حذّر مسؤولان في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن إفريقيا تواجه أزمة "غير مسبوقة" بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، خصوصا مع ارتفاع أسعار الوقود. وبقاء أسعار المواد الغذائية عند أعلى معدلاتها.
إعلان
التداعيات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا لا تقتصر على الدولتين، بل تمتد لتشمل مختلف دول العالم، وخاصة الدول النامية. وقال كبير الاقتصاديين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إفريقيا، ريموند غيلبين، خلال مؤتمر صحافي في جنيف بسويسرا "هذه أزمة غير مسبوقة بالنسبة للقارة" الإفريقية. وتحدث غيلبين في المؤتمر عبر تقنية الفيديو من نيويورك عن ارتفاع التضخم لا سيما في جنوب إفريقيا وزيمبابوي وسيراليون. وتوقع الخبير الاقتصادي "انخفاضًا في النمو الاقتصادي في القارة الذي من المفترض أن يرتفع قليلاً هذا العام بعد كوفيد، وسيناهز نمو الصادرات 4 بالمئة وليس 8,3 بالمئة كما كان متوقعا".
ونتيجة ذلك ستواجه ملايين الأسر صعوبات مالية يمكن أن تفاقم الغضب الاجتماعي في أنحاء القارة التي تضم غالبية أفقر دول العالم. وأضاف ريموند غيلبين "نرى احتمال نشوب توترات في بؤر ساخنة مثل الساحل وأجزاء من وسط إفريقيا والقرن الإفريقي". وأردف المسؤول الأممي "التوترات خصوصا في المناطق الحضرية والمجتمعات ذات الدخل المنخفض، يمكن أن تتفاقم وتؤدي إلى احتجاجات وأعمال شغب عنيفة"، لا سيما في البلدان التي تجري انتخابات هذا العام أو العام المقبل. ويعود ذلك خصوصا الى اعتماد العديد من الدول الإفريقية على روسيا وأوكرانيا في استيراد المواد الغذائية، وهما مصدران رئيسيان للقمح والذرة وبذور اللفت وزيت دوار الشمس.
من جانبها، أوضحت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة أهونا إيزياكونوا أن "بعض البلدان الإفريقية يستورد ما يصل إلى 80 بالمئة من القمح من روسيا وأوكرانيا. مع الاضطرابات التي تحدث الآن، هناك حالة طوارئ بصدد التشكل". وتساءلت إيزياكونوا المديرة الإقليمية لمكتب إفريقيا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "أين تتجه هذه البلدان بين عشية وضحاها بحثًا عن سلع أساسية؟ وأشدد على أنها سلع أساسية". ولفتت المسؤولة إلى معدلات اقتراض شديدة الارتفاع لدول إفريقية. وأضافت أهونا إيزياكونوا "إنها أعلى من أي مكان آخر في العالم.
ومن حيث الديون، هناك عدد من البلدان التي تعاني أصلا ضائقة"، مشيرة خصوصا إلى غانا المثقلة بالديون. وحضّت "المؤسسات المتعددة الطرف على بذل جهد جدي للتفكير في سيناريو إعادة هيكلة الديون".
زيت النخيل تحت الاختبار
06:47
في غضون ذلك، أظهرت بيانات اقتصادية استقرار أسعار الغذاء في العالم بالقرب من أعلى مستوياتها على خلفية اضطراب حركة التجارة العالمية نتيجة الحرب الروسية ضد أوكرانيا ونقص الإمدادات وارتفاع معدل التضخم. وأشارت وكالة بلومبيرغ للأنباء إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا قلص صادرات كييف بشكل عام، وبخاصة القمح وزيوت الطعام التي تعتبر من أكبر الدول المصدرة لها. ودفع ذلك المشترين إلى البحث عن بدائل في أماكن أخرى من العالم، في حين فرضت بعض الدول قيودا على تصدير المواد الغذائية كما حدث مع إندونيسيا التي فرضت حظرا على تصدير زيت النخيل للمحافظة على الإمدادات في السوق المحلية.
وذكر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة الأغذية والزراعة (فاو) أن الأسعار تراجعت بنسبة بسيطة بالنسبة للسلع الأساسية مثل الزيوت النباتية والحبوب، في حين وصلت أسعار اللحوم إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان. وكان مؤشر أسعار الغذاء العالمي قد ارتفع في آذار/مارس الماضي بنسبة 13% وهو أكبر ارتفاع له على الإطلاق، وذلك في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث اقترب من مستواه في عامي 2008 و2011 اللذين شهدا أزمة غذاء عالمية طاحنة. وجاء التراجع الطفيف للمؤشر خلال الشهر الماضي نتيجة جزئية لتراجع الطلب على الزيوت النباتية وتراجع سعر الذرة.
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.