السودان.. "صدمة" أممية من "الجرائم الفظيعة" في ولاية الجزيرة
٢٧ أكتوبر ٢٠٢٤
بعد أن توالت تقارير عن مقتل عشرات الأشخاص في ولاية الجزيرة بالسودان إثر هجوم لقوات الدعم السريع، أعربت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة عن صدمتها من "الجرائم الفظيعة".
إعلان
أعربت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان الأحد (27 أكتوبر/ تشرين الأول 2024) عن "صدمتها" من "الجرائم الفظيعة" المرتكبة في ولاية الجزيرة، حيث أبلغ ناشطون عن مقتل 50 شخصا على الأقل في هجوم شنته قوات الدعم السريع.
وأفادت لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديموقراطية، أنّ قوات الدعم السريع حاصرت وهاجمت قريتين في ولاية الجزيرة الزراعية جنوب الخرطوم، مشيرة إلى سقوط خمسين قتيل وأكثر من 200 جريح في إحدى القريتين.
وأعربت المنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة كليمنتاين سلامي في بيان عن "قلقها العميق" إزاء التقارير التي تفيد بتصاعد العنف المسلح في ولاية الجزيرة والذي أودى بـ "حياة العشرات من المدنيين". وقالت سلامي "لقد صدمت وذهلت بشدة من تكرار انتهاكات حقوق الإنسان من النوع الذي شهدناه في دارفور العام الماضي، مثل الاغتصاب والهجمات المستهدفة والعنف الجنسي والقتل الجماعي، في ولاية الجزيرة. هذه جرائم فظيعة".
وأضافت "تتحمل النساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفا وطأة الصراع الذي أودى بالفعل بحياة الكثير من الناس".
واندلعت المعارك في السودان منتصف نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وشردت أكثر من عشرة ملايين سوداني، وتسببت وفق الأمم المتحدة بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
وتقول مصادر أن قوات الدعم السريع صعّدت في الفترة الأخيرة هجماتها على المدنيين في ولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه إلى الجيش. فقد أكدت تنسيقية لجان المقاومة في هساهيسا لوكالة فرانس برس السبت "تتعرض قريتا السريحة وأزرق (في ولاية الجزيرة) لهجوم من قبل ميليشيا الدعم السريع منذ الصباح" مشيرة إلى سقوط خمسين قتيل وأكثر من 200 جريح في السريحة مع "عدم إمكان إخراج الإصابات من القرية" بسبب القصف والقنص.
وتحدث شهود عيان عن حصيلة أكبر لكن يتعذّر راهنا التثبت من الحصيلة الفعلية بسبب انقطاع الاتصالات بصورة شبه كاملة.
وذكّرت كليمنتاين سلامي بأن "مهاجمة المدنيين والأهداف المدنية والبنية الأساسية العامة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي. إنه أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف على الفور. يجب حماية المدنيين أينما كانوا".
السودان الآن: انشقاق كيكل - هل يشجع آخرين وتستعر الحرب؟
بدوره، أعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلقه إزاء "الصور المروعة" الآتية من ولاية الجزيرة. وكتب بوريل على منصة اكس "الصور المروعة القادمة من الجزيرة في السودان مثيرة للقلق: أفادت التقارير أن قوات الدعم السريع ارتكبت المزيد من عمليات القتل الجماعي والاغتصاب". وتابع "يجب أن تتوقف المجازر ضد المدنيين ويجب محاسبة الجناة. سيواصل الاتحاد الأوروبي العمل حتى يتسنى تحقيق العدالة".
من جانب آخر قال اتحاد أطباء السودان في بيان إن 124 شخصا على الأقل قتلوا وأصيب 200 آخرين في بلدة السريحة، مضيفا أن الجماعة اعتقلت 150 آخرين على الأقل.
ودعا الاتحاد مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على قوات الدعم السريع لفتح "ممرات آمنة" لتمكين جماعات الإغاثة من الوصول إلى سكان القرى المتضررة.
ع.غ/ ع.ش (د ب أ، آ ف ب، رويترز)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.