وصفت حكومة شولتس احتجاز عمدة إسطنبول بالإجراء "غير المقبول على الإطلاق". وفيما قال الاتحاد الأوروبي إنه لا يستبعد إلغاء محادثات مقررة مع تركيا، ندد الرئيس أردوغان باحتجاجات المعارضة قائلا إنها تحولت إلى "حركة عنف".
أفادت السلطات التركية باعتقال 1133 شخصا في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الاحتجاجات عقب اعتقال أكرم إمام أوغلو.صورة من: Dilara Senkaya/REUTERS
إعلان
انتقدت الحكومة الألمانية الاثنين (24 مارس/آذار 2025) احتجاز عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وعزله من منصبه بشكل مؤقت، باعتباره "غير مقبول على الإطلاق".
وطالب المتحدث باسم حكومة المستشار أولاف شولتس، شتيفن هيبشترايت، بضرورة "توضيح الأمر بسرعة وشفافية كاملة"، مضيفا أن التطورات الأخيرة تعد "إشارة سيئة بالنسبة للديمقراطية في تركيا" وكذلك مسار العلاقات الألمانية-التركية.
وفيما يتعلق باتخاذ إجراءات محددة مثل وقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى تركيا، أوضح الناطق بأن الحكومة الألمانية تنتظر أولا رد الفعل التركي على مطالب توضيح القضية. وأضاف "عندها قد يكون علينا النظر في تساؤلات أخرى."
تزامن هذا مع تصاعد موجة الاحتجاجات على وقع اعتقال إمام أوغلو مع تجدّد الدعوات للتظاهر في جميع أنحاء البلاد.
وأثار توقيف أكرم إمام أوغلو الأربعاء (19 مارس/آذار) موجة احتجاجات غير مسبوقة في تركيا منذ مظاهرات "غيزي" الحاشدة عام 2013 والتي انطلقت من ساحة تقسيم في اسطنبول.
وأعلنت السلطات التركية توقيف أكثر من 1130 متظاهرا منذ بداية موجة الاحتجاجات، بينما حُظرت موقتا كافة أشكال التجمّعات في مدن البلاد الثلاث الرئيسية.
ورغم ذلك، تجمع طلاب في الاحتشاد في اسطنبول وأنقرة متحدّين الحظر التي فرضته الحكومة.
وقال اتحاد الصحفيين الأتراك إن السلطات اعتقلت تسعة صحفيينقاموا بتغطية الاحتجاجات الليلة الماضية في مدن عدة. ولم يتضح بعد سبب الاعتقالات.
أثار توقيف أكرم إمام أوغلو موجة احتجاجات غير مسبوقة في تركيا منذ مظاهرات عام 2013.صورة من: Umit Bektas/REUTERS
الاتحاد الأوروبي لا يستبعد إلغاء محادثات مقررة مع تركيا
وفيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن احتجاجات المعارضة على احتجاز إمام أوغلو تحولت إلى "حركة عنف" وأن حزب الشعب الجمهوري مسؤول عن أي ضرر بالممتلكات أو أذى يلحق بأفراد الشرطة خلال الاحتجاجات، كشف متحدث باسم المفوضية الأوروبية أن التكتل لا يستبعد إلغاء محادثات مقررة مع تركيا.
إعلان
وأشار المتحدث إلى بيان صادر عن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، وصفت فيه اعتقال عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الموقوف عن العمل، بأنه "مقلق للغاية".
وكان من المقرر أن تركز المباحثات على المواضيع الاقتصادية في أبريل/نيسان المقبل، على أن يعقبها المزيد من المحادثات حول قضايا الهجرة والأمن.
وخلال قمة الاتحاد الأوروبي في أبريل/نيسان من العام الماضي، كان هناك اتفاق على تعزيز العلاقات مع تركيا.
يُشار إلى أن خطط تحديث الاتحاد الجمركي وتحرير إصدار التأشيرات قد تم تأجيلها في السابق بسبب المخاوف بشأن الحقوق وحرية التعبير في تركيا.
وأثار قرار اعتقال إمام أوغلو ادانات أوروبية؛ إذ اعتبرت الخارجية الفرنسية "سجنه إضافة مع مسؤولين آخرين، يشكّل هجوما خطرا على الديموقراطية".
وحثّت المفوضية الأوروبية تركيا على "احترام القيم الديموقراطية"، قائلة "نريد أن تبقى تركيا راسخة في أوروبا، ولكن هذا الأمر يتطلّب التزاما واضحا بالمعايير والممارسات الديموقراطية".
رسالة أمام أوغلو.. "أنا هنا"
وأمضى أكرم إمام أوغلو الذي يعدّ الخصم الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان، ليلته الأولى في سجن مرمرة الذي يعرف أيضا باسم سيليفري غرب إسطنبول، في وقت أعلن حزبه "حزب الشعب الجمهوري" اختياره مرشحا له للانتخابات الرئاسية المقرّر إجراؤها في العام 2028.
واتهم إمام أوغلو الذي عُلّقت مهامه رسميا قبل يوم بـ"الفساد"، الأمر الذي يرفضه، منددا بسجن "من دون محاكمة".
وقال في رسالة نقلها محاموه "أنا هنا. أرتدي قميصا أبيض لا يمكنكم تلطيخه. معصمي قوي ولن تتمكّنوا من ليّه. لن أتراجع قيد أنملة. سأنتصر في هذه الحرب".
وتصدر خبر حبس إمام أوغلو الصفحات الأولى للصحف التركية الاثنين حيث أشارت وسائل إعلام المعارضة إلى أن اعتقاله جاء لكونه أقوى منافس لأردوغان.
وقال مؤيدون لرئيس البلدية إن حبس إمام أوغلو دليل على غياب العدالة في تركيا.
م ف/ أ.ح (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP