أثار الاعتداء الذي شهدته مدينة هاناو الألمانية القلق في نفوس المهاجرين والجدل حول مصير التعايش في ألمانيا. جريمة الاعتداء جاءت بينما كانت الأنظار على المساجد باعتبارها هدف اليمين المتطرف، فهل هناك بعد جديد لهذه الجريمة؟
إعلان
استيقظت مدينة هاناو بولاية هسن الألمانية هذا الصباح على وقع جريمة مروعة. المدينة شهدت في هجوم على اثنين من مقاهي تدخين النارجيلة (الشيشة)، مقتل تسعة أشخاص في موقعين مختلفين، مساء أمس 19 فبراير/ شباط 2020، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات، على جثة الشخص الذي يشتبه بأنه أطلق النار في مسكنه. كما عثرت القوات الخاصة في شقة الجاني المحتمل على جثة شخص آخر.
الجريمة راح ضحيتها 11 شخصا من بينهم منفذ الجريمتين ووالدته. وحسب المعلومات التي توفرت لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) فإن هناك دلائل على أن معاداة الأجانب كانت دافع الجاني المحتمل وراء الجريمتين. وأكدت الشرطة الألمانية صباح اليوم الخميس أنه لا توجد في الوقت الحالي دلائل على وجود جناة آخرين. ومن جهتها قالت صحيفة بيلد الألمانية اليوم الخميس دون أن تذكر مصدرها إن بعض ضحايا الهجومين من أصول كردية.
الهجوم الذي وقع ترك وبشكل خاص في نفوس المسلمين وأبنائهم في هاناو حالة من الرعب والقلق الشديد، كما يقول عبد الكريم أهروبا: "نعيش في هاناو عقب الهجوم حالة من الرعب والقلق الشديدين، لاسيما بعد علمنا بوفاة أحد معارف صديقة لابنتي في المدرسة. ولم يستطع أبنائي وأبناء الجيران الذهاب إلى المدرسة واضطروا للبقاء في البيت مذعورين من الأخبار التي كانوا يسمعونها ومن الصور التي كانت تصلنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
وتابع حديثه عن مخاوفهم عقب الحادث بأن الكثير من سكان المدينة المسلمين خائفون من الذهاب إلى المساجد في الغد لأداء صلاة الجمعة نتيجة التهديدات المتواصلة من أنصار اليمين المتطرف.
قلق على التعايش السلمي
الحادث خلف أيضا صدمة لدى المهاجرين واللاجئين في ألمانيا، وكذلك لدى الرأي العام في ألمانيا. وفي هذا الصدد كتب ماتياس مايسنار في تغريدة على تويتر: "أريد أن أعيش في بلد لا يجب أن يخشى فيه أحد على حياته. في الوقت الحالي نحن بعيدون جدا عن هذا ".
لويزا نويباور، علقت على حادث هاناو وكتبت في تغريدة على تويتر: "لا أحد يولد عنصريا. العنصرية والكراهية تنضج في المجتمعات التي لا تتصدى لهذا السم".
ودعت الصحفية الألمانية من أصول تركية فردا اتامان، إلى ضرورة تناول ما يحدث في النقاشات، كما كتبت في تغريدة لها:" لا يهم ما إن كان مرتكب حادث هاناو معافى نفسيا أم لا (...). يعبث في حانات الشيشة ونقاط تجمع المهاجرين ، وليس في أي مكان كان. المشكلة تسمى عنصرية. (...). ويجب أن نتناول ذلك في النقاش".
ردة فعله على الحادث لخصها الناشط الحقوقي السوري الكردي، علي عيسو، في كلمة "القلق".
عيسو الذي يعيش في ألمانيا منذ سنوات، يرى أن خطر اليمين المتطرف في ألمانيا يتصاعد: "أنا كغيري من أبناء الجالية بدأنا نقلق من تنامي اليمين المتطرف وظهور خطابات شعبوية من شأنها تعزيز دور شبكات هذا اليمين وبالتالي استقطاب بعض المناصرين والمؤيدين لمشروعه المتشدد".
وقبل أيام أحبطت السلطات الألمانية مخططاً لـ خلية يمينية متطرفة واعتُقل أعضاءها الذين كانوا يخطّطون لهجمات واسعة النطاق ضد مساجدعلى غرار الهجمات التي شهدتها نيوزيلندا العام الماضي. ويخشى سامي شرشيرة، الناشط الاجتماعي المغربي من أن يكون لهذه الحادثة صلة بالهجوم الذي وقع في مدينة هاناو، والذي قد يكون قد جاء كـ "رد فوري"، كما قال في حوراه مع DWعربية: " إن كانت هذه النظرية صحيحة، سنتكلم في هذه الحالة عن صراع بين الشرطة و بين اليمين المتطرف والتي لم تكن لها سابقة في تاريخ ألمانيا". وأضاف أنه على الشرطة والمخابرات التحقق فيما إذا كانت هذه النظرية صحيحة وهل هناك رابط بين ما وقع في هاناو وبين الاعتقالات التي طالت اليمين المتطرف. "إن كان هناك رابط يمكن القول أن المجتمع الألماني دخل في "حرب معلنة" مع اليمين "المتطرف المسلح"، كما يرى شرشيرة.
