أكثر من مليون شخص يواجهون "انعدام الأمن الغذائي" في غزة
٢٩ مارس ٢٠٢٤
جددت الأمم المتحدة تحذيراتها بشأن الوضع الغذائي في غزة حيث يواجه الفلسطينيون مجاعة وشيكة، فيما تواصل القصف الإسرائيلي على القطاع حيث يشهد الوضع الإنساني تدهورا مطردا منذ بداية الحرب.
إعلان
قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أكثر من 1.1 مليون شخص فيقطاع غزة يواجهون "مستوى حادا من انعدام الأمن الغذائي"، في الوقت الذي تعرقل فيه إسرائيل دخول المساعدات إلى القطاع. وشدد البيان، الذي نشر عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، تويتر سابقا، على ضرورة إرسال المساعدات الغذائية الكافية عبر الطرق البرية لإنقاذ الأرواح، خاصة في مناطق شمال القطاع.
وأضاف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن "عوائق دخول المساعدات لا تزال قائمة والوقت ينفد".
ومن ناحية أخرى، أعلنت مصادر طبية، مساء الخميس، وفاة طفل في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بسبب المجاعة ونقص العلاج، ما يرفع عدد الوفيات بسبب سوء التغذية في القطاع إلى 30.
يشار إلى أن إسرائيل شنت هجوما واسع النطاق على قطاع غزة ردا على هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ونتيجة لذلك، يعيش القطاع الساحلي المحاصر، الذي يسكنه نحو 2.35 مليون نسمة، أوضاعا إنسانية صعبة، وسط تحذيرات دولية من مجاعة.
ميدانيا، أشارت السلطات الصحية التابعة لحماس اليوم (الجمعة 29 مارس / آذار 2024) في بيان إلى مقتل 71 شخصا خلال 24 ساعة لا سيما في غارات على رفح في أقصى جنوب القطاع التي تعتبرها اسرائيل آخر معقل للحركة. وإلى جانب الحصيلة البشرية الهائلة والدمار الواسع، تسببت الحرب بين إسرائيل وحماس بكارثة إنسانية في القطاع المحاصر حيث باتت غالبية السكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة مهددة بالمجاعة بحسب الأمم المتحدة التي تندد بكون المساعدات غير كافية لسد الحاجات.
ولخّص صندوق الأغذية العالمي عبر منصة اكس الوضع بقوله "ما من مكان آخر في العالم يواجه فيه هذا العدد الكبير من الناس خطر المجاعة الوشيك".
غارات اسرائيلية على رفح تثير مخاوف من اجتياح بري قريب
02:17
ومن جهة أخرى، أمرت محكمة العدل الدولية الخميس إسرائيل بـ"ضمان توفير مساعدة إنسانية عاجلة" لقطاع غزة من دون تأخير مؤكدة أن "المجاعة وقعت". وقالت المحكمة ومقرها في لاهاي إن "على إسرائيل... اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية والفعالة لأن تضمن من دون تأخير... ومن دون عراقيل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية (لغزة) التي هي بأمس الحاجة إليها". وأضافت أنّ "الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يواجهون خطر المجاعة فحسب، بل... المجاعة وقعت".
وبعد شكوى من جنوب إفريقيا أمرت المحكمة نفسها إسرائيل في حكم صدر منتصف كانون الثاني/ يناير ببذل كلّ ما في وسعها لمنع حصول أعمال "إبادة" خلال هجومها على غزة. كذلك، قضت المحكمة بأنّه يتعيّن على إسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى غزّة للتخفيف من حدّة الوضع الإنساني اليائس هناك.
وليل الخميس الجمعة رحبت حركة حماس بقرار المحكمة وقالت إنه يجب أن يترافق مع "آلية تنفيذية يفرضها المجتمع الدولي تلزم الاحتلال (..) على تنفيذه فورا كي لا يبقى القرار حبرا على ورق".
وأمام الوضع الإنساني الكارثي تنظم دول عدة عمليات إلقاء مساعدات من الجو أو ترسلها بحرا، لكن الجميع يشدد على أن هذه الطرق لا يمكن ان تحل مكان إيصال المساعدات برا.
واندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول / أكتوبر وأوقع وفق الأرقام الإسرائيلية أكثر من 1160 قتيلاً معظمهم مدنيون. كذلك، خُطف حينها نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم.
ويذكر أن حماسالتي شنت هجوما مباغثا على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وردّاً على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس وباشرت عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة أسفرت وفق وزارة الصحة التابعة لحماس عن مقتل 32.623 شخصاً معظمهم من الأطفال والنساء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الذي يتهم مقاتلي حماس بالاختباء في المستشفيات، مواصلة عملياته الجمعة في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة في شمال القطاع مؤكدا أنه "قضى على نحو 200 إرهابي" في القطاع منذ 18 آذار/ مارس.
ح.ز/ م.س (أ.ف.ب، د.ب.أ)
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance