تتزايد الدول الراغبة في الاعتراف بدولة فلسطينية، لكن الطريق مازال محفوفا بالتعقيدات السياسية والدولية والإرتكان على أعراف دولية في عملية تتسم بالصعوبة، فكيف ذلك؟
تعترف حوالي 150 بدولة فلسطين، لكنها تحظى بوضع "دولة مراقبة غير عضو" في الأمم المتحدةصورة من: Yara Nardi/REUTERS
إعلان
يشهد الوقت الراهن تزايدا في إقدام حلفاء إسرائيلالتقليديين على اتخاذ خطوات بشأن الاعتزام الاعتراف بدولة فلسطينية.
وفي هذا السياق، أعلنت فرنسا وكندا والمملكة المتحدة عن خطط للاعتراف بدولة فلسطينية، للانضمام إلى حوالي 150 دولة أخرى قد اعترفت بدولة فلسطين، لكن تلك الخطوة لن تنهي بالضرورة الحرب أو تؤمن حدودا إقليمية لهذه الدولة. وعلى غرار النزاعات السابقة بشأن الاعتراف بالدول، فإن خطوة الاعتراف بدولة فلسطينية ليست إجراء بسيطا.
إعلان
خطوات إعلان دولة
يبلغ عدد الدول كاملة العضوية في الأمم المتحدة حاليا 193 دولة، بأشكال وأحجام وبنى مختلفة. بيد أن عدم الحصول على العضوية الكاملة لا يحول دون انخراط الدول في هيئات دولية أخرى أو حتى امتلاك بعثات دبلوماسية. ولا تعد عضوية الأمم المتحدة شرطا أساسيا ليصبح أي بلد دولة معترفا بها.
وفي هذا الصدد، فإن "اتفاقية مونتيفيديو" لعام 1933 تحدد أبسط المبادئ التوجيهية لقيام الدولة؛ إذ تنص على أربعة معايير وهي حدود إقليمية محددة، وسكان دائمون، وحكومة تمثل هؤلاء السكان، والقدرة على إبرام اتفاقيات دولية. ويُقال في بعض الأحيان إن الدولة تعتبر قائمة فعليا عندما تحظى باعتراف عدد كاف من الدول خارج أراضيها.
ورغم أن الاعتراف ليس جزءا أساسيا من الاتفاقيات الدولية، إلا أن جيزيم فيسوكا، الباحث المتخصص في مجال السلام والنزاعات في جامعة مدينة دبلن في أيرلندا، يشير إلى أن هناك طرقا أخرى قد تؤدي إلى نيل الاعتراف.
وأضاف أن "الاعتراف يعد أمرا بالغ الأهمية لقيام الدولة بوظائفها ووجودها على الصعيد الدولي، ودخولها في اتفاقيات دولية، والاستفادة من المعاهدات الدولية، وحمايتها ضد أي اعتداء أو احتلال، وغيرها من أشكال التدخل التعسفي الخارجي. باختصار، ستكون الدولة في مكانة أفضل إذا جرى الاعتراف بها".
المملكة المتحدة قد تعترف بدولة فلسطينية في أيلول/سبتمبر
03:07
This browser does not support the video element.
كيف تصبح دولة عضوا في الأمم المتحدة؟
لا يؤدي الاعتراف بالدولة أو استيفاء معايير اتفاقية مونتيفيديو إلى خطوة تلقائية تمهد الطريق في نهاية المطاف إلى الانضمام إلى الأمم المتحدة.
تتطلب عملية نيل عضوية الأمم المتحدة من الدولة المرشحة اتباع عدة خطوات، بداية من إرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وإعلان رسمي بقبول التزامات العضوية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وحتى دعم الأمين العام. ويأتي عقب ذلك ضرورة حصول الدولة المرشحة على دعم أعضاء مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك تصويت تسعة من أصل خمسة عشر عضوا في المجلس والدول الخمس دائمة العضوية لصالح نيل هذه الدولة عضوية الأمم المتحدة.
وتشير وقائع التاريخ إلى أن مثل هذا الأمر يمثل عقبة صعبة أمام الدول، حتى تلك التي تتمتع بمستوى عال من الاعتراف. وتعد فلسطين وكوسوفو و الصحراء الغربية من بين (الدول) التي تحظى باعتراف واسع النطاق، لكنها ليست أعضاء كاملين العضوية في الأمم المتحدة.
وفي ذلك، قال فيسوكا: "عندما انضمت الجبل الأسود إلى الأمم المتحدة أو كرواتيا، كان لديهما اعترافات دولية بلغت أقل من 70. بينما حصلت فلسطين على ما يقرب من 150 اعترافا، وحصلت كوسوفو على ما بين 118 و119 اعترافا، وحصلت الصحراء الغربية على أكثر من 50 اعترافا". ومع ذلك، إذا تم تجاوز هذا الحاجز، فلن يحتاج المرشح إلا إلى الحصول على أغلبية ثلثي أصوات جميع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين في الجمعية العامة.
الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين، هل يأتي في الوقت الضائع؟
33:49
This browser does not support the video element.
ماذا بعد العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟
الدول غير الأعضاء في الأمم المتحدة، لكنها تحظى بصفة مراقب دائم في المنظمة الأممية، هي فلسطين والكرسي الرسولي، حيث إنهما قادران على حضور غالبية اجتماعات الأمم المتحدة والاطلاع على وثائقها، كما يحتفظان ببعثات دبلوماسية في مقر المنظمة الرئيسي.
ولا يمثل عدم الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة عائقا أمام الدول في المشاركة في هيئات أخرى. فعلى سبيل المثال، تُدرج فلسطين كدولة يحق لها المثول أمام محكمة العدل الدولية.
امتنعت بعض الدول المعترف بها منذ زمن طويل عن الانضمام إلى الأمم المتحدة، إذ فضلت عدم الحصول على عضوية كاملة. فعلى سبيل المثال، بقيت سويسرا لمدة 56 عاما مكتفية بوضع المراقب الدائم قبل أن تنال رسميا العضوية الكاملة في عام 2002.
ويشير خبراء إلى أن مزايا نيل عضوية الأمم المتحدة الكاملة جلية، حيث إنه يعد اعترافا فعليا يوفر سلامة سيادة هذه الدول في حالة إلغاء اعترافها من قبل دولة أو أكثر، فضلا عن أنه يمثل أساسا للمساواة بغض النظر عن حجمها أو قوتها.
وفي هذا الصدد، قال فيسوكا إن "عدم الحصول على عضوية كاملة مسألة شائكة، حيث إن هذه الدول قد لا تستطيع الانضمام إلى الوكالات والبرامج، وقد تتعرض لسوء المعاملة أو العزلة أو الانخراط في علاقات تجارية واقتصادية غير متكافئة أو حتى التعرض لخطر فقدان سيادتها على بعض المناطق". واستشهد فيسوكا في هذا الأمر بالصحراء الغربية و ناغورني كاراباخ.
ويمكن للدول أن تحظى بالاعتراف من قبل دول أخرى، لكنها لا تزال تواجه تحديات، مثل الأراضي الفلسطينية و كوسوفو، فهما تحظيان باعتراف واسع النطاق، لكنهما لا تزالان تواجهان تحديات.
وقال فيسوكا إن عدم الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة "لا يجعلهما أقل شأنا من الدول الأخرى". لكن خبراء يقولون إن عملية الاعتراف بالدول تتسم بالسلاسة والمرونة.
وقال فيسوكا: "رغم ذلك، لا يزال الاعتراف الدولي أضعف جوانب القانون الدولي، حيث لا توجد معاهدة أو لائحة تحدد ما هي الدولة، ومن البلدان التي يحق لها الاعتراف بدول أخرى، أو قواعد تحدد الكيانات المرشحة للاعتراف بها، وكيفية نيل صفة الدولة".
وأضاف أنه "يُجرى تحديد الأمر بشكل كبير على أساس كل حالة على حدة. فجميع الدول لا تملك سياسة موحدة بشأن الاعتراف بالدول الأخرى، لذا فهذه المعايير قد تكون عرضة للتغير والتعديل".
وقد يؤدي هذا إلى اندلاع أعمال عنف أو نزاعات، حيث تتنافس الدول للحصول على الاعتراف والشرعية من الدول الأخرى. ويستشهد خبراء في هذا الصدد بكوسوفو و جنوب السودان، وهما اللذان خرجا مؤخرا من أتون الصراعات.
أعده للعربية: محمد فرحان
السلطة الفلسطينية.. مسار متعثر نحو تحقيق هدف الدولة المستقلة
تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقية أوسلو الأولى، لتكون هيئة حكم ذاتي انتقالي نحو دولة فلسطينية مستقلة، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، وسط تجمد مؤسساتها وانقسامات وصراعات داخلية وضغوط خارجية، ورفض إسرائيلي.
صورة من: Justin Lane/epa/dpa/picture alliance
ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جديد في الجمعية العامة
يرتقب أن تدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة 10 مايو أيار 2024، المساعي الفلسطينية من خلال الاعتراف بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية وإحالة الطلب مجددا لمجلس الأمن الدولي "لإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي". وتفيد تقارير بأن أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا تنتظر التصويت وتدرس الاعتراف بدولة فلسطينية على نحو مشترك في 21 مايو أيار.
صورة من: Shannon Stapleton/REUTERS
الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد اعتراف كامل بدولة فلسطينية
منعت الولايات المتحدة الخميس (18 أبريل/ نيسان 2024) قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح دولة فلسطين المراقبة العضوية الكاملة في المنظمة الدولية. وصوتت 12 دولة عضو في مجلس الأمن لصالح القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت. وأدانت السلطة الفلسطينية في بيان الفيتو الأمريكي، فيما رحبت به إسرائيل.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
الفيتو الأمريكي كان متوقعا
قدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". وأعلنت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل أنه سيتم التصويت على مشروع القرار على الرّغم من أنّ الولايات المتّحدة، التي تتمتّع بحقّ الفيتو، عبّرت صراحة عن معارضتها له.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
اتفاقية أوسلو عام 1993..مرحلة التأسيس
تأسست السلطة بموجب اتفاقية أوسلو الأولى - اتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي- التي تم توقيعها في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
الاعتراف المتبادل وسلطة منتخبة
نص الاتفاق على بنود أبرزها اعتراف متبادل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإعلان مبادئ تحقيق السلام وانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة. لكنه نص أيضا على تشكيل سلطة فلسطينية تكون منتخبة وتتمتع بصلاحيات محدودة.
