الأمم المتحدة تطالب بضمانات أمنية لسلامة أفرادها في حلب
١٨ أكتوبر ٢٠١٦
بالرغم من إعلان روسيا وقف الغارات الجوية على حلب لمدة محدودة من أجل تقديم المساعدات، أعلنت الأمم المتحدة أنها لن تستطيع تقديم أي مساعدات دون ضمانات من الأطراف المتصارعة حول سلامة أفرادها.
إعلان
أشادت الأمم المتحدة بالإعلان عن وقف الغارات الجوية الروسية والسورية على مدينة حلب السورية اليوم الثلاثاء (18أكتوبر/ تشرين أول 2016)، إلا أنها قالت إنها تنتظر الحصول على ضمانات بشأن السلامة من جميع الأطراف قبل أن تبدأ في إدخال المساعدات.
وصرح ينس لاركه المتحدث باسم الأمم المتحدة "نحن مسرورون بالطبع لانخفاض حدة القتال، لأن ذلك يحمي المدنيين". وتابع "يجب أن تصمت المدافع قبل تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية وقبل إجلاء المرضى والجرحى من المنطقة". وأضاف "يجب أن نحصل على تطمينات من جميع أطراف النزاع وليس فقط إعلان أحادي بان ذلك سيحدث".
وجاءت تصريحات لاركه بعد إعلان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو المفاجئ بأن الغارات الروسية والسورية توقفت صباح اليوم، بهدف تمهيد الطريق لوقف إطلاق النار لمدة ثماني ساعات الخميس. وأعلنت روسيا أمس الاثنين أن القوات الروسية والسورية ستوقف الهجمات للسماح للمدنيين والمسلحين بمغادرة المدينة.
وقال لاركه "نواصل الدعوة لهدنة مدتها 48 ساعة". وأضاف أن "الأمم المتحدة لديها خطة لإخلاء المرضى والجرحى من شرق حلب، إلا أنها غير مشاركة في أية مفاوضات" حول الإعلان الروسي. وأضاف "يجب أن تتم حركة المدنيين بشكل آمن وطوعي يحفظ كرامتهم، ويجب ألا يتم الخلط بينها وبين خطة الأمم المتحدة لإجلاء المرضى والجرحى.
ورحب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإعلان هدنة الخميس، إلا أنهما قالا إنها ليست كافية للسماح بتوزيع المساعدات الإنسانية. وتصاعد الضغط الدولي على روسيا، الحليف الأبرز للرئيس السوري بشار الأسد، إثر هجوم بدأه الجيش السوري في 22 أيلول/سبتمبر للسيطرة على الأحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت مئات القتلى وألحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات.
من جهة أخرى قال مقاتلون من المعارضة السورية اليوم الثلاثاء إنهم يرفضون أي انسحاب من مدينة حلب بعدما أعلنت روسيا وقف الضربات الجوية حتى يتسنى للمقاتلين المغادرة، على حد قولها. وقال زكريا ملاحفجي المسؤول السياسي لجماعة فاستقم وتتخذ من حلب قاعدة لها "الفصائل ترفض الخروج بالمطلق والاستسلام".
كما صرح قيادي في حركة أحرار الشام الإسلامية بمدينة حلب أن مقاتلي المعارضة سيواصلون القتال. وأوضح "نحن عندما حملنا السلاح بداية الثورة لندافع عن شعبنا الأعزل عاهدنا الله ألا نتركه حتى نسقط هذا النظام المجرم"، في إشارة إلى النظام السوري، وأضاف من حلب "لا يوجد أي إرهابي في حلب".
ع.أ.ج/ ع ج م (رويترز، أ ف ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري