الأزمة الخليجية.. أقطاب وتحالفات جديدة في الشرق الأوسط؟
٢٨ يونيو ٢٠١٧
تلقي الأزمة الخليجية بظلالها على كل المنطقة، فدخول قوى إقليمية على الخط ينذر بأن موازين القوى والتحالفات قد تنقلب كليا إذا استمرت الأزمة. فكيف ستؤثر هذه الأزمة على مستقبل العلاقات بين تركيا والسعودية وماذا تستفيد إيران؟
إعلان
مازالت الأزمة الخليجية تتصاعد في أسبوعها الثالث رغم كل جهود الوساطة من قوى إقليمية ودولية، وبدأت الأزمة غير المسبوقة تتخذ أبعادا أكبر بحيث يرى خبراء أن استمرارها ومواصلة التصعيد فيها قد يؤثر بشكل كبير على موازين القوى في منطقة الخليج وعموم الشرق الأوسط
فبمجرد إعلان ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر قطع علاقاتها مع قطر سارعت إيران إلى تقديم المساعدة للتخفيف من تداعيات إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، ومن جهتها عبرت تركيا عن مساندتها لقطر بل وأرسلت قوات عسكرية إلى قطر في خطوة أثارت استياء كبيرا لدى السعوديين، حلفاء الأمس القريب.
فماذا يمثل وجود قوات تركية في منطقة اقتصر فيها التواجد العسكري على واشنطن والرياض وطهران؟ وماذا غيرت الأزمة القطرية في موازين القوى في المنطقة وما الدور الذي تلعبه واشنطن في ذلك؟
حضور تركي في قطر
تركيا التي تضاعف نفوذها بشكل كبير في ملفات المنطقة خلال السنوات الأخيرة نزلت بثقلها في الأزمة القطرية، إذ لم تكتف بتصريحات مساندة أو مساعدات غذائية كما فعلت دول أخرى بل أرسلت جنودا إلى قطر التي تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، فهل تم ذلك بعد أخذ إذن واشنطن، وإن صح ذلك فماذا يريد الأمريكان بذلك؟ الكاتب والصحفي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أحمد المصري يستبعد أن تكون أنقرة قد حصلت على ضوء أخضر أمريكي لإرسال قوات إلى قطر.
ويقول في تصريحات لـDW عربية "في اعتقادي تركيا تلعب بهذه الورقة لاستفزاز الأمريكان الذين يتزايد دعمهم للأكراد في سوريا والعراق ولاستغلالها كورقة للضغط، ومن جهة أخرى الولايات المتحدة غضت الطرف عن هذا التدخل التركي لتوريط الأتراك في ملف جديد ما سيضعف تأثيرهم في ملفات أخرى يوجد فيها تباعد في المواقف بينهم وبين أنقرة".
ورغم متانة العلاقات مع السعودية حتى قبيل الأزمة مع قطر، عجل البرلمان التركي مع بدء الأزمة بإقرار قانون في السابع من يونيو/ حزيران يسمح بإرسال المزيد من القوات إلى قاعدة عسكرية في قطر يرابط بها جنود أتراك بموجب اتفاق موقع في 2014. وأفادت صحيفة "حرييت" التركية وقتها بأن نحو 88 عسكري تركي يتواجدون فعلا في قطر.
يشار إلى أن تركيا دولة عضو في حلف الناتو وتضم أكبر قاعدة للحلف في المنطقة. ويرى المصري أن هذا المعطى لا يؤثر على موقع تركيا في المنطقة: "رأينا كيف أن ولا دبابة واحدة من الحلف في القاعدة المتواجدة في تركيا تحركت عندما حدثت محاولة الانقلاب، ولو حتى لحفظ الأمن داخل البلاد".
إيران، المستفيد الأكبر؟
من جهته يرى سمير صالحة أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشؤون التركية أن قرار تركيا الوقوف إلى جانب قطر بهذا الشكل دون مراعاة تقارب المواقف بين أنقرة والرياض بخصوص موضوع الأكراد وخطاب التفاهم التركي السعودي في سوريا والعراق إضافة إلى العلاقات التجارية الكبيرة بين الطرفين، عدم مراعاة كل هذا يعني بناء معادلات سياسية جديدة بالنسبة للبلدين.
ويضيف صالحة أن إيران هي المستفيد الأكبر من كل هذا، فهي ستستفيد من جهة من الخلاف الخليجي القطري ومن جهة أخرى من الخلاف التركي السعودي وهي تدفع بتركيا أكثر إلى صفها. وهذا ما يشاطره أيضا أحمد المصري الذي لا يعتبر أن الأزمة الأخيرة حققت نوعا من التقارب بين طهران وأنقرة "على اعتبار أنهما في نفس الخندق الآن مع الدوحة".
الأزمة الخليجية – أبرز المطالب والشروط المقدمة لقطر
نشرت وكالة أسوشيتد برس مطالب السعودية والإمارات والبحرين ومصر، المقاطعة والمحاصرة لقطر بسبب اتهامها بدعم "الإرهاب". وتضمنت القائمة 13 مطلباً وشرطاً يتوجب على الدوحة تنفيذها خلال عشرة أيام.
صورة من: DW/M. Kos
إغلاق "شبكة الجزيرة الإعلامية"
تضم شبكة الجزيرة الإعلامية: قناة الجزيرة، قناة الجزيرة الوثائقية، الجزيرة الإنجليزية، الجزيرة مباشر، الجزيرة بلقان، الجزيرة التركية، الجزيرة للأطفال، الجزيرة أميركا، موقع الجزيرة نت، مركز الجزيرة للدراسات، معهد الجزيرة للإعلام، شبكة قنوات "بي إن" الرياضية، مدونات الجزيرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Ulmer
إغلاق الإعلام "الممول" قطرياً
كما طالبت الدول الأربع بإغلاق كل وسائل الإعلام "الممولة"، بشكل مباشر أو غير مباشر، من قطر، بما فيها عربي21، والعربي الجديد، ورصد، وMiddle East Eye.
صورة من: alaraby.co.uk
قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران
تضمنت الشروط أيضاً قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وإغلاق قطر تمثيلها الدبلوماسي في طهران وطرد عناصر الحرس الثوري الإيراني من قطر وقطع أي تعاون عسكري مع إيران، والامتناع عن ممارسة أي نشاط تجاري يتعارض مع العقوبات الأميركية على طهران.
صورة من: Irna
الإنهاء الفوري للوجود العسكري التركي في قطر
إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر وإيقاف أي تعاون عسكري مع أنقرة داخل قطر. ووصلت خمس مركبات مدرعة بالإضافة إلى 23 عسكرياً إلى الدوحة الخميس (22 حزيران/يونيو 2017) في تحرك قالت القوات المسلحة التركية إنه يأتي ضمن تدريبات عسكرية واتفاق تعاون. وذكرت صحيفة "حريت" التركية أن هناك نحو 88 جندياً تركياً بالفعل في قطر.
صورة من: picture alliance/AA/M. Aktas
قطع كل الروابط مع "المنظمات الإرهابية"
وقد ورد في قائمة المطالب والشروط قطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم "الدولة الإسلامية" وتنظيم القاعدة وحزب الله اللبناني وجبهة "فتح الشام"، فرع القاعدة السابق في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa
تسليم الشخصيات التي تصفها الدول الأربع بـ"الإرهابية"
إيقاف كل طرق تمويل شخصيات ومجموعات سبق وصنفتها هذا الدول على أنها إرهابية كالقرضاوي، ووجدي غنيم، وعبد الحكيم بلحاج، وطارق الزمر، ومحمد الإسلامبولي. وكذلك تجميد أرصدتها وتسليمهم لبلدانهم وتزويد تلك البلدان بكل المعلومات عن تحركاتهم وسكنهم وأمورهم المالية.
صورة من: picture alliance/AA/Munir Zakiroglu
قطع العلاقات السياسية مع المعارضات لتلك الدول
قطع العلاقات السياسية مع المعارضة في كل من مصر والبحرين والسعودية والإمارات وتسليم تلك البلدان كل الملفات التي تحتوي على علاقات الدوحة السابقة مع تلك الأجسام المعارضة. وسيتم تحديد عدد تلك الملفات بالتنسيق مع الدوحة.
صورة من: Imago
وقف تجنيس مواطني تلك الدول
إنهاء التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية ومصر والبحرين والإمارات ووقف منح الجنسية لمواطني تلك البلدان وسحب الجنسية ممن مُنحت لهم.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
الانحياز للدول الخليجية والعربية
حسب لائحة المطالب والشروط، يتوجب على قطر أن تنحاز إلى دول مجلس التعاون الخليجي وإلى الدول العربية سياسياً وعسكرياً واجتماعياً واقتصادياً، كما نص على ذلك الاتفاق الذي تم التوصل إليه في السعودية عام 2014.
الموافقة على جميع المطالب
كما طالبت اللائحة الدوحة بالموافقة على جميع المطالب والشروط، وإلا اعتبر ذلك انتهاكاً لها. ولم تحدد تلك الدول ماذا ستفعل في حال رفضت قطر ذلك.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/Nikku
دفع تعويضات
تضمنت المطالب أيضاً دفع تعويضات لتلك البلدان الأربعة عما تسببت به السياسات القطرية في السنوات الأخيرة من أضرار بشرية ومادية. سيتم التنسيق مع الدوحة بخصوص المبالغ التي يتوجب عليها دفعها.
صورة من: picture alliance/J. Greve
الموافقة على "التدقيق" على امتثال الدوحة
طالبت كل من السعودية ومصر والبحرين والإمارات قطر بقبول أن تقوم تلك البلدان بـ"التدقيق" بمدى التزامها بالتنفيذ. في السنة الأولى يجب أن يجري التدقيق مرة واحدة شهرياً، وفي الثانية مرة كل ثلاثة شهور وفي العشر سنوات اللاحقة مرة كل عام. (إعداد: خ. س)
صورة من: DW/M. Kos
12 صورة1 | 12
مع ذلك يؤكد المصري أن إردوغان يتعامل بمبدأ "لا يوجد أصدقاء ولا أعداء ثابتون" بدليل أن إردوغان تقرب من روسيا منذ المحاولة الانقلابية بعدما كانت من ألد أعدائه في سوريا.
وتعتبر تركيا أحد أبرز أقطاب الإسلام السني في المنطقة إلى جانب السعودية ومصر، وقد تدهورت علاقة أنقرة والقاهرة بشكل كبير منذ الإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، ويتهم المصريون الأتراك بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي صارت تعتبر تنظيما إرهابيا. ومع توتر العلاقات الآن مع السعودية أيضا، هل يتحول الأمر إلى تنافس على زعامة الإسلام السني؟ الخبير أحمد المصري يستبعد ذلك قائلا: " لا يمكن أن تأخذ تركيا بأي حال مكان السعودية كمرجع للمسلمين لسبب بسيط هو موقعها الجغرافي كأرض الحرمين الشريفين، والسبب الثاني هو أن العرب مازالوا رغم كل شيء ينظرون إلى تركيا كقوة احتلال قديمة".
مستقبل التصعيد
ويتفق الخبيران على أن الموقف الأمريكي في الازمة الخليجية غير واضح، ويقول صالحة إن السياسية التي تعتمدها واشنطن في هذا الملف "تصب الزيت على النار". ولا يستبعد المحلل السياسي أن تسير قطر في اتجاه مراجعة الوجود الأمريكي في قطر في حال تأكدت أن الامريكان حسموا موقفهم لصالح السعودية والدول التي تساندها.
أما فيما يتعلق بالتصعيد بين تركيا والسعودية، فيقول صالحة إن حجمه يتوقف على تطورات الازمة ومسارها، "إذا شعرت تركيا بأن هناك استهدافا مباشرا لها ولمصالحها في هذه الأزمة فسيكون هناك تصعيد أكبر". لكن الخبير أحمد المصري يستبعد أن يتحول هذا التصعيد إلى مواجهة عسكرية، ويقول "عدد القوات التي أرسلتها تركيا قليل جدا، وهو مجرد خطوة لإبداء موقف مع قطر أما أن ترسل عشرات آلاف الجنود فهذا مستبعد من جهة لان ذلك سيعني مواجهة مع السعودية ومن جهة أخرى لأن تركيا منشغلة أيضا بمشاكل داخلية واضطرابات كبيرة خاصة على الحدود مع سوريا فبالتالي لا يمكنها أن ترسل كل هذه القوات".
الكاتبة: سهام أشطو
بعد قطع العلاقات... قطر في مواجهة عاصفة من التحديات
في أزمة غير مسبوقة، خمس دول تُقاطع قطر بسبب اتهامات بأنها تدعم إيران وإسلاميين. قرار يضع قطرالدولة الخليجية الصغيرة في مواجهة عاصفة من التحديات الكبيرة. قائمة بأبرز التحديات التي تواجهها قطر بعد هذا القرار المُفاجئ.
صورة من: Getty Images/AFP/K. Jaafar
سفر مُعلق إلى إشعار آخر
قررت شركات الطيران في الإمارات والسعودية تعليق رحلات السفر من وإلى الدوحة. وألغت السعودية كل التراخيص الممنوحة للخطوط الجوية القطرية وإقفال كل مكاتبها بالبلد. وسيؤثر هذا القرار على حجم الرحلات التي تقارب19 رحلة يوميا بين الدوحة وباقي المدن الخليجية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Mizban
حدود خارج الخدمة
أغلقت السعودية والإمارات والبحرين المنافذ البرية والبحرية و الجوية أمام وسائل النقل القطرية. وستضطر قطر إلى البحث عن طريق بحري بديل لتصدير الألومنيوم الذي يتم عبر ميناء جبل علي في الإمارات، وطريق بري يُعوض معبر أبو سمرة الحدودي بينها وبين السعودية، والذي يشهد عبور 600 إلى 800 شاحنة يوميا.
صورة من: Imago
حصار غدائي
تستورد قطر نحو 80 في المائة من حاجياتها الغذائية من دول الخليج. وبدأ السكان في قطر تخزين المواد الغذائية تحسباً للأسوء، خاصة بعد أن أوقفت الإمارات والسعودية صادرات السكر الأبيض لقطر. ومن شأن هذه الأزمة أن تؤدي إلى نقص مواد التغذية ورفع الأسعار. من جهتها الحكومة القطرية أعلنت أنها "قامت منذ وقت سابق باتخاذ كل ما يلزم من احتياطات لضمان سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/shalome05
تحديات في أسواق المال
أوقفت البنوك الإماراتية تمويل شراء السندات، وشهدت البورصة خسائر كبيرة، حيث هبط مؤشر البورصة القطرية إلى 7،6 في المائة غير أنه بدأ يميل للتحسن. كما تراجعت السندات الدولارية السيادية ما قد يؤثر على التصنيف الائتماني للبلد.
صورة من: Reuters/N. Zeitoon
علاقات دبلوماسية مقطوعة
قطعت الدول الخمس علاقاتها الدبلوماسية مع قطر و أمهلت الدبلوماسيين القطريين 48 ساعة للمغادرة. كما اتخذت قرارات متفرقة بشأن سفر مواطنيها إلى قطر.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
مقاطعة رياضية
لم تسلم الرياضة أيضا من الأزمة، حيث حجبت شركتا "اتصالات" و"دو" قنوات "بي إن سبورت" القطرية بالكامل من قائمة خدماتها. وقررت مصر وقف التعامل مع قنوات "بي إن سبورت"، وانضم أيضا ناديا الأهلي والزمالك إلى باقي المقاطعين.
صورة من: picture alliance/sampics/C. Pahnke
تساؤلات حول تنظيم كأس العالم 2022 في قطر
يرى خبراء في الشؤون الرياضية أن تؤدي الأزمة الدبلوماسية إلى انعكاسات سلبية على استضافة قطر كأس العالم 2022 و كأس الخليج العربي"خليجي23" هذا العام. وتستضيف قطر سنويا الكثير من الأنشطة الرياضية.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Bieri
تضرر القطاع السياحي
سينعكس إغلاق المنافذ الجوية في وجه قطر على الرحلات التجارية والسياحية القادمة إلى البلد. وحسب الهيئة العامة للسياحة القطرية ،من المتوقع أن يُساهم القطاع السياحي عام 2017 بنحو 1.1 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي. إعداد: رضوان المهدوي