في 27 يناير/ كانون الثاني يتم إحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الاعتقال النازي أوشفيتس. استطلاع للرأي بتكليف من مؤسسة دويتشه فيله أظهر تشبث الألمان بضرورة التذكير بالحقبة النازية وفظائعها.
إعلان
قبل 75 عاماً، حرر الجيش الأحمر الناجين القلائل من جحيم معسكر أوشفيتس، حيث قتل أكثر من مليون شخص أغلبهم من اليهود. وفي عام 1996، وبمبادرة من الرئيس الألماني آنذاك، رومان هيرتسوغ أصبح يوم 27 يناير/ كانون الثاني ذكرى رسمية لتخليد ضحايا النازية في ألمانيا، قبل أن تحذو الأمم المتحدة حذو برلين عام 2005 لتجعل من ذلك اليوم يوما عالميا لتخليد ذكرى ضحايا المحرقة.
عرفت ألمانيا في السنوات الأخيرة عودة قوية لمشكلة معاداة السامية، حيث ارتفعت وتيرة الأعمال المعادية للسامية وأصبح الألمان من أتباع الديانة اليهودية يتعرضون للاعتداءات في الشوارع العامة. وبلغت هذه الاعتداءات المؤسفة ذروتها في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول عند مهاجمة كنيس يهودي في يوم عيد الغفران ومحاولة قتل 51 شخصا كانوا يصلون داخله.
وفي هذه الأوقات العصيبة بالذات، تظهر أهمية ثقافة تذكّر المحرقة والتعريف بها بالنسبة للألمان. فما هي إذن الأهمية التي تكتسيها هذه الثقافة لديهم؟ مؤسسة دويتشه فيله كلفت معهد "اينفرا تيست ديماب" (Infratest dimap) لأبحاث الرأي للقيام باستطلاع بهذا الخصوص. وقام المعهد بإجراء 1018 مقابلة هاتفية. وجاءت النتائج حسب باحث الرأي روبيرتو هاينريش "بشكل عام مطمئنة."
الألمان لا يتهربون من مسؤوليتهم التاريخية
من بين الأسئلة التي طرحها معهد "اينفرا تيست ديماب" على العينة المستجوبة في مقابلاته الهاتفية كان السؤال التالي: "برأيك، هل يتم التذكير بجرائم النازية أكثر مما ينبغي أم يتم التذكير بها بشكل مناسب أم يتم التذكير بها بشكل ضعيف؟". أكثر من نصف المستجوبين أعلنوا أن الوثيرة المعتمدة في التذكير بالجرائم النازية مناسبة، فيما يرى كل ألماني من أصل أربعة ألمان أنه يتم التذكير أكثر مما بجرائم النازية، بينما يعتقد كل ألماني من أصل ستة أن وتيرة التذكير بالجرائم النازية ضعيفة.
سؤال آخر مفاده: "قال أحدهم مؤخرا: بعد 75 عاما على مرور الحرب العالمية الثانية، يجب علينا أن لا نشغل بالنا كثيرا بالحقبة النازية، بل يجب القطيعة معها. برأيك، هل معه حق أم لا؟". 60 في المائة من المستجوبين غير متفقين مع القطيعة نهائيا، فيما أيد 37 في المائة ذلك.
بعد ثقافة التذكير والنقاش الدائر حول القطيعة مع الحقبة النازية، تناولت مجموعة ثالثة من الأسئلة كيفية التعامل مع الحقبة النازية، حيث عبر ثلاثة من بين أربعة مستجوبين عن أن زيارة النصب التذكارية لأحد معسكرات الاعتقال مثل أوشفيتس أو بوخنفلد مستقبلا يجب أن تكون جزءا من الدروس المدرسية.
كما أيد 61 في المائة من المستجوبين البحث في دور عائلاتهم خلال الحقبة النازية، فيما رأى 55 في المائة من المستجوبين أنه ليس من الضروري إلزام طالبي اللجوء باكتساب المعرفة فيما يخص جرائم النازية.