صورة من: J. David Ake/AFP/Getty Images
اتفاقيات تفصيلية لاحقة مع إسرائيل
بُني على اتفاقية أوسلو توقيع اتفاقيات أخرى بين السلطة وإسرائيل سواء لأغراض سياسية أو اقتصادية أو أمنية. في 29 أبريل/نيسان 1994، جرى توقيع "بروتوكول باريس" ليمثل الشق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو. وفي أكتوبر / تشرين أول 1998، جرى توقيع "مذكرة واي ريفر" وبعدها "اتفاقية المعابر" في عام 2005.
صورة من: Palestinian Presidency /Handout/AA/picture alliance
هيكل السلطة الفلسطينية
يتألف هيكل السلطة الفلسطينية من المؤسسة التشريعية (المجلس التشريعي) ومؤسسات تنفيذية مثل الرئاسة ومجلس الوزراء بالإضافة إلى أجهزة أمنية أبرزها "قوات الأمن الوطني" و "الأمن الوقائي".
صورة من: MUHAMMED MUHEISEN/AP/picture alliance
رام الله مقر السلطة
اتخذت السلطة الفلسطينية من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا لمؤسساتها الرئيسة الثلاثة وهي الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي. وتهيمن حركة فتح ذات التوجه العلماني على منظمة التحرير، التي تعد المكون الرئيسي في السلطة.
صورة من: AFP/F. Arouri
1996 ..أول انتخابات
جرت أول انتخابات في عهد السلطة في يناير / كانون الثاني عام 1996 لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وتحت إشراف دولي بمشاركة 88% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت في غزة و70% في الضفة الغربية.
صورة من: ENRIC MARTI/AP/picture alliance
وفاة عرفات وبدء حقبة أبو مازن
توفي ياسر عرفات، أول رئيس للسلطة، في نوفمبر / تشرين الثاني 2004. وخلفه محمود عباس "أبو مازن" في رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة بعد فوزه بالانتخابات. لاقى وصول عباس إلى السلطة ترحيبا من إسرائيل ودول غربية بسبب انتقاده لأعمال العنف خلال "الانتفاضة الثانية" على النقيض من عرفات.
صورة من: Awad_Awad/dpa/picture-alliance
انتخابات 2006.. فوز حماس
مثل فوز حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب، بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية لعام 2006 مفاجأة للسلطة ومنظمة التحرير. وفي 28 مارس/آذار 2006، تولى إسماعيل هنية ـ رئيس المكتب السياسي لحماس حاليا ـ رئاسة الحكومة.
صورة من: Mohamed Hams/EPA/picture alliance/dpa
2007.. طرد السلطة من غزة
عقب ذلك، توترت العلاقة بين فتح وحماس حيث خاض الفصيلان مواجهات مسلحة لفترة قصيرة قبل طرد السلطة من غزة عام 2007. ومنذ ذلك الوقت أصبح القطاع تحت إدارة حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب.
صورة من: Hatem Moussa/AP/picture alliance
تعطل إجراء انتخابات
لم تعقد أي انتخابات رئاسية منذ انتخاب محمود عباس في عام 2005 كما لم تعقد انتخابات برلمانية منذ عام 2006. ولم يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني أي جلسة منذ عام 2007. ومع انتهاء فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في عام 2009، اعتبرت حماس محمود عباس رئيسا غير شرعي.
صورة من: Safadi/dpa/picture-alliance
تدني نسبة التأييد
حسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر مارس / آذار الماضي، اعتبر 63% من المشاركين في الضفة الغربية وغزة أن السلطة تشكل عبئا على الفلسطينيين. وذكر الاستطلاع أن 84% يريدون استقالة محمود عباس.
صورة من: Abbas Momani/Getty Images/AFP
تنامي الضغوط على السلطة
تتعرض السلطة لضغوط دولية متنامية في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما تلى ذلك من عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة. يتزامن هذا مع انتقادات واسعة النطاق للسجل الحقوقي للسلطة والفساد داخل أجهزتها.
صورة من: Ayman Nobani/dpa/picture alliance
طلب نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة
في الثالث من أبريل/نيسان 2024 جددت السلطة الفلسطينية طلبها نيل "العضوية الكاملة" في الأمم المتحدة، وهو الطلب الذي كانت قد قدّمته السلطة في 2011. وتتمتّع فلسطين منذ نهاية 2012 بصفة "دولة مراقب غير عضو في الأمم المتّحدة". وترفض إسرائيل "حل الدولتين" وأي " اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية ".