1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الإدمان على الكحول يؤثر على قدرة التواصل الاجتماعي"

٦ أبريل ٢٠١١

الشرب المفرط للكحول لا يؤدي إلى تليّف أكباد المدمنين عليه فقط، بل وإلى تغير إشارات أدمغتهم وفقدانهم بعض مهارات الاستجابة العقلية وقدرات التواصل مع الآخرين، وهو ما تؤكده دراسة علمية استخدمت الطرائف للتوصل إلى هذه النتيجة.

يتحرى كثير من الناس في أوروبا الوسطية في شرب الكحولصورة من: Fotolia/pressmaster

يوجد في ألمانيا نحو مليونين ونصف مليون مدمن على الكحول، ومن المعلوم أن الإفراط في شرب الكحول يؤدي إلى أمراض مثل تليّف الكبد والتهاب البنكرياس وإصابة عضلات الجسد وعضلات القلب، بل ويغير الإدمان على الكحول من عملية الاستفادة من الغذاء في الدماغ. لكن الجديد في دراسة تأثير الإدمان على الكحول هو أنه يؤدي إلى تغير مهارات التواصل الاجتماعي، وأحد المؤشرات على ذلك هو عدم استطاعة كثير من المدمنين على الكحول فهم النكات الطريفة والمواقف المضحكة، بحسب ما تؤكده إحدى الدراسات الطبية النفسية.

ومن يُكثِر من شرب الكحول قد لا تتاح له فرصة للضحك، بحسبما لاحظته الأخصائية النفسية الألمانية جينيفار أوكرمان وخبيرة المخ والأعصاب، بعد إجرائها بحثاً مشتركاً بهذا الخصوص مع خبراء بريطانيين. وخلصت نتائج البحث إلى أن كثيرا من المدمنين على شرب الكحول يفقد القدرة على فهم الفكاهات الطريفة، ويعود السبب في ذلك إلى أن الكحول يثبّط مقدرة منطقة الدماغ المسؤولة عن فهم النكات الظريفة.

"فهم النكات: مؤشر على مهارات التواصل الاجتماعي"

فتاة عمرها 15 سنة مستلقية على قارعة الطريق بعد أن أعياها شرب البيرةصورة من: picture alliance/dpa

وأجرت الباحثة الألمانية دراستها على عدد من الأشخاص المدمنين على الكحول لتعرف مدى استجابتهم الانفعالية تجاه المواقف الاجتماعية واتخذت الطرائف كمؤشر على ذلك من خلال تحضيرها عددا من الفكاهات التي لم يكن من السهل عليها اختيارها. فقد قامت أوكرمان بانتقاء عدد من النكات الطريفة بعناية من الإنترنت وقرت منها ما يقارب 20 ألف نكتة، كما تقول. وتضيف الخبيرة الألمانية بالقول: "اخترتُ منها ما يلبي معايير أخلاقية معينة، فتجنبتُ النكات العنصرية الموجهة ضد الأقليات مثلاً".

من هذه العشرين ألف نكتة اختارت الباحثة 24 قصة مضحكة، أرادت من خلالها معرفة ردة فعل المدمنين على الكحول على المواقف الاجتماعية المختلفة في بيئتهم وتقييم مقدرتهم على فهم الطرائف المحكية بالكلمات. وتقول في هذا السياق: "أردتُ من هذه الدراسة أيضاً معرفة ما يدور في عقول المدمنين على الكحول عندما يستمعون إلى قصة أو حكاية طريفة من الآخرين".

أما سبب اختيار النكات والنوادر في هذا البحث فيكمن في كونها تعتبر مؤشراً على مدى تفاعل الشخص عاطفياً مع محيطه الاجتماعي، إذ أن فهم المواقف الطريفة يتم على مرحلتين وفقا للتعريف العلمي. المرحلة الأولى: اكتشاف المتلقي لعدم التطابق بين قصة النكتة وبين ما هو واقع واعتيادي ومن ثم تلقيه شرحا لهذا الاختلاف، والمرحلة الثانية: إبراز المتلقي مقدرته على فهم المضحك في النكتة. وهذا بدوره يعتمد على ما إذا كان المستمع قادراً على التفاعل شعورياً مع الآخرين. يُذكر أن هذه الدراسة تندرج تحت اختصاص ما يسمى بـ "نظرية عمل العقل البشري".

