الأمم المتحدة والجزائر: ما مصير 120 مهاجرا أبعدوا للصحراء؟
١٥ يناير ٢٠١٩
ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها الجزائر بترحيل مهاجرين أو لاجئين. الجزائر تنفي، وتقول إن الأمر لا يتعلق بلاجئين بل بأشخاص يرتبطون بالإرهاب. المفوضية الأممية للاجئين تطالب الجزائر بكشف مصير 120 شخصا أبعدتهم للصحراء.
إعلان
من المعروف أن الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان تنتقد الحكومة الجزائرية باستمرار وخصوصا حين يتعلق الأمر بحقوق أساسية ديمقراطية مثل حق التعبير عن الرأي والتجمع أو عندما يتعلق الأمر بالهجرة واللجوء. بيد أن الرابطة الحقوقية تلتزم هذه المرة الحيطة والحذر.
فقد أعلن في بداية يناير/ كانون الثاني أن الحكومة الجزائرية نقلت مجموعة من السوريين والفلسطينيين واليمنيين إلى المنطقة الحدودية مع النيجر وتخلت عنهم في الصحراء. ولم يشأ نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، سعيد صالحي الإجابة بشكل ملموس على الاتهامات، وأشار إلى وجود مشاكل في سياسة اللجوء الجزائرية، وقال: "بما أن الجزائر لا تتوفر على نظام لجوء، لأنه لا توجد سلطات ذات كفاءة، فإنه يحصل في كل مرة ارتباك وخلط".
ورفض صالحي إذن تأكيد الاتهامات ضد حكومة الجزائر، وهذا غير معتاد. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين طالبت قبلها بالحصول على منفد للاجئين. والشيء المثير أكثر هو أن حسن قاسمي، أحد المسؤولين في وزارة الداخلية الجزائرية، يدعي أن الأمر لا يتعلق هنا بلاجئين، وقال: "وجدنا عند بعضهم حتى 15.000 دولار. إنهم ليسوا مهاجرين".
ويزعم قاسمي أن الأمر يتعلق بأشخاص لهم ارتباطات مع منظمات متطرفة وإرهابية، وقال:" كانوا عبر خدمة واتس آب على اتصال بجنرال من الجيش السوري الحر (المعارضة المسلحة) الذي حاول نقل مقاتلين إلى الجزائر. ومجموعة صغيرة منهم كان يُراد أن تنتقل إلى أوروبا". ولا أحد من الأشخاص المعنيين طلب في الجزائر أو مكان آخر اللجوء.
لا أدلة كافية لتقديمهم للمحاكمة
وجوابا على السؤال لماذا هؤلاء الأشخاص لم يتم تقديمهم أمام محكمة جزائرية، يعترف حسن قاسمي قائلا إن : "هؤلاء الأشخاص لم يأتوا بمسدسات كلاشنكوف أو متفجرات. وهذا يعني أنه ليس لدينا ما يكفي من الأدلة لفتح محاكمة، وعليه تمت استعادتهم إلى الحدود مع النيجر. وشدد مندوب الهجرة لوزارة الداخلية الجزائرية مرارا بأن منظمات متطرفة عقدت النية لضرب استقرار دول مثل الجزائر".
ولا يكتفي حسن قاسمي بهذا الكلام بل يدعي أن بث حالة عدم الاستقرار لا تستهدف الجزائر وحدها. ويضيف المسؤول الجزائري قائلا: "نشر الفوضى سينتقل إلى أوروبا. فهؤلاء المقاتلون يحاولون التموضع هناك حيث يوجد الاستقرار والأمن. إنهم يريدون إقامة خلايا نائمة تتحرك في الوقت المناسب، وتتطلع لبلوغ أهداف نعرفها".
ولا يُعرف بالتحديد إلى أي مكان تم نقل السوريين والفلسطينيين واليمنيين، وهل وُجد تنسيق في هذه القضية مع حكومة الدولة المجاورة. المؤكد، وحسب قاسمي، أن هؤلاء المهاجرين العرب لم يعودوا موجودين في الجزائر. وهذا ما تم إبلاغه عدة مرات لممثل هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين في الجزائر. ولم يحصل رد من المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين لا من جنيف ولا من الجزائر العاصمة على رواية الحكومة الجزائرية.
ينس بورشيرس/ م.أ.م
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.