أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء خطر "تفكك" السودان غداة إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية، لكن من المرجح ألا تحظى هذه الحكومة بتأييد واسع. وحال خلاف عربي دون إصدار مؤتمر لندن بشأن السودان بيانه الختامي.
دخلت الحرب في السودان عامها الثالثصورة من: Mahmoud Hjaj /AA/picture alliance
إعلان
أعربت الأمم المتحدة الأربعاء (16 أبريل/نيسان 2025) عن قلق المنظمة العميق إزاء خطر "تفكك" السودان غداة إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة منافسة.
ونقلت فرانس برس عن الناطق باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قوله "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء أي تصعيد إضافي للنزاع في السودان، بما في ذلك الإجراءات التي من شأنها أن تزيد من تفكيك البلاد وترسيخ الأزمة". وأضاف أن "الحفاظ على وحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه مبدأ أساسي للتحرك نحو حل دائم للأزمة وضمان الاستقرار الطويل الأمد للبلاد والمنطقة". وشدد "باعتبارنا مجتمعا دوليا، يتعين علينا إيجاد السبل لمساعدة الشعب السوداني على إنهاء هذه الكارثة المروعة ووضع ترتيبات مقبولة للانتقال".
وكان دقلو الملقب "حميدتي" قد أعلن تشكيل حكومة منافسة في الذكرى الثانية لاندلاع الحرب الأهلية التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتسببت في مجاعة في أجزاء من البلاد.
وأكد دوجاريك أن "تشكيل حكومة موازية لن يقرب السودان من حل للنزاع، لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حوار جامع ومعمّق".
تزامن هذا مع إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه تم الإبلاغ في عام 2024 عن فقدان ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص في السودان الذي مزقته الحرب، مضيفة أن هذا الرقم هو "الجزء الظاهر من جبل الجليد". وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دانيال أومالي "هذه فقط الحالات التي جمعنا (معلومات عنها) مباشرة. نعلم أن هذه مجرد نسبة ضئيلة - الجزء الظاهر من جبل الجليد - من إجمالي حالات المفقودين".
في هذا الأثناء، أظهرت بيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة أن ما يتراوح بين 60 ألفا و80 ألف أسرة، أو ما يصل إلى 400 ألف فرد، نزحوا من مخيم زمزم بولاية شمال دارفور في السودان عقب سيطرة قوات الدعم السريع عليه.
وسيطرت القوات شبه العسكرية على المخيم قبل أيام بعد هجوم استمر أربعة أيام، والذي قالت الحكومة ومنظمات الإغاثة إنه أسفر عن مقتل وإصابة المئات.
وقالت الأمم المتحدة إن الأرقام الأولية من مصادر محلية تشير إلى مقتل أكثر من 300 مدني في اشتباكات اندلعت يومي الجمعة والسبت حول مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين ومدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور. وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن هذا يشمل عشرة من موظفي منظمة الإغاثة الدولية قُتلوا أثناء إدارتهم أحد آخر المراكز الصحية العاملة في مخيم زمزم.
وتحذر جماعات حقوقية منذ فترة طويلة من احتمال حدوث أعمال وحشية في حالة نجاح قوات الدعم السريع في حصارها المستمر منذ أشهر للمخيم الذي يعاني من المجاعة والمجاور للفاشر، المعقل الوحيد المتبقي للجيش في منطقة دارفور.
ونفت قوات الدعم السريع هذه المزاعم، قائلة إن مخيم زمزم كان يُستخدم قاعدة لجماعات موالية للجيش.
قالت مصادر إن خلافات عربية حالت دون التوصل إلى توافق خلال مؤتمر لندن بشأن السودان.صورة من: Isabel Infantes/WPA Pool/Getty Images
خلاف عربي
وسياسيا، قالت لانا نسيبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية في الإمارات إن بلادها تشعر بخيبة أمل بسبب عدم التوصل إلى توافق في مؤتمر لندن بشأن إنهاء الحرب الدائرة منذ عامين في السودان.
إعلان
وعزت مصادر ذلك إلى خلافات بين دول عربية؛ إذ شهد مؤتمر لندن الثلاثاء خلافات في الرأي بين الإمارات و مصر و السعودية بشأن قضايا تتعلق بحكم السودان، حسبما قالت أربعة مصادر لرويترز.
وقالت لانا نسيبة في تصريحات نقلتها رويترز "لقد كان هناك نداء واضح من جانبنا بأننا بحاجة إلى الوحدة حول الحاجة الملحة، أولا وقبل كل شيء، إلى انتقال السودان إلى حكومة مستقلة بقيادة مدنية". وأضافت "ولهذا السبب... شعرنا بخيبة أمل كبيرة لأنه على الرغم من خطورة الوضع والجهود التي تبذلها بريطانيا، لم نتمكن من الاتفاق على بيان مشترك أمس".
واحتج السودان على إشراك دول من بينها الإمارات التي يتهمها بدعم قوات الدعم السريع، بما في ذلك خلال هذا الشهر في محكمة العدل الدولية، وهي اتهامات تنفيها الإمارات. وضمت القمة أيضا مصر، ولديها علاقات وثيقة مع الجيش السوداني، الذي يدير السودان منذ انقلاب عام 2021، وكذلك السعودية التي استضافت جولات من محادثات السلام لم تثمر عن نجاحات.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن الخلافات كانت حول إصرار البعض على وجود حكومة بقيادة مدنية في السودان مقابل مسار لإنهاء الحرب وترك مسألة الحكم للسودانيين لاتخاذ القرار بشأنها لاحقا. لكن أحد الدبلوماسيين الذي حضروا المحادثات قال إن الخلاف نابع من الصياغة المتعلقة بمؤسسات الدولة.
وأضاف المصدر أن مصر طالبت باستخدام صياغة رفضتها دول أخرى، مثل الإمارات، إذ اعتُبرت أنها تضفي الشرعية على نظام الجيش في حين أيدت السعودية جهود مصر.
وقال المصدر الدبلوماسي إن الخلاف العلني بين القوى العربية أدى في نهاية المطاف إلى عدم صدور البيان وأثار عقبة أخرى أمام جهود السلام المستقبلية.
جاءت الخلافات بينما تسعى قوات الدعم السريع إلى تشكيل حكومة موازية تقول إنها ستمثل السودان بأكمله. لكن من المرجح ألا تحظى هذه الحكومة بتأييد واسع.
تحرير: خالد سلامة
بالصور - حصاد 2024 في السودان: استمرار أكبر أزمة إنسانية في العالم
شهد السودان في 2024 استمرار أسوأ أزمة إنسانية في تاريخه جراء تواصل القتال بين قوات الجيش والدعم السريع، ما أسفر عن أكبر موجة نزوح في العالم وتفش للمجاعة وأمراض كالكوليرا وتدمير للبنية التحتية مع فشل محاولات الوساطة.
صورة من: Sam Mednick/AP
11 مليون نازح - رقم قياسي بالعالم
يشهد السودان أكبر أزمة نزوح إنساني في العالم، حيث بلغ عدد النازحين داخليًا 9.1 مليون شخص، وارتفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 11 مليون بسبب الحرب القائمة منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، فيما فر 3.1 مليون إلى الدول المجاورة. النساء تشكلن أكثر من نصف النازحين، والأطفال دون الخامسة يمثلون أكثر من ربع النازحين.
صورة من: Marie-Helena Laurent/WFP/AP/picture alliance
مجاعة تجتاح أجزاء من ولاية شمال دارفور
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عن تفشي المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، حيث وصل الوضع إلى المرحلة الخامسة من التصنيف الغذائي، وهي مرحلة المجاعة. وأشارت المنظمة إلى أن هذه المرحلة تعني أن واحدًا على الأقل من كل خمسة أشخاص أو أسر يعانون من نقص حاد في الغذاء ويواجهون خطر الموت جوعًا.
صورة من: Mohamed Zakaria/REUTERS
حرمان ملايين الأطفال من التعليم
يظهر في الصورة مجموعة من الأطفال وهم يدرسون رغم التحديات، حيث استأنفوا الدراسة في ظروف صعبة. ومع ذلك، لا يزال أكثر من 15 مليون طفل في السودان خارج المدرسة بسبب الصراع المستمر. ومع اقتراب النزاع من إتمام عامه الثاني، يقدر أن نحو 19 مليون طفل في السودان لا يحصلون على التعليم. من بين هؤلاء، يعاني حوالي 6.5 مليون طفل من عدم القدرة على الوصول إلى المدارس بسبب العنف وانعدام الأمن في مناطقهم.
صورة من: Mohamed Khidir/Xinhua News Agency/picture alliance
تفشي الكوليرا يهدد النازحين
صورة من إحدى المناطق المتأثرة بتفشي وباء الكوليرا في السودان، حيث يظهر أحد العاملين في القطاع الصحي وهو يقدم العلاج للمصابين في ظل ظروف صعبة. منذ إعلان تفشي الوباء في 12 أغسطس/ آب 2024، تم تسجيل أكثر من 8,400 إصابة و299 حالة وفاة في ثماني ولايات سودانية، ما يهدد حياة المجتمعات النازحة في أنحاء البلاد.
صورة من: Central Committee of Sudanese Doctors/AP Photo//picture alliance
حالات اغتصاب كثيرة والمتهم: عناصر الدعم السريع
تم توثيق 306 حالة اغتصاب منذ اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023، بينها 48 حالة لبنات في سن الطفولة، مع احتمال أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير. تكشف التحقيقات أن معظم حالات الاغتصاب والعنف الجنسي ارتُكبت من قبل قوات الدعم السريع، خصوصًا في ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة.
صورة من: Abd Raouf/AP Photo/picture alliance
تكايا تقدم مساعدات إنسانية
انتشرت التكايا في مختلف مناطق السودان لتوفير الغذاء والدواء للمحتاجين، معتمدة على تبرعات الأهالي داخل وخارج البلاد. تُدار هذه التكايا بواسطة المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية، حيث يقوم المتطوعون بتوزيع الطعام على المنازل. وفي 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، تم ترشيح غرف الطوارئ في السودان لجائزة نوبل للسلام تقديرًا لدورها الحيوي في تقديم المساعدات الإنسانية.
صورة من: Mohamed Khidir/Xinhua News Agency/picture alliance
كارثة انهيار سد أربعات - فيضانات وعطش
انهار سد أربعات في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، مما أدى إلى كارثة كبيرة في مدينة بورتسودان. تسببت السيول في جرف جثث ومفقودين، إلى جانب آلاف المواشي وتدمير عشرات القرى والممتلكات. كما دمرت السيول بوابة السد وخطوطه الناقلة، ما هدد المنطقة بالعطش.
صورة من: -/AFP/Getty Images
النظام الصحي يواجه انهيارًا في ظل الحرب
وصل النظام الصحي في السودان إلى نقطة الانهيار بسبب الضغط الكبير على المرافق الصحية وتدهور قدرتها على مواجهة تفشي الأمراض وسوء التغذية. يعجز اثنان من كل ثلاثة سودانيين عن الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، بعد إغلاق العديد من المستشفيات. يعاني المرضى من نقص الأدوية والغذاء، بينما لا يتلقى كبار السن والنساء والأطفال العلاجات الضرورية.
صورة من: AFP
مجازر جديدة في ولاية الجزيرة
تشهد ولاية الجزيرة بوسط السودان مجازر جديدة وجرائم إبادة جماعية على يد مليشيات الدعم السريع، التي اجتاحت أكثر من 100 قرية. وفقًا للجنة المقاومة، قُتل نحو 800 شخص، بينهم أسر كاملة، وتم توثيق فظائع في قريتي الأزرق والسريحة في 25 أكتوبر/تشرين الأول، بالإضافة إلى مذبحة بالرصاص الحي في القرى الشرقية للولاية.
صورة من: AFP
استبدال العملة قبل نهاية 2024
ولم ينته عام 2024 إلا وقد وقعت مفاجأة كبيرة، حيث قررت الحكومة السودانية تغيير بعض فئات العملة السودانية في ولايات دون أخرى. وبدأت السلطات في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول استبدال العملة من فئة 1000 جنيه وكذلك فئة 500 جنيه عن طريق الإيداع البنكي في ست ولايات. وأعلن بنك السودان المركزي طرح عملة جديدة من فئة 1000 جنيه، تتضمن علامات تأمينية ترى بالعين المجردة مثل العلامة المائية.
صورة من: Janusz Pienkowski/Zoonar/picture alliance