فرانز بيكنباور الشخصية الكروية الأبرز في تاريخ ألمانيا، إذ فاز بكأس العالم لاعباً ومدرباً، وجلب لها حق التنظيم. لكن صورته "تهتز الآن بشكل مخيف"، وبات مطالباً بالتنازل عن عرشه بسبب "انغماسه" في فضيحة فساد مونديال 2006
إعلان
"كان يا ما كان في قديم الزمان، قيصر من الألمان. كان يجلس على عرش كرة القدم، ثم أصبح يجلس على (عرش) الفضيحة". بهذه الكلمات بدأ يورغن دالكامب تعليقه على موقع "شبيغل أونلاين"، الذي حمل عنوان "بيكنباور وفضيحة المونديال: تنازل عن عرشك أيها القيصر!"
جاء التعليق على الموقع الإخباري الألماني السبت (الخامس من آذار/ مارس 2016) بعد يوم من تقرير أصدره مكتب "فريشفيلدز بروكهاوز ديرينغر" للمحاماة، والذي كلفه الاتحاد الألماني لكرة القدم بالتحقيق في مزاعم بشراء ألمانيا للأصوات من أجل الحصول على حق استضافة مونديال 2006، والذي كان بيكنباور، البالغ من العمر 70 عاماً، رئيس اللجنة المنظمة له.
وقال التقرير إنه لا دليل حتى الآن على شراء أصوات لاستضافة المونديال، إلا أنه أشار إلى وجود تحويلات بنكية غير واضحة عبر حسابات من بينها حساب يخص بيكنباور نفسه، الذي ما زال يمتنع عن الحديث بشأن ما حدث.
الحديث هنا عن تحويل مبلغ يقدر بنحو 7.3 مليون دولار من اللجنة التي كان يرأسها بيكنباور إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، ومنها إلى الفرنسي السويسري لويس درايفوس، الرئيس السابق لشركة أديداس للمنتجات الرياضية، والذي توفي عام 2009. وأدرج هذا المبلغ تحت بند الإسهام في فعاليات حدث ثقافي يتعلق بكأس العالم، إلا أنه لم يتم تنظيم الحدث.
وأضاف تقرير مكتب المحاماة أن تحويلات أخرى ومعاملات مالية بالملايين أجريت عبر حساب يخص بيكنباور، منها ما وصل إلى قطر، وتحديداً إلى محمد بن همام، الذي أكد للمكتب أنه لم يحصل على شيء. وأعرب المكتب عن اندهاشه من أن بيكنباور أكد من قبل عدم علمه بهذه التحويلات.
وفي حين يؤكد بيكنباور: "أعرف أنني لم أقم بأي خطأ. لقد حاولت بجسدي وروحي أن أجلب كأس العالم إلى ألمانيا، وقد نجحت في ذلك"، ترى صحف ألمانية أن "كل الطرق تؤدي إلى فرانز بيكنباور" وأن "بيكنباور هو الشخصية المحورية فيما يتعلق بقضية تنظيم كأس العالم".
وزير سابق يدافع عن القيصر
وفي رد على تقرير مكتب المحاماة، رفض وزير الداخلية الألماني الأسبق أوتو شيلي اتهام بيكنباور بالفساد ودافع عنه، علماً بأن شيلي كان عضواً في مجلس الرقابة باللجنة المنطمة لمونديال 2006. وفي الوقت نفسه، وجه شيلي انتقادات حادة للرئيس السابق للاتحاد الألماني لكرة القدم، تيو تسفانسيغر. كما انتقد وزير الداخلية الأسبق، البالغ من العمر 83 عاماً، المحققين في مكتب "فريشفيلدز" بسبب "تعاملهم الناقص مع ما حصلوا عليه من معلومات يعتبر بعضها مثيراً"، حسب ما ذكرت صحيفة "هاندلسبلات".
70عاما من حياة أسطورة كرة القدم الألمانية بكنباور
يحتفل الأسطورة فرانز بكنباور بعيد ميلاده السبعين. محطات مثيرة من حياته نعرضها هنا احتفاء بعيد ميلاد قيصر كرة القدم الألمانية.
صورة من: Getty Images/Bongarts/A. Hassenstein
النجاح الذي حققه بكنباور أثبت أنه ماهر في ميادين عديدة. في اللعب وحتى في الإدارة، وأكبر دليل على ذلك الإنجازات الرائعة التي قدمها عندما كان لاعبا ومدربا، وحتى عندما تولى مهام إدارية وقيادية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Peer Grimm
ولد بكنباور في مدينة ميونيخ في 11.09.1945. ونال على العديد من الجوائز، حيث حصل أربعة مرات على لقب البوندسليغا مع فريق بايرن ميونيخ، ومرة مع فريق هامبورغ، بالإضافة إلى حصوله على لقب بطولة الولايات المتحدة الأميركية لثلاث مرات مع فريق كوزموس نيويورك. فاز بكنباور مع المانشافت ببطولة كأس الأمم الأوروبية 1972، وبطولة كأس العالم 1974.
صورة من: imago/WEREK
لمع نجم بكنباور في مجال الدعاية والإعلان وتهافتت عليه شركات التسويق من مشروب الحساء ومرورا بالاسطوانات الموسيقية وانتهاء بشركات الهواتف المحمولة. كما أصبحت طريقته في الكلام ذات لكنة مميزة.
وبقدر ما تخطت اناقة بكنباور الحدود، فإن هيبته على أرضية الملعب كانت واضحة. تمريراته الكروية وأسلوبه في اللعب جعلت منه مشهورا. وفي عام 1974 قاد بيكنباور المنتخب الألماني إلى الحصول على كأس العالم.
صورة من: AP
"إذا كان يعمل فإنه يعمل" هذا الشعار قد يلخص حكمة بكنباور في الحياة. في عام 1977 اشتهر بأنه "الليبرو"، وهو خط الدفاع الأخير قبل حارس المرمى، وتم ظهور مجسمات له وأطلق عليه المشجعون والإعلام لقب القيصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/Werek
في عام 1990 استطاع بكنباور بصفته مدربا للمانشافات أن يقود فريقه إلى الفوز بكأس العالم ضد الأرجنتين، لتحصل ألمانيا على اللقب للمرة الثالثة. قبلها بأربع سنوات التقى الفريقان الألماني والأرجنتيني في التصفيات النهائية وانتهت بفوز الأرجنتين على ألمانيا وهو الأمر الذي دفع ببكنباور إلى التصميم على الفوز لاحقا.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Hellmann
بعد النجاح الذي حققه في بطولة كأس العالم، إعتزل بيكنباور تدريب المنتخب الألماني. وتولى تدريب فريق نادي أوليمبيك مارسيليا الفرنسي، وقاده إلى الفوز ببطولة دوري الدرجة الأولى الفرنسي لكرة القدم عام1991. وعاد القيصر بعد ذلك إلى بايرن ميونيخ مدربا، ثم رئيسا للنادي حتى عام 2009، ورئيسا فخريا له إلى يومنا هذا.
صورة من: Paul Mazurek/Getty Images
وبقيت الكرة هي عالم بكنباور الخاص. حيث شغل من عام 1998وحتى 2010 منصب نائب رئيس الإتحاد الألماني لكرة القدم. ثم رئيس اللجنة المنظمة لمونديال ألمانيا 2006، التي اعتبرت من أكثر دورات البطولة العالمية تنظيما.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
وعلى الرغم من أن بكنباور كان "محظوظا" في حياته الكروية، لكن حياته الخاصة كانت مختلفة تماما، إذ فشل في علاقاته الزوجية مرتين، وتزوج للمرة الثالثة عندما كان في الخمسين، وأنجب من زوجته هايدي طفلين. كما توفي ابنه شتيفان في الـ 31 من تموز/يوليو الماضي عن عمر ناهز الـ 46 عاما، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Wolfgang Kumm
أكثر من 50 جائزة رياضية أعطيت لفرانز بكنباور على مدار نصف قرن مضى. وتكريما لإنجازاته الرياضية تم وضع صورته على أحد الطوابع البريدية في العام 2006.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. Settnik
ويبدو أن اسم القيصر لا ينحصر باللاعب فقط، بل يتخطى ذلك إلى اسم أكلته المفضلة (كايزر شمارن) Kaiserschmarn، والتي تعتبر إحدى أكلات المطبخ البافاري الذي يعشقه بكنباور..
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd Settnik
ويظل بكنباور ألمع شخصية رياضية في ألمانيا، لذلك يحاول الكثير من الفنانين الألمان تقليده مثل الممثل الكوميدي ماتسه كنوب الذي يقلده باتقان. في الصورة كنوب بمناسبة عيد ميلاد قيصر الكرة الألمانية السبعون.
صورة من: picture-alliance/augenklick/firo Sportphoto
كانت وجهات نظر وقرارات بكنباور موضع تساؤل في بعض الأحيان، إذ صوت لصالح روسيا لاستضافة بطولة لكأس العالم 2018، وبعد ذلك وقع عقدا مع شركة روسية منتجة للغاز، ولأسباب ضريبية على الأرجح نقل سكنه إلى النمسا منذ العام 1982.
صورة من: Getty Images/Bongarts/A. Hassenstein
13 صورة1 | 13
وأكد شيلي أنه ربما يكون بيكنباور قد تصرف بشكل "طائش" بخصوص التحويلات، وأنه ربما فعل ذلك ثقة في مستشاريه ومنهم مدير أعماله روبرت شفان، الذي توفي عام 2002. وتابع شيلي أن تلك التحويلات المشبوهة "لا تقلل من إنجازات بيكنباور في جلب استضافة كأس العالم إلى ألمانيا".
ورغم دفاع الوزير السابق عن بيكنباور، كتب موقع صحيفة "دي فيلت" على الإنترنت أن بيكنباور غارق في قضية كأس العالم 2006 بشكل أكبر مما كان يعتقد حتى الآن، مضيفاً أن صورته كرمز في ألمانيا تهتز بشكل مخيف.
بيكنباور، الشخص الأبرز في تاريخ كرة القدم الألمانية، فاز بكأس العالم لاعباً ومدرباً، وجلب لبلده شرف استضافة مونديال 2006، والآن أصبح هدفاً للانتقادات ومطالباً بالتخلي عن عرشه. حول ذلك كتب دالكامب في موقع "شبيغل أونلاين: "لقد فقد سطوته على كرة القدم، وقد مر وانتهى الزمن الذي كان فيه أشخاص مثله يتحكمون بالكرة ... الآن يجب على القيصر أن يتنازل عن العرش".