الأزمة السورية.. عدو مشترك لا يعني اتفاقا على الأولويات
٩ سبتمبر ٢٠١٥
مع أن التدفق الهائل للاجئين السوريين نحو أوروبا يدفع باتجاه السعي للخروج من "الفوضى السورية"، فإن القوى المؤثرة في هذا الملف من الدول الغربية إلى روسيا وإيران لا تزال بعيدة جداً عن الاتفاق على طرح موحد لحل هذه الأزمة.
صورة من: DW/AA/I. Hariri
إعلان
تقوم موسكو الحليفة القوية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بنشاط دبلوماسي مكثف، إلا أنها في الوقت نفسه تواصل إرسال الأسلحة إلى سوريا ما يثير قلق الإدارة الأمريكية. وقال دبلوماسي أوروبي طالباً عدم الكشف عن اسمه "إن الروس الذين لا يخفون دعمهم الكبير للأسد يحاولون دفع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى التفاوض حول سوريا. إلا أن الرئيس باراك أوباما يرفض ذلك".
عمليات القصف غير كافية
وتقود الولايات المتحدة منذ نحو سنة تحالفاً غربياً عربياً يوجه ضربات جوية إلى الجهاديين في سوريا والعراق حيث مراكز انتشار تنظيم "الدولة الإسلامية" بشكل خاص. وتؤكد الولايات المتحدة أن هذه الضربات تحقق نجاحات، إلا أن ما يتذكره الرأي العام بشكل خاص هو سقوط مدينتي الرمادي العراقية وتدمر السورية بأيدي التنظيم المتطرف.
تؤكد الولايات المتحدة أن ضرباتها ضد تنظيم "داعش" تحقق نجاحات، إلا أن ما يتذكره الرأي العام بشكل خاص هو سقوط مدينتي الرمادي العراقية وتدمر السورية بأيدي التنظيم المتطرف.صورة من: picture-alliance/AP Photo
وتقول كلير تالون من الاتحاد الدولي لرابطات الدفاع عن حقوق الإنسان إن "عمليات القصف الجوي ليست كافية بالتأكيد، حتى أننا بتنا نتساءل ما إذا كانت ضرورية"، مضيفة "أن ضربات الائتلاف لم تغير شيئاً منذ عام. لا بل بالعكس فقد سهلت تقدم داعش في سوريا".
من جهته يقول أميل حكيم من المؤسسة الدولية للدراسات الإستراتيجية إن "كون العدو واحد لا يعني اتفاق الدول على أولويات واحدة والقتال بالطريقة نفسها"، مشيراً إلى "وجود خلافات أساسية بين الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج".
وبعد أن كانت ترفض المشاركة في ضربات جوية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا تخوفاً من أن يؤدي الأمر إلى دعم نظام الرئيس السوري، عادت بريطانيا وفرنسا وقررتا المشاركة في العمليات العسكرية في هذا البلد. كما حذت استراليا حذو هذين البلدين.
مشاكل إستراتيجية
وكانت فرنسا تعرضت لاعتداء جهادي مطلع العام الحالي أدى إلى مقتل 17 فرنسياً في باريس، فيما قتل ثلاثون بريطانيا في تونس في حزيران/ يونيو الماضي في اعتداء مماثل.
إلا أن الخبراء يجمعون على الاعتقاد بان هذا التدخل الجوي الإضافي لكل من بريطانيا وفرنسا في سوريا لن يؤدي إلى تراجع تنظيم "الدولة الإسلامية". وأضاف أميل حكيم "أن المسألة ليست مسألة قدرات بقدر ما هي مشكلة إستراتيجية، والإستراتيجية لن تتغير في حال مشاركة طائرات إضافية في تدمير مزيد من الأهداف".
ذكريات ومعاناة.. رحلة إلى ألمانيا يرويها لاجئ بصوره
فرّ الشاب السوري هشام المعضماني، البالغ من العمر 24 عاماً، من بلدته داريا بعد مجزرة نفذها النظام السوري عام 2012. رحلة اللجوء إلى ألمانيا استغرقت إجمالاً ثلاث سنوات، إلا أنه وثق مسار رحلته داخل أوروبا بصور أرسلها إلى DW.
صورة من: Hesham Moadamani
البداية
"رحلتي بدأت بطائرة من الأردن إلى اسطنبول التركية. في الأردن بقيت عامين كاملين أنتظر الفرصة وأوفر المال للسفر. لم أستطع الحصول على جواز سفر إلا بالرشوة. قبلها كنت قد دخلت الأردن، ولكن السلطات أعادتني إلى سوريا رغم الحرب والقتل، والتي بقيت فيها شهراً حتى تمكنت من دخول الأردن مرة أخرى عن طريق أحد المعارف".
