الأزمة السياسية في تونس تتصاعد.. أي دور يلعبه الجيش؟
٢١ سبتمبر ٢٠٢١
يمكن القول إن المؤسسة العسكرية التونسية هي الوحيدة في العالم العربي التي لم تنخرط في السياسة. أما الآن فيخشى البعض من اصطاف الجيش إلى جانب الرئيس قيس سعيّد الذي اتخذ إجراءات وصفتها بعض القوى التونسية بأنها "غير دستورية".
إعلان
في السادس والعشرين من يوليو / تموز الماضي، وفي خضم إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن قرار بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة حكومة هشام المشيشي، انتشر على نطاق كبير فيديو يُظهر منع عناصر من الجيش رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، وعددا من النواب من دخول مبنى البرلمان فجر ذاك اليوم.
وفي ذلك الوقت، قال الجنود خارج بوابة مقر مجلس النواب التونسي وهم يمنعون الغنوشي والنواب الذين كانوا برفقته "إن الجيش تلقى الأوامر".
وبعد مرور أكثر من شهرين، يبدو أن الحل بعيد المنال فلا تزال تونس حبيسة أزمة وتوترات سياسية وسط أوضاع اقتصادية صعبة خاصة في ظل أزمة جائحة كورونا.
وفي الوقت نفسه، لا تزال تتباين الآراء حيال قرارات قيس سعيّد؛ فأنصار الرئيس التونسي يرون أن ما أقدم عليه كان ضروريا لإنهاء الجمود السياسي التي عصف بتونس في الآونة الأخيرة.
وعلى الجانب الآخر، يشير معارضو الرئيس التونسي أن قراراته غير دستورية بل ذهبوا إلى القول بأن سعيّد في طريقه للتحول إلى "ديكتاتور" يهدد الديمقراطية الوليدة في تونس – مهد الربيع العربي. وبدا جليا استمرار حالة التباين خلال الأسبوع الماضي إذ شهدت شوارع العاصمة تونس تظاهرات بين أنصار الرئيس سعيّد ومعارضيه.
بيد أن الاختلاف الكبير بين ما يراه البعض "دكتاتورية محتملة" في تونس وبين أحداث مماثلة وقعت في دول في المنطقة، يتمثل في الدور الذي يلعبه الجيش التونسي. فعلى مدار عقود، ظل الجيش التونسي بعيدا عن السياسة، لكنه الإجراءات التي اتخذها في يوليو/ تموز أثارت في الوقت الحالي بعض القلق.
وهو ما أشار إليه الصحافي التونسي حمادي الأسود في مقال نشر على منصة "نواة" الإعلامية بقوله: "لم يسبق أن سيطر الجيش على مبنى البرلمان وعلى كل منافذه، ليصبح المتحكم في الدخول والخروج إليه".
وأضاف أن حادثة منع الغنوشي "جعلتنا نطرح سؤالا حول علاقة الجيش بالسياسة في تونس. فهل هو عنصر فاعل فيها أم يُستنجد به في بعض المحطات فقط؟".
وفي مقال رأي في مجلة "فورين بوليسي" هذا الشهر، يرى رضوان المصمودي - رئيس مركز دراسات الإسلام والديمقراطية بواشنطن وعضو في حزب النهضة – أن حادثة منع الغنوشي تعد "الواقعة الأولى في تاريخ تونس الحديث حيث يتورط الجيش في القضايا السياسية ومن الواضح أن الأمر غير دستوري".
نقص التمويل والنزاهة
وبالحديث عن المؤسسة العسكرية التونسية، تجدر الإشارة إلى أن الجيش التونسي يعد من أصغر الجيوش في المنطقة إذ يحتل المرتبة الـ 73 على مستوى العالم فيما يتعلق بالقدرة النارية والقتالية والمرتبة الحادية عشر بين أقوى 16 جيشا في الشرق الأوسط.
ومنذ خمسينيات القرن الماضي، تم تحييد الجيش التونسي عن عمد من قبل قادة البلاد خوفا من أن يمثل الجيش تهديدا محتملا لحكمهم الاستبدادي وقد انطوى على ذلك أن تعرض الجيش التونسي لأزمة تتعلق بنقص التمويل فضلا عن ضمان تنوع القادة العسكريين وعدم السماح للجنود بالتصويت.
لكن في عام 2017، رُفع حظر الاقتراع الذي كان مفروضا على الجنود وقادة الجيش من حقبة الاستقلال.
