الأرض لم تمتص ثاني أكسيد الكربون عام 2023.. فماذا يعني ذلك؟
٢١ أكتوبر ٢٠٢٤
كشفت دراسة حديثة أن الغابات والنباتات والتربة على سطح الأرض ”لم تمتص أي كربون تقريبًا" طوال العام الماضي. فما الذي يعنية هذا بالنسبة للنظام البيئي وقدرته على تنظيم المناخ؟ وما آثار ذلك على البشر؟
إعلان
من خلال عمليات طبيعية تحدث بانتظام منذ آلاف السنوات لتنظيم مناخ الأرض، تمتص المحيطات والغابات والتربة الانبعاثات البشرية من غاز ثاني أكسيد الكربون. ولكن مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، يشعر العلماء بقلق متزايد من انهيار هذا الأمر، وفقًا لموقع صحيفة الغارديان.
ففي عام 2023، والذي يعد الأكثر سخونة على الإطلاق، توصل فريق من الباحثين إلى أن كمية الكربون التي تمتصها الأرض انهارت حيث أن الغابات والنباتات والتربة على سطح الأرض ”لم تمتص أي كربون تقريبًا".
وكانت كمية ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن التلوث قد بلغت العام الماضي رقمًا قياسيًا وصل لحوالي 37.4 مليار طن، وفقًا لموقع الوكالة لدولية للطاقة IEA.
ويوضح العلماء أنه بدون الضغوط الناتجة عن الجفاف أو حرائق الغابات أو غيرها من ظواهر المناخ المتطرف حول العالم، يمكن للأرض أن تعود لامتصاص ثاني أكسيد الكربون مرة أخرى، وفقًا للدراسة المنشورة على موقع ريسيرش جيت. إلا أن ما حدث العام الماضي يوضح درجة هشاشة النظم البيئية حاليًا والعواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على أزمة المناخ.
ويتكون فريق البحث من علماء من جامعة لايبزيغ في ألمانيا وجامعة اكستر في بريطانيا وجامعة تسينغ هوا في الصين ومختبر علوم المناخ والبيئة في فرنسا.
وخلال العقود الأخيرة، امتصت المحيطات 90 بالمئة من الغازات المتسببة للاحتباس الحراري بسبب الوقود الأحفوري بما أدى إلى ارتفاع درجات حرارة البحر. ولكن تفقد النظم البيئية التي تعتبر مخزن طبيعي للكربون قدرتها تدريجيًا، كما تظهر المحيطات علامات لعدم الاستقرار.
ويخشى العلماء من العواقب الوخيمة التي يمكن أن تترتب على توقف الطبيعة بسبب تغير المناخ عن دورها في امتصاص الكربون، وفقًا لموقع صحيفة الغارديان.
ألبوم صور...ارتفاع حرارة الأرض يهدد بانقراض الحياة البحرية
تتزايد مخاوف العلماء من تاثيرات ارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. واليوم يحذر علماء من احتمال تعرض الأرض لكارثة انقراض هائلة على مستوى الحياة البحرية. فكيف يمكن أن يحدث ذلك؟
صورة من: XL Catlin Seaview Survey
تأثيرات كارثية
يوماً بعد يوم، تتزايد مخاوف العلماء من التأثيرات الكارثية لارتفاع حرارة كوكب الأرض والتغير المناخي. ومؤخراً، حذرت دراسة جديدة نشرت بعض خلاصتها صحيفة الغارديان البريطانية من أن الاحتباس الحراري قد يتسبب في حدوث تغيير جذري في محيطات العالم لدرجة قد تهدد بانقراض جماعي للأنواع البحرية ليصبح الانقراض الأكبر من نوعه في تاريخ كوكب الأرض. الصورة يظهر الحاجز المرجاني العظيم في استراليا.
صورة من: picture alliance / Stringer/dpa
انخفاض الثراء البيولوجي.. البداية!
يتسبب تسارع تغير المناخ في إحداث تأثير "عميق" على النظم البيئية للمحيطات " قد يؤدي إلى تزايد مخاطر الانقراض. يقول العلماء إن الأمر قد يبدأ في الحدوث مع انخفاض الثراء البيولوجي والتنوع البحري وهو ما لم يحدث في تاريخ الأرض منذ عشرات الملايين من السنين.