صورة من: Hesham Moadamani
المجازفة بالحياة للوصول إلى أوروبا
"الخطة الخطيرة وشبه المستحيلة التي اقترحها صديق عليّ: "توفير ثمن التهريب والسباحة إلى اليونان". أردنا السباحة مسافة كيلومترين إلى جزيرة مهجورة والاستراحة فيها 15 دقيقة، ومنها كيلومتراً واحداً للجزيرة الثانية والاستراحة، وبعدها ثلاثة كيلومترات لجزيرة كيوس".
صورة من: Google/Hesham Moadamani
استعدادات لمواجهة المجهول
"اشتريت سترة نجاة وزعانف وضوء ليزر وبعض الطعام، وعدنا ننتظر حلول الليل للانطلاق. كان الماء بارداً للغاية، وعند وصولنا للجزيرة الأولى، حامت الطيور فوق رؤوسنا ظناً أننا جثث. شعرت بخوف شديد وقررت الانطلاق فوراً للجزيرة الثانية، التي تبين أنها صخرة صعبة التسلق، فأكملت وسط تيارات قوية وأمواج عاتية، إلى أن شعرت بالإرهاق الشديد، فأشرت لإحدى السفن، التي اتصلت بخفر السواحل اليوناني لينقذني".
صورة من: Hesham Moadamani
كنا محظوظين...
"علمت فيما بعد أن شباناً آخرين حاولوا نهج نفس خطتنا والسباحة إلى جزيرة كيوس، ولكنهم ضلوا الطريق في البحر وبقوا عائمين ست ساعات كاملة، قبل أن ينقذهم خفر السواحل التركي ويعيدهم إلى تركيا".
صورة من: Hesham Moadamani
سجلوني في اليونان
"بعد وصولي إلى اليونان، تم اقتيادي إلى مركز للشرطة، ومنه إلى مخيم لاستقبال اللاجئين، حيث مكثت يومين. بعدها تم تصويري وأخذت بصماتي، ومُنحت لي وثيقة (في الصورة) تعطيني الحق في البقاء باليونان لمدة ستة شهور، أطالب بعدها بمغادرة البلاد أو طلب اللجوء فيه. ولكنني – مثل جميع السوريين – حزمت أمتعتي وانطلقت إلى الشمال بعد يوم واحد من حصولي على الوثيقة".
صورة من: Hesham Moadamani
موسم الهجرة إلى الشمال
"على متن عبّارة متجهة إلى العاصمة اليونانية أثينا من جزيرة كيوس. الرحلة تستغرق عشر ساعات. من أثينا ستبدأ المعاناة الحقيقية، التي ستنتهي في ألمانيا".
صورة من: Hesham Moadamani
يورو واحد!
"عندما وصلنا إلى الحدود بين اليونان ومقدونيا، لم يُسمح لنا بالحجز على قطار أو حافلة، ما اضطرنا للمشي 25 ساعة كاملة بين الغابات وفي ظل خطر قطاع الطرق الذين يسلبون اللاجئين حتى صربيا. بعد الـ25 ساعة صادفنا قطاراً محملاً باللاجئين، وعندما أبدينا دهشتنا، قالوا لنا إنهم دفعوا يورو واحد إضافي لموظف المحطة (رشوة) كي يحجز لهم تذكرة!
صورة من: Hesham Moadamani
جسر الحياة أو الموت
"عبور هذا الجسر في اليونان مسألة حياة أو موت، ذلك أنه ضيق ولا يتسع إلا لقطار واحد دون ممر للمشاة على جانبيه. تعبره القطارات كل 20 دقيقة. لذلك كان من الضروري عبور هذا الجسر (المبني على ارتفاع شاهق فوق نهر) بسرعة فائقة. عبرناه ركضاً".
صورة من: Hesham Moadamani
استراحة لاجئ
"في الطريق من اليونان إلى مقدونيا، أصبحنا ثمانية أشخاص. كنا نمشي أربع ساعات ونرتاح ربع ساعة. في هذه الصورة ترى صديقي (أبو جمال) وهو يرتاح بجانب السكة الحديدية، التي اتخذناها معلماً لتحديد وجهتنا، بجانب جهاز الملاحة (جي بي إس).
صورة من: Hesham Moadamani
طريق طويل وشاق
"مشهد من الطريق بين اليونان ومقدونيا ... رحلة قضينا فيها 25 ساعة سيراً على الأقدام ووسط مخاطر وأهوال".
صورة من: Hesham Moadamani
في مواجهة الجيش
"بعد مسيرة طويلة على خط للسكة الحديدية، وصلنا قرب الحدود المقدونية الصربية، وهناك ركبنا سيارة أجرة نقلتنا إلى المعبر الحدودي. لم يُسمح لنا باجتياز المعبر إلى صربيا، فقررنا الانتظار حتى أرخى الليل سدوله، وقمنا باجتياز الحدود سراً. فوجئنا بتواجد الجيش الصربي في المنطقة، فاختبأنا وتسللنا على مدى خمس ساعات حتى وصلنا إلى محطة قطار في إحدى القرى الصربية".
