صوتت أغلبية الدول الأعضاء بالأمم المتحدة على قرار يدين التراجعات الحقوقية في أفغانستان، خاصة منها المتعلقة بالنساء. فما أسباب القرار؟ وما مدى تأثير اعتماده؟
نساء أفغانيات في الشارع العام يرتدين النقاب (كابول أفغانستان، الخامس من مارس 2025)صورة من: Wakil Koshar/AFP
إعلان
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الإثنين (الثامن من يوليو/ تموز 2025)، قرارا يدعو حكام حركة طالبان في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المتزايد للنساء والفتيات، والقضاء على جميع المنظمات الإرهابية، وذلك رغم اعتراضات الولايات المتحدة.
ويؤكد القرار الذي قدمته ألمانيا، والذي يتألف من 11 صفحة، على "أهمية خلق فرص للتعافي الاقتصادي والتنمية والازدهار في أفغانستان"، كما يحث المانحين على معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية الخطيرة التي تمر بها البلاد.
ورغم أن القرار غير ملزم قانونيا، إلا أنه يعتبر انعكاسا للرأي العام الدولي. وصوتت لصالحه 116 دولة، بينما عارضته دولتان فقط، الولايات المتحدة وحليفتها المقربة إسرائيل، وامتنع 12 بلدا عن التصويت، من بينها روسيا والصين والهند وإيران. وفي الأسبوع الماضي، أصبحت روسيا أول دولة تعترف رسميا بحكومة طالبان.
النساء.. أكثر فئة متضررة
ومنذ عودتها إلى الحكم في أفغانستان عام 2021، فرضت حركة طالبان إجراءات صارمة، شملت حظر النساء من دخول الأماكن العامة، ومنع الفتيات من التعليم بعد الصف السادس.
نساء أفغانيات في الشارع العام يرتدين النقاب (ولاية جوزجان يوم الثالث من فبراير 2025)صورة من: Atif Aryan/AFP/Getty Images
وأعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الوثيقة عن "قلقها البالغ تجاه القمع الخطير والمتفاقم وواسع النطاق والممنهج لجميع النساء والفتيات في أفغانستان"، ودعت طالبان إلى "التراجع السريع عن هذه السياسات".
كما دعا نص القرار حركة طالبان، التي عادت إلى السلطة بأفغانستان في أغسطس/آب من عام 2021، إلى التوقف عن استبعاد النساء والفتيات من التعليم والعمل والحياة العامة.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، حظر الإسلاميون أيضا على النساء التدريب في المجال الطبي، مع أن بعض المدارس لا تزال تقدم دروسا للفتيات الأكبر سنا، خلافا للأمر.
وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو/حزيران، فإن 80% تقريبا من النساء دون سن الثلاثين، يتم استبعادهن من التعليم أو العمل في ظل حكم طالبان.
كما أعربت الجمعية العامة عن قلقها بسبب تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي وحقوق الإنسان في البلاد، ودعت إلى المزيد من الدعم الدولي للشعب الأفغاني.
ألمانيا تشعر بالقلق
وقالت السفيرة الألمانية لدى الأمم المتحدة، أنتيه ليندرتسه، التي قدمت بلادها مشروع القرار، إن ألمانيا والعديد من الدول الأخرى لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان، خصوصا ما وصفته بـ"الإلغاء شبه الكامل" لحقوق النساء والفتيات من قبل طالبان.
وأضافت أن الرسالة الأساسية من القرار هي التأكيد على عدم نسيان الأمهات الأفغانيات اللواتي يحتضن أطفالا مرضى أو يعانين من سوء التغذية، أو اللواتي ينعين ضحايا الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى ملايين النساء والفتيات المحاصرات في منازلهن.
أمل للنساء الحوامل في أفغانستان - تأهيل شابات لمهنة القابلة
في أفغانستان، تموت امرأة كل ساعتين، سواء أثناء الحمل أو الولادة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وفي مشروع تجريبي لمفوضية اللاجئين بالتعاون مع منظمة محلية في باميان يجري تأهيل 40 شابة لمهنة القابلة، على أمل توسيعه المشروع.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
العمل في جناح الولادة
برنامج أو مشروع تأهيل القابلات تم اعتماده من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع منظمة إغاثة محلية في باميان. وفي مستشفى باميان تتعاون القابلات مع الطاقم الصحي ويتعلمن كيف يقيمن حالة النساء الحوامل ومساعدتهن على الولادة ورعاية الأمهات والأطفال الرضع.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
في انتظار المخاض
منذ توليها السلطة في عام 2021، منعت حركة طالبان إلى حد كبير وصول المرأة إلى التعليم والجامعات وسوق العمل. والاستثناءات لا توجد سوى في قطاع الصحة. وستقوم 40 شابة يتم تدريبهن في مستشفى باميان، كجزء من المشروع التجريبي، بالاعتناء بالنساء الحوامل في قراهن لاحقًا.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
النساء يدرسن للنساء
تتابع المشاركات في المشروع الدروس بتركيز وحماس. "أريد أن أتعلم وأن أساعد الناس في قريتي"، هذا ما قالته طالبة تبلغ من العمر 23 عامًا. المساعدة ضرورية جدا لأنه في أفغانستان، يموت ما يقرب من ستة في المائة من جميع الأطفال حديثي الولادة قبل بلوغهم سن الخامسة.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
قياس ضغط الدم
قياس ضغط الدم هو جزء من الروتين اليومي للنساء الحوامل. بعض قابلات المستقبل هن بالفعل أمهات وعلى دراية بالمشاكل أثناء الحمل. "في البداية لم أرغب في أن أصبح ممرضة أو قابلة"، تقول إحدى المشاركات في المشروع. لكن التجارب التي عاشتها خلال فترة حملها جعلتها تغير موقفها. وهي الآن أم لطفل عمره 18 شهرا.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
السير لساعتين للوصول للمستشفى
يجب أن يكون كل شيء مناسبًا، هنا طالبة تبلغ من العمر 20 عامًا تقوم بتعديل غطاء رأسها والكمامة أمام المرآة قبل وقت قصير من بدء العمل. إن التزامها بتدريب القبالة أمر ليس بالسهل، فهي تمشي على قدميها ساعتين كل يوم للوصول إلى المستشفى الذي تخضع فيه للتكوين كقابلة.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
بانوراما رائعة لمناطق محرومة من الخدمات
بعد تدريبهن، من المفترض أن تساعد القابلات النساء في القرى النائية أثناء الولادة. لأن الناس هناك غالبًا محرومون من الرعاية الطبية. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تعد أفغانستان واحدة من البلدان التي لديها أعلى معدلات وفيات الأمهات: حوالي ثلاثة بالمائة من جميع النساء يتوفين أثناء الحمل أو نتيجة له.
صورة من: Ali Khara/REUTERS
آلام فقدان الطفل بعد حمله تسعة أشهر
في إحدى هذه القرى، تتألم عزيزة رحيمي، البالغة من العمر 35 عاما، والتي فقدت ابنها بسبب نقص الرعاية الطبية. تقول: "نزفت لمدة ساعتين ولم يتمكن زوجي من الحصول على سيارة إسعاف" لنقلي للمستشفى. تمت الولادة في المنزل ومات ابنها بعد الولادة بفترة وجيزة. وتقول المرأة: "لقد حملت ابني في رحمي لمدة تسعة أشهر ثم فقدته، إنه أمر مؤلم للغاية".
صورة من: Ali Khara/REUTERS
غياب التوعية مع معدل مواليد مرتفع
نساء في انتظار العلاج في مستشفى باميان. لا يستطيع كثيرات منهن الوصول إلى معلومات حول الحمل والولادة وتنظيم الأسرة. ولا يزال معدل المواليد في أفغانستان أعلى من المتوسط الإقليمي، فمن ناحية الإحصائيات تلد امرأة واحدة 4.64 طفلاً. وللمقارنة فإنه في إيران المجاورة يبلغ المعدل 1.69 مولود لكل امرأة. اعداد: فيليب بول/م.أ.م/ ص.ش