التعليم العالي يساعد على ترسيخ ثقافة التذكير
يقول باحث الرأي روبيرتو هاينريش من معهد "اينفرا تيست ديماب" أن أحد زملائه علَق عندما اضطلع على جزء من نتائج الدراسة بالقول: "التعليم يٌساعد". وقد ظهر ذلك جليا في نقاش نسيان الحقبة النازية وعدم الخوض فيها. ففيما كان فقط 21 في المائة من الحاصلين على شهادة الثانوية أو ما يعادلها من غير المرحبين بالخوض في الحقبة النازية، كانت نسبة هؤلاء في صفوف أولئك الذين يتوفرون على مستوى تعليمي أقل 56 في المائة.
وبشكل عام يلخص هاينريش نتائج الدراسة معلقا: "هناك أغلبية واضحة تقول إن علينا مواصلة الانشغال بموضوع الحقبة النازية". لكن ذلك لا يخفي حقيقة تغير المناخ السياسي والاجتماعي في ألمانيا، كما بينت نتائج استطلاعي معهد "ميمو دويتشلاند" (Memo Deutschland) لأبحاث الرأي لعامي 2018 و2019.
ففيما كانت نسبة من يريد القطيعة مع ذكرى الحقبة النازية تشكل 26 في المائة، قبل عامين، ارتفعت هذه النسبة في العام الماضي إلى 33 في المائة. وفي الاستطلاع الحالي، الذي قام به معهد "اينفرا تيست ديماب" بتكليف من مؤسسة دويتشه فيله، وصلت هذه النسبة إلى 37 في المائة.
أوليفر بيبر/ ع.ش
لوحات من الهولوكوست - لوحات توثِّق الإبادة النازية لليهود
عاشوا الرعب والتعذيب في معسكرات الاعتقال النازية او هاربين من حملات الابادة ورسموا معاناتهم باللون والخطوط . بقي بعضهم على قيد الحياة ونقل لوحاته وذكرياته الأليمة معه، فيما غادر بعضهم الحياة ولم تبق سوى لوحاته الفنية.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
هل ممكن أن يصنع الرعب والإرهاب فنا جميلا؟ يحاول المعرض الفني الذي يقام في برلين تحت شعار "فن من الهولوكوست" الإجابة عن هذا السؤال اكبر جريمة في التاريخ الإنساني خلال الحكم النازي مورست بحق اليهود، ورغم ذلك استطاع بعض الفنانين خلال وجودهم في المعسكرات النازية رسم وتخليد لحظات حياتهم في مادة فنية ، كما في لوحة "شارع في غيتو في مدينة وودج" لجوزيف كونر الذي نجا من المحارق.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استعار المعرض في برلين 100 لوحة فنية من متحف ياد فاشيم من إسرائيل. وعرضت اللوحات أعمال 50 فنانا يهوديا نجا 26 منهم من المحارق، فيما لقي الفنانون الآخرون المعروضة أعمالهم حتفهم على يد النازية، ومنهم فيلكس نوسباوم الذي يعد من أشهرهم، والذي توفي في سنة 1944 في معسكر أوشفيتز. الصورة هي لوحته الشهيرة "اللاجئ" التي رسمها في سنة 1939 في بروكسل التي عرضت في برلين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
عرضت أعمال فنية للرسامة شارلوته سالومون التي رسمت لوحات ومخطوطات تجاوزت الـ 700 عمل وثقت فيها حياتها في مجموعة فنية تحت عنوان "حياة أم مسرح؟". نُقلت شارلوته وكانت حاملا من معسكرات الاعتقال النازية في جنوب فرنسا إلى معسكر أوشفيتز في سنة 1943 وقتلت هناك فور وصولها.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنانة نيللي تول فنجت من الموت من المحارق والمعسكرات النازية بعد أن اختبأت مع أمها عند عائلة مسيحية آوتهما في مدينة لفيف الأوكرانية. ورسمت نيللي في غرفتها المقفلة لوحات باستعمال ألوان جواش (وهي من الألوان المائية المعتمة). وجاءت نيللي التي تبلغ من العمر اليوم 81 عاما خصيصا من محل إقامتها في الولايات المتحدة إلى برلين لحضور المعرض الفني.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