صورة من: Hesham Moadamani
بلغراد ثم بودابست
"عقب وصولنا إلى القرية الصربية بعد مسيرة ست ساعات، قمنا بحجز تذكرة إلى العاصمة بلغراد ومنها استكملنا الطريق. لكن عندما وصل قطارنا إلى المحطة، فوجئنا بالشرطة توقفنا وتمنعنا من الصعود بدون وثيقة تسجيل لاجئين. لذلك فاتنا القطار. لكن الشرطة وجهتنا إلى قطار آخر (في الصورة) حثتنا على المبيت فيه حتى موعد انطلاقه إلى بلغراد في الثالثة صباحاً".
صورة من: Hesham Moadamani
الخطوات الأخيرة نحو الأمان
"وصلت إلى العاصمة الهنغارية بودابست لوحدي، بعد أن انفصلت عن بقية المجموعة. استأجرت غرفة في أحد الفنادق وبدأت في البحث عن مطعم أو مقهى بغرض الاتصال بشبكة الإنترنت والبحث عن سيارة تنقلني من بودابست إلى وجهتي الأخير – ألمانيا. في مساء اليوم الذي التقطت فيه هذه الصورة، عثرت على سيارة نقلتنا من المجر إلى النمسا ومنها وصلنا إلى ألمانيا في الثانية من صباح اليوم التالي".
صورة من: Hesham Moadamani
مشاعر متناقضة
"كنت أحياناً أحس أنني سائح في بودابست، وفي نفس الوقت كنت متحمساً لوصولي إلى هنغاريا، وهي المحطة قبل الأخيرة في الطريق إلى ألمانيا. مشاعر مختلطة وخوف من المجهول كان ينتابني".
صورة من: Hesham Moadamani
"سوريون؟ أهلا بكم في ألمانيا"
"في ألمانيا، أوقفتنا الشرطة على الطريق السريع. كنا 12 ( شخصاً والسائق) في سيارة كبيرة. على الفور تم اعتقال السائق، وبعدها سألنا رجال الشرطة: هل أنتم سوريون؟ وعندما أجبنا بنعم، قالوا لنا: أهلاً بكم في ألمانيا. شعرت بالسعادة تغمرني وتفيض من داخلي". (صورة من الأرشيف)
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
15 صورة1 | 15
ووافق الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بشكل غير مباشر على هذا التحليل عندما شدد الاثنين الماضي على ضرورة تغيير النظام في سوريا، وقيام تشاور بين جميع القوى المؤثرة في الملف السوري وخاصة روسيا وإيران. وبعد أن عادت إيران إلى الساحة الدبلوماسية إثر توصلها إلى اتفاق حول ملفها النووي مع القوى الكبرى، بات بإمكانها أن تلعب دوراً أساسياً في تسوية النزاع السوري. وقال الخبير حكيم بهذا الصدد "لا اعتقد أنهم سيلينون (الإيرانيون) موقفهم بل أن العكس هو الذي يحصل وهم يخوضون معركة بقاء الأسد".
كما توقع المحلل جيفري وايت من "واشنطن اينستيتيوت فور نير ايست بوليسي" أن يزيد الإيرانيون دعمهم للرئيس السوري.
دور عربي ممكن؟
ويبقى السؤال حول الدور الذي يمكن أن تقوم به الدول العربية، وعلى رأسها المملكة السعودية التي تعتبر تنظيم "الدولة الإسلامية" عدواً، لكنها في الوقت نفسه تعتبر إيران خصمها الرئيسي. ويشارك عدد من الدول العربية في قصف مواقع لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، إلا أن الدعم الذي يقدمونه إلى المعارضة السورية المسلحة ليس متجانساً. وقال خبير في المنطقة "إن السعوديين لا يتعاطون مع جبهة النصرة، في حين أن قطر تدعمها".
وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على اندلاع النزاع في سوريا، لا يزال احتمال جمع الفاعلين في الملف السوري ضعيفاً جداً واقرب إلى الأمنيات. وقال مسؤول غربي بهذا الصدد طالباً عدم الكشف عن اسمه "أن سوريا هي مشكلة مستعصية على الحل".
وقالت كلير تالون إن الأولوية يجب أن تتركز في الوقت الحاضر "على إيجاد حل سياسي يتيح رحيل بشار الأسد المسؤول عن أعمال العنف الشديدة ضد شعبه، فهو العقبة الأساسية أمام عودة السلام".
أما حكيم فيقول من جانبه: "من الخطورة بمكان التركيز على داعش وحدها"، مضيفاً "أن غالبية اللاجئين يغادرون سوريا بسبب الأسد وليس بسبب الدولة الإسلامية". ويختم جيفري وايت قائلاً في إشارة إلى الأسد "أنه المشكلة".