تقرير أممي.. تبعات تغير المناخ باتت في اتجاه كارثي!
٨ سبتمبر ٢٠٢١
خلص تقرير صادر عن جامعة الأمم المتحدة إلى أن الكوارث المناخية والأوبئة لها مسببات واحدة، بالرغم من تباعد أماكن حدوثها، ورسم التقرير صورا مأساوية لتبعات هذه الأزمة في حال اهمال معالجتها بشكل جدي وعاجل.
إعلان
باتت التغيرات المناخية على غرار موجة البرد في ولاية تكساس الأمريكية وأسراب الجراد الذي ألحق الضرر بشرق إفريقيا وانقراض أنواع من السمك في الصين من المؤشرات المنذرة بتطورات سلبية في مجال المناخ. ورغم أن هذه الكوارث البيئية وقعت في أماكن مختلفة من العالم وتفصلها حدود ومحيطات، إلا أن لها القاسم المشترك ذاته المتمثل في التأثير على النظم البيئية والمجتمعات بأكملها.
هذه نتيجة تقرير نشرته جامعة الأمم المتحدة ،ومقرها طوكيو، اليوم الأربعاء (9 أيلول/ سبتمبر 2021)، فقد توصل العلماء إلى أن بعض أسوأ الكوارث في العامين الماضيين متعلقة ببعضها البعض، وفي كثير من الحالات مصدرها التصرفات البشرية.
وفي هذا السياق تقول زيتا سيبيسفاري، العالمة البارزة في جامعة الأمم المتحدة والمؤلفة الرئيسية للتقرير: "عندما يرى الناس الكوارث في نشرات الأخبار، فغالباً ما يبدو الأمر بالنسبة لهم بعيداً، ولكن حتى الكوارث التي تقع على بعد آلاف الكيلومترات ترتبط ببعضها".
أزمات متداخلة
وبحسب التقرير، فهناك ثلاثة أسباب جذرية تؤثر على تطور هذه الكوارث البيئية، وهي حرق الوقود الأحفوري وإدارة المخاطر البيئية بشكل سيء وعدم أخذ موضوع التغييرات البيئية بجد، عند اتخاذ القرارات.
وتم ربط العديد من هذه الأسباب بعوامل المناخ، فقد أدى الاحتباس الحراري إلى تفاقم موجة الحر في القطب الشمالي التي ربما تكون قد أدت إلى موجة باردة في ولاية تكساس الأمريكية، علما أن العلماء ما زالوا يناقشون هذه النظرية.
وفي فيتنام، تسببت سلسلة من تسع عواصف منفصلة وأمطار غزيرة وفيضانات في إحداث الفوضى في جميع أنحاء البلاد على مدى شهرين فقط. بالإضافة إلى الإعصار المميت الذي ضرب بنغلادش بسبب تغير المناخ ناهيك عن تأثيرات جائحة كورونا على الحياة العامة.
جاك أوكونور من الفريق المؤلف للتقرير في جامعة الأمم المتحدة يرى أن مثل هذه الكوارث "تؤثر على بعضها البعض". فملاجئ الطوارئ لحماية الأشخاص من الطقس القاسي لا يرغب الكثيرون في استخدامها خوفا من عدوى فيروس كورونا. وعندما يضرب الإعصار يلحق الضرر بالمستشفيات ويعطل خطوط الإمداد اللازمة لعلاج المرضى، ما يزيد الطين بلة. ويضيف أوكونور: "من الصعب التفاعل مع الإعصار ووضع الجائحة في الاعتبار، ما يضعنا أمام تحدي جديد في المستقبل".
الطقس القاسي على نحو متزايد
ويأتي تقرير جامعة الأمم المتحدة بعد أسبوع من نشر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) تحليلا يُظهر أن كارثة مرتبطة بالطقس حدثت كل يوم في المتوسط على مدى السنوات الخمسين الماضية. وجاء في تقرير المنظمة العالمية أيضا أن الكوارث من الأعاصير والجفاف تسببت كل يوم في مقتل 115 شخصا وتسببت في خسائر فادحة.
ورغم ذلك فالعدد الإجمالي للوفيات بسبب الطقس آخذ في الانخفاض ويرجع ذلك في الغالب إلى التقدم في أنظمة التنبؤ والإنذار المبكر، ويقوم المسؤولون بإجلاء الناس قبل أن تحل العواصف والفياضانات. لكن من غير الواضح ما إذا كان الوضع سيبقى على ما هو عليه إذا استستمر ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وتداخل الكوارث مع بعضها البعض.
ومن المحتمل أن يكون التأثير البشري قد زاد بالفعل من حدة الوضع منذ الخمسينيات، وفقا لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي نُشر في أغسطس. فعلى سبيل المثال، تحدث موجات الحر والجفاف في انسجام أكبر في جميع أنحاء العالم، وفي بعض المناطق، يمكن رؤية اتجاهات مماثلة للأمطار الغزيرة وعواصف وحرائق. وعلى الرغم من تعهد قادة العالم بالحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة ونصف درجة مئوية بشكل مثالي بحلول نهاية القرن إلا أن سياساتهم الحالية تسير في الاتجاه المعاكس.
الأزمات البيئية والمناخية
يسلط التقرير الضوء على ثلاثة أمثلة للأزمات البيئية التي ترتبط ارتباطا وثيقا أيضا بتغير المناخ. حوالي 25 في المائة من الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا تعرض للتلف بشدة العام الماضي وأيامه أصبحت معدودة. وسوف تنخفض الشعاب المرجانية بنسبة 70 إلى 90 في المائة إذا وصل الاحترار العالمي إلى درجة ونصف درجة مئوية تقريبا، وستنقرض جميع الشعاب المرجانية في العالم إذا وصل الاحترار العالمي درجتين مئويتين.
وفي غابات الأمازون المطيرة تم حرق مساحات من الأشجار لتلبية الطلب العالمي على اللحوم، سواء باتاحة الأراضي لرعي الماشية أو زراعة فول الصويا لتغذيتها. وقد أدى ذلك إلى تقليل كمية التلوث الكربوني الذي يمكن للغابة أن تمتصه من الغلاف الجوي. وتشير بعض الدراسات إلى أن إزالة الغابات والاحترار العالمي سيسرعان "موت الغابات" ونقطة تحول غابات الأمازون إلى سافانا جافة.
في نهر اليانغتسي بالصين تم القضاء على سمكة المجداف الصينية العام الماضي بعد عقود من الصيد الجائر والتلوث وبناء العديد من السدود التي قطعت الطريق عن الأسماك للوصول إلى الأماكن التي تضع فيها بيضها. وكما هو الحال مع الشعاب المرجانية يمكن أن يكون فقدان نوع ما في النظام البيئي كافيا للتأثير سلبا على توازنه.
آييت نيرانجان / ع.اع/ ع.أ.ج
الكوكب يحترق.. والسبب التغير المناخي!
تنتشر موجات الحر في مختلف أنحاء العالم مسببة حرائق غابات غير مسبوقة منذ سنوات طويلة. هنا لمحة في صور عن الحرائق الأكثر تدميراً والدول الأكثر تأثراً.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
الجزائر: أسوأ حرائق في تاريخ البلاد!
أودت حرائق الغابات التي تجتاح بعض المناطق في شمال الجزائر، وخصوصاً منطقة القبائل الجبلية، بحياة ما لا يقل عن 65 شخصاً، مع استمرار أسوأ موجة من الحرائق المدمرة في تاريخ البلاد. ونشرت الحكومة قوات الجيش للمساعدة في مكافحة الحرائق. وقالت الحكومة إن الحرائق أودت بحياة 25 جندياً كانوا يشاركون في مكافحة الحرائق، وأصيب 12 غيرهم بحروق خطيرة.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
حداد عام!
أكثر المناطق تضرراً هي "تيزي أوزو" أكبر مراكز المنطقة الجبلية، حيث احترقت بيوت وفر السكان طلباً للملاذ في فنادق وبيوت الشباب والمساكن الجامعية في المدن القريبة. وقالت الحكومة الجزائرية إنها ستعوض المنكوبين عن خسائرهم. وأعلن الرئيس عبد المجيد تبون الحداد العام ثلاثة أيام على قتلى الحرائق وجمد أنشطة الدولة التي لا صلة لها بالحرائق.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
الحرائق في أوروبا
انتشرت حرائق الغابات في مساحات كبيرة في الجزائر وتركيا واليونان ودول أخرى في الأسبوع الأخير وقالت هيئة مراقبة الأحوال الجوية التابعة للاتحاد الأوروبي إن منطقة البحر المتوسط أصبحت من مراكز حرائق الغابات بفعل ارتفاع حرارة الطقس.
تركيا: أسوأ حرائق منذ عقد!
منذ نهاية تموز/ يوليو، شهدت تركيا اندلاع أكثر من 200 حريق، طالت نحو نصف ولايات البلاد الـ81، إلا أن الحرائق تسببت في أضرار جسيمة بشكل خاص في ولايتي أنطاليا وموغلا الساحليتين. في هذه الصورة يحاول رجال الإطفاء منع حريق، نشب بالقرب من قرية "تشوكرتمه" السياحية، من الوصول إلى المباني. دمرت الحرائق في تركيا أكثر من 150 ألف هكتار، بما فيها قرى بأكملها، وأدت إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل.
صورة من: KENAN GURBUZ/REUTERS
اليونان: أسوأ موجة حر في 30 عاماً
اندلع أكثر من 500 حريق في أنحاء اليونان الأسبوع الماضي خلال أسوأ موجة حر تتعرض لها البلاد في 30 عاماً، ما
أدى لإخلاء عشرات القرى وإجلاء آلاف السكان، بينما تستمر فرق الإطفاء المنهكة في مكافحة الحرائق المندلعة في شتى أنحاء البلاد.
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
اليونان: النيران التهمت كل شيء
تم إجلاء هؤلاء الأشخاص من ميناء "بيفكي" في جزيرة إيفيا اليونانية بسبب الحرائق الهائلة في الجزيرة، وهم يدركون أنهم لن يجدوا منازلهم وممتلكاتهم عندما يعودون. ومنذ اندلاع الحرائق في غابات الجزيرة بداية الأسبوع الماضي، يتم تنفيذ مهام جوية ضخمة لإطفاء الحرائق التي اشتغلت في مناطق واسعة من اليونان. ويتحدث شهود عيان عن "مشاهد مروعة".
صورة من: ALEXANDROS AVRAMIDIS/REUTERS
روسيا تختنق!
تشتعل الحرائق في العديد من المناطق في روسيا منذ أسابيع، مع تضرر المنطقة المحيطة بـ"ياكوتيا" في أقصى الشمال الشرقي بشكل خاص. أحصت السلطات أكثر من 250 حريقاً في جميع أنحاء روسيا، تغطي مساحة إجمالية تزيد عن 3,5 مليون هكتار.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
هذا ليس ضباب الصباح!
الأضرار لا تقتصر على المناطق المشتعلة فحسب، بل تسبب الحرائق أضراراً صحية لسكان المناطق المجاورة، إذ يصل الدخان الكثيف إلى المناطق المأهولة بالسكان، كما يظهر في مدينة كراسنويارسك السيبيرية في الصورة. وهذا ما يزيد من معاناة الأشخاص، خصوصاً كبار السن والأطفال، حيث يكاد يكون من المستحيل التنفس في الخارج.
صورة من: REUTERS
جهود يائسة!
عند اشتعال الحرائق، لا يفر الجميع، فهناك أشخاص يريدون دعم رجال الإطفاء، قد يكون ذلك عبر جهود يائسة، كما هو الحال مع هذا الرجل الذي يحاول إخماد النار بغصن شجرة! لكن هذه التصرفات الفردية تسبب مشاكل كبيرة للسلطات، إذ أن الكثيرين يعرضون أنفسهم للخطر عن حسن نية!
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
الولايات المتحدة: حريق ديكسي!
يشتعل حالياً أكثر 5700 حريق في الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا الأمريكية، رغم أن "موسم حرائق الغابات" المعتاد لم يبدأ بعد. ويعد حريق "ديكسي"، الذي دمر مدينة غرينفيل بالكامل، ثاني أكبر حريق في تاريخ الولاية. في الصورة، يراقب أحد أفراد فريق الإطفاء حريقاً في غابة بالقرب من بلدة ويستوود.
صورة من: FRED GREAVES/REUTERS
زوابع غريبة!
الحرائق في الساحل الغربي لكاليفورنيا تخلق طقسها الخاص، مسببة زوابع من الرماد والجمر، مثل هذه الزوابع التي تضرب تلال سانتا باربرا، تزيد من تعقيد الأمور. وبسبب الحرائق التي أصبحت أكثر تدميراً مما كانت عليه في السنوات الماضية، لجأت سلطات الولاية إلى واشنطن طلباً للمساعدة.
صورة من: David McNew/REUTERS
أمريكا اللاتينية: حرائق هائلة بسبب نزع الأشجار!
يأتي ذلك بالتزامن مع انتشار حرائق الغابات في حوالي 150 ألف هكتار في مقاطعة سانت كروس في بوليفيا قرب الحدود مع البرازيل. ويعود السبب في الجزء الأكبر من هذه الحرائق الى نزع أشجار الغابات في بوليفيا التي تبلغ مساحتها أكثر من مليون كيلومتر مربع وعدد سكانها 12 مليوناً.
صورة من: Gaston Brito/dpa/picture alliance
دور التغير المناخي
يقول العلماء إن ظاهرة التغير المناخي أدت بشكل حتمي إلى زيادة مخاطر اندلاع حرائق الغابات، حتى في بعض المناطق غير المعرضة للحرائق عادة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. فقد كان شهر يوليو/ تموز الماضي ثاني الأشهر الأعلى حرارة في أوروبا على الإطلاق! ويحذر العلماء من أن حرائق الغابات بدورها ستدمر مساحات كبيرة من الغطاء الأخضر وذلك سيؤدي إلى نتائج أكثر تدميراً على المناخ! م.ع.ح