وُلد الفنان ليو بروير في مدينة بون وشارك في الحرب العالمية الأولى مع الجيش الألماني. وفي سنة 1934 وبعد عام على وصول هتلر إلى الحكم هرب إلى مدينة لاهاي الهولندية ومن ثم إلى بروكسل وعمل هناك رساما لغاية سنة 1940 حيث اودع في معسكر الاعتقال بسانت سيبرين جنوب فرنسا. استطاع بروير الاحتفاظ بمخطوطاته وأعماله المائية، وبعد خروجه من الاعتقال عاد إلى مدينته بون ليعيش فيها حتى وفاته في سنة 1975.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كانت بيدريش فريتا تدير مرسما في معسكر الاعتقال تيريزين، وكانت مهمتهم الرسمية تنفيذأعمال دعائية للنازية، لكن فريتا ورفاقها استطاعوا رسم بعض اللوحات بصورة سرية عن رعب الحياة في المعسكر. وفي سنة 1944 قبض عليها متلبسة وأرسلت إلى معسكر أوشفيتز لتموت هناك. وبعد التحرير من النازية كشف عن 200 عمل فني لها كانت قد خبأتها في الجدران أو تحت الأرض.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
ليو هاس لم يكن معروفا لكونه شارك بيدريش فريتا في رسم الكثير من الأعمال الفنية التي وثقت جرائم النازية فحسب، بل لكونه شارك أيضا وبطلب من النازية في تزوير أوراق نقدية تابعة لقوات الحلفاء في عملية أطلق عليها تسمية "عملية بيرنهارد". ليو هاس نجا من الموت وتبنى بعد تحريره الطفل توماس ابن بيدريش فريتا واستطاع العثور على 400 عملا فنيا كان قد خبائها أثناء الاعتقال في تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
كان بافيل فانتل ضمن قائمة الفنانين في معسكر الاعتقال في تيريزين، على الرغم من أنه كان مدير المستوصف الخاص لمرضى التيفوئيد في المعسكر كونه قد درس الطب. وقبض عليه أيضا في المعسكر متلبسا برسم لوحات عن الجرائم النازية وأرسل إلى معسكر أوشفيتز ليعدم هناك في سنة 1945. بعد التحرير عُثر على نحو 80 عملا لفانتل في معسكر تيريزين.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
أما الفنان ياكوب ليبشيتس فكان يدرس في معهد الفنون في فيلنيوس قبل الحرب العالمية الثانية. وفي سنة 1941 أجبر على العيش في غيتو كاوناس وهناك انضم إلى مجموعة من الفنانين التي رسمت أعمال فنية عن الحياة في غيتو كاوناس وبصورة سرية. توفي ليبشيتس في سنة 1945 وبعد التحرير عادت زوجته وابنته إلى غيتو كاوناس لإنقاذ أعماله الفنية التي خبأها في مقبرة الغيتو.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem
استطاع الفنانون توثيق الخراب والعنف في المعسكرات النازية، وتمكنوا أيضا من رسم عالم آخر في لوحاتهم الفنية مغاير لما يعيشونه في الواقع، كما في لوحة "سقوف المباني في الشتاء" لموريتس مولر. ينعقد معرض "فن من الهولوكوست" على قاعات المتحف التاريخي في برلين ويستمر لغاية الثالث من نيسان/ أبريل 2016.
صورة من: Collection of the Yad Vashem Art Museum, Jerusalem