1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اعتقال باتريك زكي.. أزمة "ريجيني" جديدة بين مصر وإيطاليا؟

١٢ فبراير ٢٠٢٠

بوادر أزمة جديدة بين روما والقاهرة على خلفية اعتقال ناشط مصري يدرس في إيطاليا بعد وصوله إلى مطار القاهرة. لا يعرف إلى أي مدى ستصل هذه الأزمة، لكنها تذكر بقضية سابقة: قصة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.

صورة جوليو ريجيني الباحث الإيطالي الذي عليه مقتولا في مصر
قضية الناشط الحقوقي المصري باتريك زكي أعادت للواجهة قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر عليه مقتولا في مصر عام 2016.صورة من: picture-alliance/AP Photo/M.Percossi

قضية أخرى تضاف لملف قضايا حقوق الإنسان في مصر. بطلها هذه المرة الناشط الحقوقي باتريك جورج زكي، وهو طالب مصري شاب يدرس في جامعة بولونيا بإيطاليا، أوقفته السلطات المصرية الجمعة الماضي في مطار القاهرة، لدى عودته من إيطاليا ووجهت إليها تهما عدة من بينها "الإضرار بالأمن القومي" و"التحريض على قلب نظام الحكم"، وفق ما نشرته منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي ينشط فيها. ويأتي توقيف زكي بناء على مذكرة صدرت بحقه في سبتمبر/ أيلول الماضي بعدما غادر إلى إيطاليا لنيل شهادة الماجستير.

اعتقال الناشط المصري أثار قلق إيطاليا، مما أعاد إلى الأذهان قضية طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، الذي اختطف ولقي حتفه في مصر في بدايات 2016، وهي القضية التي أثارت أزمة كبيرة في العلاقات بين روما والقاهرة. فهل يتكرر الأمر هذه المرة أيضا؟

قضية ريجيني ترخي بظلالها

وكانت وزارة الداخلية المصرية قالت إن القبض على زكي جاء تنفيذا لقرار سابق من النيابة العامة التي أمرت بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوما على ذمة التحقيق في "قضايا جنائية". وأكدت في بيان أن الباحث لا يحمل سوى الجنسية المصرية، نافية ما رددته بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول أنه إيطالي الجنسية. رغم ذلك دخلت روما على الخط وعبرت عن قلقها البالغ من الواقعة على لسان مسؤول بارز في وزارة التعليم الإيطالية.

وقالت المنظّمة التي ينشط فيها زكي إن الأخير تعرّض "للتهديد والتعذيب والصعق بالكهرباء أثناء سؤاله عن عمله ونشاطه".

ملامح قصة تذكر بقضية جوليو ريجيني، الذي وجد ميتا وعليه آثار تعذيب في يناير/ كانون الثاني من العام 2016. 

ورغم الاتهامات التي وجهت للسلطات المصرية بالمسؤولية عن اختطاف وتعذيب وقتل ريجيني بسبب أنشطته البحثية وميوله السياسية تصر القاهرة على نفي كل ذلك حتى الآن.

وقد تسببت القضية في جدل سياسي وإعلامي وخلقت أزمة دبلوماسية حادة ومطولة بين روما والقاهرة. وعن احتمال أن يتكرر ذلك بسبب قضية زكي، الذي تطالب السلطات الإيطالية الآن بإطلاق سراحه، يقول المحامي والناشط الحقوقي مالك عدلي في حديث لـ DW عربية إن ذلك مستبعد "فإيطاليا حتى في قضية ريجيني نفسه، وهو مواطن إيطالي وقتل، لم تفعل شيئا في نهاية المطاف، فلماذا نتوقع أن يحدث شيء الآن؟ وخاصة من دولة ليست بمرجعية في حماية حقوق الإنسان وتصدر أسلحة القمع وبرامج التجسس؟"

المصالح الاقتصادية أم حقوق الإنسان؟

وأعادت قضية زكي ابن السابعة والعشرين ربيعا طرح النقاش القديم الجديد حول معايير العلاقات بين دول الغرب ودول كمصر، تواجه اتهامات كبيرة بانتهاك حقوق الإنسان.

والسؤال الذي يطرح نفسه دائما، أي كفة تميل في ميزان العلاقات بين الطرفين: المصالح والصفقات الاقتصادية أم ملف حقوق الإنسان؟

يقول مالك عدلي إن دول الغرب عموما وليس إيطاليا فقط لا تفعل شيئا ملموسا على مستوى الحكومات فيما يتعلق بإدانة انتهاكات حقوق الإنسان والتصدي لها.

ويضيف عدلي: "أقصى ما يحدث هو ضغوط ومبادرات من منظمات أو أفراد أو ناشطين غير محسوبين على الحكومات أو مجرد اعتراضات أو بيانات لوزارات الخارجية في هذه الدول، أما مقاومة حكومية فعلية فلا توجد. في نهاية المطاف ما نراه على الواقع هو استمرار الصفقات التجارية وصفقات السلاح.. إلخ"، حسب تعبيره.

ويشاطره القول أيضا الصحفي المصري ورئيس تحرير صحيفة الشروق عماد الدين حسين بأن مصالح الدول هي أهم ما يتحكم في علاقاتها وعليها تبنى. ويقول حسين في حديث لـه مع DW عربية "حتى في قضية ريجيني كانت هناك ضجة كبيرة وتأثرت العلاقات لكن البلدين امتصا هذه الصدمة"، ويضيف حسين في سياق الحديث عن أهمية المصالح الاقتصادية: "مسألة المصالح الإيطالية في مصر أمر لا يخفى على أحد فعلى سبيل المثال شركة إيني الإيطالية هي التي اكتشفت أكبر حقل غاز في مصر".

وتتجه الأنظار الآن نحو صفقة الأسلحة الضخمة التي تشتري بموجبها مصر أسلحة من إيطاليا بمليارات الدولارات، وهي الصفقة التي يعتبرها مراقبون أكبر صفقة من نوعها بين البلدين. وعن احتمال أي تأثير لقضية زكي على هذه الصفقة يستبعد الحقوقي المصري مالك عدلي ذلك تماما.

تفاعل افتراضي مع القضية

على مواقع التواصل الاجتماعي حظيت قضية زكي أيضا بتفاعل كبير ركز على التضامن مع الناشط المصري الشاب والدعوة إلى إطلاق سراحه. وبسرعة انتشر وسم (هاشتاغ) #freepatrick (الحرية لباتريك) كما أُنشئت صفحات خاصة بنفس العنوان تطالب بوقف اعتقال الناشط.

وركز أيضا رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير على جدارية قرب السفارة المصرية في روما، رسمتها فنانة شارع إيطالية تُدعى لايكا، تصور ماريو ريجيني يحضن زكي ويقول بالإيطالية "هذه المرة سيكون كل شيء على ما يرام"، بالإضافة إلى كلمة "حرية" مكتوبة باللغة العربية.

وحسبما ما أكدته مصادر قضائية وأمنية لفرانس برس فإن زكي متّهم بـ"التحريض على التظاهر دون الحصول على إذن"، و"التحريض على قلب نظام الحكم، و"إدارة واستخدام حساب على شبكة معلوماتية (...) بغرض الإضرار بالأمن القومي" وكذلك "الترويج لارتكاب جرائم إرهابية". تهم ثقيلة قد تؤدي إلى عقوبة سجن طويلة، خاصة فيما يتعلق بنقطة الترويج لارتكاب جرائم إرهابية.

وردا على الانتقادات والمخاوف من أن هذه القضية ترسخ ثقافة قمع الأصوات المعارضة في مصر، يقول عماد الدين حسين إن المعارضة تنظر هكذا فعلا لمثل هذه القضايا، لكن الحكومة لها أيضا وجهة نظر في الأمر، فهي ترى أن هناك ناشطين "يألبون الرأي العام ويمارسون أعمالا تتنافى مع قانون البلاد". ويضيف رئيس تحرير صحيفة الشروق: "إذا اعتقل زكي بسبب أفكاره فهذا غير مقبول طبعا، لكن إن كان الاعتقال مبنيا على تهم يدينها القانون فالنيابة العامة وحدها هي من يمكنه أن يحسم الأمر".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW