1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جدل في المغرب حول الإجهاض السري

ناصر الرامي- الرباط٨ مارس ٢٠١٥

أكثر من 700 عملية إجهاض سري تحدث في المغرب يومياً. ما هي أسباب انتشار هذه الظاهرة؟ وما هي تبعاتها الاجتماعية والصحية؟ وهل يمكن إصلاح الوضع في ظل حكومة إسلامية في البلاد ومجتمع تحكمه الثقافة المحافظة؟

Illegale Abtreibung in Marokko
صورة من: DW

هل أخطأت في حق أحد؟ هل يملك شخص حق منح الحياة لطفل أو منعها؟ أسئلة من بين جبل من الأسئلة تراكمت أمام صفاء.ح وهي تتحدث لـ DW عربية عن تجربتها المريرة مع الإجهاض وهي بنت العشرين. صفاء وجدت نفسها حاملاً من علاقة جنسية خارج إطار الزواج: "لك أن تتخيل وضع فتاة حامل وسط أسرة في قرية أغلب سكانها أميون ومحافظون"، تقول صفاء والدموع في عينيها.

هذه الشابة، التي قصدت الدار البيضاء للعمل في أحد المحلات التجارية، وجدت نفسها ضحية وعود كاذبة بالزواج من شاب سيفرّ بجلده عندما سمع بأنها حامل: "كنت أعرف أنه سيتخلى عني عندما يسمع أنني حامل"، تحكي صفاء بعد أن تغلبت على دموعها الغزيرة. وتصف حالة التيه والرعب التي استبدت بها "كنت أفكر في الانتحار لأني أعلم أنني إذا عدت إلى قريتي، فإن الموت سيكون مصيري وسأجلب العار لأسرتي". غير أن الشابة العشرينية ستعدل عن قرار الانتحار بعد أن دلتها إحدى صديقاتها المقربات على سيدة متخصصة في إجهاض الفتيات.

مجتمع لا يرحم

حالة صفاء ليست حالة منفردة في المجتمع المغربي، بل تحول الأمر إلى ظاهرة تشغل السياسيين والجمعيات المدنية وحتى الحكومة، ذلك أن حوالي 700 فتاة تقدم على الإجهاض السري يومياً في المغرب. غير أن هذا الموضوع ما زال يلفه الصمت ويعتبر من المحرمات. وتقول صفاء إن ما دفعها إلى التخلي عن جنينها هو يقينها أن المجتمع لن يرحمها، "حتى لو قررت مغادرة المدينة والابتعاد عن أسرتي لأعيش مع ابني في مدينة بعيدة، فإنني لن أجد عملاً كأم لرضيع. كما أن الناس ستنهش لحمي بنظراتها". وتضيف "مجتمع لا يرحم ولا يقدر الظروف ولا يعترف بالخطأ وكأنه مجتمع معصوم".

نساء مغربيات يتظاهرن من أجل حقوق المرأة وضد العنف الممارس بحق النساءصورة من: DW

معاناة صفاء لن تتوقف عند هذا الحد بل إنها مازالت تعاني من التبعات الصحية لعملية الإجهاض، لأنها لم تقم بها في عيادة متخصصة، وإنما لجأت إلى سيدة تقوم بعملية الإجهاض بشكل تقليدي وبثمن بخس، "من خلال تناول مجموعة من الأعشاب". لكن الحظ العاثر لصفاء سيجعلها تصاب بالتهاب مزمن في المعدة مازالت تعاني منه إلى الآن "مازلت أتناول الأدوية لمواجهة هذا الالتهاب".

وعند سؤالها عن إحساسها بالندم على فعلتها، أكدت صفاء أن الندم أقل إحساس يمكن أن تشعر به "لأنني أعيش دائما بمزيج من العار، والإحساس بالذنب لأنني قتلت طفلي، والخوف من كلام الناس".

الثقافة الجنسية هي الحل

الحقوقية المغربية خديجة الرياضي، والتي تعتبر من أشد المدافعين عن ضرورة إيجاد حل لقضية الإجهاض السري، وصفت ما يقوم به المجتمع المغربي بعدم حديثه عن هذه الظاهرة "كالنعامة التي تخفي رأسها في التراب"، ذلك أن ظاهرة الإجهاض السري في المغرب "موجودة ومعروفة، ولكن لا نريد الحديث عنها. وكل من أراد فتح نقاش عقلاني حولها اتهم بمحاولة نشر الفساد".

وأضافت خديجة الرياضي أن ما تعانيه فتيات المغرب مع الإجهاض سري "ما هو إلا نتاج لثقافة السكوت وغياب الوعي لدى المجتمع"، لذلك ترى أن الحل يمكن في نشر الثقافة الجنسية في صفوف الشباب وتوعية المراهقين "إذا سكتنا عن الموضوع، فهذا لا يعني أنه ليس هناك علاقات جنسية خارج إطار الزواج بين الشباب".

المساواة في الحقوق وأمام القانون من المطالب الرئيسية للحركة النسوية المغربيةصورة من: DW

وحذرت الحقوقية المغربية في حديثها مع DW عربية من مخاطر ظاهرة الإجهاض السري على الفتيات، "لأن هناك شبكات تغتني بهذه الظاهرة وتعرض حياة الفتيات للخطر"، عدا شبكات الدعارة "التي تستقطب الفتيات اللاتي يهربن من منازلهن بسبب حملهن وتقوم هذه الشبكات بإجهاض حملهن واستغلالهن جنسيا".

القانون وحده لا يكفي

من جهته انتقد عمر بنعياش أستاذ علم الاجتماع حصر النقاش حول ظاهرة الإجهاض السري على المقاربة الأخلاقية والقانونية، "لأنه يجب التفكير أولا في مدى تقبل المجتمع لهذه الظاهرة، كما أنه في المغرب لم يتم طرح السؤال حول مكمن العطب، ولماذا يقع الحمل خارج إطار الزواج؟".

وتحدث بنعياش عن تجربة جمعية عائشة الشنا من أجل إيواء الأمهات العازبات: "إنها تجربة جيدة لأنها تصلح ما أفسده المجتمع ولا تحاسب أحداً"، وأكد نفس المتحدث على أن الحل لظاهرة الإجهاض السري تنطلق من توعية الشباب ونشر الثقافة الجنسية "بعيداً عن منطق المزايدات، لأن المقاربة القانونية وحدها لن تكفي ما لم يكن هناك وعي في صفوف المجتمع".

وألقى بنعياش باللوم أيضاً على كل من الأسرة والمدرسة في المغرب "لأنهما استقالتا من وظيفتهما التربوية والمدرسة أصبحت تقتصر على التلقين، وحتى عندما نلقن أبناءنا التربية نلقنهم التربية الإسلامية وما فيها من تراث مليء بالخرافات"، وفق تعبيره.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW