الأزمة في كاتالونيا...ستة أسئلة وأجوبة
٢٠ أكتوبر ٢٠١٧في إسبانيا هناك إشارات إلى مواجهات بين مدريد وبرشلونة، فرئيس الإقليم الكاتالوني كارليس بوتشيمون قد ترك الإنذار الذي وجهه إليه رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي وراء ظهره. وحتى ذلك الحين، كان يجب على الحكومة الكاتالونية أن تلغي إعلانها الغامض عن الاستقلال في 10 تشرين الأول/أكتوبر. يريد راخوي الآن أن يفعّل المادة 155 من الدستور الإسباني، التي تمكّن الحكومة المركزية من السيطرة على كاتالونيا.
ماذا تقول المادة 155 من الدستور الإسباني؟
الفقرة المتعلقة بـ"التنظيم الإقليمي للدولة" في المادة 155 تعتبر أنه يمكن تجاهل إحدى المناطق الـ17 المسماة بالأقاليم ذات الحكم الذاتي (بالإسبانية: كومونيدادس أوتونوماس) في سبيل "المصلحة العامة لإسبانيا". وإذا رأى البرلمان الإسباني، وهو المجلس الأعلى، أن الأمر كذلك، فإن الحكومة الإسبانية قد تتخذ "التدابير اللازمة" لإنفاذ المصلحة العامة.
ولو نقلنا المشهد الى ألمانيا، فإنّ هذا التشريع لن يكون غريبا على الخبراء الدستوريين الألمان، حيث أن نموذج هذا القانون - وقوانين أخرى في الدستور الإسباني لعام 1978 – تتساوق مع القانون الأساسي، وفي هذه الحالة من خلال المادة 37 من القانون الأساسي الألماني التي تنص على ما يسمى بـ"الإجبار الاتحادي".
كيف يمكن تقييم تطبيق المادة 155 من الناحية السياسية؟
رغم أن المادة لا تنص على ماهية التدابير "الضرورية" في حالة حصول نزاع، إلا أنه وفقاً لخبراء السياسة الإسبان، فإنها تمكّن الحكومة المركزية من السيطرة على مؤسسات المنطقة المتمردة.
ومن المقرر أن تُعقد جلسة طارئة للحكومة الإسبانية في 21 تشرين الأول/أكتوبر لاتخاذ تدابير ضد الكتالانيين "المتمردين". على سبيل المثال، يمكن أن يتم وضع الشرطة الكاتالونية (موسوس دي إسكوادرا) تحت السيطرة المباشرة لوزارة الداخلية في مدريد وحل الحكومة الإقليمية، وهذا يعني إجراء انتخابات جديدة في كاتالونيا.
ويشار إلى المادة 155 باعتبارها "قنبلة ذرية" سياسية من جانب المراقبين، وذلك بسبب صياغتها المفتوحة. ومنذ صدور الدستور الإسباني عام 1978، لم تطبق هذه المادة أبداً.
لماذا تلجأ الحكومة المركزية الإسبانية لاستخدام وسيلة صارمة كهذه؟
تصر الحكومة في مدريد على الامتثال للدستور الإسباني، وهو واجب مسؤولية مرتبطة بقَسَم. ومن أجل ذلك، فإنها تستخدم الوسيلة التي ينص عليه الدستور في حالات كهذه.
وحول هذه المسألة، أبدى الاتحاد الأوروبي يوم الخميس (19 تشرين الأول/أكتوبر2017 ) دعمه لحكومة راخوي، وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل: "نأمل أن تكون هناك حلول على أساس الدستور الإسباني". وهذا يعني "وحدة غير قابلة للتفكك للأمة الإسبانية".
ما هي الطرق التي يمكن أن تسلكها كاتالونيا لتحقيق الاستقلال على أساس قانوني؟
لا ينص الدستور الإسباني على مسألة انفصال إقليم ذو حكم ذاتي. ومع ذلك، هناك طريقان لتحقيق ذلك: أحدهما تنظيم استفتاء في جميع أنحاء البلاد، والآخر إجراء تغيير دستوري من قبل البرلمان الإسباني.
ما المعنى الذي تحمله المسألة الكاتالونية لإسبانيا؟
تشكل كاتالونيا إلى جانب إقليم العاصمة مدريد أهم مركز اقتصادي في إسبانيا، وثاني أغني إقليم في البلاد بعد إقليم مدريد من ناحية دخل الفرد. وترتبط الشركات الكاتالونية ارتباطاً وثيقاً مع الأقاليم الأخرى في إسبانيا، ولذلك فإن مغادرتها لإسبانيا ستتسبب بأزمة اقتصادية كبيرة.
وعلى المستوى الشخصي والعائلي أيضاً، ترتبط كاتالونيا ارتباطاً وثيقاً ببقية إسبانيا. نصف الناس الذين يعيشون في كاتالونيا فحسب يعتبرون الكاتالونية لغتهم الأم.
وبالإضافة إلى ذلك، يخشى العديد من الإسبان أن يشجع استقلال كاتالونيا الانفصاليين في مناطق أخرى على المضي قدماً في محاولاتهم للاستقلال، ولا سيما في إقليم الباسك و إقليم بلنسية وغاليسيا.
من أين تأتي قوة حركة الاستقلال الكاتالونية؟
كاتالونيا أحد الأقاليم الإسبانية الذي حافظ على لغته التاريخية ووعيه الثقافي. لهذا السبب، يكتب الخبير في الثقافة الإسبانية فالتر بيرنيكر،على سبيل المثال، أن إسبانيا ليست أمة "حقيقية"، حيث أن العديد من الكاتالان - وكذلك الباسك أو الغاليسيون - يزعمون أنهم أمة خاصة، لكن محاولات الاستقلال التي دامت قرناً من الزمن يمكن بالكاد إثباتها تاريخياً. وفي عام 1978، صوّت أكثر من 60 بالمائة من الكاتالان لصالح الدستور الإسباني، ووحدة الأمة التي سبق ذكرها، في حين صوّت أقل من 10 بالمائة ضده.
ومنذ تسعينات القرن العشرين، تعالت الأصوات الداعية لاستقلال كاتالونيا مجدداً. ومن خلال تعليم قومي مستهدف في المدارس والجامعات الكاتالونية، نما جيل كامل بهذه الروح، فيما وظّف الانفصاليون مخاوفهم، على صعيدٍ سياسي أيضاً، بينما بقيت مدريد سلبية إلى حد كبير. وقد اكتسب الانفصاليون دفعة إضافية بعد الاستفتاء الذي لجأت الشرطة الاتحادية الى استخدام العنف ضده، فالعنف المفرط المسجل من قبل "الحرس المدني" –بحسب هيومن رايتس ووتش- يعتبر من قبل الانفصاليين دليلاً على قمع الدولة الإسبانية لكتالونيا.
سفين تونيغس ويان فالتر/ محي الدين حسين