الأزمة المالية في تركيا.. اللجوء إلى ألمانيا هو الحل؟
٢٢ سبتمبر ٢٠١٨
في ظل استمرار أزمتها الاقتصادية، لجأت تركيا إلى ألمانيا من أجل الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي من أقوى اقتصاد أوروبي. وتسعى من خلال زيارة أردوغان المرتقبة وزيارة صهره التمهيدية لتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
إعلان
دفع ارتفاع الدولار والانخفاض في قيمة الليرة تركيا المضطربة اقتصادياً إلى اللجوء مرة أخرى إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي في المسائل المالية. وسيتصدر الملف الاقتصادي جدول أعمال الزيارة الرسمية للرئيس رجب طيب أردوغان نهاية الشهر لبرلين.
هدف أنقرة هو الحصول على الدعم السياسي والاقتصادي من ألمانيا، أقوى بلد اقتصادي في أوروبا. وهذا هو سبب زيارة وزير المالية التركي بيرات البيرق، صهر الرئيس أردوغان، برلين في 21 أيلول/سبتمبر، مع وزراء الشؤون الاقتصادية والطاقة، لخلق جو من الثقة والتحضير للزيارة الرئاسية المرتقبة واللقاء مع وزير المالية الألماني أولاف شولتس ووزير الاقتصاد والطاقة بيتر التماير.
البحث عن مخرج من الأزمة المالية
"دعم برلين مهم جداً لأنقرة"، كما يرى أوزغر أونلويسكارسيكلي، مدير مكتب تركيا في صندوق مارشال الألماني. ويضيف المسؤول أن السبب وراء أهمية هذا الدعم هو "لأن تركيا ستحتاج إلى دعم ألمانيا إذا كانت تسعى إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي.إن الاقتصاد التركي يحتاجحالياً إلى الأمن والاستقرار. ولهذا السبب، فإن أنقرة تتوقع بالأساسأن تظهر ألمانيا أنها تقف إلى جانب تركيا".
في المقابل، عبرت الحكومة الألمانية عن انتظارات واضحة من أنقرة، إذ قال متحدث باسم وزارة الشؤون الاقتصادية الألمانية في مقابلة مع DW: "نريد أن تكون تركيا دولة مستقرة وديمقراطية، ويمكن للعلاقات الاقتصادية الجيدة أن تسهم في ذلك".
الخوف من موجات لاجئين
ويرجع سبب تكرار مطالبة السياسيين الألمان والأوروبيين بالاستقرار والديمقراطيةخلال المحادثات مع الحكومة التركية،بحسب الخبير الاقتصادي من مدينة كونستانس، إردال يالسين، إلى مبدأ بسيط: "إذا استمر الوضع الاقتصادي في تركيا في عدم الاستقرار، فمن الممكن أن يقصد مئات الآلاف من اللاجئين السوريين أوروبا". إن مسؤولية استقرار الوضع الاقتصادي التركي تقع على عاتق تركيا، بحسب الخبير الاقتصادي، الذي يرى أنه من بين الأمور الأخرى أيضاً، التي وجب على تركيا أخذها بعين الاعتبار هي وجوب تعزيز استقلالية البنك المركزي التركي.
مؤخراً عزز الرئيس أردوغان نفوذه على البنك المركزي، وهذا يعني مستقبلاً أنه سيحدد بمفرده من يستلم زمام الأمور هناك. وقال يالسين بأن "المستشارة ميركل كانت قد أشارت في السابق، بأن ألمانيا يمكنها دعم تركيا في حالة واحدة فقط، إذا ما اتخذت خطوات السياسة والاقتصادية الصحيحة".
الدعم بين الماضي والحاضر
وتعد الأزمة في العلاقات التركية مع واشنطن أحد الأسباب الرئيسية لعودة أنقرة إلى أوروبا. وذلك بسبب سجن القس الأمريكي أندرو برونسون في تركيا، إذ تدخل العلاقات بين البلدين في مرحلة صعبة. ولهذا في حالة تقدمت تركيا بطلب للحصول على مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي، فقد تفشلبسبب تصويت واشنطن، لأن الولايات المتحدةتملك أكبر حصة من الأصوات في صندوق النقد الدولي.
بالنسبة لأوزغر أونلويسكارسيكلي، فقد تبادلت كل من واشنطن وبرلين الأدوار: "في الماضي، أقنعت الولايات المتحدة ألمانيا بدعم تركيا، ولكن نظراً للتوترات الحالية مع إدارة دونالد ترامب، قد تحتاج تركيا الآن إلى دعم ألماني". حالياً، لا تزال الحكومة التركية تبحث عن الدعم الاقتصادي خارج صندوق النقد الدولي. وتأمل في الاستثمار من قبل الشركات الألمانية ومنح ضمانات القروض المناسبة.
رأس المال جبان
من جانبها تؤكد الشركات الألمانية على صعوبة العثور على متخصصين يرغبون في العمل في تركيا في الوقت الحالي، في وقت تغادر الأيدي العاملة المؤهلة التركية وطنها. لكن تعزيز سيادة القانون والإصلاحات الهيكلية من شأنه أن يكون له تأثير على الاستثمار. من جهة أخرى زادت تحفظات المستثمرين الألمان المحتملين أكثر بسبب ضعف أداء الاقتصاد التركي ويتوقعون من الحكومة التركية توفير ضمانات قوية لاستعادة الثقة.
من أجل إحياء العلاقات الاقتصادية من الضروري أن تعود العلاقات السياسية إلى سابق عهدها، كما يقول كريستيان براكل، رئيس مؤسسة هاينريش بول، المقربة من حزب الخصر، في اسطنبول. ولأن هذا ليس هو الحال بالنسبة للعلاقات حتى الآن. "يريد الطرفان التطبيع لمصلحتهما الخاصة، لكن في تركيا ستة مواطنين ألمان ما زالوا مسجونين لأسباب سياسية. تريد ألمانيا إطلاق سراحهم، وأن لا تتكرر مثل هذه الحوادث مرة أخرى".
ديغر اكال/ إ.م
أزمة الليرة التركية.. خلفيات قصة القس برونسون
تدهورت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها منذ 17 عامًا أمام الدولار، وذلك بعد أن فرضت واشنطن عقوبات ورسوما جمركية إضافية على وارداتها من منتجات الألمنيوم والحديد التركية، لكن هذا الأجراء له جذورٌ أعمق مهدت لهذا التدهور.
صورة من: picture-alliance/A.Gocher
بداية القصة
في 25 تموز/ يوليو أعلنت تركيا وضع القس الأميركي أندرو برونسون تحت الإقامة الجبرية، بعد أن سجن لنحو عامين في إطار ما تقول تركيا إنها قضية "إرهاب" و"تجسس"، طالبت الولايات المتحدة بالإفراج عنه فورًا، ثم قامت في الأول من آب/ أغسطس بفرض عقوبات لأول مرة على مسؤولين بدولة حليفة في الناتو، هما وزير العدل عبد الحميد غول ووزير الداخلية سليمان سويلو على خلفية احتجاز برانسون.
صورة من: Reuters/Dha/Demiroren News Agency
ترامب: "الليرة تنهار أمام دولارنا القوي"
في العاشر من آب/ أغسطس 2108 أعلن ترامب عن مضاعفة الرسوم على الواردات الأمريكية من الحديد والألومينيوم من تركيا. وغرّد ترامب على تويتر: "أصدرت أمرًا بمضاعفة رسوم الصلب والألومنيوم على تركيا، في وقتٍ تنهار فيه الليرة أمام دولارنا القويّ جدًا، الضريبة على الألومنيوم سترتفع 20 بالمائة بينما سترتفع على الصلب 50 بالمائة".
