فريق محققين أمميين يتهمون قوات الدعم السريع بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"، ليضاف ذلك إلى قائمة اتهامات طويلة وجهت إلى هذه القوات خلال الحرب الدائرة في السودان. لكن الطرف الآخر متهم أيضا بجرائم حرب في هذا النزاع.
أفادت بعثة الأمم المتحدة بأن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ارتكبا فظائع وجرائم حرب في حق الشعب السودانيصورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
إعلان
قال فريق من محققي الأمم المتحدة الجمعة (الخامس من أيلول / سيتمبر 2025)، إن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب في السودان، مع اتهامه طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب.
وأفادت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان أنها توصلت إلى أن قوات الدعم السريع "ارتكبت جرائم ضد الإنسانية، ولا سيما القتل والتعذيب والتهجير القسري والاضطهاد على أسس عرقية، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية، خلال حصارها لمدينة الفاشر في إقليم دارفور غربي السودان".
وأفادت البعثة في التقرير بأن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع "ارتكبا فظائع"، من بينها جرائم حرب، على نطاق واسع خلال الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثالث.
وقال محمد شاندي عثمان رئيس البعثة في بيان "ارتكبت قوات الدعم السريع المزيد من الجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل عمليات قتل وعنف جنسي وعنف قائم على أساس النوع ونهب وتدمير لسبل العيش على نطاق واسع ووصلت في بعض الأحيان إلى حد الاضطهاد والإبادة".
اتهامات بـ "الإبادة الجماعية"
قبل يومين، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع شبه العسكرية بارتكاب إبادة جماعية. وأشارت الشبكة إلى أن المناطق المتضررة هي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ومناطق جنوب وغرب وشمال كردفان، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
كما اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع بالقتل الجماعي. وفي جنوب وغرب وشمال كردفان، قامت القوات شبه العسكرية أيضا بتعريض السكان لحصار ونزوح قسري وقتل على أساس الهوية، حسبما ذكرت الشبكة.
وقال رقم الله إن هذه ليست حالات معزولة وإنما جزء من سياسة متعمدة للإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. ومع ذلك، تختص المحاكم الدولية فقط بتحديد مثل هذه الانتهاكات المرتبطة بحقوق الإنسان.
يذكر أن الإبادة الجماعية هي التدمير المتعمد والمنهجي لمجموعة على أساس جنسيتها أو عرقها أو دينها، سواء كان هذا التدمير كليا أو جزئيا، وفق لتعريفات الأمم المتحدة.
السودان: نار الحرب تأكل الأخضر قبل اليابس
خلفت الحرب في السودان آثاراً سلبية كبيرة على الغطاء النباتي والغابات لا سيما في ولايات دارفور وكردفان، حيث أدت العمليات العسكرية المستمرة إلى تدمير مساحات واسعة وزيادة معدلات قطع الأشجار لتلبية احتياجات الوقود والبناء.
صورة من: Sam Mednick/AP/picture alliance
تدهور الغطاء النباتي
فقد السودان نحو 90% من غاباته بعد انفصال الجنوب، حيث كانت معظم الغابات الاستوائية تقع في الإقليم الجنوبي. وبحسب تقرير نشرته صحيفة التغيير السودانية في آب/أغسطس 2024، أكد "مرصد حرب السودان" أن صوراً التُقطت في حي الخرطوم بيلي بمدينة نيالا (عاصمة ولاية جنوب دارفور) أظهرت عدداً كبيراً من الأشجار التي تعرضت للجفاف الكامل وماتت، وأخرى تعرضت للجفاف الجزئي نتيجة الحر الشديد خلال العام الماضي.
صورة من: Adrien Vautier/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance
القطع الجائر
وأكد عدد من المواطنين لبرنامج "السودان الآن" الذي تبثه قناة DW عربية الألمانية، أنهم باتوا يعتمدون بشكل رئيسي على الحطب الذي يتم جمعه من الغابات والمناطق المجاورة، بالرغم من إدراكهم للتأثيرات البيئية السلبية الناتجة عن هذه الممارسات.
صورة من: Sam Mednick/AP/picture alliance
ندرة في مصادر الحطب
كما أدى تدفّق أعداد كبيرة من النازحين إلى مخيمات النزوح في دارفور إلى مزيد من الضغط على الموارد البيئية، ما نتج عنه استنزاف الموارد الطبيعية ومنها الحطب. ما سبق نتج عنه تراجع كبير في الغطاء الشجري، خاصة في المناطق التي استقبلت أعداداً كبيرة من الفارين من مناطق النزاع.
صورة من: Samir Bol/Anadolu Agency/picture alliance
اقتصاد الصمغ العربي في السودان
يساهم تراجع الغطاء الغابي في السودان في تسارع التصحر وتدهور الأراضي الزراعية والرعوية، مما يهدد سبل عيش المجتمعات الريفية. كما أدى هذا التدهور إلى تراجع إنتاج الصمغ العربي، أحد أهم صادرات البلاد، والذي يُستخرج من أشجار السنط ويُستخدم عالمياً في الصناعات الغذائية والدوائية ويعد السودان من أكبر مصدري الصمغ العربي في العالم.
صورة من: Ashraf Shazily/AFP
السودان يخسر ثروته الخضراء
في ظل غياب الدولة، أصبحت الغابات عرضة للاستغلال من قبل المدنيين والمسلحين والتجار، دون أي اعتبار للتوازن البيئي أو التنوع الحيوي. يُستخدم الخشب والفحم النباتي كمصدر رئيسي للطاقة المنزلية في معظم المناطق، وهو ما أدى إلى تراجع كبير في المساحات الغابية. وتشير تقارير بيئية إلى أن السودان يفقد سنوياً آلاف الهكتارات من غطائه الغابي، في ظل ضعف الرقابة وتراجع جهود إعادة التشجير.
صورة من: AFP/Getty Images
تأثيرات طويلة الأمد
في تقرير نُشر قبيل انعقاد مؤتمر "كوب 16" لمكافحة التصحر، حذّرت الأمم المتحدة من أن إزالة الغابات وتدهور التربة يقوضان قدرة الأرض على التكيف مع تغير المناخ، ويقودان إلى خسائر فادحة في التنوع البيولوجي، واستنزاف موارد المياه، وتفاقم مستويات الفقر، خصوصًا في المناطق الريفية.