فقدان الإحساس الإدراكي

الإفراط في شرب الكحول يقلل الاستجابة العقلية للبيئة المحيطةصورة من: fotolia

وقد قام الباحثون بإجراء الدراسة على 29 مدمناً على الكحول وعلى 29 آخرين من الأصحاء من غير المدمنين، وروى الباحثون على هؤلاء الأشخاص النكات الطريفة ولاحظوا ردة فعلهم عليها، ولم تفهمها نسبة كبيرة من المدمنين على الكحول مقارنةً بغير المدنين، ما يدل على أن المدنين يعانون من نقص في الإحساس الإدراكي، كما أسمته الباحثة جينيفار أوكرمان. وتتابه قائلة: "68 بالمائة من المدمنين على الكحول الذين اخترناهم في دراستنا لم يفهموا معنى النكات، مقابل 90 بالمائة من غير المدنين الذين فهموها".

وتستطرد في قولها إن عملية تحليل وفهم الطرائف الفكاهية تتم في مناطق خاصة بذلك في الدماغ البشري، "فهناك دراسات علمية أخرى تؤكد على أنه توجد مناطق دماغية مختلفة تشارك في عملية فهم النكات، والمنطقة الأساسية التي تقوم بذلك هي قشرة الفص الجبهي للمخ". ومنطقة الدماغ الواقعة في جبهة الإنسان أو في ناصيته هي المسؤولة بشكل أساسي عن مهام فهم التفاعل الاجتماعي بين البشر ومنها المواقف الطريفة، ناهيك عن عمليات التذكر والتخطيط للمستقبل وإيجاد الحلول لمختلف المسائل والمشاكل.

وهذا يعني أنه عندما لا يفهم أحد الأشخاص الطرائف بشكل دائم فهذا يعني وجود مشكلة لديه في قشرة الفص الجبهي لدماغه، وهذا ينطبق على تفاعله الاجتماعي مع بقية الناس سواء في حياته المهنية أو الخاصة. وقامت الباحثة الألمانية المتخصصة في الطب النفسي والعصبي بتقديم نتائج هذه الدراسة إلى برامج التدريب على مهارات التواصل الاجتماعي المتخصصة في علاج المدمنين على الكحول. وتؤكد أكرمان أن هذه الدراسة "قد تسهم في تسهيل تعامل المدمنين مع الناس في الحياة اليومية، وربما أيضاً في مساعدتهم في التغلب على مصاعب التواصل مع زملاء العمل".

"فهم كل النكات ليس شرطاً للقدرات التواصلية"

المدمنون على الكحول يستقونه بشكل يومي تقريباصورة من: picture-alliance

من ناحية أخرى لا يجب على المرء منا أن يشعر بالقلق إذا لم ينفجر ضاحكا أو مقهقها لدى سماعة كل طرفة أو قصة ظريفة تحكى له، فقد يفهم أحدنا إحدى النكات لكنه لا يضحك منها بالضرورة، كما تطمئننا الباحثة قائلة: "علينا الأخذ بعين الاعتبار أن الضحك لدى سماع النكات هو أمر يتعلق بكل شخص بحسب منظوره الشخصي، فلا يعني عدم الضحك بالضرورة وجود عجز في إدراك الأمور".

وعلى الرغم من عملها العلمي الشاق والدؤوب فإنه لا يفوت الباحثة جينيفار أوكرمان أن تضحك أحيانا: "أنا أضحك عموما عند سماعي للنكت، بل وأضحك على نفسي عند قيامي بأعمال طريفة غير مقصودة مثلاً، لكني لا أضحك بالضرورة عند قراءتي لنفس النكت العادية مراراً وتكراراً أثناء عملي"، وخاصة بعد اضطرارها لقراءة 20 ألف نكتة خلال قيامها بهذه الدراسة.

كلاوس دويسه/ علي المخلافي

مراجعة: عماد مبارك غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW