الأمم المتحدة: طرفا الحرب في حلب ربما ارتكبا جرائم حرب
١ نوفمبر ٢٠١٦
لم تستبعد المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأن تكون قوات الأسد مدعومة من روسيا، وفصائل المعارضة متورطتان معا في جرائم حرب في الحرب الدائرة بينهما في حلب.
إعلان
قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان خلال لقاء معتاد لعرض أحدث التطورات بمقر المنظمة الدولية في جنيف اليوم الثلاثاء (الأول من فبراير/ كانون الثاني 2016)، إن قوات المعارضة المسلحة والقوات الحكومية في سوريا ربما ارتكبت جرائم حرب من خلال هجماتها العشوائية في حلب.
وأضافت "كل الأطراف في حلب تقوم بأعمال قتالية تسفر عن أعداد كبيرة من الضحايا من المدنيين وتخلق مناخا من الرعب لمن مازالوا يعيشون في المدينة".
وكان مسلحون شنّوا الأسبوع الماضي هجوما على مناطق واقعة تحت سيطرة الحكومة في حلب بعد مضي أكثر من شهر على عملية أطلقها الجيش لاستعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شرق حلب والواقعة بالفعل تحت الحصار.
وتقدر الأمم المتحدة أن ما بين 250 ألفا و275 ألف مدني محاصرون في حلب بالإضافة إلى ثمانية آلاف من مقاتلي المعارضة يتحصنون في الجزء الشرقي من المدينة.
وحسب المتحدثة رافينا شامداساني، فإن الأمم المتحدة وثّقت في مطلع الأسبوع مقتل أكثر من 30 مدنيا بينهم عشرة أطفال وكذلك عشرات الإصابات الناجمة عن هجمات بقذائف مورتر وصواريخ وغيرها من المعدات المتفجرة بدائية الصنع على غرب حلب.
وتوضح الأمم المتحدة ليس لديها معلومات مفصلة كافية لتحميل جماعة معينة مسؤولية الهجمات، مؤكدة أن قوات الحكومة وحلفاءها مستمرون أيضا في قصف شرق حلب الواقع تحت سيطرة المعارضة وأن الأمم المتحدة وثّقت 12 إصابة مدنية بينها طفلان يومي السبت والأحد، و"الضربات الموجهة لمستشفيات ومدارس وأسواق ومنشآت المياه والمخابز أمر شائع وإذا ثبت أنها متعمدة فقد يمثل ذلك جرائم حرب".
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
على صعيد آخر، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين اليوم الثلاثاء إن حكومته لن تكون قادرة على تمديد الوقف المؤقت للغارات الجوية على أهداف في مدينة حلب في حال استمرت الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري في هجماتها على الأرض.
وقال بيسكوف للصحفيين "في هذه اللحظة فان فترة التوقف مستمرة وتتاح الفرصة للمدنيين للخروج من شرق حلب ويجري تهيئة الظروف (لإدخال) المساعدات الإنسانية".
ومضى في القول "لكن كل ذلك سيكون مستحيلا في حال استمر الإرهابيون في قصف الأحياء والطرق التي تسلكها المساعدات الإنسانية وفي شن الهجمات وفي الاختباء خلف الدروع (البشرية). هذا لن يتيح الاستمرار في فترة التوقف الإنسانية".
وفي الوقت التي تطبق فيها قوات الأسد وحليفتها روسيا إحكام محاصرتها لمناطق المعارضة في شرق حلب، تخوض القوات النظامية اشتباكات مع قوات المعارضة في غرب المدينة.
وأظهر فيديو لأحد الهواة على مواقع التواصل الاجتماعي، اشتباكات عنيفة وضربات جوية، إضافة إلى تفجيرات وأدخنة متصاعدة من المباني وقعت في قرية منيان في غرب حلب الخاضعة لسلطة دمشق.
وأظهرت لقطات أخرى ضربات جوية استهدفت حي الراشدين وضاحية الأسد يوم الأحد (30 أكتوبر تشرين الأول). وتقول قوات المعارضة إنها بسطت سيطرتها على ضاحية الأسد.
وساد تضارب في الأنباء عما أسفر عنه القتال هناك.
وتسعى المعارضة إلى كسر حصار القوات الحكومية للمناطق التي تستولي عليها بهدف الربط بين المناطق التي تخضع لسيطرتها في شرق وغرب حلب.