الألمان مغرمون بالاستقرار السياسي، وهذا ما تحبه المستشارة ميركل أيضا. غير أن السياسة الألمانية تعد بأشياء كثيرة في عام 2019 عدا الاستقرار. هل تشهد ألمانيا انتخابات جديدة خلال السنة الجديدة؟
إعلان
الإطاحة بمستشارة في ألمانيا ليس أمرا هينا. وعلى أية حال لا يستطيع البرلمان بدون شروط معينة اتخاذ قرار بسحب الثقة بالمستشارة أنغيلا ميركل. شيء يشبه هذا حصل في الماضي إبان جمهورية فايمار التي كانت غير مستقرة، ما ساعد على صعود النازيين واستيلاء أدولف هتلر على السلطة عام 1933. وانطلاقا من هذه التجارب التاريخية ـ وكانت التجارب الأولى في ديمقراطية الألمان ـ تعلم رواد القانون الأساسي وقرروا في 1949 أنه لا يمكن قبول طلب سحب الثقة إلا إذا كان "بنّاء". إذن إذا وُجد خلف لميركل بغالبية داخل البرلمان. لكن وجود خصم بإمكانه تشكيل غالبية ضد ميركل لا وجود له في الأفق حاليا.
فميركل إذا تحظى بالمرتبة الأولى بين السياسيين في 2019 حتى ولو أنها لم تعد رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي، بل "فقط" مستشارة للتحالف القائم بين حزبي التحالف المسيحي والاشتراكيين. ويقول خبير الشؤون السياسية تورستنن فاس:" ميركل ماتزال تتحكم في خيوط اللعبة، فلا يمكن إبعادها ضد إرادتها من منصبها".
مادامت ميركل ترغب في ذلك
وإلى حد الآن ترد ميركل على السؤال إلى متى تريد البقاء مستشارة بالإشارة إلى النهاية العادية لولاية الحكم، يعني في 2021. إلا أنها مستعدة أيضا لتحقيق تحولات، كما ظهر ذلك مؤخرا من خلال التخلي المفاجئ عن رئاسة الحزب. فبإمكانها بين عشية وضحايا إعلان انسحابها. كما فعل ذلك فيلي برانت، أحد أسلافها في المنصب عام 1974. والدستور بهدفه الأساسي في الاستقرار لا ينص في هذه الحالة بالضرورة على إجراء انتخابات جديدة. فيمكن تعيين مستشار انتقالي وإجراء انتخابات جديدة لتعيين مستشار. لكن هذا لن يكون نهاية مشرفة لحقبة ميركل. ومن الأفضل طرح مسألة الثقة على البرلمان. وحتى في هذه الحالة يكون مبدأ الاستقرار قائما: وسيتم تجنب تنظيم انتخابات جديدة إذا وُجد مستشار جديد مثل أنغريت كرامب كارنباور التي تفضّلها ميركل كخليفة لها في حال قررت المستشارة التقاعد بشكل مبكر.
شريك جديد دون انتخابات جديدة؟
إلى حد الآن تطرقنا إلى الجانب النظري. "لكن جميع أحزاب التحالف الحكومي قلقة، وسمعتها منهارة"، يقول الخبير فاس "لا يمكن أن يصبح هذا وضعا دائما"، ولاسيما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي غير مستقر. فبعد انتخابات أوروبا في مايو/ أيار 2019 أو مع حلول الحصيلة المؤقتة للتحالف في نهاية السنة يمكن للاشتراكيين الديمقراطيين أن يُجبروا على التنحي للتخفيف من الضغط داخل الحزب. وبإمكان ميركل أن تواصل العمل بحكومة أقلية بقبول من الخضر والحزب الليبرالي. وقد تتولى كرامب كارنباور زمام الأمور ربما في 2020 وتشكيل تحالف حقيقي مع الشركاء الجدد.
وتريد أحزاب التحالف تفادي تنظيم انتخابات جديدة في 2019 لعدة أسباب. "ليس هناك رغبة" في تنظيم انتخابات جديدة، كما صرح الأمين العام الجديد للحزب المسيحي الديمقراطي، باول تسيمياك، لأنه اعتمادا على استطلاعات الرأي الحالية فإنهم يغامرون في حال انتخابات جديدة بالمقعد البرلماني والحياة المهنية. ويبدو أن الرئيس الألماني يفضل مخرجا بدون التوجه إلى صناديق الاقتراع، علما أنه هو من يتحمل مسؤولية الدعوة إلى انتخابات جديدة، حسب الدستور. كما أنه ستحصل في خريف 2019 ثلاث انتخابات برلمانية في شرق ألمانيا وجب على الحزب المسيحي الديمقراطي بوجه الخصوص تجاوزها.
سنة الانتخابات 2019: آفاق جيدة لحزب البديل من أجل ألمانيا
ما يدعم ميركل هو أن غالبية من المواطنين تريد بقائها مستشارة، كما كشفت مؤخرا استطلاعات رأي. فمستوى شعبيتها ارتفع مجددا. لكن خصومها الكبار أي الشعبويين اليمينيين قد يسببوا لها متاعب في 2019، مثلا في انتخابات البرلمان الأوروبي.
أولا في انتخابات أوروبا. ويقول الخبير فاس بأن "هذه الانتخابات الثانوية تدعم الأحزاب المحتجة". ويعتزم حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي تكوين شبكة داخل البرلمان الأوروبي تضم شعبويين من إيطاليا والنمسا. ولا يُعرف ما إذا كان الشعبويون سينجحون في ذلك. لكن هذه الانتخابات الأوروبية سينبثق عنها مقاعد أكثر وأموال أكبر وتأثير أوسع. وستُنظم انتخابات بلدية في تسع ولايات ألمانية حيث يمكن لحزب البديل من أجل ألمانيا أن يثبت أركانه داخل برلمانات المدن والدوائر الانتخابية.
والجانب النظري يرى أيضا أن حزب ميركل بإمكانه إعادة الناخبين الذين خسرهم لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. وإذا لم يتحقق هذا، فإن أوقات الاضطراب مبرمجة داخل الحزب المسيحي الديمقراطي. والانتخابات في 2019 ستحسم في النهاية ما إذا كانت الحكومة قادرة على البقاء أم لا، وبعدها تزداد فرضية إجراء انتخابات مبكرة، كما يقول الخبير ماس.
كاي ألكسندر شولتس/ م.أ.م
أسماء سيسطع نجمها في المشهد السياسي الألماني عام 2019
في العام 2019 ستشهد ألمانيا العديد من المتغيرات، أبرزها غياب ميركل عن رئاسة حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي. وسيكون عام 2019عاماً مصيرياً في المشهد السياسي الألماني. فأي من هؤلاء السياسيين الألمان سيسطع نجمه؟
صورة من: Reuters/F. Bimmer
أنغريت كرامب- كارنباور: هل تتبع خطى ميركل؟
أمام المرأة التي تحمل اسم صعب النطق مهمة جديدة، تتمثل في النهوض بالحزب المنقسم من الداخل وايجاد صيغة معتدلة تتناسب مع كل من الجناح المعتدل وأيضا المحافظ. وفي حالة نجاحها فقط، يمكن حينها لأنغيلا ميركل إكمال ولايتها الأخيرة كمستشارة في أمان.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
روبرت هابيك: تحويل حزب الخضر إلى حزب للشعب
سيستهل الخضر العام الجديد كثاني أكثر الأحزاب شعبية في ألمانيا. لا أحد من الجيل الجديد من السياسيين الخضر الناجحين، يتمتع بالعديد من المواصفات بقدر ما يتمتع بها زعيم الحزب: فهو ينتمي للتوجه الواقعي، يمتلك الكاريزما، برغماتي. ولعب هابك دوراً رئيسياً في تحالف حزب الخضر مع حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي في ولاية شليسفيغ هولشتاين.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
ميشائيل كريتشمر: حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي في سكسونيا
انتخابات ساكسونيا من الانتخابات المهمة المقرر إجراؤها في عام 2019. ومنذ سقوط الجدار تعتبر ولاية سكسونيا معقل حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي. ومنذ عام 1990، وعلى التوالي كان رئيس الوزراء من المسيحيين الديمقراطيون. لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن نسبة فوز حزب رئيس الوزراء كريتشمر حالياً تبلغ 30 في المئة فقط. وقد تطال الخسائر الكبيرة في ولاية سكسونيا المستشارة ميركل أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Willnow
كيفن كونيرت: هل يفوز معسكره ضد الائتلاف الكبير؟
ليس سراً أن العديد من الاشتراكيين الديموقراطيين كانوا غير راضين عن استمرار وجود الائتلاف الكبير. وفي الاستطلاعات، بلغ الحزب الاشتراكي الديموقراطي مستوىً منخفضاً. وبحلول نهاية عام 2019 على أبعد تقدير، يريد الحزب الاشتراكي الديمقراطي اتخاذ قرار بشأن استمرار الائتلاف. لذلك سوف يُسمع الكثير عن الرئيس غير الرسمي للحركة المعارضة No-GroKo ، كيفن كونيرت.
صورة من: Imago/R. Zensen
كريستيان ليندنر: انتخابات جديدة أم ائتلاف جامايكا؟
إذا خرج الحزب الاشتراكي الديمقراطي من الحكومة، فإن السؤال المطروح هو: انتخابات جديدة أم ائتلاف جامايكا؟ في نهاية عام 2017، أجرى ليندنر المفاوضات مع الخضر والاتحاد . لكن زعيم الحزب الديمقراطي الحر قد أشار إلى أنه سيكون مستعدا للتفاوض مرة أخرى حول ائتلاف جامايكا - ولكن فقط دون وجود ميركل كمستشارة.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
بودو راميلو: هل يصمد رئيس الوزراء من اليسار؟
في تورينغن، سيتم انتخاب برلمان ولاية اتحادي جديد في تشرين الأول/ أكتوبر 2019. ويوجد حالياً حكم ائتلاف أحمر ـ أحمر مع رئيس الوزراء الوحيد من اليسار، بودو راميلو. لكن هل سيصمد رئيس الوزراء البالغ من العمر 62 عاماً وحزبه ضد حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي وحزب البديل من أجل ألمانيا، و الحصول على أغلبية يسارية ؟
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Schutt
فرانك فالتر شتاينماير: هل يلعب دور الوسيط مرة أخرى؟
عادة ما يكون منصب الرئيس، منصباً وجاهيا وله أهمية قليلة بالنسبة للسياسة اليومية في الجمهورية الاتحادية. لكن هناك استثناء واحد، وهذا يتمثل في حالة وجود مشاكل في تشكيل الحكومة الاتحادية، إذ يأخذ الرئيس الاتحادي دور الوسيط. وقد قام شتاينماير بهذا الدور في عام 2017. وإذا ما تم حل الائتلاف الكبير في عام 2019، فسيتعين على وزير الخارجية السابق التدخل مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
يورغ أوربان: نجاح الحزب اليميني في ساكسونيا
تفوق حزب الخضر في الآونة الأخيرة على حزب "البديل من أجل ألمانيا" في استطلاعات الرأي في جميع أنحاء البلاد. غير أن الشعبويين اليمينيين في ألمانيا الشرقية يتقدمون بنسبة 20 في المائة وأكثر. وإن تمكن حزب البديل من أن يصبح القوة الأولى في الولاية الفيدرالية الأكثر اكتظاظاً بالسكان، فإن ذلك لن يكون نجاحاً هائلاً لزعيم حزب البديل من أجل ألمانيا، يورغ أوربان فحسب، وإنما للحزب أيضاً.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kahnert
مانفريد فيبر: هل سيرأس الألماني لجنة المفوضية الأوروبية؟
مانفريد فيبر المنحدر من ولاية بايرن والبالغ من العمر 46 عاماً، هو ليس فقط رئيس حزب الشعب الأوروبي، وهو تحالف الأحزاب المحافظة في البرلمان الأوروبي والرجل المعتدل من حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي بل هو أيضا المرشح الرئيسي من حزب الشعب الأوروبي لمنصب رئيس اللجنة في انتخابات المفوضية الأوروبية، وبالتالي فهو المرشح المفضل في السباق لخلافة جان كلود يونكر. وقد يكون أول ألماني يتولى المنصب منذ عام 1967.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Balk
باول تسيمياك: هل ينجح في تغيير مسار الاتحاد؟
من خلال الأمين العام الجديد، يضرب حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي العديد من العصافير بحجر واحد: الحزب يعيد تجديد نفسه، ويُظهر نفسه منفتحاً على المهاجرين، وفي الوقت نفسه يمنح للجناح المحافظ قائداً متفهماً. لأن الرجل المولود في بولندا والبالغ من العمر 33 عاماً، يعرف كيف يظهر نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يعجب به المحافظين.
إعداد: جيفرزون، تشيز/ إيمان ملوك