اكتشاف مجموعات دردشة يمينية متطرفة في صفوف الشرطة الألمانية
١٦ سبتمبر ٢٠٢٠
شنت السلطات في ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية حملة مداهمات ضد عدد من رجال الشرطة للاشتباه في اشتراكهم في مجموعات دردشة يمينية متطرفة. وزير الداخلية في الولاية وصف ما تم الكشف عنه بأنه "عار على الشرطة".
وقال وزير الداخلية المحلي، هيربرت رويل، اليوم الأربعاء (16 أيلول/سبتمبر) إن هناك 29 شرطية وشرطياً مشتركون في هذه المجموعات، مشيراً إلى أنه تم إيقافهم جميعاً عن العمل اليوم، بالإضافة إلى بدء إجراءات تأديبية ضد 15 منهم، فضلاً عن تسريح 14 شرطياً من الخدمة.
ووفقاً لرويل، فإن 25 شرطياً منهم ينتمون إلى رئاسة شرطة مدينة إيسن. وقال الوزير إن السلطات شنت منذ صباح اليوم مداهمات على 34 موقعاً، منها مراكز للشرطة وشقق خاصة، في مدن دويسبورغ وإيسن ومورس ومولهايم وأوبرهاوزن. ووصف الوزير ما تم الكشف عنه بأنه "عار على الشرطة".
وذكر رويل أنه تم تداول 126 صورة عبر مجموعات الدردشة الخمسة، من بينها صور لأدولف هتلر، إلى جانب صورة تخيلية للاجئ داخل غرفة غاز. ويرجح الوزير أن هذه المجموعات تم تأسيسها منذ عام 2013 حتى أيار/مايو 2015 على أقصى تقدير.
ووفقاً للوزير، فإن بعض المشتبه بهم من أصول مهاجرة، مشيراً إلى أن معظم المشتبه بهم عملوا معاً في وقت ما في مركز الشرطة في مدينة مولهايم آن دير رور، الذي يتبع رئاسة شرطة إيسن. وأضاف رويل أن أحد المشتبه بهم يعمل في مكتب مكافحة الجرائم في الولاية واثنان آخران في مكتب الولاية لخدمات الشرطة المركزية.
تعيين مفوض خاص لمكافحة التوجهات المتطرفة وأعلن رويل عن تعيين مفوض خاص لمكافحة التوجهات اليمينية المتطرفة في شرطة ولاية شمال الراين-ويستفاليا. وفي إشارة إلى رجال الشرطة من ذوي التوجهات اليمينية المتطرفة، أكد رويل أنه سيبذل كافة الجهود "لإبعاد هؤلاء الأفراد عن الخدمة". وقال الوزير إنه يفترض وجود حالات أخرى، موضحاً أنه تم التوصل إلى المشتبه بهم من خلال هاتف محمول لأحدهم، ومشيراً إلى مصادرة المزيد من الهواتف المحمولة للآخرين خلال المداهمات.
وبحسب المحققين، فإن الهاتف المحمول الذي تم من خلاله التعرف على المجموعات يعود لشرطي (32 عاماً) يعمل في إيسن. وكان يشتبه بأن الشرطي كشف أسراراً رسمية، وخلال تقييم هاتفه تم العثور على مجموعات الدردشة ذات المحتوى اليميني المتطرف.
من جهته عبر قائد شرطة إيسن، فرانك ريشتر، عن صدمته مما تم اكتشافه، مشيراً إلى أنه لم يلاحظ أي شيء غير عادي قد يؤدي إلى شك أولي بالمشتبه بهم. وأضاف ريشتر أن تصرف البعض بطريقة "مشينة" سيكون له تداعيات على الجميع.
أما نقابة الشرطة الألمانية فعبرت عن "خيبتها". وقال نائب رئيس النقابة في الولاية، ميشائيل ماتس: "إن محاربة التطرف اليميني جزء من الحمض النووي للشرطة"، مضيفاً أن حقيقة وجود رجال شرطة يتشاركون محتوى يميني معاد للأجانب في مجموعات دردشة "أمر لا يطاق".
وأكدت نقابة الشرطة أن الشرطة "هي مرآة للمجتمع"، وأضافت: "الغالبية المطلقة من الزملاء تعيش وتجسد قيم المجتمع".
م.ع.ح/ع.ج.م (د ب أ ، أ ف ب)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.