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Kaster
أردوغان يتلقى "طعنة في الظهر".. ويستعد للقادم
انخفضت قيمة الليرة التركية لتصل إلى أخفض مستوى أمام الدولار منذ عام 2001 ، حيث وصلت إلى أكثر من 6 ليرات مقابل الدولار الواحد يوم الأحد، بينما رد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن "الولايات المتحدة تحاول طعن تركيا في الظهر"، فيما أعلن البنك المركزي التركي أنه مستعد لاتخاذ "كل التدابير اللازمة" لضمان الاستقرار المالي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Yapici
خلافات واشنطن- أنقرة تبدأ من فتح الله غولن
الخلاف الدبلوماسي الأخير جاء تتويجًا لسلسلة من الخلافات حول عدد من الملفات الهامة التي لم تحسم بعد بين أنقرة وواشنطن، إذ أن تركيا تتهم القس برونسون بدعم منظمتين إرهابيتين، هما جماعة "خدمة" التابعة لفتح الله غولن، وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة على أنه منظمة ارهابية، بينما ترفض واشنطن تسليم غولن الذي يعيش في أمريكا للسلطات التركية.
في المقابل لم تكن واشنطن مرتاحة للتنسيق بين تركيا وروسيا وإيران في أستانا لخفض التصعيد في مناطق محددة في سوريا، كما أنها ليست مرتاحة للتقارب الكبير بين موسكو وأنقرة في مجالات حيوية مثل مشاريع الطاقة ومشتريات تركيا من السلاح الروسي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. George
الإعلام التركي يتهم واشنطن بالمشاركة في الانقلاب
عدا عن ذلك تتهم بعض وسائل الإعلام التركية المخابرات الامريكية بأنها كانت وراء محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان، وأن قاعدة "أنجيرليك" الجوية، الموجودة في تركيا والتابعة لحلف الناتو، كانت مركز التخطيط لهذا الانقلاب.
صورة من: picture-alliance/abaca/F. Uludaglar
بعيدًا عن السياسة.. الأزمة لها جذور اقتصادية أيضًا
بعيدًا عن الأسباب السياسية فإن هناك جملة عوامل ساهمت في تراجع قيمة العملة التركية وبروز الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا حاليًا، حيث يشعر المستثمرون بالقلق من عدم قدرة الشركات التركية على سداد القروض التي أخذتها بالعملة الصعبة خلال فترة الفورة العقارية ومشاريع البناء الكبيرة.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/D. Cupolo
إجراءات تركية لإنقاذ الوضع
لوقف هذا التدهور، اتخذ البنك المركزي التركي مجموعة من التدابير لدعم الاستقرار المالي، وقال وزير الخزانة والمالية التركي، صهر الرئيس أردوغان، براءت ألبيرق، إن الوزارة بدأت تطبيق خطة عملها لمواجهة تقلبات سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار، محذرًا من نشر شائعات كاذبة.
صورة من: picture-alliance/M. Alkac
أردوغان: "لديهم الدولار ولنا الله"
هدد أردوغان بأنه قد يلجأ إلى خطط وتدابير أخرى مثل "خطة حيال التجار ورجال الصناعة اذا استمروا في المسارعة إلى بيع الليرة التركية وشراء الدولار الأميركي"، وقال قبل ذلك: "إذا كان الغرب يملك الدولار فلدينا الله".
صورة من: picture-alliance/Xinhua/Turkish Presidential Palace
واشنطن تراقب.. وتساوم أنقرة
البيت الأبيض يؤكد أن إدارة ترامب تراقب الوضع المالي في تركيا "عن كثب" وأن العقوبات لوحدها لا يمكن أن تؤدي لهذا الانهيار لو لم يكن هناك خلل منذ البداية، بينما التقى مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون السفير التركي لدى الولايات المتحدة من أجل بحث قضية احتجاز القس أندرو برانسون من قبل أنقرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Druzhinin
ميركل: "لا نريد انهيار اقتصاد تركيا"
وفي تعليق على كل ما يجري، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن "زعزعة استقرار الاقتصاد التركي لا يصب في مصلحة أي طرف"، مشددةً على أهمية استقلال البنك المركزي التركي للمساهمة بشكل فعال في التعامل مع الوضع الحالي.