ويُنظر إلى حيادية المؤسسة العسكرية التونسية على نطاق كبير بأنها كانت أحد الأسباب الرئيسية وراء نجاح الثورة التونسية التي يٌفضل البعض أن يطلق عليها اسم "ثورة الياسمين" عام 2011 والتي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وأشعلت شرارة الربيع العربي في حينه.
وخلال الثورة، لم يقدم الجيش على إطلاق النار على المتظاهرين المناهضين للحكومة بل قام الجنود بحماية ممتلكات الدولة.
وفي عام 2016، أشار محللون في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في مقال تحليلي حول كيفية تطور الجيش التونسي: "لأنهم كانوا يتقاضون رواتب قليلة ويعانون من قلّة التجهيزات ومحرومين من النفوذ السياسي، فقد كان السواد الأعظم من الضباط مستائين من بن علي".
وأضاف تقرير كارنيغي: "وعندما بدأت الانتفاضة الشعبية في كانون الأول/ديسمبر 2010 وأطاحت في نهاية المطاف ببن علي، لم يشعر غالبية الضباط بأي ندم."
شعبية الجيش التونسي؟
وكان اصطفاف الجيش إلى جانب المتظاهرين إبان الثورة بمثابة سببا وراء تزايد شعبيته بين التونسيين. ففي استطلاع للرأي لشبكة "أفروباروميتر" شمل طرح تساؤلات على التونسيين حيال المؤسسة التي تحظى بثقتهم، كانت المؤسسة العسكرية الأكثر موثوقية في البلاد.
وقد كشف الاستطلاع أن 85 بالمائة من التونسيين يثقون في القوات المسلحة أكثر من رجال الشرطة ورجال الدين والقضاء وحتى السياسيين.
وفيما يتعلق بسلطة البلاد الحالية، قالت ألفة الحامدي – مركز الدراسات الإستراتيجية حول تونس في واشنطن- "إن حكومة سعيّد بدأت في الالتفاف حول القوات المسلحة"، ربما للاستفادة من شعبية الجيش بين التونسيين.
يشار إلى ان الحامدي أصبحت شخصية مثيرة للجدل في تونس في الآونة الأخيرة عقب توليها لفترة قصيرة منصب المديرة التنفيذية لشركة الخطوط التونسية على وقع انتقادات بكونها محسوبة على حزب النهضة. وأضافت الحامدي أن الرئيس التونسي يعمل على الخلط بين السياسة والجيش بشكل متزايد.
يشار إلى أن قيس سعيّد قد ألقى العديد من الخطب في مواقع عسكرية وكان محاطا بالعديد من كبار قادة الجيش فيما أشرك الجيش في مشاريع الأشغال العامة مثل مكافحة جائحة كورونا وقام أيضا بترقية القادة العسكريين إلى مناصب مدنية.
ففي أغسطس / آب المنصرم، كلف قيس سعيّد علي مرابط- جنرال سابق كان مسؤولا عن حملات التطعيم ضد كورونا بمحافظة تطاوين جنوبي تونس - بتسيير وزارة الصحة.
سابقة خطيرة
ويُنظر إلى احتمالية استخدام المحاكم العسكرية في محاكمة المعارضين السياسيين بأنها أكثر القضايا المقلقة فيما يتعلق بزيادة انخراط الجيش في الحياة العامة في تونس. فقد ذكر معهد بروكينغز في عام 2019 أن ثلاثة محاكم عسكرية استخدمت بالفعل لاستهداف عدد من المدنيين بمن فيهم معارضون سياسيون ومدونون.
وفي وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الجاري، أكدت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس على أنها سترفض "إحالة المحامين والمدنيين على القضاء العسكري".
ورغم كل هذه المعطيات، فإنه من الصعب توقع الدور المستقبلي الذي سوف تلعبه المؤسسة العسكرية التونسية حيال مصير البلاد بقدر صعوبة التكهن بأن قيس سعيّد هو الزعيم السلطوي القادم لتونس أم أن ما فعله كان الخيار الوحيد أمامه للتعاطي مع المأزق السياسي والأزمة الاقتصادية في البلاد؟
وفيما يتعلق بالمحاكم العسكرية، قال تيموثي هازن - أستاذ العلوم السياسية في جامعة إلمهورست بولاية إلينوي الأمريكية- "من منظور قيس سعيّد، إذا تعذر إصلاح المؤسسات السياسية، فإنه من المنطقي استخدام المحاكم العسكرية بدلا من المحاكم المدنية القابلة للفساد على المدى القصير".
بيد أن هازن – الذي كتب دراسة عن دور الجيوش العربية في ثورات الربيع العربي عام 2016- قال إن هذا الأمر يحمل في طياته "سابقة خطيرة".
تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعثر
في خطوة جديدة باتجاه تغيير مسار الانتقال الديمقراطي المتعثر في تونس، وبعد شهرين من إقالة الحكومة وتجميد البرلمان، أعلن الرئيس سعيّد إلغاء العمل بعدد من فصول الدستور. وذلك في أكبر أزمة سياسية بالبلاد منذ ثورة 2011.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد. اعداد: علاء جمعة/م.س
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
18 صورة1 | 18
العنف ضد المدنيين
وإزاء ذلك، تتباين آراء التونسيين حيال خطورة تزايد دور الجيش في الحياة العامة. ففي مقابلة مع DW، قال عبد المجيد بالطيب – متقاعد- إن دور الجيش "مقبول وضروري. وبسبب فشل النظام السياسي والبرلمان الذي أشبه بالمافيا، اضطر قيس سعيّد إلى طلب المساعدة من الجيش لإنقاذ تونس والتونسيين". وأشاد بالطريقة التي ساعد بها الجيش في وقف تفشي وباء كورونا.
أما عماد بن فرج - موظف في القطاع الخاص – فله رأي مخالف لذلك. إذ شدد على أن "الخطوة الأخطر الذي أقدم عليها قيس سعيّد تتمثل في تكثيف تواجد العسكريين في الشؤون المدنية وايضا محاولته جر الجيش من معركة مكافحة الجائحة إلى معترك الأزمة السياسية".
وقال إن هذا الأمر قد "يشكل خطرا كبيرا على ديمقراطيتنا الناشئة في المستقبل".
أما هازن فيرى أن البعض يعتقد أن هناك مبالغة أو نفاق حيال التصور بأن الجيش التونسي انتهك الدستور هذا الصيف لأن "بعض الجنود دعموا إجراء حل البرلمان". وإزاء ذلك، لا يعتقد هازن أن الجيش التونسي سيظل على ولائه لسياسي واحد بعينه إذا تدهور الوضع وذلك استنادا إلى تاريخ المؤسسة العسكرية والطريقة التي تعمل بها.
وفي مقابلة مع DW، قال هازن إن هناك "حدا معينا للدعم الذي سيحصل عليه قيس سعيّد من الجيش."
وأضاف "إذا خرج المتظاهرون التونسيون إلى الشارع بأعداد غفيرة، فإن التاريخ يشير إلى أن الجيش سيتراجع ولن يتجاوز المستويات المرتفعة من العنف ضد المدنيين (كما وقع في الماضي)".
كاثرين شير وطارق القيزاني/ م.ع
بعد عقد من "الربيع العربي".. أفول حكم الأحزاب الإسلامية؟
بعد الانتفاضات التي شهدتها عدة دول عربية عام 2011، تمكن عدد من الأحزاب الإسلامية من الفوز في الانتخابات والوصول إلى الحكم. لكن، وبعد مرور عقد على "الربيع العربي" يتحول التيار وبشكل تدريجي ضد الإسلاميين.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Senna
"هزيمة آخر حكومات الإسلاميين في المنطقة"
تعتبر خسارة إسلاميي المغرب في الانتخابات التشريعية في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2021 نكسة جديدة للإسلاميين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. صحيفة "نيويورك تايمز" وصفت هذا الإخفاق بأنه "هزيمة آخر حكومات الإسلاميين في المنطقة".
صورة من: Jalal Morchidi /picture alliance /AA
الوصول إلى السلطة في المغرب عام 2011
وصل إسلاميو حزب "العدالة والتنمية" في المغرب إلى السلطة عقب انتخابات مبكرة وتعديل دستوري أعلن عنه العاهل المغربي محمد السادس بعد احتجاجات شهدتها البلاد عام 2011 خلال موجة الربيع العربي التي أشعلت المنطقة.
صورة من: Ismail Bellaouali
الفوز في انتخابات 2011 و2016
استمر حزب "العدالة والتنمية" في قيادة الحكومة لولايتين متتاليتين، بعد تصدره نتائج انتخابات عامي 2011 و2016، مما جعل هذه التجربة الفريدة بالمغرب موضع اهتمام ودراسة ومقارنة مع تجارب دول عربية أخرى اتسمت بإقصاء الإسلاميين.
