الأسد يلغي منصب المفتي.. هكذا تفاعل مغردون مع الإطاحة بحسون!
١٦ نوفمبر ٢٠٢١
قرار مفاجئ اتخذه الرئيس السوري بشار الأسد بإلغاء منصب المفتي والإطاحة بأبرز المؤيدين للنظام أحمد بدر الدين حسون. البعض يرى أن القرار جاء على خلفية حرب مكتومة بين حسون ووزارة الأوقاف فيما يرى آخرون أن للأمر خلفيات أخرى.
إعلان
بعد سنوات من "التأييد المطلق" لكل قرارات الرئيس السوري بشار الأسد، فقد أحمد بدر الدين حسون منصب "مفتي الجمهورية" الذي شغله لسنوات. الرجل الذي عرف بين المعارضين السوريين باسم "مفتي البراميل" أطيح به بموجب مرسوم تشريعي أصدره الأسد ألغى بموجبه منصب مفتي الجمهورية معززاً في الوقت ذاته صلاحيات مجلس فقهي ضمن وزارة الأوقاف.
فقد نص المرسوم على إلغاء المادة رقم 35 من القانون الذي ينظم عمل وزارة الأوقاف ويُسمى بموجبها المفتي العام للجمهورية، فيما تم تعزيز دور ما يسمى بالمجلس العلمي الفقهي في وزارة الأوقاف والذي كان حسون عضوا فيه، لتنتقل كافة صلاحيات المفتي إليه.
وأسند الأسد في قراره الجديد إلى "المجلس الفقهي"، مهمة تحديد مواعيد بدايات ونهايات الأشهر القمرية والتماس الأهلّة وإثباتها وإعلان ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية متصلة بالعبادات والشعائر الدينية الإسلامية. وحصر المرسوم، إصدار الفتاوى "المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بمذاهبه كافة"، ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها، بعمل "المجلس الفقهي" أيضاً.
وعلى مر العصور في العالم العربي، لم يعرف بوجود خلاف بين صاحب هذا المنصب ومن يوجد على رأس السلطة إلا في حالات شديدة الندرة، وحتى مع هذا الخلاف لم يتم إلغاء هذا المنصب وانما استبدال من يتولى المنصب بآخر أكثر طاعة للحاكم.
حتى الآن لا يُعرف سبب رسمي واضح للإطاحة بحسون، لكن المجلس العلمي الفقهي بسوريا اتهم المفتي المعزول مؤخراً بتقديم تفسير "محرف" للقرآن على خلفية تفسير بعض الآيات خلال جنازة الفنان صباح فخري بشكل أثار غضباً واسعاً.
ويتعلق الأمر وفق مصادر متنوعة بتفسير قدمه حسون لآيات في سورة التين، إذ ينسب إليه قوله إن خارطة سوريا مذكورة في القرآن وأن المقصود بـ"الإنسان" في آية "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" الإنسان السوري فقط. كما قام بربط السورة بالمهاجرين، معتبرًا أن من ترك البلاد سيلقى عقابًا من الله، مستشهدًا بتفسيره لآية "ثم رددناه أسفل سافلين".
وجاء الرد من المجلس الفقهي في وزارة الأوقاف الذي اعتبر في بيان شديد اللهجة، أن التفسير مغلوط وتحريف للتفسير الصحيح، لجأ قائله (في إشارة إلى حسون) إلى "خلط التفسير بحسب أهوائه ومصالحه البشرية".
وأوضح البيان أن تفسير المفتي حسون لسورة "التين"، هو "كلام ضيق، لا ينطلق من دراية بقواعد تفسير القرآن الكريم، بل إنه إقحام للدين في إطار ضيق". وأشار البيان إلى أن "التفسير بهذا المفهوم الضيق بعد عن المقصد الإنساني الذي أراده الله في هذه السورة". وأضاف المجلس في بيانه أن "منهج المتطرفين والتكفيريين يعتمد على تحريف تفسير آيات القرآن لأغراض شخصية، لتنسجم مع أهدافهم التكفيرية".
المرسوم الذي أصدره بشار الأسد أثار جدلاً ورأى البعض أنه بمنحه صلاحيات واسعة لوزارة الأوقاف فإنه يكرس سلطة المؤسسات الدينية، فيما اعتبر البعض أنه يعزز قبضة نظام بشار الأسد على المؤسسة الدينية في سوريا بشكل كامل.
ويرى مراقبون أن إلغاء المنصب والإطاحة بالمفتي المقرب من الأسد جاء نتيجة سنوات من الصراع المكتوم بينه وبين قيادات وزارة الأوقاف حتى وصل الأمر إلى ما يشبه القطيعة غير المعلنة. وحسب هؤلاء فإن الخلاف تصاعد مع صدور "قانون الأوقاف" الذي قلص صلاحيات المفتي لصالح الوزارة، وأن حديث حسون خلال جنازة الفنان الراحل صباح فخري أخرج هذا الخلاف إلى العلن.
ويرى نشطاء معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي أن ما فعله الأسد حدث وفق خطة ممنهجة منذ عام 2011 تهدف لإحداث تغيير ديموغرافي بهدف إجبار السنة على الهجرة وتدمير مدنهم ومناطقهم واحلال سكان من طوائف بل ومن بلاد أخرى محلهم:
قرار إلغاء منصب مفتي سوريا انتقده أيضاً "المجلس الإسلامي السوري" - وهو كيان معارض ومقره إسطنبول - والذي وصف قرار الأسد بـ"عدوان على السوريين وهويتهم، من أجل إدخال عناصر أجنبية موالية لإيران، في إطار مشروع ولي الفقيه في المنطقة"، حسب تعبيره.
ودعا المجلس السوريين إلى عدم الاهتمام بقضية شخص المفتي، إنما إلى ما وصفها بـ"النية التخريبية لنظام الأسد من إنهاء منصب المفتي العام وما سيترتب عنه"، بحسب ما نشر موقع تلفزيون سوريا المحسوب على المعارضة.
مدافعون عن المفتي المقال
في المقابل دافع مغردون عن المفتي المقال حسون منتقدين ما أسموه بالحملة الشعواء ضده:
ورأى آخرون أنه كان يعمل على التقريب بين أصحاب المذاهب المختلفة:
في المقابل أعرب مغردون عن اعتقادهم بأن إزاحة المفتي حسون من منصبه تترك مساحة لتوسع وانتشار الأفكار المتطرفة والمتشددة:
يذكر أن أحمد بدر الدين حسون من مواليد حلب عام 1949، وقد حصل على درجة الدكتوراه في الفقه الشافعي من الأزهر، وعين مفتياً لحلب العام 2002، ثم تولى منصب مفتي الجمهورية منذ عام 2004 وهو متزوج وله خمسة أبناء.
عُرفَ عن حسون انحيازه الكامل لنظام الأسد ضد حركة الاحتجاجات المناهضة له منذ انطلاقتها. كما أصدر عدة فتاوى مثيرة للجدل كان أبرزها ما نسب إليه إجازته لاستخدام البراميل المتفجرة في قصف حلب.
عماد حسن
سوريا.. خمسة عقود في قبضة عائلة الأسد
تحكم عائلة الأسد سوريا منذ أكثر من 5 عقود بقبضة من حديد، إذ يستمر الرئيس السوري بشار الأسد على نهج أبيه حافظ الذي تولى الحكم بانقلاب عسكري. هنا لمحة عن أبرز المحطات التي مرت بها سوريا في عهد عائلة الأسد.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Jensen
تولي الحكم بعد انقلاب "الحركة التصحيحية"
في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يتولّى منصب وزير الدفاع انقلاباً عسكرياً عُرف بـ"الحركة التصحيحية" وأطاح برئيس الجمهورية حينها نور الدين الأتاسي. في 12 آذار/مارس 1971، انتخب الأسد الذي كان يترأس حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيساً للجمهورية ضمن انتخابات لم ينافسه فيها أي مرشح آخر. وكان أول رئيس للبلاد من الطائفة العلوية التي تشكل عشرة في المئة من تعداد السكان.
صورة من: AP
"حرب تشرين"
في السادس من تشرين الأول/أكتوبر 1973، شنّت مصر وسوريا هجوماً مفاجئاً على إسرائيل من جهة قناة السويس غرباً، ومرتفعات الجولان شرقاً، في محاولة لاستعادة ما خسره العرب من أراض خلال حزيران/يونيو 1967، لكن تمّ صدهما. في أيار/مايو 1974، انتهت الحرب رسمياً بتوقيع اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.
صورة من: Getty Images/AFP/GPO/David Rubinger
علاقات دبلوماسية بين واشنطن ودمشق!
في حزيران/يونيو 1974، زار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون دمشق، معلناً إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بعدما كانت مجمّدة منذ العام 1967. في الصورة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مع وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها هنري كيسينجر.
صورة من: AFP/Getty Images
هيمنة على لبنان
في 1976 تدخّلت القوات السورية في الحرب الأهلية اللبنانية بموافقة أمريكية، وبناء على طلب من قوى مسيحية لبنانية. وفي 1977، بدأت المواجهات بين القوات السورية، التي انتشرت في معظم أجزاء البلاد ما عدا المنطقة الحدودية مع إسرائيل، وقوات مسيحية احتجت على الوجود السوري. وطيلة ثلاثة عقود، بقيت سوريا قوة مهيمنة على المستوى العسكري في لبنان وتحكمت بكل مفاصل الحياة السياسية حتى انسحابها في العام 2005.
صورة من: AP
قطيعة بين دمشق وبغداد!
في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سوريا والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث العربي الاشتراكي، بعد اتهام الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر. وقطعت بغداد علاقتها الدبلوماسية مع دمشق في تشرين الأول/أكتوبر 1980، بعدما دعمت الأخيرة طهران في حربها مع العراق. في الصورة يظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين (يسار) مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد (وسط).
صورة من: The Online Museum of Syrian History
"مجزرة حماه"
في شباط/فبراير 1982، تصدّى النظام السوري لانتفاضة مسلّحة قادها الإخوان المسلمون في مدينة حماه (وسط)، وذهب ضحية ما يعرف بـ"مجزرة حماه" بين عشرة آلاف وأربعين ألف شخص. وجاء ذلك بعد قرابة ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أسفر عن مقتل ثمانين جندياً سورياً من الطائفة العلوية. وتوجّهت حينها أصابع الاتهام إلى الإخوان المسلمين بالوقوف خلف الهجوم.
صورة من: picture alliance /AA/M.Misto
محاولة انقلاب فاشلة
في تشرين الثاني/نوفمبر 1983، أصيب الأسد بأزمة قلبية نقل على إثرها إلى أحد مشافي دمشق. ودخل في غيبوبة لساعات عدّة، حاول خلالها شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل، قبل أن يستعيد الأسد عافيته. وبعد عام، أُجبر رفعت على مغادرة سوريا. الصورة لحافظ الأسد (يمين) مع أخيه رفعت.
صورة من: Getty Images/AFP
تقارب مع الغرب!
بدأ الجليد الذي شاب علاقات سوريا مع أمريكا والغرب بالذوبان، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. انضمت سوريا إلى القوات متعددة الجنسيات في التحالف الذي قادته أمريكا ضد صدام حسين بعد غزو العراق للكويت. وفي تشرين الأول/أكتوبر 1994، زار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الأسد في دمشق. بعد أربع سنوات، زار الأسد فرنسا في أول زيارة له إلى بلد غربي منذ 22 عاماً، واستقبل بحفاوة من نظيره الفرنسي جاك شيراك.
صورة من: Remy de la Mauviniere/AP Photo/picture alliance
الابن يخلف أباه في الرئاسة!
توفي الأسد في 10 حزيران/يونيو 2000، عن عمر ناهز 69 عاماً، وكان شيراك الرئيس الغربي الوحيد الذي حضر جنازته.
وبعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه على 97 في المئة من الأصوات.
صورة من: picture-alliance/dpa
انفتاح نسبي ولكن..!
بين أيلول/سبتمبر 2000 وشباط/فبراير 2001، شهدت سوريا فترة انفتاح وسمحت السلطات نسبياً بحرية التعبير. في 26 أيلول/سبتمبر 2000، دعا نحو مئة مثقّف وفنان سوري مقيمين في سوريا السلطات إلى "العفو" عن سجناء سياسيين وإلغاء حالة الطوارئ السارية منذ العام 1963. لكنّ هذه الفسحة الصغيرة من الحرية سرعان ما أقفلت بعدما عمدت السلطات إلى اعتقال مفكرين ومثقفين مشاركين في ما عُرف وقتها بـ"ربيع دمشق".
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
في العام 2011، لحقت سوريا بركب الثورات في دول عربية عدة، أبرزها مصر وتونس، في ما عُرف بـ"الربيع العربي". ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، وتحولت الاحتجاجات نزاعاً دامياً، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه. وأودى النزاع المستمر بأكثر من 388 ألف شخص وهجّر وشرّد الملايين داخل البلاد وخارجها، وسوّى مناطق كاملة بالأرض.
صورة من: AFP/O. H. Kadour
بقاء على رأس السلطة بدعم روسي
في سنوات النزاع الأولى، فقدت قوات الحكومة السورية سيطرتها على مساحات واسعة من سوريا بينها مدن رئيسية. لكن وبدعم عسكري من حلفائها، إيران ثم روسيا، استعادت القوات الحكومية تدريجيًا نحو ثلثي مساحة البلاد، إثر سياسة حصار خانقة وعمليات عسكرية واسعة ضد الفصائل المعارضة والتنظيمات الجهادية. ولعب التدخل الجوي الروسي منذ خريف 2015 دوراً حاسماً في تغيير موازين القوى لصالح دمشق. م.ع.ح/ع.ج.م