بعد جديد في التحرك؟
ويبدو أن خطر الإرهاب اليميني ازداد مؤخرا في ألمانيا. فالشرطة الجنائية الألمانية تصنف حاليا نحو 60 شخصا كخطيرين قد يرتكبوا أعمال عنف واعتداءات على ضوء أفكارهم اليمينية المتطرفة. ومنذ 2012 ارتفع عدد الأشخاص الخطرين بشكل ملحوظ.
حادث الهجوم على اثنين من مقاهي تدخين النارجيلة (الشيشة)، جاء بينما كانت الأنظار مركزة على المساجد كهدف لليمين المتطرف، فلماذا باتت الآن أماكن الحياة العامة للمهاجرين والجاليات الأجنبية مستهدفة؟ لا يرى شرشيرة من جهته أن هناك مرحلة انتقالية في انتقاء الضحايا والأماكن من قبل اليمين المتطرف. "لو راجعنا تاريخ هجمات اليمين المتطرف، سنرى أن أهدافه لم تكن محصورة بالمؤسسات الإسلامية، فهو يستهدف المتدينين وغير المتدينين، كما يستهدف مساجد ومحلات وصالونات حلاقة وغيرها. اليمين المتطرف لا يفرق لأن له صورة موحدة عن المسلم في ألمانيا".، يقول شرشيرة.
في المقابل يرى جان راتجي من مؤسسة أماديو انتونيو المناهضة للعنصرية، في حواره مع DW أنه من الواضح أن تحرك اليمين المتطرف في ألمانيا يقوم على فكرة ما يسمى "التبادل السكاني" وهذه الفكرة يبدو أنها تلعب أيضاً دوراً في تحركاته، ويشرحقائلاً:" فكرة أن السكان الأصليين في البلدان الغربية قد تم تهجيرهم أو حتى تم الدفع بهم للهجرة بسبب المهاجرين. ويبدو أن هذا دافع متكرر. إنه في الوقت الحالي الدافع الأيديولوجي الرئيسي لليمين المتطرف".
ألمانيا - محطات في تاريخ العنف اليميني المتطرف
أحدثها جريمة قتل مروعة في مدينة هاناو يُشتبه بأن دافعها عنصري. منذ عام 1990 بلغ عدد ضحايا اليمين المتطرف 198 شخصا أغلبهم من أصول أجنبية. ملف الصور هذا يلقي نظرة على جرائم هذا اليمين وأنشطته خلال ثلاثة عقود.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
أول ضحايا اليمين المتطرف انغولي
يعد الأنغولي آمادو أنتونيو كيوا من أول ضحايا عنف اليمين المتطرف في ألمانيا، وقد هاجمته مجموعة من النازيين الجديد في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990، وقتله المهاجمون ومثلوا بجثته.
صورة من: Amadeu Antonio Stiftung
ضحايا أتراك في هجوم بمدينة مولن
مبنى في مدينة مولن شمال ألمانيا، تعرض لهجوم نفذه النازيون الجدد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993، وأسفر إحراق البناء عن مصرع 3 أشخاص من أصول تركية، والبمنى كان يسكنه بشكل أساسي مهاجرون أتراك إلى ألمانيا.
صورة من: AP
الخلية النازية السرية في 1996
يمينيون راديكاليون بمدينة أيرفورت. لأكثر من 10 سنوات ينشطون في إطار ما يسمي بالخلية النازية السرية انطلاقا من مدينة تسفيكاو بشرق ألمانيا. ومن بين المتهمين بجرائم متنوعة أوفه موندلوز وأوفه بونهارت ومانفريد لودر (صورة ملتقطة للثلاثة في عام 1996)
صورة من: privat/dapd
هجمات اليمين المتطرف طالت حتى المراقص
صورة تظهر 3 من ضحايا هجوم اليمين المتطرف، حيث هاجم ذوو الرؤوس الحليقة مرقصاً للديسكو في ألمانيا في 19 كانون الثاني/ يناير 2003، وقتلوا طعنا 3 شبان يظهرون في الصورة.
صورة من: DW/A. Grunau
الأجانب هدف دائم لخلية "إن إس يو"
قتلت خلية "إن إس يو" اليمينية المتطرفة عشرة أشخاص على الأقل من عام 2000 إلى 2007. تسعة من الضحايا من أصول أجنبية، كانوا يعيشون كلهم في ألمانيا. كما قتلت المجموعة الارهابية شرطية ألمانية. وقد قُتل الضحايا بدم بارد.
صورة من: picture-alliance/dpa
مسجد في لايبزغ تعرض لهجوم اليمين المتطرف
مجهولون يلقون براس خنزير في باحة مسجد بمدينة لايبزغ في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013. ويُحسب إضرام الحرائق في مآوي اللاجئين أو في البنايات المخصصة لإيواء اللاجئين أحداث - وإن لم تقتصر على ولايات شرق ألمانيا - على اليمين المتطرف وعلى كارهي الأجانب بصفة عامة واللاجئين بصفة خاصة.
صورة من: picture-alliance/dpa
عنف اليمين أكثر نشاطا في شرق ألمانيا
في عام 2014 سجل 47 اعتداء ذي دوافع عنصرية في شرقي ألمانيا، على الرغم من عدد السكان فيها لا يشكل سوى 17 بالمائة من إجمالي سكان البلاد. صورة لعنصر من حليقي الرؤوس في برلين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
اليمين المتطرف يرفض اللاجئين
كثيرا ما شهدت مدن شرق ألمانيا احتجاجات متكررة ضد اللاجئين وتنديد بالمستشارة ميركل التي يتهمونها بفتح الأبواب على مصراعيها أمام "من هب ودب" دون أن تعير اهتماما لمخاوفهم ومشاكلهم. الصورة من تظاهرات في مدينة فرايتال ضد اقامة مراكز ايواء اللاجئين عام 2015.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Meyer
المشاعل من شعارات اليمين المتطرف
عناصر من اليمين المتطرف يستعرضون قوتهم في مدينة ماغديبورغ في 16 يناير 2015، وذلك في مناسبة لاحياء ذكرى قيام الحرب العالمية الثانية. وتسجل مدن شرق المانيا على وجه الخصوص ارتفاعا متسارعا في عدد الموالين لحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد.
صورة من: picture-alliance/dpa/J. Schlueter
المتهم بمهاجمة المرشحة لمنصب عمدة كولونيا
صورة من عام 2016، لعنصر من اليمين المتطرف ألقي القبض عليه بعد مهاجمته المرشحة لمنصب عمدة كولونيا هنريتا ريكر قبل يوم من انتخابها. الصورة تظهر المتهم وهو يدخل صالة المحكمة في دوسلدورف في 29 نيسان 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Vennenbernd
اليهود مازالوا هدفاً للنازيين الجدد
أوفه أوتسي اوبالا صاحب المطعم اليهودي في مدينة كيمنيتس، يصف للصحفيين ما جرى في هجوم نفذته مجموعة من المقنعين المعادين لليهود والسامية، ويكشف عن اصابته في كتفه بحجر رماه به المهاجمون المقنعون في (27 آب / اغسطس 2018).
صورة من: Getty Images/AFP/J. MacDougall
الصليب المعقوف ما زال شعارهم
محموعة من النازيين الجدد يرفعون الصليب المعقوف وقد توهج فيه اللهيب في نيسان/ ابريل 2018. الصورة من طقوس خاصة جرت في منطقة لم يعلن عنها تمجيدا للحزب النازي.
صورة من: Reuters/G. Nakamura
اغتيال فالتر لوبكه
في الثاني من يونيو/ حزيران 2019 عُثِرَ على جثة فالتر لوبكه، رئيس المجلس المحلي لبلدية مدينة كاسل، في شرفة منزله مقتولا برصاصة في رأسه. ووجه الادعاء العام تهمة قتل لوبكه، لشتيفان إي. وداعمه المشتبه به ماركوس إتش.، وشتيفان معروف في السابق بأنه من النازيين الجدد. وكان لوبكه المتنمتي لحزب المستشارة ميركل من مؤيدي قضايا اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
معبد يهودي كهدف ليميني متطرف
سكان مدينة هاله الألمانية (شرق) يرفعون شعار:"سكان هاله ضد اليمين - الاتحاد من أجل الشجاعة الأخلاقية"، احتجاجا على جريمة وقعت في مدينتهم في 09.10.2019 عندما كان 52 شخصا يحتفلون بيوم الغفران داخل المعبد اليهودي بالمدينة، وحاول شتيفان ب. وهو شاب يميني متطرف (28 عاما) اقتحام المعبد، ولكنه فشل فأطلق النار على امرأة وشاب وجدهما في طريقه وقتلهما. وكان يعتقد أن "المرأة مسلمة" وفق تصريحه أمام المحكمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
هجمات بمدينة هاناو على مقاهي الشيشه
شهدت مدينة هاناو بولاية هسن مقتل 9 أشخاص في موقعين مختلفين ليلة 19 شباط/ فبراير 2020، ثم عثرت الشرطة بعد الجريمة بساعات على جثة المشتبه بأنه مطلق النار على الأشخاص التسعة وعلى على جثة والدته في مسكنه. إعداد م.أ.م / م.س