صورة من: Reuters/Y. Boudlal
أول رئيس إسلامي لمصر
في أول انتخابات برلمانية بعد الإطاحة بنظام مبارك، فازت الأحزاب الإسلامية بثلثي مقاعد البرلمان، نصفها تقريباً لجماعة الإخوان المسلمين. وفي الانتخابات الرئاسية عام 2012 فاز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية بنسبة 51,7%من إجمالي أصوات المشاركين، ليصبح أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً في تاريخ البلاد وكذلك أول رئيس إسلامي لمصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Weiken
من رأس السلطة إلى قائمة الإرهاب
لم يحكم الإخوان سوى عاما واحدا فقط. فبعد أن أطاح الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي بمرسي، في الثالث من تموز/يوليو، بدأت السلطات بشن حملة قمع واسعة ضد الإخوان، كما فضت قوات الأمن بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي، ما أسفر عن مقتل 800 على الأقل من المتظاهرين. وصدرت أحكام بالإعدام على المئات، بينهم مرسي، في محاكمات جماعية نددت بها الأمم المتحدة، وتوفي مرسي خلال إحدى جلسات المحاكمة في عام 2019.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعليق البرلمان الذي كان يسيطر عليه حزب النهضة
في 26 يوليو/ تموز 2021، قام الرئيس التونسي قيس سعيد بتعليق البرلمان الذي كان يسيطر عليه حزب النهضة الإسلامي، في خطوة وصفها بعض المراقبين بـ"الانقلاب". مرّ شهر على قرارات سعيّد بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب وإقالة رئيس الحكومة، ولم يعلن بعد عن خارطة الطريق الذي وعد بها، مقابل استمرار قرارات بالاعتقال أو بحظر السفر بحق عدة شخصيات سياسية واقتصادية.
صورة من: Khaled Nasraoui/dpa/picture alliance
توقف حركة النهضة عن مهاجمة الرئيس
واصل سعيد إصدار قراراته بإعلانه استمرار الإجراءات الاستثنائية، دون أن يعطي تاريخاً محدداً لإنهاء هذا الوضع. وخلال 30 يوما من "الحكم الفردي"، أرسل سعيّد إشارات بارزة لخصومه تفيد بأنه عازم على وضع بصمته، بينما انكفأت حركة النهضة الإسلامية على نفسها ولم تعد تهاجم الرئيس كما فعلت خلال أولى أيام انقلابه عليها.
صورة من: Tunisian presidency Facebook page/AFP
فشل إسلاميي الجزائر في الفوز بالمرتبة الأولى
حقق الإسلاميون في الجزائر نصف انتصار في الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 12 يونيو/ حزيران 2021، بعد مضاعفتهم لحصتهم من المقاعد البرلمانية، لكنهم لم ينجحوا في الفوز بالمرتبة الأولى، وتشكيل الحكومة. وقد تمكنت حركة مجتمع السلم الإسلامية، من مضاعفة عدد مقاعدها في الانتخابات، بعدما حصلت على 64 مقعدا مقارنة بانتخابات 2017، التي حصلت فيها بالتحالف مع حركة التغيير على 34 مقعدا.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Kramdi
خسارة الإسلاميين في أول انتخابات بعد القذافي
في عام 2012 فاز ائتلاف القوى الوطنية "الليبرالي" بزعامة رئيس الوزراء السابق محمود جبريل بـ 39 مقعدا، من إجمالي 80 مقعدا مخصصة للقوائم الحزبية. وفاز حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بزعامة محمد حسن صوان، بـ 17 مقعدا فقط، فيما اكتفى حزب الجبهة الوطنية، الذي انبثق عن الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا التي كانت معارضة للقذافي في الثمانينيات، بزعامة محمد المقريف بثلاثة مقاعد فقط.
صورة من: picture-alliance/dpa
التيار الإسلامي يمنى بالخسارة من جديد
في الانتخابات البرلمانية الليبية لعام 2014 تقدم التياران "المدني" والليبيرالي بصورة واضحة على التيار الإسلامي. ويُذكر أن ليبيا لم تشهد الاستقرار المنشود، بل صارت ساحة صراع للميليشيات المسلحة المتنافسة على السلطة هناك؛ والتي استدعت بدورها قوى إقليمية ودولية مما حوّل البلاد إلى ساحة نزاع إقليمي وحروب تخاض بالنيابة.
صورة من: Abdullah Doma/AFP/Getty Images
تجربة امتدت إلى ثلاثة عقود
تجربة إسلاميي السودان في الحكم كانت الأطول، واستمرت طوال ثلاثة عقود في الفترة بين 1989 و2019. لكن وبعد عدة اضطرابات إقليمية وأزمات داخلية كان آخرها انفصال جنوب السودان عن البلاد في 2011، شهد السودان انتفاضات شعبية تزامنت مع ثورات "الربيع العربي"، وانتهت في 2019 بإسقاط نظام عمر البشير.