صورة من: Gabriel Guzman/Calypso Productions/picture alliance
الوقود الأحفوري.. القاتل الصامت
ترتفع درجة حرارة مياه البحر في العالم بشكل مطرد بسبب حرق الوقود الأحفوري، وانبعاثات النشاطات الصناعية بينما تنخفض مستويات الأكسجين في المحيط وتتزايد حموضة المياه بسبب امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Esiri
استنفاد الأكسجين من المسطحات المائية
مع ارتفاع حرارة المحيطات تنخفض نسب الأكسجين بشكل يؤثر على قدرة الكائنات البحرية على التنفس. تضاعف حجم مياه المسطحات المائية المستنفدة من الأكسجين بقدر يصل إلى 4 مرات منذ ستينات القرن العشرين. لم تعد كائنات كالمحار وبلح البحر والجمبري قادرة على تكوين أصداف بشكل صحيح بسبب ارتفاع حموضة المياه، كما اختنقت الأسماك في عشرات الأماكن. هذا يعني أن الكوكب يمكن أن يصل لمرحلة "انقراض جماعي" للكائنات البحرية.
صورة من: Billy H.C. Kwok/Getty Images
انقراض جماعي كارثي.. قد يتكرر!
تقول الدراسة المنشورة في مجلة ساينس Science إن ضغوط ارتفاع حرارة البحار والمحيطات وفقدان الأكسجين تذكر بحدث الانقراض الجماعي الذي حدث منذ حوالي 250 مليون عام. أدت هذه الكارثة، المعروفة باسم "الموت الكبير"، إلى زوال ما يصل إلى 96٪ من الحيوانات البحرية من على كوكب الأرض.
صورة من: Stephanie Abramowicz, courtesy of the Natural History Museum of Los Angeles County
مستويات انقراض كارثية متوقعة
يشير البحث الجديد إلى أنه قد يتم الوصول إلى مستويات انقراض كارثية إذا أطلق العالم غازات الدفيئة بشكل غير مقيد، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الكوكب بأكثر من 4 درجات مئوية من متوسط درجة الحرارة التي كانت عليها الأرض في أوقات ما قبل الصناعة وذلك بحلول نهاية القرن الحالي. من شأن ذلك أن يؤدي إلى انقراض أنواع حية قد تعيد تشكيل الحياة في المحيط لعدة قرون أخرى.
صورة من: Tomasz Mikielewicz/Panther Media/picture alliance
الخطر يقترب بسرعة
لكن حتى في أفضل السيناريوهات، لا يزال العالم على وشك فقدان جزء كبير من الحياة البحرية. فعندما ترتفع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين بأعلى مما كانت عليه قبل عصر الصناعة، وهو ما يُتوقع أن يحدث حتى في ظل التعهدات المناخية الحالية من قبل حكومات العالم، سيتم القضاء على حوالي 4 ٪ من إجمالي نحو مليوني نوع من الكائنات البحرية في البحار والمحيطات.
صورة من: W.Poelzer/WILDLIFE/picture alliance
الكائنات القطبية أكثر عرضة للخطر
وفقًا للدراسة، تعتبر الأسماك والثدييات البحرية التي تعيش في المناطق القطبية أكثر عرضة للخطر، لأنها لن تكون قادرة على الهجرة إلى المناخات الأكثر برودة، على عكس الأنواع الاستوائية، ولن تجد تلك الكائنات مكان تذهب إليه.
صورة من: AP
أخطار أخرى
يؤدي خطر تغير المناخ إلى تعاظم الأخطار الرئيسية الأخرى التي تواجهها الحياة المائية، مثل الصيد الجائر والتلوث. وجدت الدراسة أن ما بين 10٪ و 15٪ من الأنواع البحرية معرضة بالفعل لخطر الانقراض بسبب هذه التهديدات المختلفة بحسب بيانات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
صورة من: NAVESH CHITRAKAR/REUTERS
ما نفعله اليوم.. يحدد شكل مستقبلنا
يقول العلماء إن مستقبل الحياة في المحيطات يعتمد بقوة على ما نقرر فعله مع غازات الدفيئة اليوم. وبناء على ذلك سيتحدد شكل المحيطات في المستقبل: إما مساحات مائية شاسعة شبه خالية من أي حياة أو محيطات تحتفظ بما بها من كائنات بحرية. يعتمد ذلك على نجاحنا في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
إعداد: عماد حسن