" نحن مصدومون ومذهولون من هذا الهجوم الإرهابي الوحشي الذي وقع في هاله في اليوم الذي تجمع فيه مصلون يهود في المعابد في جميع أنحاء ألمانيا للاحتفال بيوم كيبور أقدس أعياد اليهودية".
وأضافت السفارة: "علينا أن نرفض معا كل شكل من أشكال التطرف وأن نتصدى متحدين لمثل هذا الإرهاب العبثي". كما وجهت الشكر إلى سلطات الأمن الألمانية، معربة عن ثقتها في أنه سيتم اتخاذ كل الإجراءات للقبض على الجناة وتقديمهم فورا إلى القضاء، حسب البيان.
ح.ع.ح/أ.ح(د.ب.أ، رويترز)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.