اغتصاب وعنف وسرقة أعضاء.. أهوال طريق الهجرة في أفريقيا!
٦ يوليو ٢٠٢٤
يزداد البؤس والفقر في العديد من الدول الأفريقية، ناهيك عن الصراعات المحلية والحروب الأهلية، ما يسبب الإحباط واليأس وخاصة لدى الشباب الذين لا يرون مخرجا غير الهجرة نحو الشمال باتجاه أوروبا حيث يتعرضون لمخاطر عديدة.
إعلان
ذكر تقرير تدعمه الأمم المتحدة اليوم الجمعة (الخامس من يوليو/ تموز 2024) أن المزيد من المهاجرين واللاجئين يخوضون رحلات خطيرة عبر أفريقيا للوصول للشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط. إذ يواجهون خطرا متزايدا بالتعرض لانتهاكات مثل الخطف وسرقة الأعضاء والتهديد بالابتزاز والتعذيب والاستغلال الجنسي والاسترقاق.
ويقول التقرير إن الطرق عبر الصحراء صوب الشمال من غرب وشرق أفريقيا أكثر خطورة بمعدل المثلين من الطريق الرئيسي عبر البحر المتوسط، الذي يتم توثيق ما يقع فيه من حوادث بشكل أفضل. ويُعتقد أن أكثر من 800 شخص غرقوا في البحر هذا العام. ومنذ 2014 توفي أكثر من 23500 شخص على طريق البحر الأبيض المتوسط الرئيسي من تونسأو ليبيا أو مصر باتجاه إيطاليا ومالطا.
وشارك فنسنت كوشتيل المبعوث الخاص للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لغرب ووسط البحر المتوسط في إعداد التقرير استنادا إلى مقابلات مع أكثر من 30 ألف مهاجر بين عامي 2020 و2023، وقال إن الشهادات أظهرت أن الأحياء والأموات والمرضى كان يتم التخلي عنهم في الصحراء.
وأضاف للصحفيين في جنيف "كل من عبر الصحراء يمكنه أن يخبركم عن أشخاص يعرفهم ماتوا هناك. لا يمكننا أن نفقد قدرتنا على الغضب إزاء هذا المستوى من العنف على طول الطريق. يمكن معالجة بعض هذه الأمور". ودعا إلى مزيد من خدمات الحماية ومهام البحث والإنقاذ.
تغير المناخ والعنصرية والصراعات المسلحة
وقالت الدراسة، التي شاركت في كتابتها المنظمة الدولية للهجرة، إن عدد الأشخاص الذين يخوضون تلك الرحلات أكبر مما ورد في تقرير سابق قبل أربع سنوات، وأشارت إلى بيانات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تونس والتي أظهرت زيادة بأكثر من 200 بالمئة في عدد الوافدين في عام 2023 مقارنة بعام 2020.
وبحسب التقرير، من العوامل التي تدفع المهاجرين لخوض تلك الرحلات، هي تلك الصراعات المحلية في أجزاء من حزام الساحل القاحل والحرب الأهلية في السودان، فضلا عن تغير المناخ وتزايد العنصرية على طول الطريق.
وأظهر مسح أن ما يقرب من واحد من كل خمسة مهاجرين (18 بالمئة) قالوا إنهم يخشون الاختطاف، ويخشى عدد متزايد العنف الجنسي (15 بالمئة). وقال كوشتيل إن المئات وقعوا ضحايا لتجارة الأعضاء، ويضطرون لبيع أعضائهم من أجل النجاة أو تؤخذ منهم عنوة. وأوضح أنه "في معظم الأحيان يتم تخدير الأشخاص وإزالة العضو دون موافقتهم".
الإفلات من العقاب
وفي حين قال مهاجرون إن المهربين كانوا من بين المعتدين عليهم، فقد ذكروا أيضا العصابات الإجرامية ومسؤولين حكوميين مثل الشرطة وحرس الحدود الذين تخلوا في بعض الحالات عن المهاجرين على الجانب الآخر من حدودهم، حسبما قال كوشتيل.
وقال برام فروس مدير مركز الهجرة المختلطة الذي شارك في إعداد التقرير "يحدث الكثير من هذا في ظل حالة من الإفلات شبه الكامل من العقاب"، داعيا إلى مزيد من المساءلة.
وقد شارك في هذه الدراسة المستفيضة: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للهجرة (IOM) ومنظمة بيانات الهجرة المستقلة مركز الهجرة المختلطة (MMC).
وتوصي الدراسة بضرورة القيام بتأمين حماية أفضل للمهاجرين على طول طرق الهروب ومكافحة أسباب الهروب بشكل أفضل، بما في ذلك من خلال بذل المزيد من جهود السلام، ومكافحة الفقر واتخاذ تدابير ملموسة للحماية من عواقب تغير المناخ.
يغامر الكثير من المهاجرين الأفارقة بحياتهم بغية الوصول إلى السواحل الايطالية الأوروبية، آملين في إيجاد فرص عمل تدر عليهم أرباحاً، إلا أن هذا الحلم سرعان ما يتبدد بعد وصولهم إلى "الجنة الموعودة" بوقت قصير.
صورة من: DW/J.Hahn
بعيداً عن الحلم
في جنوب إيطاليا تُبنى أكواخ في الأحياء الفقيرة للمهاجرين الأفارقة، ففي فصل الصيف يأتي مئات الأشخاص من إفريقيا لكسب عيشهم، إذ يبحثون عن العمل في مزارع الخضار والفواكه. ومؤخراً أصبح الأمر غير مجدي بسبب ارتفاع عدد المهاجرين وانخفاض أسعار المحاصيل.
صورة من: DW/J.Hahn
أحد الأحياء الفقيرة في أوروبا
يعيش حوالي ألف إفريقي في هذه الأحياء الفقيرة بمنطقة بوليا الواقعة جنوب شرق ايطاليا، ويتزايد عددهم في الصيف، فرياح البحر المتوسط تدفع المزيد من الناس للمغامرة بحياتهم والقيام بهذه الرحلة الخطيرة. ويطلق اسم "غيتو" على هذه الأحياء التي تنتشر فيها الأكواخ غير القانونية والقمامة، وهي غير مزودة بالماء والكهرباء ودورات المياه.
صورة من: DW/J.Hahn
سجناء في مناطق نائية
يتوجب على سكان الغيتو التعاون من أجل البقاء على قيد الحياة، فبواسطة مولدات كهربائية يتم توليد الكهرباء. ومن يحترف الصناعة اليدوية يسعى للقيام بأعمال صيانة، كتصليح الدراجات مثلا. فهي وسيلة النقل الوحيدة لكثير من سكان الغيتو، إذ يستعير البعض الدراجة للذهاب إلى العمل في المزارع.
صورة من: DW/J.Hahn
قلب إيطاليا الأخضر
في المناطق المحيطة بمقاطعة فوجيا تنتشر المزارع التي يبحث فيها المهاجرين الأفارقة عن عمل. ويبعد الغيتو عن هذه المناطق حوالي 15 كلم. ومن الصعب إيجاد عمل في منطقة بوليا، فالصناعة قليلة في هذه المنطقة ويعتمد سكانها على الزراعة. وبسبب الأزمة الاقتصادية في أوروبا وصلت نسبة البطالة في هذه المنطقة إلى حوالي 15 بالمائة.
صورة من: DW/J.Hahn
في انتظار حياة أفضل
كسب المال هنا ليس سهلاً، لكن الشاب السنغالي ناغو حصل مؤخراً على عمل لمدة محددة. وبالرغم من أنها فرصة نادرة إلا أن صديقه إيبرا يرى أن عقود العمل المحددة أجورها منخفضة. إذ يبلغ أجر جني ثمار البندورة في الساعة الواحدة حوالي 3 يورهات ونصف، ويتوجب على ناغو دفع ما يعرف بـ"كابورالي" وهي مجموعة من المافيا الإفريقية الإيطالية.
صورة من: DW/J.Hahn
بعيدا عن أنظار الدولة
لا تؤخذ المضايقات التي يتعرض لها سكان الأحياء الفقيرة من قبل مافيات "كابورالي" بعين الاعتبار، إذ تتحكم هذه المجموعات في سكان الأحياء الفقيرة بنظام خاص، فالدعارة وتجارة المخدرات منتشرة يوميا. والحكومة لديها مشاكل أخرى، ولا وقت لديها للسماع إلى السلطات الايطالية في الجنوب.
صورة من: DW/J.Hahn
وسيط بين عالمين
كثير من الايطاليين يعيشون بالقرب من هذه الأحياء الفقيرة، وتعرفوا عليها عبر التلفاز، إذ لا يكاد أن يجرؤ شخص على الذهاب طوعا إلى هذه الأحياء الفقيرة حسبما يؤكد المبشر الكاثولكي أرشانجيلو ماريا، الذي يسعى لتحسين الظروف المعيشية في الغيتو. بمساعدة بعض المتطوعين يقوم بتنظيم دورات لغوية لأولئك المهاجرين، ومعظمهم لا يملك أوراق تثبت شخصيتهم ويعيشون حياة صعبة.
صورة من: DW/J.Hahn
البناء من أجل المستقبل
في "قرية الفن" التي تقع على بعد ساعة واحدة من الأحياء الفقيرة يتعلم المهاجرون الأفارقة فن بناء المنازل، التي سينتقلون للعيش فيها خارج الأحياء الفقيرة مستقبلا. وتشارك السلطات المحلية في تمويل هذا المشروع.
صورة من: DW/J.Hahn
الحصول على الشرعية أخيرا
مابي ندياي مهاجر غير شرعي وتعرض للضرب أثناء عمله كبائع متجول، ليحصل بعد ذلك على مساعدة من القائمين على "قرية الفن"، إذ مُنح تصريح الإقامة. وهو يشغل منصب رئيس منظمة اللاجئين السنغاليين. ويطالب بحصول جميع المهاجرين الأفارقة على وثائق تساعدهم على العيش في إيطاليا بشكل مستقل.
صورة من: DW/J.Hahn
العيش بكرامة
العيش بكرامة هو ما يأمله مامادو لامين غاي من خلال عمله هنا، إذ لم يعد مجبرا على العيش في الغيتو وهو سعيد بذلك. يتذكر مامادو لحظات وصوله إلى هناك والأكواخ المصنوعة من الورق المقوى والبلاستيك. ويصف خيبة الأمل التي أصيب بها بقوله "هذه ليست أوروبا التي طالما حلمت بالوصول إليها".
صورة من: DW/J.Hahn
بدون مستقبل وبدون أوراق ثبوتية
يرغب العديد من المهاجرين الأفارقة في الخروج من الأحياء الفقيرة، إلا أن معاهدات الاتحاد الأوروبي تحول دون ذلك، إذ ينبغي على اللاجئين البقاء في البلد التي وصلوا إليها أول مرة. ويسمح لأولئك الذين يملكون وثائق تسمح لهم بالسفر، بالإقامة لمدة ثلاثة أشهر في بلد أخر من بلاد منطقة شنغن.
صورة من: DW/J.Hahn
تحت سقف غير واق من برد الشتاء
"يقع منزلي حيث توجد باريلا" عبارة كتبها أحد سكان الأحياء الفقيرة على صندوق من الورق المقوى، صنعه كسقف مؤقت للكوخ الذي يسكنه، ليقيه من الأمطار والرياح. ويبلغ عدد اللاجئين الذين يعيشون في ايطاليا حوالي 65 ألف لاجئ، معظمهم من إفريقيا. ويأمل كثيرون منهم بالعودة إلى بلدهم الأم، إلا أن تحمل نفقات تذكرة العودة تمنعهم من ذلك.