رغم مراقبة علماء الفلك للسماء منذ عشرات السنين، إلا أن نوعا خاصا من النجوم نجح في البقاء متخفيا عن أعينهم. والآن، وبفضل ما يسمى بـ"التلسكوب الكبير جدا" الموجود في المحطة الأوروبية لمراقبة النجوم في صحراء أتاكاما في تشيلي، تمكنوا من اكتشاف نجمين هما الأقدم في الكون.

وقال العلماء، تحت إشراف موكرمين كيليك من جامعة أوكلاهوما في مجلة مانثلي نوتسيس التابعة للأكاديمية الملكية للعلوم في بريطانيا، إن هذين النجمين من الأقزام النجمية البيضاء. ويرى العلماء أن الكون نشأ نتيجة الانفجار العظيم قبل نحو 7ر13 مليار سنة. وكانت النجوم الأولى في الكون قليلة المعادن وتتكون بالأساس من غازي الهيدروجين والهيليوم. وحين كانت هذه النجوم تتوهج بانفجار سوبرنوفا، كانت معادنها تتوزع في الكون الفسيح على شكل غيوم غازية، ومن هذه الغيوم كان ينشأ الجيل الثاني من النجوم. وعثر العلماء على بقايا هذين النجمين في حالة فقدان تدريجي لدرجة حرارتهما، بعد أن فقدا طاقتهما الاحتراقية وقالوا إنهما في برجي الثور والدب الأكبر.

نجوم عملاقة بمزايا خاصة

وكان الجيل الأول من النجوم، الذي نشأ بعد الانفجار الكوني العظيم، أكبر بمئات المرات من شمسنا. وكانت هذه النجوم تستهلك مادة وقود الاندماج النووي بشكل سريع، لتنفجر بعد ملايين أو عشرات ملايين السنين. ويتوقع علماء الفلك أن تتقلص شمسنا إلى نجم قزمي أبيض شبيه بهذين النجمين خلال عدة مليارات سنة. وأوضح كيليك في بيان صادر عن الجامعة أن "النجم القزمي الأبيض يشبه الفرن الساخن. ويبرد هذا الفرن تدريجيا بمجرد انطفائه، وعندما نقيس مدى برودة هذا الفرن نستطيع معرفة متى بدأ ينطفئ".

وقدر العلماء درجة حرارة أحد هذين النجمين بنحو 3400 والآخر 3550 درجة مئوية وذلك اعتمادا على الشواهد البصرية والبيانات التي جمعوها باستخدام الأشعة تحت الحمراء وتحليلاتهم حسبما أوضح عالم الفلك الألماني بيوتر كواليسكي من مركز هيلمهولتس للعلوم الفلكية في مدينة بوتسدام والذي شارك في الدراسة.

وأشار كواليسكي إلى أن درجات الحرارة هذه تعد من أقل درجات الحرارة التي يتم رصدها لدى نجوم قزمية بيضاء حتى الآن مضيفا:"هذان النجمان يبردان منذ بداية تاريخ الكون تقريبا". وأشار الباحثون إلى أن هذين النجمين يبعدان بنحو مائة مليار سنة ضوئية عن الأرض وقالوا إنهما يعدان من أقدم النجوم في محيطنا الكوني. وللمقارنة فإن قطر درب اللبانة يبلغ نحو مائة ألف سنة ضوئية. ورغم أن العلماء اكتشفوا في هذه المجرة نجوما قزمية شبيهة بهذين النجمين، إلا أن هذه النجوم الشبيهة تبعد عنا ما لا يقل عن مائة مرة مقارنة بهذين النجمين.

(ع.ع./د ب ا)

مراجعة: طارق أنكاي