الأمم المتحدة تحذر: رفح أصبحت أشبه بـ"طنجرة ضغط من اليأس"!
٢ فبراير ٢٠٢٤
حذرت الأمم المتحدة من تدهور الأوضاع جنوب قطاع غزة، خصوصًا في رفح التي وصفتها بـ"طنجرة ضغط من اليأس"، والتي باتت تأوي "أكثر من نصف سكان القطاع". كما أبدت الصحة العالمية قلقها بشأن الوضع الصحي وخطر "المجاعة" في القطاع.
إعلان
أعربت الأمم المتحدة الجمعة (الثاني من شباط/فبراير 2024) عن مخاوفها من تدهور الأوضاع في جنوب قطاع غزة، قائلة إن ارتفاع عدد الباحثين عن الأمان في رفح جعل من المدينة أشبه بـ"طنجرة ضغط من اليأس".
وأبدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قلقه العميق إزاء تصعيد الأعمال العدائية في خان يونس، والذي أدى إلى زيادة عدد المتجهين جنوبًا إلى رفح في الأيام الأخيرة. وقال المتحدث باسم "أوتشا" في جنيف ينس لاركي إن "معظمهم يعيشون في مبان موقتة أو خيام أو في العراء". ووصف رفح بأنها "بمثابة طنجرة ضغط من اليأس ونحن نخشى مما سيأتي بعد ذلك".
وبحسب لاركي "تتعرض مدينة خان يونس أيضًا لهجمات متزايدة، ومن المثير للصدمة أن نسمع عن القتال العنيف الدائر بالقرب من المستشفيات، ما يعرض للخطر سلامة الطواقم الطبية والجرحى والمرضى، بالإضافة إلى آلاف النازحين الذين يبحثون عن ملجأ هناك". وأشار الى أن شركاء مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في مجالي الغذاء والأمن أفادوا بأن نصف إجمالي المساعدات الغذائية المقدمة في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي تم توزيعها في رفح، ما يعكس تركز السكان هناك.
وعن توجه الناس جنوبًا، تساءل لاركي: "هل هم آمنون حقًا؟ كلا. ليس هناك مكان آمن في غزة، ولا في رفح أيضًا"، وأضاف: "في كل أسبوع نعتقد أن الأمر لا يمكن أن يصبح أسوأ" متابعًا "لكنه يزداد سوءًا".
"أكثر من نصف سكان القطاع الآن في رفح"!
من جانبه، أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريتشارد بيبركورن أن رفح كانت مدينة يسكنها حوالي 200 ألف شخص، لكن المنطقة أصبحت الآن تأوي أكثر من نصف سكان غزة الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة. وقال عبر الإنترنت من القدس "عندما تسمعون عن هجمات محتملة فلا ينبغي أن تحدث (...) لا ينبغي مهاجمة رفح."
وأكد لاركي أنه في الأسابيع الأخيرة "لم ألحظ أي تحسن على الإطلاق في الوضع الإنساني في أي مكان بقطاع غزة". من جهته، أوضح بيبركورن أن منظمة الصحة العالمية خططت لإرسال 15 بعثة إلى شمال قطاع غزة الشهر الماضي، تم تسهيل ثلاث منها، بينما تم تسهيل أربع مهمات من أصل 11 مخطط لها إلى جنوب القطاع. ودعا إلى إقامة ممرات إنسانية.
ومن بين المستشفيات الـ 36 في غزة، هناك 13 مستشفى تعمل بشكل جزئي واثنان آخران يعملان بالحد الأدنى. وأوضح بيبركورن أن نحو 6000 شخص يعانون من إصابات الحرب و2000 شخص يعانون من حالات طبية أخرى يحتاجون إلى الإجلاء إلى مصر المجاورة، لكن 1243 مريضًا فقط تمكنوا من القيام بذلك حتى الآن. وأضاف: "من المحبط للغاية أن هذا لا يحدث". وتحدث أيضًا عن قلق بالغ إزاء سوء التغذية في غزة والتهديد بالمجاعة.
"كل من نتحدث إليه يعاني الجوع!"
وأشار بيبركورن إلى أن غزة كانت مكتفية ذاتيًا نسبيًا في اللحوم والدواجن والبيض والأسماك والفواكه والخضروات، ولكن "تلك الصناعة بأكملها اختفت". وبحسب أحمد ضاهر الذي يترأس مكتب غزة الفرعي في المنظمة وتحدث من القطاع فإن "الناس يبدون ضعفاء ونحيفين بشكل واضح بسبب نقص التغذية. وكل من نتحدث إليه يعاني الجوع". وتابع "يبحث الناس عن الغذاء والأمان، ويكاد يكون مستحيلًا العثور على كليهما".
والأسبوع الماضي، دعت محكمة العدل الدوليّة إسرائيل، المسيطرة على كلّ معابر دخول المساعدات الدوليّة إلى قطاع غزّة الذي تفرض عليه حصارًا تامًا، إلى اتخاذ "خطوات فوريّة" لتمكين توفير "المساعدات الإنسانيّة التي يحتاجها الفلسطينيّون بشكل عاجل".
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى آخر الأرقام الرسميّة الإسرائيلية. وردّا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل بالقضاء على الحركة، وتنفّذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية منذ 27 تشرين الاول/أكتوبر 2023، ما تسبب بمقتل 27131 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات الصحية التابعة لحماس.
وخُطف نحو 250 شخصاً خلال هجوم حركة حماس ونقلوا إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية. ولا يزال 132 رهينة منهم محتجزين، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن 27 منهم لقوا حتفهم. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
م.ع.ح/ع.ش (أ ف ب)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance